الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة عواد

مناف الحمد

2021 / 12 / 31
كتابات ساخرة


في طريق عودته اليومي من مقر شعبة الحزب على دراجته النارية كان عواد يحرص على التوقف عند مطعم الكباب الواقع في منتصف المسافة بين منزله في القرية وبين مقر الشعبة. كانت علاقته بالكباب غريبة فهو يأكله في الصباح وفي الظهيرة وقبل النوم من دون أن يصل إلى حالة إشباع.
وكان ثمة محطة أخرى لا بد من أن تستوقفه قبل الوصول إلى البيت هي منزل الآنسة ربا الفتاة الساحلية التي تقضي فترة مؤقتة في مدرسة القرية قبل أن تنقلها واسطتها في الوزارة إلى منطقتها.
كانت ربا قد شغفت عواد حبًا، فهي عدا عن قدها الممشوق وصوتها الرقيق الذي ينساب كالموسيقا على الرغم من ثقل قافاته التي تبدو كالمصدات في طريق انسيابه، ابنة خالة زوجة العريف اسماعيل المتطوع في فرع الأمن العسكري.
في مروره على ديار ربا كان يكتفي بسؤالها فيما إذا كانت بحاجة إلى شيء في شهامة متكلفة تفضح زيفها نظراته الشبقة التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة فيها
وعادة ما كانت ربا تطلب علبة دخان وطني قبل أن تمنح ثقة أكبر لعواد ويصبح طلبها المعتاد هو زجاجة عرق من النوع الرديء على أن يأتي بها في سواد الليل.
زوجتا عواد من بنات عمومته لم تكونا غافلتين عن انشغاله بربا ولكن نمط تقسيم العمل الذي فرض عليهما لم يكن يترك فسحة للتفكير سوى بإنجاز المهمات الثقيلة التي لا تكاد ساعات اليوم تكفي لإنجازها، فهما تعملان في الأرض التي لا تسمح انشغالات عواد السياسية في شعبة الحزب ومحاولاته الجادة التي لم تنجح ولم تتوقف للفوز بمكان في المجلس المحلي بالاهتمام بها، كما أنهما مسؤولتان عن كل ما يخص الأولاد ما عدا المصروف الشهري الذي يحتكر عواد طريقة التصرف به.
مرت عشر سنوات عجاف هزت منطقة عواد وما حولها هزة عنيفة وقد اختفى عواد خلالها ولم يعد يراه أحد في المناطق التي كان يرتادها يوميًا، بحثت عنه زوجتاه في شعبة الحزب وسألتا عنه في مطعم الكباب ولم تسألا ربا لأنها كانت قد غادرت، ولم تستطيعا الوصول إلى العريف اسماعيل لأن عواد نفسه لم يحقق طموحه بالوصول إليه بعد ما منّته ربا الأماني بإمكانية تحقيق هذه النقلة النوعية.
يقال إن عواد عاود الظهور منذ فترة وفي الأمكنة نفسها ولم يتغير تعلقه المرضي بالكباب ولا تزال فتيات الساحل يزلزلن كيانه بسهولة، ولكن التغير النوعي الملحوظ لدى عواد أنه لم يعد يأبه بالعريف اسماعيل فقد أصبح يجالس رئيسه المساعد الأول حيدر ولا يعرف أحد كيف استطاع عواد أن يحرق المراحل خلال تلك السنوات العشر.
ولكن تغير عواد لم يكن بلا ثمن فقد أصاب بنية الأسرة تغير مهم فزوجتا عواد انتسبتا إلى منظمة تطالب بمزيد من حقوق المرأة وفقد عواد جزءًا مهمًا من سطوته، التي ساعد في تراجعها فقدان جزء من فحولته بسبب الزمن، كما أن أبناءه ركبوا البحر إلى بلاد بعيدة وصاروا يقضّون مضجعه برسائل شتم حزبه العتيد وكان مضطرًا لكظم الغيظ مقابل ما يحولونه من العملة الخضراء.
يبذل اليوم المساعد أول حيدر الوعود لعواد بأن يعرّفه على النقيب علي ويتناول الكباب على حساب عواد كلما شاء مقابل هذا الوعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??