الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار الفلسطيني وتحديات المرحلة المقبلة ( 2 من 2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 12 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



من الصعب، بل المستحيل، على أي فصيل يساري أن يتصدى بمفرده لهذه المهمة بكل تحدّياتها البرنامجية والتنظيمية، ولعل حالة الانقسام والتشظّي التي تعيشها فصائل اليسار هي ما يشكك الناس وينفّرها من طروحات هذا اليسار، ويعزله عن جمهوره العريض، ويدفع فصائل اليسار إلى الانكفاء على ذاتها والانشغال بقضاياها الذاتية والداخلية، وهي حالة نعايشها جميعا، كما أننا شهود على حالة النزيف المستمر لكوادر اليسار وعناصره التي تغادر صفوفه ولكنها غالبا لا تبتعد كثيرا عن أفكاره وطروحاته.
بناء قطب يساري موحد، بدءا بتطوير الصيغ التنسيقية القائمة، وارتقاء بها على غرار صيغة التجمع الديمقراطي من الفصائل الخمسة والمستقلين، يمكن أن يعيد الاعتبار لليسار كقوة سياسية واجتماعية مؤثرة، بدل أن يكون شراذم متنافرة، تدور في فلك الحركتين الكبريين والسلطتين الحاكمتين.
تتحمل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المسؤولية الكبرى في بلورة هذا الخيار، وخروجه من باب الأماني إلى حيز التنفيذ، ليس من باب مجاملتها في ذكرى انطلاقتها الرابعة والخمسين، بل من زاوية العوامل التاريخية والسياسية والتنظيمية والأخلاقية الثورية، وكما هي قوانين الفيزياء في الكون والطبيعة حيث تعتمد قوة الجاذبية على الكتلة، فإن لاضطلاع الجبهة الشعبية بدور قاطرة تجميع القوى اليسارية ونواته دورا جاذبا في تثبيت المشروع وإنجاحه، وبالتالي استقطاب ليس الفصائل والحراكات اليسارية فقط، بل إعادة اجتذاب المئات والآلاف من الجمهور اليساري والكوادر اليسارية السابقة التي نزحت نحو الفراغ وباتت تقف على هامش الحياة السياسية.
في الاستعدادات لخوض الانتخابات التشريعية التي كان مقررا لها أن تجري في شهر أيار 2021 وألغاها الرئيس عباس، بلغ عدد القوائم المسجلة 36 قائمة، من بينها 4 قوائم يسارية كان مشكوكا في قدرتها جميعا على اجتياز نسبة الحسم. وبالتدقيق في طبيعة هذه القوائم والقائمين عليها سنكتشف بسهولة أن نحو 26 قائمة جاءت من خارج الفصائل التاريخية المعروفة، بعض القوائم التي تحظى باعتراف رسمي وبموازنات ولها تمثيل في هيئات المنظمة القيادية، لم تتمكن حتى من تشكيل قوائم أولية، وبعضها ادعى أنه سوف يشارك انتخابا وليس ترشيحا أي أنه سيعطي أصواته لحركة فتح، هذه الأرقام والاحصائيات تدلل على عمق أزمة القوى السياسية الفلسطينية ومن بينها اليسار، ولو تشكلت قوة يسارية جامعة كقطب لهذا الجمهور الذي يبحث عن بديل بين القطبين المتناحرين، لما وجدنا كل هذه العدد من القوائم، ولانحازت هي وجمهورها لصالح اليسار.
ضمانات لحماية التجربة
لا ينبغي لليسار وقواه الفاعلة أـن تخشى من "تشوّهات الواقع القائم " ولا من تعقيداته، هويتها الفكرية والطبقية تساعدها على التصدي للأسئلة الصعبة والمعقدة، ثم اجتراح برنامج جامع وخلاّق لعموم الحركة الوطنية ويستجيب لهذه المرحلة، لكن مشكلة اليسار كانت وما زالت في جوهرها بنيوية وتنظيمية قبل ان تكون سياسية وبرنامجية، ولحماية أية تجربة مقبلة يمكن أن تقترن اية مساع جديدة لإعادة توحيد اليسار بجملة من الضمانات التي تحمي التجربة، فتكسبها مادة لاصقة كالاسمنت تحميها وتحفظ وحدتها من الداخل، ومن خلال بناء تجربة مشتركة يحرص الجميع عليها من خلال الانخراط الفعلي في النضال الوطني والاجتماعي، ومن بين هذه الضمانات على سبيل المثال:
• وضع خطة عملية وأجندة زمنية لتوحيد المنظمات الجماهيرية الصديقة النسائية والعمالية والشبابية والمهنية.
• إيجاد مؤسسات أهلية مشتركة من بينها معهد مشترك للتثقيف وإعداد الكوادر.
• إيجاد منابر إعلامية وثقافية موحدة وتشمل نشرات مطبوعة مواقع إعلامية اليكترونية وإذاعة وتلفزيون.
• تسييج هذه التجربة بمجالس موسعة من كوادر هذه القوى وأصدقائها على مستوى القطاعات والمناطق وتشمل تجمعات الشعب الفلسطينية كافة، وعدم إبقاء هذه التجربة رهنا بقرارات القيادة.
• وضع خطط عملية لأنشطة وفعاليات نضالية وميدانية مشتركة.
• اعتماد أنظمة ديمقراطية مثل المداورة والتناوب في تولي المناصب والمسؤوليات.
• إصدار تعميمات وقرارات صارمة بإعطاء الأولوية للقوائم اليسارية الموحدة في أية انتخابات محلية أو نقابية مقبلة.
*كاتب وصحفي يساري مستقل حاليا، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني
**من مساهمة لمجلة الهدف بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي