الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العسكر ومأساة السودان

راني ناصر

2022 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يمر السودان حاليا في ازمة سياسية واقتصادية خانقة منذ خلع الرئيس عمر البثير من منصبه؛ ففقد نجح العسكر في بسط نفوذهم في البلاد من خلال التسوية السياسية بينهم وبين قوى الحرية والتغيير في 2019، ومن خلال الاتفاق الأخير بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي أدى إلى اندلاع مظاهرات ما زالت مستمرة في جميع انحاء البلاد قدم خلالها الشعب السوداني عددا من الشهداء وما يزيد عن 300 جريح.

فتاريخ دخول السودان مرحلة الانهيار نتيجة لغدر العسكر بكل من سلمهم مفاتيح السلطة بدأ عام 1958عندما أسقط حزب الامة الرئيس إسماعيل الازهري وتمّ تسليم السلطة للعسكر بقيادة الفريق إبراهيم عبود الذي حكم البلاد حتى سقوطه في ثورة شعبية في عام 1964؛ وعندما تحالف الحزب الشيوعي السوداني مع العسكر مجددا وسلّموا السلطة لجعفر النميري الذي حكم السودان ما بين أعوام 1969- 1985، وعندما تحالفت الجبهة القومية الإسلامية بقيادة حسن الترابي مع عمر البشير في عام 1989 ونتج عن ذلك إسقاط حكومة الصادق المهدي وتسلم البشير السلطة وحكم البلاد من عام 1989 إلى عام 2019.

واستمر السودان في مشواره إلى الانهيار بمشاركته في عاصفة الحزم عام 2015؛ حيث زج الرئيس المخلوع عمر البثير تحت راية ...أمن الحرمين الشرفيين خط احمر... ب 30 ألف مقاتل سوداني في حرب اليمن. ولم يشفع له كل ما فعله بهذا الشأن عندما قرر المجلس العسكري خلعه من منصبه.

ثم جاء دخول بعض النخب السياسية السودانية كقوى الحرية والتغير في تسوية سياسية والاتفاق مع جنرالات الرئيس المخلوع عمر البشير، خاصة عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو " حميدتي " على قيادة مجلس السيادة، وحكم البلاد لفترة انتقالية مدتها 21 شهرا تحت مسمى "المرحلة الانتقالية" خير دليل على خداع وغدر العسكر وخيانتهم لكل حزب تحالف معهم، وعلى عدم أهليتهم وقدرتهم على تمثيل تطلعات الشعب السوداني مما أدى انزلا ق البلاد الى الدكتاتورية و"عسكرة" المجتمع والمؤسسات المدنية؛ واستمرار البرهان وحميدتي في توريط بلدهم في الحرب اليمنية، واهدار مقدراته في حرب خاسرة لم تحقق أي نتائج ملموسة على الأرض، وما زالا ينتظران دعم السعودية والامارات لاقتصاد بلادهم المنهار!

بالإضافة الى ما سلف، لم يتعظ عسكر السودان وحليفهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من تاريخ كل من حاول تقديم فلسطين ككبش فداء من اجل تحقيق وهم الرخاء والازدهار لشعبه؛ فقبولهم لإملاءات الإدارة الامريكية للتطبيع مع دولة الاحتلال التي ساعدت أثيوبيا في بناء سد النهضة، ولعبت دورا محوريا في تقسيم السودان لن يخرجه من مستنقع الفقر والاستبداد والهوان كما يتخيلون، وسيصابون بنفس خيبة الأمل التي أصيبت بها مصر والأردن وموريتانيا.

أخيرا بعد انقلاب العسكر على شريكهم المدني في الحكم عبد الله حمدوك وحكومته في 2021/10/25 وتعرضهم لضغوطات داخلية ودولية كبيرة لعودته إلى رئاسة الوزراء، جاء توقيع الأخير مع من انقلبوا عليه بمثابة طعنة في ظهر الثوار السودانيين الاحرار، حيث اعطى حمدوك شرعية للعسكر كانوا في اشد الحاجة اليها. وعندما خرج أبناء الشعب السوداني بالآلاف للتعبير عن رفضهم لهذه الخيانة، ووصول البلاد الى حافة الهاوية اقتصاديا وسياسيا يحاول عبد الله حمدوك الان حفظ ماء وجه بتقديم استقالته.

لا يمكن للسودان الذي يعاني من شح في المواد الأولية كالخبز والوقود، وتضخم وصل حجمه الى 365.82%، ويواجه خطر التقسيم بسبب ضعف الحكومة المركزية، ان يخرج من النفق المظلم الذي اوصله إليه البرهان، ونائيه حميدتي، وعبد الله حمدوك ومن سبقهم من قادة عسكريين إلا بإقامة نظام ديموقراطي حقيقي يعبر عن إرادة الشعب السوداني، ويحارب الفساد والتبعية، ويولي جل اهتمامه لتطوير الزراعة والصناعة، وبناء اقتصادي قوي يساعده في الاعتماد على نفسه، والابتعاد عن أوهام الازدهار الكاذب الذي ستوفره له أمريكا وإسرائيل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي ويطالب بانتخابات مبكرة


.. بعد الهزيمة الأوروبية.. ماكرون يحل البرلمان ويدعو لانتخابات




.. تباين المواقف حول مشروع قانون القتل الرحيم للكلاب الضالة في


.. استشهاد فتى برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة بطوباس




.. ما تداعيات استقالة غانتس على المشهد السياسي بإسرائيل؟