الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدف 13 للتنمية المستدامة وخطر الاحتلال على البيئة والمناخ

نهى نعيم الطوباسي

2022 / 1 / 2
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


لعل ما جاء في بيان مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، في الدورة 42 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف عام 2019، يلخص المخاطر التي يشكلها التغير المناخي على البشرية حيث قالت أن حالة الطوارئ المناخيّة تؤدي إلى ارتفاع حاد في مستويات الجوع في العالم، وقد سجل هذا العام أعلى معدل لها منذ عقد بحسب ما أشارت "الفاو". ويُتَوقّع أن يتسبب تغير المناخ في وقوع 250 ألف حالة وفاة إضافية سنويًّا، بين العامَيْن 2030 و2050، بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.
وحسب منظمة الأرصاد العالمية، سجلت خلال النصف الأول من عام 2020 نحو عشرة ملايين حالة نزوح نتيجة أخطار البيئة والمناخ، خصوصا جنوب شرق آسيا والقرن الإفريقي. بالإضافة لتفاقم حالات انعدام الأمن الغذائي، حيث تكلفت البلدان النامية أكثر من 108 مليارات دولار، خسائر من محاصيل وماشية مفقودة، وزاد عدد الأشخاص المصنفين على أنهم يعانون أزمات وحالات طوارئ ومجاعات إلى نحو 135 مليون شخص في 55 بلدا.
ووفقا للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، تضرر أكثر من 50 مليون نسمة من الكوارث الناتجة عن المناخ، من فيضانات وجفاف وعواصف فضلا عن جائحة كوفيد 19 عام 2020. بالإضافة إلى انتشار الأمراض المعدية نتيجة ارتفاع الحرارة والتلوث، مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، والبلهارسيا وغيرها من الأمراض المرتبطة بتغير المناخ.
كان يجب أن يكون الهدف الثالث عشر، جزءا من أهداف التنمية المستدامة الاستراتيجية، وأحد الوعود المهمة لشعوب العالم، (اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره)، وبمثابة إنذار خطر لكل العالم، حول التهديد الذي بدأ العالم يفقد السيطرة عليه، فلا تكاد تخلو نشرة أخبار من خبر صادم عن الإحتباس الحراري، أو عن ظواهر طبيعية متطرفة لا يمكن السيطرة عليها، كالأعاصير والعواصف وحرائق الغابات والفيضانات وارتفاع منسوب المياه لسطح البحر أو عن الجفاف والتصحر. لكن تبقى إجراءات التصدي للتغير المناخي والصمود أمامه، شبه معطلة وبنتائج ضعيفة، خصوصا في الدول الصغيرة والهشة والدول النامية والدول التي تعاني من الصراعات.
في الحالة الفلسطينية، وعلى الرغم من أن دولة فلسطين أصبحت طرفا في عام 2016 في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ. وصادقت في نيسان 2016 على اتفاق باريس للمناخ، إلا أن ضعف الإمكانيات المادية، وغياب السيادة السيادة الكاملة على الأرض ومواردها، يضعف أية خطط وطنية لمواجهة التغير المناخي وتطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة به.
لقد أدت انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وجرائم الفصل والتمييز العنصري، إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة، ففي الوقت الذي تقوم اسرائيل بدعم وتعزيز برامج وخطط التكيف لتغير المناخ في المستوطنات وللاسرائيليين، أضعفت من قدرة الفلسطينيين على الصمود ومواجهة خطر التغير المناخي، وتسببت بخلل عميق في النظام البيئي وتوازنه، سواء بفعل انبعاثات الغازات الناتجة عن الصناعات الإسرائيلية بما فيها صناعة الأسلحة، والانبعاثات الخطرة من المفاعلات النووية. وتسبب الإستيطان ومصادرة الأراضي وقطع الأشجار وتجريف الغابات، أو بفعل الاستيلاء على الموارد والثروات الطبيعية، والحصار القائم على قطاع غزة والحروب المتتالية واستهداف محطات المياه والكهرباء، والمشاريع الزراعية، في ارتفاع نسبة التلوث وتدهور الإنتاج الزراعي والحيواني، وارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي وزيادة الفقر، عدا عن استنزاف الاحتلال للمياه الفلسطينية، ووضع القيود الإسرائيلية على الفلسطينيين أمام الاستفادة منها، أدى الى تهديد الأمن المائي بالكامل، إلى ضعف التخطيط الحضري المستدام، والتجمعات الناتجة عن النزوح بسبب الهدم، والتي تفتقد إلى البنية التحيتة الشاملةـ أو أية مقومات للتكيف والصمود في حالات الطوارئ للتغير المناخي والكوارث.
ومازالت نفايات المستوطنات والمصانع الإسرائليلية، التي يتم التخلص منها في المناطق الواقعة تحت السطيرة الفلسطينية، تشكل خطرا حقيقيا على المناخ والانسان والبيئة بأكملها. أما الحروب المتتالية على قطاع غزة، وكمية القذائف والانبعاثات المتصاعدة من انفجارها والمواد والغازات السامة، والتي تتغلغل في التربة والهواء والمياه والبحر، مما تسبب في انتشار الأوبئة والأمراض التي قد تمتد أيضا الى الدول المجاورة.
عدا عن تجاوزات الأفراد الخاطئة والتي تشكل خطرا على البيئة الفلسطينية، من حرق البلاستيك، والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، وانبعاث عوادم المركبات وازدحام الشوارع والضجيج، وإلقاء النفايات في البحر والينابيع وزيادة نسبة التلوث، وغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، كلها أسباب فاقمت من خطر التغير المناخي.
كل ذلك يتطلب التوعية والتثقيف الوطني، حول مسؤولية كل فرد فلسطيني بالحفاظ على البيئة وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة في المنازل، ودعم المشاريع القائمة على الطاقة النظيفة والمتجددة، وبما أن هناك توجها عالميا لتبني الاقتصاد الأخضر لتحقيق التنمية والقضاء على الفقر، فيجب على كل القطاعات في فلسطين توحيد الجهود لإنجاح الاقتصاد الأخضر في فلسطين، والحفاظ على البيئة وإقامة المشاريع الخضراء. وبالتأكيد لا يمكن نجاح أي خطط وبرامج وطنية دون تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، لمواجهة الخطر البيئي والتغير المناخي الذي بات محدقا بالوجود والصمود الفلسطيني.
أخيرا، آن الأوان أن يتعامل العالم مع الاحتلال الإسرائيلي، كمهدد للأمن الإنساني العالمي وكمعيق لتطبيق أي هدف للبيئة الخضراء والاقتصاد الأخضر، فمخاطر التغير المناخي الناتجة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، والعنصرية البيئية ضد الإنسان والبيئة الفلسطينية، سوف تمتد للدول المجاورة، وهذا يتطلب بأن يكون هناك قلق دولي من انتهاكات الإحتلال التي تؤدي إلى تفاقم خطر التغير المناخي في الشرق الأوسط، والتصدي لها، فحياة البشر وحقها في الحياة أهم من كل المصالح السياسية والاقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم