الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيروس ارحم

عماد ابو حطب

2022 / 1 / 2
الادب والفن


لم امكث في الإعتقال أكثر من شهر، اعتقلت أثناء توجهي للجامعة،مع مجموعة من الشباب بتهمة التظاهر، تم فرزي الي زنزانة انفرادية بسبب اكتضاض مركز الاعتقال،الزنزانة كانت نتنة،محتوياتها فرشة إسفنج مهترئة وبطانيتين وجردل قميء لقضاء الحاجة .خلال هذا الشهر تم التحقيق معي مرة واحدة فقط ،ورغم عدم تعرضي للتعذيب ،او الاغتصاب إلا ان تجربة الإعتقال كانت قاسية و أكبر من قدرة الإنسان على تحملها ومازلت لم أستطع الخروج من الزنزانة وكوابيسها التي حكمت تفاصيل حياتي إلى الآن . ومع انتشار فيروس الكورونا أفرج عني ،كما يبدو لأكثر من سبب، أهمها عدم وجود تهمة واضحة ضدي، إضافة إلى اكتضاض السجون والمعتقلات والخوف من انتشار الفيروس بيننا وإنعدام وسائل مواجهته أو الوقاية منه.
في اللحظة التي تم فيها الإفراج عني، كنت أتخيل أن أسرتي ستعوضني عن كل ما عشته من ألم ورعب خلال هذا الشهر المقيت ، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً، وبدأت معاناتي من قبل جهة كانت اخر ما اتوقعها هي عائلتي والمجتمع الذي أطلق حكماً مسبقا ،بمثابة المقصلة التي قطعت روحي وقتلتني ،جوبهت بعبارة واحدة من الجميع "لقد جلبت العار لنا،لن تقنعينا انه لم يلمسك أحد ".خرجت من زنزانة لا تتجاوز مترا بمتر الى زنزانة العائلة والمجتمع. قيود وقيود وقيود فرضتها أسرتي علي خوفاً من نظرة الآخرين ، كبلت كل تفاصيل حياتي، فإذا أردت الخروج من المنزل وجب علي تقديم عشرات الأعذار لكي يُسمح لي بذلك، وعلى الدوام تفرض مجموعة من القرارات التي لا تنتهي. أصبحت حركتي ضمن قانون محدد :(الطلعة برا البيت بتكون مع أمك أو واحد من أخواتك، والشغل لا تحلمي فيه بكفي وجع الرأس يلي أجانا من ورا جامعتك لو كنتي فهمتي وما رحتي هداك اليوم ما كانوا اعتقلوكي ومرمغتي راسنا في الوحل).
هكذا اخرجني الفيروس من "السجن الصغير" إلى "السجن الكبير ".منذ أيام أصبت بحمى وضيق نفس وتعب عام،لم اعد قادرة على "صلب طولي"،احضروا لي الطبيب ،الذي ما أن شاهدني و أجرى لي فحصا حتى قال : للاسف هي مصابة بالكورونا، ويجب نقلها إلى المستشفى فورا،فالأعراض شديدة ويجب دخولها إلى غرفة العناية المركزة".صرخ كل من في البيت :" كله الا نقلها إلى المستشفى،ما ناقصنا فضائح جديدة.سنحجزها في غرفة جانبية ونقوم بتطبيبها". احس بالفيروس ينهش جسدي،لكني لم اعد أبالي رغم الأوجاع الجسدية الشديدة،فوجع روحي بات اكبر،ونظرة الازدراء والاحتقار من كل من حولي تقتلني كل دقيقة..بت انظر إلى سقف الغرفة واهذي:لعل الفيروس ،كما اخرجني من سجني الصغير قبيل اشهر،يخلصني من سجني الكبير هذا، فأرحل " لأرتاح وأريح".!

* نصوص من مجموعة جديدة قيد الإعداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات


.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة




.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق