الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبلور الصراع الطبقي في العراق !

سهر العامري

2006 / 8 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قسموا خير العراق ..... وصارت القسمه حصص *
ناس حصتها بلابل ...... واحنه حصتنا القفص

بعد فوران المد الطائفي والمد القومي اللذين شهدهما العراق حال سقوط الطاغية صدام ، وعلى مدى سنوات ثلاث من ذاك السقوط ، بدأت تتجلى الآن ملامح صورة من اصطفاف طبقي على طول العراق وعرضه ، فارضة بقوة تصاعد الأحداث في العراق تراجعا بينا على المدين المذكورين ، وعلى دعاتهما والمبشرين بهما كذلك .
وفي الوقت الذي نرى فيها الجماهير العراقية في كردستان من العراق وفي وسطه وجنوبه تهب مطالبة بالخبز والبنزين نشاهد من جهة أخرى أن عمار الحكيم ، وحكومة النجف ( مثلما يسميها دعاة تقسيم العراق ) يهبان نحو حكومة اربيل لتعلم دروس السلطة والبقاء في الحكم منها ، هذا بالإضافة الى توثيق الروابط الاقتصادية بين ممثلي الحكومتين ! وخاصة بين عمار الحكيم الذي قيل أنه صار يملك ثروة تقدر بالملايين من الدورات ، وإنه مُنح تفويضيا من قبل السفير الأمريكي في العراق ، خليل زاده ، ببيع نفط العراق كوكيل ، مثلما نشرت ذلك بعض المواقع الالكترونية العراقية مع نص وثيقة التفويض ذاك ، أما نيجيرفان البارزاني ، رئيس وزراء حكومة اربيل ، فقد تناقل الإخوة الأكراد فيما بينهم روايات كثيرة عن ثروته الكبيرة المتأتية من الاتجار في بيع وشراء العقارات الضخمة ، ومن الموارد الكمركية ، وكذلك من الاتفاقيات الدولية الخاصة بالنقل .
ولا يستطيع أحد نكران ظهور طبقة من الأثرياء في العراق المذكور ، ومن دون أن تبذل تلك الطبقة نشاطا معينا في عمل ما ، ومع ذلك فإنها نمت بسرعة قياسية في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق ، وبمباركة منه ، وبسبب من استيلاء ممثلي تلك الطبقة على المال العام العراقي ، ومن دون وجه حق ، أو بسبب من وضع اليد على مؤسسات الدول في عهد صدام من دور ، ومقرات لحزب البعث المنهار ، ومنتزهات ، وأراضي كثيرة ، وغير ذلك من ثروات الشعب العراقي التي تقدر أثمانها بمليارات الدولارات .
إن ممثلي هذه الطبقة لا تهمهم مصلحة المظلومين من العراقيين الذين طالما بكوهم في بياناتهم ودعاياتهم حين كان هم في صفوف المعارضة ، مرميين على الأرصفة في هذه الدولة وتلك من دول المنطقة والعالم ، وإنما أصبح ما يهمهم الآن هو الإيغال في تحقيق مصلحتهم بالدرجة الأولى ، وتكديس الثروة لهم ولأسرهم ، ولا يهمهم بعد ذلك مصلحة العراق كوطن ، سواء كان هذا الوطن سليما ، معافى ، أو مقسما ، مدمرا على شكل دويلات يريد كل واحد من دعاتها أن يصبح ملكا متوجا يقيم له العراقيون الولائم ، يهتفون له باستمرار : بالروح بالدم نفديك يا حكيم ! وعلى طريقة سيء الذكر ، صدام الساقط .
لقد بدأت الجماهير العراقية ، التي تعاني من الموت المستمر ، ومن العوز المتصل ، تدرك هذه الحقيقة ، وما التظاهرات التي اجتاحت وتجتاح العراق من شماله الى جنوبه إلا تعبير صادق عن ذاك الإدراك ، وبدليل أن تلك الهبات صارت تقوم في البيت القومي ، حالة كردستان العراق ، وفي البيت المذهبي ، حالة مدن العراق الأخرى في الوسط والجنوب ، ولم يعد النواح على القومية ، والبكاء على الحسين عليه السلام نافعا الآن ، مثلما كان ممثلو هذه الطبقة المنسجمة في المصلحة والأهداف يستغلون ذاك النواح والبكاء من قبل .
لقد تحدثت بعض الصحف الأمريكية قبل أيام ، وخلال المعارك التي دارت في محافظة كربلاء بين أنصار المرجع الديني ، السيد محمود الحسني البغدادي ، وبين شرطة الحكيم ومؤازريها في جهاز المخابرات الإيرانية ، عن أن النهوض المسلح لأنصار حزب الولاء الإسلامي ، ( حزب السيد المذكور ) ما هو إلا تعبير عن صراع بين الفقراء من الشيعة ، وبين أولئك الذين اثروا بشكل فاحش وسريع على حسابهم .
ويبدو لي أن الاستنتاج المار الذكر فيه نقص ، جلي ، وبين ، وذلك حين حصر الصراع الطبقي ذاك في حدود المذهب الشيعي ، ورغم أن أتباع السيد الحسيني يمثلون الكثير من المعدمين والمسحوقين الشيعة ، لكن الصراع الطبقي الذي يعيشه المجتمع العراقي الآن بدأ يتبلور بوضوح في عموم الساحة العراقية ، وقد عبرت عنه الإضرابات والمظاهرات التي تخطت حدود المذهب والقومية ، وعمت ، ولازالت ، مدنا كثيرة من العراق . وقد أشرت أنا الى هذه الحقيقة من قبل ، وذلك حين خصصت مقالة لتلك المظاهرات تحت عنوان : إرهاصات الانتفاضة الشعبية القادمة في العراق .
إن أوضح صور هذا الصراع هي تلك الإرهاصات التي قامت في الأيام الأخيرة ، والمتواصلة بهذا الشكل أو ذاك ، وفي مدن كثيرة من العراق ، ولا فرق في أن تكون هذه المدن في شمال العراق او في وسطه وجنوبه ، فالألم الممض الذي أصاب فقراء العراق الذين يمثلون غالبية مطلقة الآن قد بدأ يوحدهم على ما يبدو ، وبغض النظر عن تلك المسميات التي فرضها عليهم الاحتلال منذ اللحظ التي اعتلى بها بريمر رئاسة مجلس الحكم المشؤوم ، تلك المسميات التي جعلت شوارع العراق للآن تفيض بالدماء .
ولا شك في أن جيش الفقراء هذا قد بدأ يتجه وجهة صحيحة في الكفاح خلاف لتلك الوجهة القبيحة التي صار فيها العراقي يقتل أخاه العراقي خدمة لمخططات دول كثيرة تأتي إيران وأمريكا في المقدمة منها ، كما أن هذا الجيش ، وبعد أن تكشفت له الحقائق ، قادر على خلق قيادة جديرة به ، وجدير بها ، تقوده نحو تحقيق أهدافه في صون العراق ، والدفاع عنه ، والحفاظ على ثرواته التي صارت نهبا بيد طغم كثيرة ومتعددة ، حتى أن الحلاق القادم من شوارع لندن صار في زمن هذه الطغم ، وعلى عهد حكومة الجعفري ، مستشار يتقاضى راتبا مقداره سبعة آلاف دولار أمريكي ، بينما الملايين من العراقيين يعضهم الجوع والفقر ، ويقتلهم المرض والإرهاب ، والبطالة التي بلغت أرقاما مخيفة ، حيث صارت نسبة العاطلين عن العمل في العراق تقدر بأحد عشر مليون عاطل ، وهذه النسبة تمثل نصف مجموع تعداد نفوس العراق تقريبا ، والبالغة خمسة وعشرين مليون نسمة ، وعلى ذمة إحصاءات منظمة كوفي عنان .
= = = = = = = = = = = = = = = = =
* البيتان جاءا لي قبيل ساعات من كتابة المقالة هذه ومن صديق يعيش في بغداد الآن ، ولا أعرف قائلهما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |




.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة


.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها




.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا