الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول ضرورة المصارحة والمكاشفة مع -الصديق الروسي- بعد تكرار العدوان الإسرائيلي على ميناء اللاذقية

عليان عليان

2022 / 1 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


بقلم : عليان عليان
تمادى العدو الصهيوني في تنفيذ عمليات القصف الجوي والصاروخي المتكررة للمواقع العسكرية والاقتصادية السورية ، بذريعة ضرب مواقع عسكرية إيرانية ، أو منع نقل أسلحة إلى حزب الله ، وجاء قصف الطيران الحربي الإسرائيلي من البحر المتوسط لميناء اللاذقية مرتين خلال شهر واحد ، كانون أول ( ديسمبر )الماضي ، وضرب منطقة الحاويات وتدمير مواد غذائية وقطع غيار وزيوت محركات ألخ ليخلق حالة من التذمر الشعبي السوري والعربي من الموقف الروسي لا سيما وأن قاعدة " حميميم الجوية الروسية " على مسافة 15 كيلومتر فقط من الميناء.
فرادارات قاعدة حميميم المتقدمة التي ترصد حركة النمل على الأرض، رصدت بالتأكيد وجود الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق المتوسط، وإطلاق رشقات الصواريخ صوب الميناء ، ولم تفعل شيئاً في مواجهتها ، ما يعني سكوتها على مثل هذه الضربات تحت مبرر أن تدخل موسكو العسكري منذ عام 2015 في سورية محصور بمحاربة الإرهاب.
نثمن دور روسيا في دعم سورية في مواجهة الإرهاب ولكن؟
وقبل أن نسترسل في قراءة الموقف الروسي من مئات الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ، نسجل ابتداءً تثمين سورية وحلفائها للتدخل الروسي عام 2015 ودعمه للجيش العربي السوري ولحلفائه " إيران وحزب الله" في مواجهة فصائل الإرهاب المدعومة من الولايات المتحدة ومن الدول الغربية والرجعية ، ذلك التدخل المستمر حتى اللحظة سجل نقطة تحول في الصراع على الأرض السورية لصالح الجيش العربي السوري، وقلب ميزان القوى لمصلحة الدولة السورية ، ما مكن النظام العروبي في سورية من بسط سيطرته على معظم الأراضي السورية ، وتحرير العديد من المدن وعلى رأسها حلب وحمص ودير الزور من فصائل الإرهابيين ، ومن إنهاء وجود الإرهابيين في محيط العاصمة دمشق وضواحيها.
كما نسجل تثمين سورية وحلفائها للموقف الروسي في إدارة الأزمة بذكاء واقتدار عبر محطتي " أستانة وسوتشي" ،وتمكنها عبر آليات خفض التصعيد والمصالحات من إعادة مساحات واسعة من الأراضي المحتلة من قبل الإرهابيين لحضن الدولة السورية ، يضاف لذلك كله ، أنه لا يمكن أن نتجاهل حقيقة أن دماء مئات الجنود والضباط الروس اختلطت بدماء جنود وضبط الجيش العربي السوري أثناء الدفاع عن وحدة وسيادة سورية على أراضيها.


وقفة مع الصديق الروسي
وأنا وغيري من الذين يصطفون في خندق سورية ، ندرك جيداً أن روسيا ليست الاتحاد السوفياتي ، فروسيا الآن دولة تعتمد نهج اقتصاد السوق الرأسمالي ، وليست دولة اشتراكية ، ومن ثم فإن العلاقات التي تربطها بدول العالم الثالث هي علاقات ذات طابع مصلحي براغماتي محض ، وليست علاقات ذات طابع تحالفي ، في حين أن الاتحاد السوفياتي من موقعه الاشتراكي والأممي، كان يوازن بشكل كبير بين الجانب المبدئي والبرغماتي ، وحتى نكون منصفين فإنه كان يغلب الجانب المبدئي على الجانب البرغماتي في علاقته مع الدول الوطنية والتقدمية العربية ، وقدم لها ملايين الأطنان من الأسلحة دون ثمن يذكر أو دون أن يحصل على شيء مقابل ، وإذا كانت هنالك من ديون على الدول العربية فإنها مجرد ديون دفترية لم تجر متابعتها ، وذلك في ضوء الفهم السوفياتي بأن الدول الوطنية العربية وحركة التحرر العربية مع الاتحاد السوفياتي في ذات الخندق في مواجهة الإمبريالية.
ولاحظنا ونحن نتابع المؤامرة الكونية على سورية ، بأن روسيا في الوقت الذي كانت تقدم كل سبل الدعم للجيش العربي السوري في مواجهة المؤامرة ، كانت تقيم علاقات شبه وثيقة على مع أنظمة السعودية وقطر وتركيا ، التي لعبت دور الوكيل الرئيسي للولايات المتحدة في تنفيذ المؤامرة على سورية ، والمشغل والممول لفصائل الإرهاب ، ناهيك أنها باعت منظومة صواريخ س 400 لتركيا ، وأعطت الضوء الأخضر لتركيا لدخول شمال سوريا في إطار معاقبتها للقيادات الكردية و "قسد" لتحالفها مع الأمريكان ناهيك أنها منحت تركيا نقاطاً عسكرية لخفض التصعيد غربي حلب وفي محافظة إدلب ، رغم أن تركيا هي الداعم الرئيسي لفصائل الإرهاب ، وهي التي قامت بتشكيل "جيش وطني" من بعض فصائل الإرهاب لمحاربة "قسد" والجيش السوري في ذات الوقت.
روسيا وسياسة غض النظر عن الاعتداءات الإسرائيلية على سورية:
والأخطر من ذلك كله أن روسيا تغض الطرف منذ دخولها للأراضي السورية عام 2015 عن عمليات القصف الإسرائيلية للأراضي السورية، بذريعة ضربها لقواعد للحرس الثوري أو قصف قوافل السلاح الإيراني المتجهة إلى حزب الله في لبنان.
الجانب الروسي يبرر موقفه بعدم التصدي للطائرات والصواريخ الإسرائيلية بأنه تدخل بموجب مهمة محددة في سورية من قبل " مجلس الدوما" ، ألا وهي مكافحة الإرهاب فقط وبالتالي فإنه غير معني بالتدخل في قضايا الصراع العربي مع ( إسرائيل).
وهذا التبرير يفتقد لقوة المنطق السياسي لعدة اعتبارات أبرزها :
1-أن الاعتداءات الصاروخية الإسرائيلية المتكررة على سورية المتكررة مرتبطة جدلياً بقضية الإرهاب في سورية ، إذ أنه كلما حاصر الجيش العربي مواقع الإرهابيين رأينا قوات العدو الصهيوني تتدخل لنجدتهم ، أو لتخفيف الضغط عليهم سواء في محافظة إدلب أو في محافظتي درعا والقنيطرة وغيرها من المناطق السورية.
2- أن روسيا في خطابها السياسي اليومي، من أكثر الدول في العالم التي تتحدث عن ضرورة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وقرارتها ، التي تنص على عدم جواز احتلال أراضي الغير أو الاعتداء دولة على أخرى ، والتي تشرع مكافحة الاحتلال والإرهاب .
3- أن روسيا بررت تدخلها العسكري في سورية ، بأنه جاء بناء على طلب من الحكومة السورية من أجل مكافحة الإرهاب ، وللحفاظ على وحدة وسيادة سورية وسلامة أرضيها.
وهذه الاعتبارات التي لا تتصل بالصراع السوري -الإسرائيلي بوصفه جزءاً من الصراع العربي- الصهيوني، بل تتصل بقضية الإرهاب ، كان يجب أن تدفع روسيا لإدانة الاعتداءات الإسرائيلية ، والتصدي لها مثلما تتصدى لقطعان الإرهابيين وتقصفهم بطائرات السوخوي في إدلب وغيرها.
كما أن هذه الاعتبارات تكشف ضعف المبرر الروسي ، الذي يتذرع بقرار" مجلس الدوما" الروسي الذي حصر التدخل الروسي بمكافحة الإرهاب ، خاصةً وأن الجانب الروسي لا يعترف بأن ما يقوم به الكيان الصهيوني من اعتداءات، هو في خدمة إرهاب جبهة النصرة و"داعش" وغيرهما من الفصائل الإرهابية التكفيرية ، وهو الذي يعلم علم اليقين أن الفصائل الإرهابية تلقت ولا تزال تتلقى دعماً لوجستيا وعسكرياً وطبياً من العدو الصهيوني وأن جرحى الإرهابيين كانوا يتلقون العلاج والعناية في مستشفيات الكيان الصهيوني.
كما أن روسيا تدرك جيداً أن الهدف من هذه الاعتداءات المتكررة على سورية ، هو جر سورية إلى حرب معها، في الوقت الذي تخوض فيه حرباً معقدة ضد فصائل الإرهاب المدعومة أمريكياً وغربياً وتركياً وإسرائيليا ورجعياً عربياً، وفي الوقت الذي تخضع مساحات واسعة من أراضيها للاحتلالين الأمريكي والتركي في شرق وشمال شرق وغرب سورية .
الأخطر من ذلك نقرأ تصريح لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن روسيا ملتزمة بضمان أمن ( إسرائيل) ،وكأن سورية وغيرها من الدول العربية هي التي تمارس فعل الاعتداء على الكيان الصهيوني ، ناهيك أن موسكو تقيد يد سورية في استخدام صواريخ س 300 للتصدي للطيران والصواريخ الإسرائيلية
فروسيا لا تقسو على (إسرائيل)، رغم مسؤوليتها عن مصرع عدد من الجنود الروس، إذ سبق أن عرضت 4 مقاتلات إسرائيلية من نوع "إف-16" الطائرة الروسية "إيل-20" التي كانت في طريق العودة إلى قاعدة حميميم، للخطر إذ تسترت بها أثناء هجومها على مواقع سورية في محافظة اللاذقية، ما جعلها هدفا للمضادات الجوية السورية وأسفر الحادث عن مقتل 15 عسكريا روسيا كانوا على متن الطائرة.

لماذا هذه العلاقة المميزة بين روسيا و ( إسرائيل)
وهنالك سؤال يطرحه العديد من المراقبون وهو : لماذا هذه العلاقة المميزة بين روسيا والكيان الصهيوني ، رغم أن إسرائيل قاعدة متقدمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ نكبة 1948 ، ورغم أنه ينظر إليها بأنها الولاية رقم (51) في الولايات المتحدة ، ورغم أن ( إسرائيل) والصهاينة عموماً لعبوا دوراً تخريبياً في الاتحاد السوفياتي سابقاً ورغم أنها زودت أوكرانيا بالأسلحة عشية الثورة الملونة المناهضة لروسيا، ورغم أن مصلحتها الاقتصادية والجيوسياسية مع الشعوب العربية ، ومع سورية على وجه التحديد التي سمحت لها بإقامة قاعدتين ، إحداهما بحرية في طرطوس والأخرى جوية قرب اللاذقية " قاعدة حميميم" تمكنها من الحصول على موطئ قدم على شاطئ المتوسط.
وتطرح بعض الأجوبة التي تبرر العلاقة المميزة مع الكيان الصهيوني مثل وجود جالية روسية يهودية (مليون نسمة) في إسرائيل تتمتع بحضور سياسي كبير فيها ، ومثل وجود لوبي يهودي من الانتلجنسيا ومن رجال الأعمال اليهود يستطيع أن يلعب دوراً هاما في المعادلة السياسية الروسية ، لكن هذه المبررات لا تعطي لروسيا قوة المبرر لأن تكون علاقتها مميزة مع ( إسرائيل) ، على حساب نصف مليار عربي يحتفظون في عقولهم وقلوبهم بكل الامتنان للدور الروسي إبان مرحلة الاتحاد السوفياتي ، وهذا موضوع يحتاج لمناقشة مستفيضة.
القيادة السورية ومعها حلفاءها في إيران وحزب الله ، مستاءة جداً من الموقف الروسي حيال الاعتداءات الإسرائيلية ، لكنها لا تتحدث عنها في العلن ولا تريد إغضاب روسيا ، بل نراها تغدق الثناء على دور روسيا الإيجابي، الذي لعب دوراً مركزياً في مساعدة سورية في مواجهة أبشع عدوان أميركي وغربي وعربي رجعي ، استهدف ضرب سيادتها ووحدة أراضيها ووحدة شعبها وتحطيمها وتقسيمها .
وسبق أن خرج محور المقاومة على توصيات ونصائح الروس ، بعدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية ،عندما أقدم في العشرين من أكتوبر 2019 ، على قصف قاعدة التنف الأمريكية رداُ على قصف إسرائيلي – أمريكي لقواعد عسكرية سورية ولمحور المقاومة ،في محيط تدمر أسفرت عن استشهاد 27 عسكرياً سورياً ، وقد نشهد في الأيام أو الأسابيع القادمة رداً موجعاً من قبل محور المقاومة للكيان الصهيوني.
وأخيرا فإن المسؤولية تقتضي مصارحة الصديق الروسي، الذي تتعامل معه القيادة السورية بوصفه حليف استراتيجي ، بضرورة أن يطور موقفه حيال الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، خاصةً بعد قصف العدو الصهيوني لميناء اللاذقية بوصفه أهم مرفق اقتصادي لسورية ، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار بأن سورية بحاجة لروسيا بنفس القدر الذي تكون في روسيا بحاجة لسوريا ، ودون أن نتجاهل بأن الدور الروسي في سورية هو من حول روسيا من قوة إقليمية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي إلى قطب عالمي موزاي للقطب الأمريكي.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب