الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا حصل في العراق في شهر تموز الفائت ؟؟

أحمد الناصري

2006 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


شهر تموز الفائت لم يكن غير وقت مقتطع من الزمن العراقي الدامي، وهو عينة من روزنامة الأيام والشهور والسنين الثقيلة المعلقة على حائط التاريخ المثقل بالأخطاء والخطايا، وعلى ظهر الوطن، وهو ينوء تحت وطأة الإحتلال والإرهاب والموت والفجعية والتهديد، لكن ماميز شهر تموز وشئ من آب، إن الكاميرات كانت قد إستدارت بعيداً عن العراق وبغداد نحو لبنان، الذي تعرض هو الآخر لعدوان أمريكي إسرائيلي، يلتقي ويصب في نفس المجال والغرض والمخطط الخارجي، حيث تقسم المنطقة الى نقاط أو مربعات يجري التعامل معها مربع بعد آخر، وكلما سقط مربع أو حجر بيد العدو، إنتقل الى الحجر التالي، وهكذا بسبب ترابط هذه الأحجار والمربعات موضوعياً ومصيرياً، وكذلك كل شيء يجري وفق منطق ورؤية العدو للمنطقة كوحدة سياسية وإقتصادية ( موارد وسوق فقط)، وخارطة عسكرية واحدة أيضاً، فليكن شهر تموز ناصية نطل منها على الوضع الخطير والحرج للوطن القتيل، ولنجر جردة حساب ولو سريعة بالنتائج المرعبة ونتلمس الخطر القائم والقادم، ونتحسس ونحدد الدرجة الحرجة الجديدة التي وصل إليها الوضع .
لقد أعلنت مشرحة بغداد فقط عن تسلم 2000 جثة مجهولة ومعلومة في شهر تموز، وقد قتل الضحايا بطرق وحشية متشابهة، ولاندري كم كان العدد الحقيقي للضحايا في الأماكن الأخرى من بغداد وحدها، وكم عدد الضحايا اللذين دفنوا بطرق مختلفة أخرى ؟؟ ولانسأل عن الضحايا في عموم الوطن !! لكنه رقم مخيف جداً يعكس حجم الكارثة والأزمة العميقة التي يمر بها مجتمعنا، وحجم التهديد الفعلي لفرق الموت والقتل الجماعي الذي يهدد بغداد والمدن الأخرى. إن هذا العدد المهول هو مؤشر بالغ وصادم لما يجري فعلياً من جميع الأطراف الدموية العاملة في العاصمة والمدن الأخرى، وفي مقدمتها جيش الإحتلال وعصابات الإرهاب والميليشيات الطائفية، وفرق الموت والتكفير، وعصابات الجريمة المنظمة، ودول الجوار، خاصة من له ( ثارات ) مع هذه البلاد النبيلة، وهذا الوطن الرائع، وهو يخلط بين النظام السابق والشعب الضحية .
كل شيء يتحلل ويتحطم ويتفسخ في بلادنا، السياسات والدم والمدن والخدمات وخرائط الإحتلال والإدارات المحلية التابعة له، والبرامج الطائفية المقيتية والعنصرية الضيقة، كل شيء يفشل وينحدر نحو الهاوية، بإعتبارة نتاج مباشر للإحتلال وعمله بإشراف بريمر أو السفارة الأمريكية وهيئة أركانها .
لقد تابعنا بمرارة كل ما يجري ورفضنا كل الخطط التي جاء بها المحتل ومن معه من الشلل التافهة، لقد توقعنا القسم الأكبر من الأحداث الجارية ومساراتها الرهيبة، لكن ما يجري فاق كل التوقعات والتقديرات المبدأية، لكننا حاولنا قراءة الواقع وتقدير سير الأحداث، وطرحنا تصورات رئيسية عامة وتفصيلية، ولم يكن لدينا ولو وهم بسيط حول النتائج التي ستقع في ظل الإحتلال والإدارات المحلية المتعاقبة التابعة له، وخاصة تجربة مجلس المحكوميين .الآن نعيد الأسئلة والشكوك القديمة ونظيف لها أطنان جديدة من الخلافات والأسئلة والإعتراضات الكاملة حول مايجري !!
أين وصل الملف الأمني ، رغم خطة بغداد رقم ( 00 ) ؟؟ ماهو حجم ومساحة وتأثير مدن ومناطق التمرد، هل هي في حالة تراجع وإنحسار أم توسع ؟؟ أين وصل الموضوع الرئيسي، موضوع الإستقلال الوطني، وإنسحاب قوات الإحتلال الأجنبية ؟؟ أم إنها قوات صديقة كما يدعي جلال الطالباني والجماعة التابعة ؟؟ ماهو وضع الوحدة الوطنية المهددة ؟؟ ماهو حجم الطائفية الإجتماعي والسياسي و( الثقافي ) ؟؟ ماهو حجم الميلشيات ومواردها وأعدادها وسلاحها وخططها ؟؟ وهل بدأت الحرب الطائفية ؟؟ هل بدأ مخطط الإنفصال القومي الضيق في كردستان ؟؟ كم هو حجم الفساد والنهب ( بالمليارات) ؟؟ أين هي مشاريع إعداة الإعمار، هل تبخرت، أم هي مجرد إكذوبة أمريكية لخداع الناس، ولو لكم شهر ؟؟ أين الخدمات الأساسية التي وعد بها الجميع، وبشفافية تامة ؟؟ ماهو الوضع الصحي للناس والمستشفيات؟؟ وكم هو الحجم الحقيقي للتلوث النووي ؟؟ وماهو حجم السرطانات بين الناس ؟؟ الى أين وصل وضع التعليم العام، وخاصة التعليم الجامعي ؟؟ كم عدد القتلى اللذين سقطوا مع الحرب والإحتلال والإرهاب ؟؟ كم هوعدد الضحايا كل يوم ؟؟ كم عدد السجون السرية؟؟ وكم عدد السجناء ؟؟ الى أين وصل المشروع الفيدرالي الطائفي في الجنوب ؟؟ ماهو حجم النفود والتدخل الإيراني ؟؟ هل لازال النفط ( يصادر وليس يصدر ) من دون عدادات ؟؟ هل صحيح إن الميليشيات تشرف على أرصفة وناقلات في البحر والبر لتهريب النفط بإشراف ومساعدة بريطانية وأمريكية ؟؟ كيف وصل التضخم النقدي في بلد نفطي الى أكثر من 70 بالمئة ؟؟ كم هو حجم البطالة الآن ؟؟ الى أين صعد خط الفقر ؟؟ كيف هي الحالة الثقافية والوضع الثقافي والفكري والكتب والنشر والسينما والموسيقى والتشكيل والرقص والغناء ؟؟ الى أين وصلت الرياضة في بلادنا بعد الاحتلال ؟؟ أين وصل تقسيم بغداد، الذي يعني تقسيم العراق في الصميم ؟؟ هل أعيد بناء الأهوار ؟؟ هل أعيد بناء القرى المهجرة في كردستان أثناء حملات الأنفال ؟؟ من ضرب التظاهرات المطلبية في كردستان بالرصاص ؟؟ أين هو مشروع التحرير والديمقراطية والحرية والعلمانية، وكل الكلام الفارغ الذي قيل ؟؟ أين هو الكلام عن ما يسمى بالعراق الجديد؟؟ وماهي ملامحة المتميزة ؟؟ هل ما يجري في بغداد وباقي أرجاء بلادنا من خراب مريع، من ملامحة الأولية ؟؟
هذه الأسئلة هي تلخيص مركز لبعض جوانب أزمة الإنهيار الوطنية التي يمر بها شعبنا ومجتمعنا، وهي أسئلة تتكاثر وتزداد مع كل يوم يستمر فيه الإحتلال، وفي كل يوم يغيب فيه المشروع الوطني، الذي لم يجر تأسيسه الى الآن، ومع هذا الغياب تتعاظم المخاطر الحقيقية حول مستقبل الوطن المهدد من قبل قوى خارجية وداخلية أصبحت معروفة، ولكن وبشكل عام إستطاع شعبنا أن يصد ويقاوم هذه المشاريع، ويحافظ على حد معين من التماسك والوجود المستهدف .
من وسط هذه الغابة الشائكة، ووسط الحرائق المشتعلة في بغداد وغزة وبيروت وجنوب لبنان، ف ( العدوان واحد ومترابط )، وحيث مارست أمريكا وإسرائيل أبشع الجرائم ضد الإنسانية، بواسطة العقاب والقتل الجماعي، كما تدور في غزة رحى حرب الإغتيالات الفردية والجماعية والتدمير المنهجي لحياة الناس بكل تفاصيلها. كيف لنا أن نتطلع الى المستقبل ؟؟ وكيف لنا أن نطرح أسئلة المستقبل ؟؟ وماهي القوى التي تنتمي للمستقبل ؟؟ وماهي السياسات التي تتصل بالمستقبل وتوصلنا إليه ؟؟ وأين يقع مركز الثقل الذي يشكل رافعة ومحرك للأحداث في المنطقة وفي بلادنا ؟؟ إنها أسئلة برسم من يشارك ويهتم بمستقبل الناس فقط، وعلينا قراءتها قراءة موضوعية هادئة، وفق منهج نقدي رصين وجرئ، بعيداً عن التسرع والعواطف وعدم إعمال العقل، وبعيداً عن الخراب الفكري والروحي والأخلاقي، لنقول مالنا وماعلينا، وأين وصل الوضع الحقيقي المتجسد في الواقع وفي الحياة ؟؟ وأن نكشف كل شئ، وأن نكشف أيضاً الفكر الآخر المتهرئ الذي يخوض في مستنقعات الإرتزاق والنفاق السياسي والثقافي، ويتسلى بجهل العقل ولغوه وكاركتيريته وإنحطاطه ورخاوته وخرفه، بإسم التجديد والعقلانية والليبرالية والعته .
لم نزل في المنعطف التاريخي الخطير، نتطلع الى وجودنا التاريخي والحياتي المهدد، وسط مخاطر ومصاعب كبيرة وجديدة، وهذا ما أكدته أحداث شهر تموز الحار والطويل في العراق ولبنان وفلسطين وعموم المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز