الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنبدأ بكتاب النيابة العامة لعلاج أنيميا الثقافة القانونية

محمد القصبي

2022 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كان هذا حال مصر خلال العقود الأخيرة..تفشي الفساد في الجهاز الإداري للدولة في كثير من المؤسسات.. وعلى كافة المستويات ..
ودوما يراودني هذا الخاطر..ونوهت له في العديد من مقالاتي ..أن البعض ممن يعانون من أنيميا حادة في الانتماء للمحروسة.. وعلى كافة الأصعدة عبثوا بمقولة
المفكر الاسكتلندي الكبير آدم سميث "دعه يعمل ..دعه يمر"..
وهو الشعار الذ ي كان بوصلة العديد من المجتمعات الغربية في تحقيق نهضتها التاريخي..
بعض من أبناء المحروسة نجحوا في تعديل هذا الشعار وبعبقرية يحسدون عليها وجعلوه " دعه يسرق ..دعه يفر"..!!
لذا كان ترتيب
مصر في
قائمة منظمة الشفافية العالمية ببرلين ..عاما وراء عام صادما..!
دوما كنا في الثلث الأخير في قائمة الدول الأكثر "نظافة" !!

لكن ثمة مؤسسات في مصر كانت بمنأى عن مستنقع الفساد هذا ..بل وتصدت له بشراسة ..على قدر ماسمحت إمكانياتها وصلاحياتها..
من هذه المؤسسات النيابة العامة..
أحفاد ماعت دوما كانوا على الطريق..
يكابدون في التمسك بميزان عدالتها الصارم..
ألهذا شغفت بقراءة كتاب " النيابة العامة ..تراث مضيء وواقع مشرق" ..لمؤلفه المستشار خالد القاضي؟

فإن كان مكنوز الكتاب من أحداث وتحقيقات يعد على نحو ما تأريخا لمسيرة النيابة العامة..فهو أيضا في الحقيقة ينطوي على شيء من التأريخ..لمصر القرن العشرين ..حيث ثمة أحداث كبرى..كانت النيابة العامة طرفا محوريا فيها مثل اغتيال بطرس باشا غالي في ٢٠ فبراير عام ١٩١٠.
ومؤلف الكتاب ليس غريبا على عالم التأليف والكتابة..فقد سبق وأن أصدر قبل كتابه هذا العديد من الكتب..
كما أنه من كتاب المقالات البارزين في صحفنا.
وأرى أن كتابه هذا..وغيره من إصداراته جديرة بأن
يؤخذ منها مقتطفات لتدرس على طلاب المرحلة الثانوية لتأسيس ثقافة قانونية لدى المواطن المصري..وهو أمر نفتقده كثيرا.
وفي سطوره الأولى من الكتاب يستجيب المؤلف لتوق القاريء أن يعرف ماذا نعني بالنيابة العامة وتشكيلها ودورها..حيث ينوه إلى أن النيابة العامة شعبة أصيلة من السلطة القضائية ..
وتتشكل من النائب العام يعاونه نواب مساعدون ومحامون عامون أول ورؤساء نيابة ووكلاء ومساعدون ومعاونون.
وتتشكل من نيابات متخصصة ونيابات على مستوى دوائر محاكم الاستئناف والدوائر المحاكم الجزئية
والنائب العام هو الوكيل عن الهيئة الاجتماعية في مباشرة تحريك الدعوى الجنائية ومتابعة سيرها حتى يصدر بشأنها حكم بات..
......
وكيف كانت البداية؟
أعني منصب النائب العام في مصر؟
يشير المؤلف إلى أن ذلك يعود الى٢٩ نوفمبر عام ١٨٨١ حين تم تعيين اسماعيل يسري باشا نائبا عاما..
لكن مع الاحتلال الانجليزي عام ١٨٨٢ تم تداول المنصب بين مصريين وأجانب..إلى أن شغل المنصب عبد الخالق ثروت باشا عام ١٩٠٨ ..بعدها لم يشغل المنصب سوى مصريين ..
وطبقا للقرارالصادر من مجلس الوزراء عام ١٨٩٥ يتبع النائب العام وأعضاء النيابة العامة وزير العدل..
وملزمون باتباع التعليمات التي تصدر لهم من الوزارة..

كما يشير المؤلف إلى أنه
لاتجوز مراجعة قرارات النائب العام أو التشكيك فيها حتى داخل البرلمان ..لأنها تحمل قدسية الأحكام القضائية..
وبتعديل قانون السلطة القضائية عام ٢٠٠٦ أصبح النائب العام غير خاضع لسلطة وتبعية وزير العدل وإنما لرئيس الجمهورية مباشرة..وطبقا للتعديلات التي أدخلت على دستور ٢٠١٤ أصبح النائب العام يعين بقرار من رئيس الجمهورية لمدة ٤ سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله..
"هل هذا يمنح رئيس الجمهورية سلطة التدخل ومراجعة أي من قرارات النيابة العامة من منطلق علاقة التبعية ؟"

وثمة معلومة مهمة لفتت انتباهي خلال قراءتي لهذا الكتاب المهم..أن النيابة العامة ليست منشطرة تماما عن السلك القضائي..
وكما يقول المؤلف في عرض السيرة الوظيفية للنائب العامة المستشار حمادة الصاوي..
فقد تم تعيينه بدءا معاونا للنيابة العامة في فبراير ١٩٨٦..ثم وكيلا للنائب العام بنيابة النزهة وانتقل منها لنيابة الأموال العامة ..وبعد ذلك أصبح قاضيا بالمحاكم الابتدائية إلا أنه تم إعادته إلى النيابة العامة عام ١٩٩٩
ليعود إلى القضاء عام ٢٠١٠..
أما سبب توقفي أمام هذه النقطة
"ما يشاع .. أن من يعمل في السلك القضائي لايعود إلى النيابة".
أيضا مما يلفت الانتباه خلال حديث المؤلف عن واجبات أعضاء النيابة..تشديده على ضرورة التزامهم السلوك القويم والنأي عن كل مواطن الشبهة والابتعاد قدر الطاقة أن يكونوا أطرافا في خصومة..وألا يتخذوا من وظيفتهم وسيلة للتعنت مع الناس أو النيل منهم..
وهو أمر نلاحظ بوضوح حرص رجال النيابة العامة على الالتزام به..
...........
ومن الصفات الحميدة التي تشيع بين رجال النيابة العامة..الثبات الانفعالي..
وبدا هذا من خلال انفعالي على وكيل نيابة مرور مدينة نصر..ربما كان ذلك منذ ١٢ عاما ..بسبب مارأيته من ظلم وقع علي في أمر يخص مخالفات مرورية..
والإجراءات البيروقراطية في سداد المخالفات والتي تضاعف من معاناة المواطنين..
بدا وكيل النيابة الشاب هادئا وهو يستقبل ثورة غضبي..

وكتبت حينها مقالا في "الأخبار المسائي" كان عنوانه "يوم في مرور مدينة نصر.."..
نضحت سطور المقال بقدر من السخرية المرة لما عانيته أمام الشبابيك لإنهاء مسألة المخالفات..
وفي اليوم التالي فوجئت بالمستشار عبد المجيد محمود يهاتفني..لم يبد أي ذرة غضب من المقال.. بل تحدث بهدوء عن المشاكل في نيابات المرور ومايبذل من جهد لمواجهتها..مؤكدا أن هناك خطة بالفعل لتطوير العمل في مرور نيابة مدينة نصر..
يتضمن الكتاب مقالا للمؤلف نشر في مجلة الهلال عدد يونيو ٢٠٢٠..حيث يتحدث عن أداء عدد من معاوني النيابة العامة الجدد دفعة ٢٠١٦ اليمين القانونية ..المؤلف تعود به الذاكرة إلى ٣٠ عاما ..وتحديدا إلى حدث مشابه حين كان يؤدي اليمين القانونية معاونا للنيابة العامة..حيث قال النائب العام حينها مخاطبا معاوني النيابة الجدد " لقد اشتريتم سن الأربعين بسن العشرين."..
والمقصود تحلي معاون النيابة بحكمة ووقار واتزان الرجل في سن الأربعين..
عبارة مفعمة بالبلاغة يفترض إن قيلت أو كتبت في أي مناسبة تسند حرفيا لقائلها..فإن كان مطلوبا تخليد العبارة فينبغي أيضا تخليد قائلها..
أهو المستشار بدر المنياوي أم المستشار جمال شومان أم المستشار رجاء العربي؟.
ليت المؤلف ينوه إلى ذلك في أي من مقالاته الصحفية وأيضا الطبعة الثانية من هذا الكتاب..
..........
ومن منطلق مواطنتي ومواطنة أي مصري يقع في يده هذا الكتاب المهم..تدفعنا شهوة الفضول إلى التوقف بتأمل أمام محطات كبرى في تاريخ الوطن كانت النيابة العامة في قلب الحدث..
مثل اغتيال رئيس وزراء مصر بطرس باشا غالي عام ١٩١٠ على أيدي الصيدلي الشاب ابراهيم ناصف الورداني..
وليس ما أتوق إليه فيما يتعلق بهذا الحدث حقائق أجهلها..فكل الحقائق تستقر في واجهة الذاكرة ككل الأحداث الوطنية الكبرى..والحقيقة الأكثر إشراقا من بين هذه الحقائق
..أن ابراهيم الورداني..كان وكيلا عن الأمة في تخليصها من رئيس الوزراء عميل الاحتلال الانجليزي.. حتى لو كان للنائب العام رأي مغاير..
لكن ماتقت إلى قراءته عبر صفحات الكتاب تلك المساجلات البليغة بين النيابة العامة والدفاع..والتي ندر وجودها الآن..
في مرافعته قال النائب العمومي عبد الخالق باشا ثروت :
إن الورداني بجنايته عمد إلى خرق القوانين السماوية والبشرية.. عمد إلى قتل النفس التي حرم الله قتلها..عمد إلى إزهاق روح بريئة من غير ذنب..عمد إلى حرمان إنسان من أقدس
حق له في الدنيا..عمد إلى حرمان عيلة من معيلها وأمة من رجلها وحكومة من رئيسها .
عمد وأطاع هواه..وأطلق رصاصته ..فماذا جرى ؟
فانظروا ياحضرات القضاة كم أساء الورداني بجنايته لهذا البلد الأمين الأسيف..فماذا جنت عليه مصر ؟ ولماذا يضرها كل هذا الضرر؟ لعله يدلي بخدمة لهذا الوطن.
إن الوطنية التي يدعي المتهم الدفاع عنها بهذا السلاح المسموم لبراء من مثل هذا المنكر..
إن الوطنية الصحيحة لاتحل في قلب ملأته مباديء تستحل اغتيال النفس..إن مثل هذه الميادين مقوضة لكل اجتماع..
ويستطرد النائب العام في مرافعته :
ماذا يريد الورداني ؟ أيريد ألا يكون حكم ولاحاكم ؟أيريد أن تكون الفوضى بعد النظام؟أيريد ضرا ودمارا عاجلين؟

فإن انتقلنا إلى مرافعات الدفاع..نجدها أيضا تفيض ببلاغة ربما ..بل يقينا..تنال إعجاب المصري الآن.. ليس فقط بجمالياتها اللغوية.. بل أيضا بصدق ماعبرت عن حقائق..
ففي مرافعته يوجه المحامي أحمد بك لطفي السيد حديثه للمتهم قائلا:
أما أنت أيها المتهم فقد همت بحب بلادك حتى أنساك هذا الهيام كل شيء حولك..أنساك واجبا مقدسا هو الرأفة بأختك الصغيرة وأمك الحزينة..فتركتهما يبكيان هذا الشباب الغض..تركتهما يتقلبان على جمر الغضا..تركتهما يقلبان الطرف حولهما فلا يجدان غير منزل مقفر غاب عنه عائله..تركتهما على ألا تعود إليهما وأنت تعلم أنهما لايطيقان صبرا على فراقك لحظة واحدة..فأنت أملهما ورجاؤهما..
دفعك حب بلادك إلى نسيان هذا الواجب..وحجب عنك كل شيء غير وطنك وأمتك .
وينتهي المحامي قائلا: فاعلم إذن أيها الشاب أنه إذا تشدد قضاتك- ولا أخالهم إلا راحميك- فذلك لأنهم خدمة القانون وهذا هو السلاح المسئول في يد العدالة والحرية.
وإذا لم ينصفوك- ولا أظنهم إلا منصفيك- فقد أنصفك ذلك العالم الذي يرى أنك لم ترتكب ماارتكبته بغية الإجرام ولكن باعتقاد أنك تخدم بلادك ..وسواء وافق اعتقادك الحقيقة أو خالفها فتلك مسألة سيحكم فيها التاريخ..

وكمواطن مصري أرى أن التاريخ ..رغم الحكم بإعدام الورداني .. سيرى بأنه أتى بفعل وطني بامتياز..وجدير بأن يطلق اسمه على الشارع الذي أطلق عليه اسم النائب العام عبد الخالق ثروت ..
وليس شعوري وحدي ..بل شعور الغالبية العظمى من المصريين..وكما نرى..قبيل تنفيذ حكم الإعدام فاض الوجدان الجمعي للشعب بتلك الأغنية الرائعة التي ودع بها إبنه إبراهيم الورداني " قولوا لعين الشمس ماتحماشي أحسن غزال البر صابح ماشي"..
بل وأمام إصرار الشعب على أن ابراهيم الورداني مااغتال بطرس غالي إلا تنفيذا للارادة الوطنية..فشلت محاولات رئيس المحكمة الأجنبي وغيره من عملاء الاحتلال الإيحاء بأن الورداني أتى بفعلته مدفوعا بالتعصب الديني الأعمى..وقد عبر المحامي القبطي ناصف أفندي جنيدي منقبادي عن رؤية الشعب حين قال: "إننا جميعا قد ضاقت صدورنا من السياسة المنحازة للإنجليز التي كان يدافع عنها بطرس باشا، و إنني لأصرح بصفتي مصريا قبطيا أن حركتنا إنما هي حركة وطنية ترمي إلي الحرية".

وعندما سُئل الورداني
عن السبب الذي دفعه لقتل رئيس وزراء مصر، قال جملة واحدة "لأنه خائن للوطن".
ولماذا يراه الورداني خائنا ؟.. بل هكذا رآه غالبية المصريين لأسباب ثلاثة :
- عندما كان بطرس غالي وزيرا للخارجية وقع مع المعتمد البريطاني اللورد كرومر على اتفاقية الحكم المشترك للسودان بين مصر وبريطانيا. وهي الاتفاقية التي منحت صلاحيات للإنجليز أكبر من الجانب المصري في حكم السودان، وكانت تعني فعليا انفصال السودان عن مصر للأبد.
- ترؤسه للمحكمة التي شكلت لمحاكمة أهالي دنشواي بعد حادثة دنشواي التي أصيب فيها ضابط إنجليزي برتبة كابتن بضربة شمس و مات.
وهي المحكمة التي لم تستمر أعمالها سوى ثلاثة أيام لتصدر أحكاما قاسية علي بعض أهالي دنشواي تمثلت في الحكم بالإعدام على أربعة منهم والأشغال الشاقة بمدد مختلفة على 12 منهم و بالجلد على خمسة متهمين.
-لعب بطرس غالي دورا في مشروع مد امتياز قناة السويس لمدة 40 عاماً أخري في مقابل عدة ملايين من الجنيهات تدفعها شركة قناة السويس للحكومة المصرية ونسبة من الأرباح من عام 1921 إلي 1968.
وقد حاولت حكومة غالي إخفاء الصفقة عن الرأي العام المصري. الا أن الثائر الوطني محمد فريد نشر نسخة من المشروع في جريدة "اللواء" وهاجم الحكومة وطالبها بعرض المشروع على نواب الأمة.
وبالفعل عرضت الصفقة على الجمعية العمومية ودار نقاش عنيف بين النواب من ناحية وبطرس غالي الذي احتد على الأعضاء المعارضين للمشروع وهددهم، ونشرت تفاصيل الجلسة في الجرائد، ليستشري غضب الشعب من بطرس باشا، وبعد عشرة أيام فقط من هذه الجلسة العاصفة تم اغتياله.

في 12 مايو 1910 صدر الحكم بإحالة أوراق المتهم الورداني إلى بكري الصدفي، مفتي الديار المصرية للتصديق على إعدامه، إلا أن مفتي الديار المصرية رفض حكم الإعدام، وكان هذا أو رفض من دار الإفتاء لحكم إعدام، فتجاهل القاضي الانجليزي رفض المفتي، وكذلك رفض الطعن الذي قدمه دفاع الورداني في 10 يونيو، وتم تنفيذ حكم الإعدام يوم 28 يونيو 1910.

والرائع ومارآه البعض غريبا..هدوء الورداني طيلة التحقيقات وحتى بعد أن صدر الحكم بإعدامه ..بل أنه حين وقف على طبلية الإعدام.. نطق الشهادة ثم قال: الله أكبر الذي يمنح الحرية والاستقلال..

تلك الحقائق التي تتعلق باغتيال بطرس باشا لم يتطرق لها المؤلف خالد القاضي في كتابه " النيابة العامة " ظنا منه أنها لاعلاقة لها بموضوع الكتاب ..لكن أي قاريء مصري وعيناه تخطو بين صفحات الكتاب يقينا سوف تتدفق ذاكرته بمثل هذه المعلومات ولن يكون بمقدوره تجاهلها..
........
وما أكثر الوقائع والأحداث التي وردت في كتاب "النيابة العامة".. وكان للنيابة العامة حضورها النافذ والمؤثر في مساراتها.. مثل قضية الشروع في قتل اسماعيل صدقي رئيس الوزراء
في مايو ١٩٣٠..وترافع فيها النائب العمومي محمد لبيب عطية .
وقضايا اغتيال أمين عثمان وأحمد ماهر ومقتل اللورد موين .. والكتاب الأسود ..
تفاصيل هذه القضايا وردت في حوار أجراه المستشار مقبل شاكر مع المستشار عبد الرحمن الطوير الذي شغل منصب النائب العام من ١٩٣٩ وحتى ١٩٤٦.. ونشر في مجلة القضاء ..عدد يوليو ١٩٦٩.
حيث أعاد المستشار خالد القاضي نشره في كتابه "النيابة العامة"..

فإن كانت مواطنتي وراء توقفي أمام مساجلات النيابة العامة والدفاع في قضية اغتيال بطرس باشا غالي..وغيرها من القضايا ذات الطابع الوطني والسياسي..والتي وردت في كتاب "النيابة العامة"..
فانتمائي للمشهد الأدبي يحتم على التوقف أمام مااحتواه الكتاب بشأن قضية كتاب عميد الأدب العربي د.طه حسين " في الشعر الجاهلي".. حيث اتهم شيوخ الأزهر طه حسين المدرس بالجامعة المصرية بتكذيب القرآن صراحة في كتابه هذا ..والطعن في النبي صلي الله عليه وسلم ونسبه الشريف..
وقرار محمد نور رئيس نيابة مصر الجديدة -
وهو قرار تفصيلي- شغل ما يقرب من ٨ صفحات من الكتاب..وينم عن وعي عميق لرئيس النيابة المستنير ليس بأدغال القانون..فقط بل ووعي بالتكوين السيكولوجي والعلمي والديني ل " المتهم طه حسين"..وقد مكنته مرجعيته المعرفية العميقة تلك من التوصل إلى قراره العادل:
"..وحيث إنه مما تقدم يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين ، بل إن العبارات الماسة بالدين التي أوردها في بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده أن بحثه يقتضيها.
وحيث إنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر ، ( فلذلك) تحفظ الأوراق إداريا.
.......
والحقيقة وأنا أغوص في صفحات هذا الكتاب- النيابة العامة- كان قراري ..أن أكتب عن مكنوزه من رؤى ومعلومات ومواقف..لكن مع كل صفحة.. لازمتني الحيرة: ماالذي ينبغي أن أنوه إليه في مقالي وماالذي ينبغي تجاهله ؟
فما أكثر مواطن الجاذبية في صفحات الكتاب..والتي تعد علاجا لما نعانيه من أنيميا في الثقافة القانونية..

لذا أشعر وانا اختم مقالي هذا بالحزن.. لأن ماأقدمه للقاريء عبر هذا المقال ليس سوى رائحة وجبة شهية بقلم المستشار خالد القاضي..
فإن كان ثمة ملاحظات ..فالأمر يتعلق ببعض الأخطاء النحوية واللغوية التي وردت في الكتاب..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر