الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربات مجردة (2)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 1 / 6
القضية الفلسطينية



من المعروف أن الإنكليزجندوا أعدادا كبيرة من أبناء مستعمراتهم في جيوشهم ، إلى حد أنه يمكن القول انهم استعمروا الهند بواسطة جيش غالبية عناصره من الهنود الأصليين . كما أن القوات التي أرسلوها من أجل الإستيلاء على استراليا و إبادة سكانها الأصليين ، ضمت في صفوفها الكثيرين من السجناء المدانيين بإرتكاب جرائم جنائية ، الذين كانوا يشكلون خطرا على المجتمع البريطاني نفسه ،فلقد كان معلوما أن من بين أهداف الاستعمار " التخفيف من وطأة الخطر الداهم على الحاضرة الغربية الذي تمثله الأحياء الشعبية حيث تعشش الجريمة النكراء و المتكررة " ( Coloniser Exterminer : Olivier Le Cour Grandmaison) .يقول هذا الكاتب " أن قادة الجمهورية الثالثة (في فرنسا) كانوا يبحثون عن حلول للمشاكل العديدة التي كانت تواجههم ، وعن دعم لشرعية نظام حكمهم ، فاتجهت أنظارهم نحو الجزائر". ثم يذكرنا أيضا بموقف ارنست رينان ( E . Renan ) « محكوم حتما على الأمة التي لا تستعمر بالإشتراكية " .

مجمل القول أن هناك بحسب نفس المرجع " تداخل ، بائن و قديم ودائم ، بالرغم من محاولات إغفاله ، بين الإستعمار من جهة و بين الأوضاع الإجتماعية من جهة أخرى" أو بكلام أكثر وضوحا " إن المستعمرة هي أرض " الشعب المسحوق " الموعودة ، الذي لا يمتلك حقلا يزرعه أو عملا مأجورا يمكنه من تلبية حاجاته ، وبالتالي فإن عليه أن يجد ما لم يوفره له " الوطن الأم " بسبب ضيق مساحته وندرة فرص العمل فيه "

أعتقد أن هذه الإقتباسات من مقدمة الكتاب المشار إليه ، تختصر مسألة " الإستعمار" بوجه عام و الإستعمار الإستيطاني الإجرامي على و جه الخصوص ، كما يكابده الفلسطينيون تحديدا . هذا موضوع نتناوله منذ بدايات القرن الماضي ، بنفس الأساليب و نحاول معالجته بنفس الوسائل . دون أن نحقق أية خطوة أيجابية . و لو قيمنا الأمور استنادا للأوضاع الراهنة في فلسطين و البلدان المحيطة بها لكان حكمنا أشد إحباطا .

ينبني عليه أن من حقنا أن نشكك بتلك الأساليب و الوسائل التي اتبعت حتى الآن و أن نناقش الأمر بموضوعية لعل ذلك يقودنا إلى النهج الصحيح حيث تتوافر الظروف الملائمة لكبح عنان الإستعمار الإستيطاني التوسعي في فلسطين و جوارها انطلاقا من المعطيات الموضوعية التي تميز تاريخيا هذه السيرورة و التي تميط عنها اللثام الديني و تظهر طبيعتها العنصرية الوحشية ، و التي بدأت تتبدى امام بعض المؤرخين الإسرائيليين خصوصا و غيرهم من النخب في الأوساط الإعلامية و الأدبية و الاجتماعية في المجتمع الإسرائيلي نفسه .

من نافلة القول أن هذه الظاهرة مشجعة جدا و لكنها تحتاج بدورها إلى تشجيع ومواكبة فلسطينية و عربية ، و عالمية أيضا ، نحو ملاقاتها المأمولة ، و مرافقتها في كفاح الاستعمار الصهيوني الذي بات " يشبه النازية في بداياتها " ، ما يعني أنه وصل إلى نقطة " لا رجوع " في مشروعه فليس مستبعدا أن يقدم على ترحيل أو إبادة الأصليين الذين يريد إخلاءهم عن بلادهم .

الرأي عندي أن الدين ـ السياسي ، بالمطلق ، لا يسمح أو يتيح الملاقاة و المرافقة التي لمحنا إليهما ، لا سيما أنه كان حاضرا و موثرا في القضية الفلسطينية منذ أن كانت ، و أن الإستعمار أحسن توظيفه في خدمة خطته على عكس الفلسطينيين الأصليين خصوصا و شعوب المشرق عموما .و في السياق نفسه ، ليس من العدل تحميل أحفاد المستوطنين الإسرائيليين الأوائل مسؤولية ما أقترفه أجدادهم ، كما أن علينا أن لا ننسى أن إسرائيل تتحرك بتمويل أميركي لأنه يوجد في الولايات المتحدة نفسها اسرائيل ثانية لا يقل عدد سكانها عن عدد الاسرائيليين في فلسطين ( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص