الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى.. ماذا يعني (المسرح الشعبي)؟؟

سامي عبد الحميد

2022 / 1 / 7
الادب والفن


في الآونة الأخيرة ، ردد عدد من المسرحيين العراقيين وبالذات في احدى صفحات جريدة (المدى) مصطلحات مثل (المسرح الشعبي) او (المسرح الجماهيري) وهما من الصفات التي يطلقونها لوصفهم المسرحيات التي تقدم باللغة العامية او باللهجة الدارجة والتي تعتمد على المواقف المضحكة و الأوضاع الهزلية وفقرات الرقص والغناء مما يجتذب أعدادا غفيرة من المتفرجين الذين لايجدون مجالاً للتسلية غير مشاهدة مثل تلك المسرحيات. انهم يطلقون مثل تلك المصطلحات على مسرحيات تستهوي عامة الناس من غير ان يدركوا ان مسرحية مثل (المتنبي) لعادل كاظم وإخراج ابراهيم جلال وهي مكتوبة بالشعر العمودي وبالنثر البلاغي ، هي مسرحية شعبية او مسرحية تراثية مثل (بغداد الأزل بين الجد والهزل) لقاسم محمد هي الأخرى مسرحية شعبية وان مسرحية مترجمة عن الالمانية هي (رحلة في الصحون الطائرة) ترجمة فيصل الياسري واخراج ابراهيم جلال وتتحدث عن اغتراب الانسان في وطنية هي مسرحية شعبية بكل معنى الكلمة، وهناك أمثلة أخرى كثيرة للمسرحيات التي شاهدها جمهور المسرح العراقي وكتبت باللغة الفصحى وموضوعاتها جدية هي الاخرى شعبية.
كلا يا سادة ، ليست اللهجة هي التي تحدد صفة المسرحية فيما اذا كانت شعبية ام غير شعبية، جماهيرية ام غير جماهيرية، نعم المسرح الشعبي هو ذلك الذي يتوجه الى أوسع الجماهير ولكن بأية مضامين وبأية أشكال، وهنا نرجح رأي المخرج الايطالي (يوجينيو باربا) صاحب فرقة الاودين الدانيماركية حيث يقول (من يدعي ان المسرح يجب ان يعود فناً كما كان فإنما يظهر جهلاً بتاريخه ... اذ لا يستجيب للعرض المسرحي الا تلك المجتمعات المتماسكة وبعمق وبقوة والمشتركة بنظرة واحدة للحياة، تستجيب له عندما يلامس مصادر إيمانها ومنابع حياتها الروحية) ونعقب : الإيمان بحق الشعب في ان يعيش حياة مرفهه وكريمة، ومنابع الروح في فاعلية المسرح لتهذيب الفكر والنفس ورفع مستوى الذائقة لاتشويهها كما يفعل البعض ممن يدعون شعبية مسرحهم.
ويذكر الخبير المسرحي (برونو شاخيريل) بضرورة إنسانية المسرح ومهمته التعليمية الروحية .. وان لايكون هدف المسرح نشره لأكبر عدد من الناس فقط بل ان يعبر عن مشاكل ومشاغل الناس.
يتمثل المسرح الشعبي بثلاثة اتجاهات هي:
1- الالتزام بالمسرح التقليدي في افريقيا وآسيا مثل مسرح الاتفال الزنجي ومسرح الكابوكي الياباني والكافاكامي الهندي.
2- التعبير عن الصراع الطبقي كما هو الحال في البلدان الاشتراكية السابقة حين حاولت السلطات فيها ان تجعل المسرح كله شعبياً ورواده من مختلف الطبقات.
3- محاولات بعض المسرحيين في أوروبا مثل (غيمين) الفرنسي و (غاسمان) الايطالي وذلك بالتوجه الى الفئات الشعبية الواسعة.
وهناك امثلة اخرى في اميركا مثل المسرح الزنجي ومسرح الشارع ومهرجان نيويورك لمسرح شكسبير ومسرح الخبز والدمى، وفي السويد قام أعضاء فرقة مسرح (لولي) بتقديم عروضهم لعمال المناجم، وفي لندن قامت (جون لتلوود) بتقديم عروض مسرحياتها في منطقة شعبية معظم سكانها من العمال.
مع كل تلك المحاولات في الوصول الى أوسع الجماهير إلا أنها فشلت في مسعاها مع كونها قدمت مسرحيات شعبية لها صلة بهموم أبناء الشعب ولكن المسرح الحقيقي بقي حكراً على متذوقيه انه كمعارض الفن التشكيلي لايرتادها الا متذوقوها وحفلات الكونسرت او السمفونيات لاتتذوقها الا فئات محدودة من أبناء الشعب، نعم يا إخوتي ان مسرحكم جماهيري واستطاع ان يجتذب فئات واسعة من ابناء الشعب ولكنه لم يقدم لهم مسرحيات شعبية بل فصول هزلية تنتمي الى مايسمى (التسليات) وبالمقابل مسرحيات الالماني (برتولد بريخت) كلها شعبية ولم تكتب باللهجة الالمانية الدارجة ولم تترجم الى اللغة العامية في هذا البلد او ذاك ومع ذلك لم تجتذب جماهير واسعة ومع ان تصديها الطبقة العاملة بالدرجة الاولى ولكن افراد هذه الطبقة لم يستسيغوها لكونها تتصف بصفات درامية ليس من السهل تقبلها لأنها ترتفع بالذائقة ولاتهبط الى ماتريده تلك الطبقة من الأشكال الفنية البسيطة والتي تحتاج الى التأمل والتفكير والنقد مما لا يتماشى مع حياتهم المتعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية


.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!




.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع