الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حُكمُ الإسلاميين نقمة ام نعمة ؟

صادق إطيمش

2022 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


قد يبدو هذه العنوان غريباً لسببين . السبب الأول هو ان سمعة الإسلاميين الحاكمين بمفردات اسلامهم السياسي ، بغض النظر عن مناطق تحكمهم بمقدراتها وشعوبها ، قد وصلت الى قاع الحضيض الذي ما بعده منزلة اسفل من ذلك يتبوأونها من حيث سقوطهم الأخلاقي الى اقذر مزابل التاريخ ، وشمول لصوصيتهم لكل ما خَفَ وثَقُلَ حمله من خيرات الشعوب التي تحكموا بمصائرها وامعنوا في فقر فقراءها ، وهول ما اقترفوه من جرائم تتبرأ منها حتى الحيوانات الوحشية منها باخطر صنوفها ، ناهيك عن الإنسان وقيمه في التعامل الإجتماعي التي ركلها الإسلاميون باقدامهم ، وبئس ما وصلت اليه تجارتهم بالدين الذي جعلوه بضاعة يسوقونها في صالات مجونهم وبين سماسرة دعارتهم ، فجعلوا من الدين سموماً يتقيأها البسطاء من الناس كل يوم بل كل ساعة من ساعات حياتهم التي جعلها فقهاء الإسلام السياسي افيون الإنتظار ليوم لقاء الحور العين والولدان المخلدين ، وعصابات تهريب وتجارة المخدرات التي نشروها بين شباب مجتمعنا فساهموا بما بلا يقبل الشك والجدل في وضع هذا المجتمع في صورة مشوهة مضمونها التفسخ الإجتماعي بين مجاميع الشباب خاصة ، واطارها مرتزقة العصابات المسلحة التي جعلت من رموزها الدينية مقترنة باحط الصفات التي يتصف بها مجتمع من المجتمعات في عالم اليوم ، هذه العصابات التي تتحكم بمنافذ الحدود التي اخضعتها للتهريب بكل انواعه وهي ترفع رايات اسلامية الشكل إجرامية المضمون . في الحقيقة يعجز القلم عن تعداد مواقع سقوطهم، ويكفي ان نسترق السمع في اي شارع من شوارع العراق لنسمع حتى من ابسط الناس واقلهم اهتماماً بمثل هذه الأمور وهو يتحدث عن مدى هول الأوصاف الساقطة التي يحملها الناس عنهم وعن احزابهم ومليشياتهم واساليب لصوصيتهم وابعاد مساهماتهم في نشر الفقر والفساد والجريمة .
لا اعتقد بان اي انسان يملك مقدار ذرة من العقل وبقايا الغيرة والشرف والضمير يتغافل عن مثل هذه الأوصاف التي الصقها الشارع العراقي بالأحزاب الحاكمة وكل رموزها الدينية والقومية والمناطقية ، وبكل سياساتها التي جاءت لإكمال سياسة دكتاتورية البعثفاشية المقيتة ، وكأن الإثنان لا يشكلان إلا عملة واحدة .
والسبب الثاني هو ان يتصدر هذا العنوان مقالاً لشخص اقل ما يعرف عنه بانه لم يتوقف عن مواجهة الإسلاميين وسياساتهم المقيتة ، خاصة وانه يتبنى فكراً لا ينسجم وتطلعات هذه الفئة الباغية التي لا تفتقر الى الفكر المتنور فقط ، بل انها فقدت البصر والبصيرة فيما يتعلق بواقع الحياة الإنسانية اليوم وتطلعات شعوب القرن الحادي والعشرين الى حياة التحضر والمدنية التي توفرها مقومات هذا القرن .
ولكنني اعتقد ، بالرغم من ذلك ، ان لهذا العنوان ما يبرره ، خاصة اذا ما تجرد جيلنا الثمانيني او ما يقاربه عن التشبث بالرغبة ، التي لا جدال في شرعيتها ، في ان يحيا التغيير الجذري الذي يوفر له تلك الأجواء التي يتطلع اليها للحياة في وطنه المسلوب المنهوب اليوم من عصابات لصوص الإسلام السياسي ، والمُستَرَد غداً لا محالة .
التغيير قادم شاء تجار الدين وسماسرة الرذيلة ام ابوا ، وكنس هذه العصابات اصبح ، خاصة بعد انطلاقة ثورة تشرين الباسلة وبعزم شاباتها وشبابها الشجعان ،قاب قوسين او ادنى وسيعيشه جيلنا ، ولكن ليس بتلك الصورة التي تتطلب زمناً يتناسب وحجم الخراب الذي يعاني منه ويعيشه اهلنا ويرزخ تحته وطننا منذ ان مارست البعثفاشية المقيتة سياساتها الدموية وخاضت حروبها العبثية وحتى يومنا هذا الذي جاء به القطار الأمريكي لوطننا بنفس البضاعة التي جاء بها لتحقيق انقلاب شباط 1963 الأسود .
ومن مبررات هذا العنوان هو ان سقوط الإسلاميين وتنظيف وطننا من ادرانهم سوف لن يكون سقوطاً وقتياً يرجون من وراءه العودة الى الحكم والتحكم مرة اخرى بشؤون البلاد والعباد . إن سقوطهم سيتَّسم باللاعودة والى الأبد وذلك لأنهم لم يتركوا بين الناس اي اثر يساعدهم على اقناع الشارع العراقي بانهم مخلصون لهذا البلد ، اوفياء لشعبه ، أُمناء على خيراته ، مدافعون عنه امام الأطماع الأجنبية . بل بالعكس فإن ما اثبتوه بما لا يقبل الشك منذ ان جاءت بهم الدبابة الأمريكية عام 2003 وحتى يومنا هذا هو عمالتهم للأجنبي وبيعهم للوطن وتجردهم التام عن مفهوم الوطنية والمواطنة الذي لا مكان له في قواميس طائفيتهم السوداء . قوم لم يعلمهم دينهم الذي يتاجرون به غير الكذب والدجل والغش والتجارة بكل ما ينم عن الإنحطاط الأخلاقي ويتناقض مع توفير اجواء السلام الإجتماعي.
ستتوفر لدى اجيالنا القادمة ما يكفي من المعلومات الموثقة والدقيقة التي لا يطالها الشك ، سواء ما عاشته الأجيال التي سبقتهم في وطننا او في اي بلد آخر تسلط فيه لصوص الإسلام السياسي على السلطة السياسية وتلاعبوا بمقدرات الشعوب والأوطان ، تجعل النفور من هذه الزعانف النتنة والعزوف عن اقاويلها السمجة وكشف زيف ادعاءاتها الفارغة ، في مقدمة المواجهة التي قد يلجأ اليها بعض ما تبقى من هؤلاء المتخلفين الذين سيزداد تخلفهم بالشكل الذي يسمح حتى لأبسط اطفال الأجيال القادمة ان يفند اقوالهم ويستهزء من دعواتهم سواءً كانت من خلال تجارة الدين او من خلال التمسك بمقدسات دنسوا التعامل معها في اسواق لصوصيتهم وأساءوا اليها بما قدموه من نمط اخلاقي لا يمكن ان يتفق مع كل ما هو خير ونبيل وشريف في مجتمعنا .
إن النفور الذي يعيشه الشارع العراقي اليوم عن احزاب العصابات الحاكمة في وطننا والذي يجاهر به ابسط الناس على الشارع العراقي ، هذا اذا ما تجاوزنا بعض المنتفعين مادياً من هذه الأحزاب والذين اجبرتهم ظروف حياتهم القاسية ان يسيروا معهم على هذا الدرب المظلم ، ان هذا النفور سيشكل الظاهرة الأكثر بروزاً في العمل السياسي والحالة الأكثر شيوعاً بين الشباب خاصة في اجواء الدولة المدنية الديمقراطية القادمة والملتصقة بالحضارة العالمية وكل انجازاتها العلمية والفنية والأدبية ، وبكل سموها الأخلاقي وعلاقاتها الإنسانية وعدالتها الإجتماعية .
مجتمعاتنا القادمة ستكون نظيفة من كل ادران العبث والمجون واللصوصية التي ينشرها الإسلاميون اليوم في وطننا . وإن هذه النظافة لم يكن بمقدورها ان تتحقق على شكلها الأبدي لو لم يمارس اسلاميو اليوم كل هذه الجرائم التي اقترفوها بحق شعبنا ووطننا. جرائمهم ارتقت الى مصاف المجازر التي ارتكبها اعداء الإنسانية جميعاً سواءً باسم الدين او من خلال سياسة مشلولة تمثلت بدكتاتورية هوجاء وقمع وارهاب بحق الشعوب .
في مجتمعاتنا القادمة التي ستكنس الإسلاميين وحكمهم سيكون التعليم خال من الأكاذيب وبرامج التخلف التي ينشرها الإسلاميون اليوم بين اطفالنا في مدارس اشبه ما تكون بزرائب الحيوانات. ان تجار الإسلام السياسي اعطوا الأجيال القادمة المبررات الكافية لرفضهم ورميهم في مزابل خاصة لا تقبل حتى التدوير ، لأنهم لم يتركوا شيأً من تراثهم البائس يصلح للتدوير. وهذا وحده ما يمكن وضعه تحت الإنجازات الكبرى التي ستجنيها الشعوب ، وشعبنا باجياله القادمة خاصة ، من تصرفات وجرائم اسلاميي اليوم .
مجتمعات اجيالنا القادمة ستؤسس لإقتصاد وطني متين لا مكان فيه للتمنيات عبر اطروحات خيالية لنظريات عبروا عنها بمفهوم " اقتصادنا " الذي لم ير شعبنا خطوة نقلية واحدة منه نحو مجتمع مرفه مزدهر . او مما شابه ذلك من ادعاءات لم يحقق بها اصحابها ، وهم يتصدرون ادارة الدولة منذ ما يقارب العشرين عاماً ، ما يساهم بتوفير لقمة العيش البسيطة للمواطن الذي جعلوه يركض وراء السراب من خلال هذه النظريات البائسة ومن خلال افكار التمني والإنتظار .
إننا حينما نتطرق الى هذا الموضوع فإنما ننطلق من تجارب الشعوب الاخرى التي عاشت اوضاعاً بائسة تكاد تشابه في بعض مفاصلها ما يعيشه اهلنا اليوم في وطننا العراق ، إلا ان كثيراً من الشعوب تخلصت من هذه الأدران بنضالها من اجل حياة انسانية حضارية تسودها العدالة الإجتماعية وتعمها السبل الديمقراطية المنطلقة من المواطَنة ، والمواطنة وحدها، في العلاقات الإجتماعية .
وهذا ما يجعلنا ننظر بامل كبير الى الغد الذي ستكون حياة اهلنا فيه مليئة بالعِبر التي ستشكل دروساً تقي شعبنا ووطننا من الوقوع في فخاخ التخلف الفكري والخراب الإجتماعي الذي اصبح ملازماً لوجود الإسلام السياسي وطبيعة تحكمه بمصائر الشعوب .
الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ظلم
Muwaffak Haddadin ( 2022 / 1 / 7 - 18:07 )
السيد صادق طميش المحترم
تحية
أظنك ظلمت البعث بمساواته بلصوص العراق الذين يحكمون ويتحكمون بالعراق العظيم اليوم
لا أنزه البعث من الاخطاء (غزو الكويت) لكنه تأكيد نشل العراق من مرحلة إلى أخرى متقدمة
إن إرسال المئات بل الآلاف على حساب الدولة للتعلم في الخارج وبناء الطرق في جميع أنحاء العراق ووو الكثير لهي شاهد لا يمكن إنكاره لما قدمه البعث
اما إذا كان لك خلاف مع البعث فليس هذا عذرا بإنكار ما قدمه البعث للعراق
موفق حدادين
عمان

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة