الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج الأردني والهِويّة الجامعة

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2022 / 1 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


يتطلب الاصلاح الشامل رؤية وطنية خالصة تمثلها مدرسة محلية تؤسسُّ لمشروعية الحوار وصناعة التغيير، ونحن في الأردن ليس لدينا، كأغلب الدول العربية، رؤية دقيقة تحددّ بوصلة الطريق للأردن المنشود بعد 50 عام على الأقل، فالتغيير سنة الحياة والدول، وكل الأفكار التي تُبنى للتغيير والاصلاح تمثل ردة فعل للوضع القائم ولا تقدم نموذجاً أردنياً ينسجم وخصوصية الأردن وتحدياته الحالية والمستقبلية، ذلك أن الاصلاح وكل ما يتعلق به ، وان كان بحاجة لإرادة سياسية عليا، بدايةً، إلا انه بحاجة ايضا لبيئة خصبة تتوافر فيها عوامل نجاح الاصلاح السياسي الشامل، وأهمها وضوح الرؤية وتحديد المسار وبناء المدرسة الوطنية والهويّة الجامعة.
بدايةً،، ثمة تشابك وتداخل في المسميات لدى أغلب وربما معظم من تناول قصة الساعة (لجنة تحديث المنظومة السياسية) حيث يصفها البعض، ومعظم المنضويين تحت لواء اللجنة، بلجنة الاصلاح السياسي، رغم أنها لجنة تحديث، وهناك فرق كبير بين المفردتين، الاصلاح شيء، وهو اعتراف بالخلل، والتحديث تطوير نسخة أفضل من القائمة !!
ليس هنا مكمن القصيد ، بل المهم مستقبل عمل اللجنة، فهي اليوم امام اختبار حقيقي لمدى جدّية السلطة في تنفيذ توصياتها مهما كانت، ويجب ان تنجح اللجنة على الأقل في تمهيد الطريق للحوار بين مؤسسة صنع القرار والشعب والمعارضة، لان معطيات المرحلة القادمة تستوجب تغيير قواعد اللعبة محليا، وأدوات السلطة التقليدية لم تعد تجدي نفعا مع التغيرات العميقة والخطيرة التي أصابت المجتمع وأركان البنيان الاقتصادي والسياسي والثقافي، وترسبات ذلك على مكانة مؤسسات الدولة في وجدان الضمير الشعبي !!
ولن نستبق الاحداث .. للحكم أو البت في قضية النجاح أو الفشل، فلكل عنوان منهما أدلة منطقية ومبررات مقبولة وسيناريوهات مرسومة.. لكن لا مجال عن المضي قدما في عمل اللجنة وتحقيق ما ورد في كتاب التكليف، مبدئياً .
وأعتقد أن من الضرورة بمكانة أن تجتهد اللجنة وتقدّم تصورات ورؤى وأفكار تتجاوز مسألة التحديث لتصل لمضمون الاصلاح السياسي الشامل، ذلك أن مجرد النقاش الجاد لمنظومة القوانين والتشريعات المتعلقة بالاحزاب والانتخابات النيابية، سيزيد من مروحة الخيارات المطروحة أمام اللجنة لخلق بيئة سياسية صحية وآمنة تدعم تنفيذ التحديث السياسي والانتخابات، من خلال فتح الباب على مصراعيه لمناقشة قضايا الحريات العامة وحق الاجتماعات والنقابات ومعتقلي الرأي، وبالتأكيد ملف التعدلات الدستورية الهام جداً .... لضمان"ديمومة" الاستقرار السياسي والاجتماعي .
وكما يتناول الأغلب مسألة"الفشل" سلفاً، ويتمناها البعض ، للأسف، عطفاً على "الهواجس المتبادلة بين الشعب ومؤسسات الدولة، فان من المشروعية أن نسأل أيضا : ماذا لو نجحت اللجنة في تغيير المسار واقتنع بها صانع القرار؟ أليس من الممكن أردنياً أن نخلق نموذجا توافقياً للحوار الوطني بعد ان قدّم مركز القرار الفرصة للجميع للجلوس على طاولة النقاش والعصف الذهني ؟
وبعيداً عن "النوايا" والامنيات، لا تُبنى الدول بالأحلام والقصائد، بل بالعمل والتضحيات، وكما اقتنعت السلطة في عام 1989م بضرورة التغيير والاصلاح، كسنّةٌ حسنةٌ، في ضوء مشهد اقليمي عاصف آنذاك، فان الظروف المحلية والإقليمية والدولية، تستوجب بل "وتفرض فرضاً" في 2021 بتعزيز فرص الاصلاح السامل التوافقي الذي يمثل الصالح العام ويمثل رأي الأغلبية.
وعلى الجميع التقاط الاشارات الايجابية بذكاء، وتقديم النموذج الأردني الوطني الخالص للاصلاح والتغيير، بسواعد ابناء الوطن، قبل أن يُفرض على الشعب والدولة بأجندات إقليمية ودولية، من المهم اليوم تجاوز ما سبق ولو لشهور قليلة، لسحب البساط من تحت أقدام المرتجفين والخائفين من الحوار والاصلاح، سواء من كان في مؤسسات الدولة أو المعارضة والعامة، لانه لا بديل عن الحوار إلا الحوار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة