الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر عمر الدليمي، شعره يتناثر اسئلةً..!!

وجدان عبدالعزيز

2022 / 1 / 8
الادب والفن


الحقيقة من خلال متابعاتي للحركة الشعرية العراقية اتحفتني بالكثير من تجارب شعراء يستحقون ان تقرأ لهم بلذة المتعة اولا، وثانيا ستجد هناك ابداع يكشف لك تجربتهم والاثارة ذات النبرة التساؤلية عن الكون والوجود والبحث عن الجمال، فكانت تجربة الشاعر عمر الدليمي تمثلت امامي بمجموعة من القصائد حملت الكثير من الاسئلة، فمنذ تواريخ سحيقة بقيت الكتابة الشعرية تثير اسئلة لاتتوقف، اي انها متوالدة باستمرار، وقد تصل للذروة هذه الاسئلة، حينما تتطور الذائقة الشعرية، كون محيط الشاعر يمتلأ بالتحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية، حيث تتشكل لذات الشاعر هواجس الرفض وهواجس القبول، وحتما سيكون هناك صراع يقض مضجع الشاعر، لان هذه القضايا ترتبط بقضية وموقف في آنٍ واحد..مما يفتح رؤية الشاعر على خيال رافض للسكون، يقول الناقد عبدالعزيز بومسهولي: (الشعر في جوهره تيه، بقدر ما هو مشروع لا مكتمل لايتحدد بهدف غائي، تتوقف عنده حركة الشعرية، ومن ثم فهو ضد الحقيقة التي تظهر كموجود يمارس إكراهاته على الكائن الجوهراني الشعري، إن اللاحقيقة في الشعر هي الوجود الأصلاني المنفتح، أو التجلي الأكثر تميزا في تعدديته، فهو دليل الحيوية الناطقة التي تعري إمكانات العالم التخييلية، التي تحدس بالظن، بقدرات الكائن الشعري التنبؤية، والشعر في إحدى إمكاناته واختياراته الكبرى مساءلة حيوية للوجود، فكيف تتحدد هذه المساءلة؟ أو بالأحرى كيف يثير الشعر أسئلة الوجود التي يعيد من خلالها كشف التوتر الحيوي للوجود الناطق؟ وكيف يعبر نحو الاستنارة المبددة للعتمة؟)، ويبقى الناقد بومسهولي في واحة اسئلة الشعر والحيرة البشرية، ونبقى نحن نحاكي اشعار عمر الدليمي الحاملة لهذه الحيرة بين الرفض للقبيح في رؤيته وبين القبول للجمال، وهو يعري امكانات المحيط التخيلية، يقول في قصيدة (ما ينقص شاعرا):
(كان يجدر به إيقاظهم
الكثيرُ من الموتى
مخلوقاتٌ أخرى كذلك
وأوقات
يريد أن يفهم ما حوله
لم يسألِ المعلمَ عن القسوةِ ،
ولم يكن قد تعلّم النطقَ بعد ،
فيما كان المعلمُ يريد منه أن يصلي بلغاتٍ غريبةٍ ،
لذلك صارَ يخافُ اللغاتَ والصلاةَ معا ،
وبقي أخرسَ لا يستدلُ على الله)
اذن الشاعر الدليمي هنا كان رافضا لهذا المعلم، فالشاعر كائن يبحث عن الحقيقة ولن يصيبها، حيث (بقي أخرسَ لا يستدلُ على الله)، فالله يشكل جزء من الحقيقة التي يبحث عنها الدليمي، ثم يقول في موضع اخر من القصيدة: (كان يريد أن يدخلَ هذا العالمَ، وفق ما أوهمته المفاتيحُ التي أشرعت دواخله للعابرين، كما إنه كان يحتاج لأكثر من ساقين للمكوث أو الهرب، لكنه تخلى عن ساقيه لوهم ظن إنه بلاد، فلا غرابة إنه ما زال يشحذ من "البساطيل" وهما يدعي إنه وطن، فيما كان يجوب خرابه بعربة كساحه الصدئة ذات الصرير الموحش)، وهنا كشف الشاعر عن الحقيقة التي يبحث عنها وهي (وطن)، لكنه لم يكشف كل الحقيقة، كونه يعيش الوهم والتيه الشعري، بيد ان الهاجس الاكثر الحاحا له هو "الوطن"، لانه الدالة الوجودية الملحة، والاكثر التحاما بوجوده كذات تمارس الحياة، فكان الشاعر الدليمي يخترق البنية المرئية، وهي اللاوطن، ليكون في اللامرئي وهو الوطن، اي عكس الحقيقة، فالشاعر يقود الصراع باتجاه الوجود، وبقي الشاعر الدليمي يعالج ماينقص شاعرا بقوله: (عقد كثيرة كان عليه فك شفراتها، لكنه وأثناء محاولة اصطياد حلم شبك يديْه الواحدة بالأخرى، فاستعصت عليه دلالات كثيرة، وانشطرت أصابعه ما بين الرعشة ورعبه، ولم يفهم العابرون ما كان يتحدث به من لغة عرجاء، كانوا يتعثرون بهمهماتها وهم ماضون كل لهجرته)، والحقيقة هذا وضع المثقف بصورة عامة في ظل اختلاف الموازين، بين الديمقراطية واللاديمقراطية، وهنا ضاع الشاعر والمثقف بين الوطن واللاوطن، وبقي الشاعر يردد: (ولطالما كان نهر أوهامه يأخذه بعيدا وهو يقود قطعان الأسئلة، لم يفقه شيئا من الأمر، عندما نبتت لأرصفة المدينة رؤوس آدمية، فلو كان قد تعرف للوزير والإمام لما بقي تحت مطر الدهشة كل تلك الليالي من الدموع متوحدا مع الطين)، فكان يعيش الوهم والامنيات وسط ضبابية المحيط ووسط فوضى المحيط..وتبقى دائرة الوهم تلف الشاعر الدليمي في قصيدته (حديقة الماعز...) بقوله: (آخرُ تذوق حليبًا لكنه إذ صحا من غيبوبة لذته وجد أنه إنما يلعق هواء مرّا)، فلن يصيب الحقيقة، وبقي يعيش التيه والوهم، لكنه يحمل اصرارا لمعايشة الحضور، بسبب الملل من الغياب والبحث المضني عن حقيقة الوجود، لذا يقول في قصيدة (حشرات): (ربما يحدث أن يطلّ ذلك الزائرُ/حتى لو أغلقتَ الأبوابَ والنوافذَ/ستكون مضطرًّا للمثولِ بين يديه)، فهل يستطيع الشاعر الدليمي ادراك حقيقة وجوده، لكن الحقيقة الوحيدة الأكيدة في الدنيا.. إننا نجهل كل الجهل، حتى ما يجري تحت أسماعنا و أبصارنا، والشاعر ونحن كمتلقين ندرك جهلنا، فمتى نعرف أنا لا نعرف؟!، وهذا الامر ادخلنا نحن كقراء لاشعار الدليمي في دوامة الاسئلة الوجودية، والحقيقة ان الشعر كلما كان عميقا، كلما اثار فينا حالة التساؤل، ليستقر في اذهاننا ان الشعر هو مشروع غير متكامل، انما هو يثير الاسئلة ومن خلالها نحاول الوصول الى الاجابات، وقد لانصل...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا