الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشرين اللحظة المضيئة في تاريخ العراق السياسي الحديث

محمود سعدون
كاتب وناشط سياسي

2022 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


عامان مرّا  على انطلاق انتفاضة تشرين التي فتحت افاق جديدة للتغيير والخلاص من نهج المحاصصة الطائفي الولاد للازمات ، فقد حددت الانتفاضة شروطها وسعت الى تحقيقها كاملة ، ولكن  قوى الفساد والمحاصصة  حاولت اجهاض  الانتفاضة وتغيير مطاليبها نحو ما يعزز مكانة الطغمة  الحاكمة بالسلطة بعد ان وجهت الانتفاضة لهذه الطغمة  ضربة قوية .
فقد انطلقت انتفاضة شعبنا في الاول من تشرين الاول 2019 وما قدمته من تضحيات جسام، ليس سعيا الى حلول جزئية او إصلاحات ترقيعية، بل طرحت على نحو مباشر هدف الخلاص من منظومة الحكم القائمة ومنهج المحاصصة بكافة اشكالها وأخطبوط الفساد. وقد اعلنت بجلاء ان وقت التغيير الشامل قد حان، وانه بات ضروريا تدشين مرحلة جديدة في مسيرة البلد، وفتح الطريق امام إقامة دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية .
وبعد كل عمليات القتل العمد وإهدار الدماء الزكية ظلما وببشاعة لا سابق لمثلها، وإصابة المئات من المنتفضين السلميين ومن القوات الأمنية، وتنفيذ حملات الاعتقال والاختطاف والتغييب القسري، وبعد ما حظيت به انتفاضة الشعب الباسلة من دعم واسع، من  مختلف الأوساط الشعبية والاجتماعية والمؤسسات والمنظمات المهنية والنقابية ، ومن تضامن اممي كبير، بعد هذا كله فان لسان حال المنتفضين السلميين يعلنها قاطعة ان لا عودة الى ما قبل الأول من تشرين الأول ، ولكنها مع هذا وذاك افتقدت الى تنظيم نفسها , فقد فجرت الانتفاضة جميع التناقضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في وقت واحد , وجاء ادراكها لضرورة اعادة بناء وتشكيل هوية وطنية عراقية معاصرة جامعة لكل الهويات الفرعية , هوية وطنية قائمة على اساس دولة المواطنة والقانون والحريات , و قد لا يختلف اثنان على ان النقطة الاساسية في الانتفاضة هي عفويتها لحظة انطلاقها ، حيث لاحظنا عدم وجود تنظيم فيها يشير الى قيادة سياسية ذات مشروع ورؤية متكاملين ، باستثناء اشكال تنظيم محدودة ، وغني عن القول من حيث الرؤية الفلسفية ليس هناك اي عمل عفوي دون ان يحمل في طياته شيء من الوعي ، انه الانعكاس والتعبير عن واقع فعلي قائم ومع ذلك فالانتفاضة التشرينية لم تكن عملا عفويا بالمفهوم الذي يطرحه بعض الكتاب والسياسيين باي حال والذي يرفض دور وتاثير التراكم الاحتجاجي المدني السابق ، بل هي نتاج سنوات عصيبة من النضال الباسل والتضحيات الجسيمة توجت بولادة عسيرة ولكنها مظفرة للانتفاضة الشبابية , فالتراكمات الاحتجاجية التي استمرت لسنوات طويلة ، ساهمت في تنامي الوعي السياسي والنضالي عند الجماهير ، معززة فيها روح المطالبة بالحقوق ورفض الظلم والفساد ، فالعراقيون يجمعون على ان التغيير صار شعارهم الابرز ، وبات الآن من الضروري على بعض الوجوه الشبابية التي خرجت من رحم الانتفاضة و فازت بعضوية مجلس النواب العراقي في انتخابات تشرين الاول ان تعمل على تدارك الهفوات  والأخطاء وان تتبنى  مشروعا سياسيا واضحا ومتكاملا  لتكوين  قوة  ضغط داخل البرلمان .
ان تضحيات الشباب أمثال حيدر القبطان وفهد العلياوي وعلي اللامي واياد عباس و مئات الشباب الآخرين الذين ضحوا بأغلى ما لديهم في سبيل الحق والعدالة، والحرية، والديموقراطية، والتمدن لن تذهب سدى وسيسجل التاريخ لهذه الانتفاضة ، وقادتها دورهم في تطوير الوعي وفرض عراق جديد يحمل راية الوطن ويسعى لبناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية كبديل لدولة الطوائف والهويات الفرعية .
 
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ