الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلاك سوريا؛ الماسون أم البعث ومشتقاته؟

وهيب أيوب

2022 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


مائة عام من الماسونية في سوريا، ربما يتفاجأ الكثيرون عندما يعلمون أن الماسونية في سوريا تأسّست عام 1868 واستمرّت حتى العام 1965، حين أُغلقت المحافل الماسونية في دمشق بأمر من الرئيس أمين الحافظ في حينه، والذي يُقال أنه أراد التغطية حينها على علاقته بالجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي تمّ اكتشاف أمره حينها، فأغلق المحافل الماسونية، التي كانت الشائعات عنها التي يروجها القومجيون البعثيون والناصريون والشيوعيون والإسلاميون تنتشر؛ بارتباط الماسونية بالصهيونية ونظرية المؤامرة.
وستزداد المفاجأة أكثر عندما يعلم من لا يعلم بأن الأسماء المنتمية للمحافل الماسونية في سورية هُم من النُخبة الوطنية والثقافية والمهنية، والذين لا شكّ في وطنيتهم وانتمائهم السوري، وذلك بشهادة السوريين والدمشقيين أنفسهم، وبحسب الكاتب الباحث "سامي مبيّض" في كتابه ( شرق الجامع الأموي – الماسونية الدمشقية 1868- 1965 ) والذي أجرى بحثه من خلال الوثائق، وكتب بحيادية عن تاريخ الماسون في سوريا دون أيّ أحكام أو تحيّز، يقول في كتابه؛ أن نخبة القوم وأعيان كل من سورية ولبنان في الأربعينيات والخمسينيات كانوا أيضاً من عشيرة الماسون، وبأن الماسونيين الدمشقيين هم من أعلنوا استقلال سوريا مرتين، الأولى عن العثمانيين عام 1918 والثانية عن الانتداب الفرنسي عام 1946.
وأن أحد عشر رئيس وزراء وثلاثة وزراء خارجية ورئيسيّ جمهورية، فوزي السلو وأديب الشيشكلي، كانوا من أعضاء المحافل الماسونية الدمشقية، ومن تلك الشخصيات الماسونية المشهورة؛ فارس الخوري وعبد الرحمن الشهبندر وحقي العظم وجميل مردم بك وفخري البارودي ورضا سعيد، والذين شغل بعضهم منصب رئيس الحكومة، إضافة أن إثنين من رؤساء الجامعة السورية كانا ماسونيين، وأن الماسوني القاضي حنا مالك عُيّن رئيساً للمحكمة الدستورية العليا ومن ثمّ مُدعياً عاماً للجمهورية السورية، وأما الماسوني الحاج بدر الدين الشلاّح فشغل منصب رئيس غرفة تجارة دمشق.
يُضاف إلى تلك الأسماء من مشاهير السياسة والعلم؛ الأخوين عادل أرسلان وشقيقه أمير البيان شكيب أرسلان، وأن والدهما حمود أرسلان كان أيضاً من الماسون.
ويقول المبيّض أنه قبل العام 1948 كان الماسون السوريون نخبة المجتمع السوري، لا يجرؤ أحد على التشكيك في وطنيتهم، وكان معظمهم أطباء ومحامين وكتّاب مثقفين وصحفيين ورجال أعمال، ولم يكن هناك ما يثبت أي توجّه ديني خاص للماسون السوريين، وكانوا لفيفاً واسعاً من المسلمين السنة والشيعة والعلويين والدروز والمسيحيين.
وحتى لا يغرق بعض القرّاء في نظرية المؤامرة وما أُشيع عن سريّة الحركة الماسونية وارتباطها بالصهيونية، كما كانت تُشيع صحيفة "البعث" والحزب الشيوعي والإخوان المسلمين، إذ يُضيف المبيّض أن الماسون الدمشقيين كانت لهم مكاتبهم الرسمية المرخّصة وكانوا يدفعون الضرائب، وكانوا يعملون وينشطون بشكل رسمي قانوني وعلني، وكانوا يعلّقون شهاداتهم الماسونية الرسمية بخطّها الكوفي في مكاتبهم ومنازلهم ولا يحاولون إخفاء انتمائهم إلى عشيرة البنّائين الأحرار.

كان تعداد المحافل الماسونية عام 1923 في سوريا ولبنان ثلاثون محفلاً بتعداد خمسة عشر ألف عضو، سبعة آلاف منهم في دمشق، وأن رئيسا وزراء لبنان رياض الصلح وسامي الصلح كانا من الماسون، إضافة لـ أنطون سعادة، ويُقال أن الأمير عبد القادر الجزائري قائد الثورة ضد الفرنسيين في الجزائر المُقيم في دمشق كان ماسونيّاً، والمؤكّد أن أبنائه محمد ومحيي الدين الجزائري كانا عضوين في محافل دمشق الماسونية وأن حفيد عبد القادر أيضاً الأمير سعيد الجزائري كان من الماسون وقد كان حاكماً لدمشق عام 1918 وأن شقيقه الماسوني الأمير جعفر هو من أسّس المتحف السوري، ومن إنجازات الماسونيين الدمشقيين إنشاء كليّة الطب وجمعية المواساة الخيرية والهلال الأحمر ومشروع عين الفيجة وتأسيس الجامعة السورية، وهم كانوا الآباء المؤسّسين للجمهورية السورية وصنّاع استقلالها عن فرنسا.
بعد قراءتي لهذا الكتاب الشيّق والمعلومات الرسمية الموثّقة الواردة فيه، أصِل إلى خلاصة واستنتاج؛ بأن بداية الانهيار للدولة السورية والقضاء على مؤسساتها الديموقراطية نسبيّاً في فترة الانتداب إلى ما بعد الاستقلال، وما كان يجري من انتخابات ديموقراطية، والتي يستذكرها ويتغنّى فيها السوريون اليوم؛ قد بدء إجهاضه على يد العسكر والقومجيون البعثيون والناصريون والحزب الشيوعي والإخوان المسلمين، الذين تبنّوا جميعاً نظرية المؤامرة وأخذوا بالنهج الديكتاتوري الاستبدادي بحجّة مواجهة إسرائيل والمؤامرات الإمبريالية، وثبت عبر العقود الماضية وإلى اليوم؛ أنها كانت كلّها حجج ديماغوجية للسيطرة على الحكم والاستئثار بالبلد.
وثبت أيضاً بأن ارتباط هؤلاء بالخارج وتواصل بعضهم مع إسرائيل والموساد بما لا يدع مجالاً للشكّ، وقد كان هؤلاء هم السبب في انهيار الدولة السورية ومؤسّساتها وتفكّك المجتمع السوري وإشاعة الفساد في كل مكان، وأنهم هم، هؤلاء القومجيون ومن لفّ لفّهم كانوا أصحاب الهزائم الكبرى والخيانات الكبرى وليسوا الماسونيين كما حاولوا أن يُشيعوا، وأن كل الوثائق والشهادات التي ظهرت حديثاً، منها القديم والجديد، تُثبتُ أن المنعطف الأخطر والذي أدى إلى هذا الدمار الشامل في سوريا؛ كان على يد الجنرال البعثي حافظ الأسد، والذي اتهمه عبد الكريم الجندي منذ الستينيات بأنه مرتبط بجهات أجنبية، وبعض الشهادات تؤكّد على تسليمه الجولان للإسرائيليين دون قتال عام 67 مقابل ملايين الدولارات ودعمه من قِبل إسرائيل بالسيطرة على الحكم في سوريا، وما يؤكّد هذا اليوم؛ هو تمسّك إسرائيل بابنه بشار الأسد على كرسي الرئاسة وعدم إسقاطه، لأنه ملتزم ومستمر بتعهداته لإسرائيل وأمريكا كما والده؛ بحماية الحدود الشمالية لإسرائيل والقضاء على أي صوت ديموقراطي، خاصة في سوريا ولبنان.

ملاحظة: مصادر المعلومات عن الماسونية - الباحث "سامي مبيّض" في كتابه ( شرق الجامع الأموي – الماسونية الدمشقية 1868- 1965 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في