الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستشارة تهاني الجبالي

مجدي مهني أمين

2022 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بالأمس، 9 يناير 2022، رحلت المستشارة تهاني الجبالي متأثرة بكورونا، كي توقف رحلة كفاح طويلة من أجل وطن أفضل، من أجل وطن ملئ بالكرامة يسوده القانون والحق والعدل، رأيناها للمرة الأولى في الصعيد وذلك في فعاليات الإعداد لمؤتمر السكان، الذي عُقُد بالقاهرة في الفترة من 5-13 سبتمبر سنة 1994، رأيناها مع لفيف من مثقفي وحقوقي الوطن، عملاقة وسط عمالقة.

وتفوقت تهاني في طرحها للمعنى المنفتح للنص الديني، حاول بعض المتدنيين المحافظين محاورتها، وكانت الأقوى باقتدار، رصينة العبارة، قوتها في منطقها وما تطرحه من أدلة كافية وشافية، عكس الكثيرين من تكمن قوتهم في صوتهم أو في تهديدهم لمن يخاطبهم أنه باختلافه معهم يبتعد عن جادة الطريق.. سلاح الضعفاء كل مرة؛ فالوطنيون منهم يضعونك في خانة الخائن، والمتدينون منهم يضعونك في خانة الكافر، جبابرة ضعاف المنطق، والابتعاد عن حوارهم غنيمة.

أما تهاني فما يساندها كان منطقها، وإيمانها بما تقول، وتفريقها الفطري بين الصواب والخطأ، وحرصها على الصالح العام، تساندها ابتسامتها الواثقة حتى في أحلك اللحظات. في لقاءات الصعيد الأولي كانت من أوائل المدافعين والمدافعات عن حق المرأة في تولي مهمة القاضي، تنادي به من حيث المبدأ دون أن تتوقع هي أن تكون أول قاضية، وتتولى منصب "نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا"، ودافعت من موقعها عن عدم دستورية "الإعلان الدستوري" الذي صاغه الأخوان لضمان طريقتهم في الحكم المطلق للبلاد، ودخلوا في حرب معها واباحوا دمها، وصاغوا نصا دستوريا يعفيها من منصبها، ولكن كان ذلك بعد أن تبوأت أكثر من 32 إمرأة منصب القضاء، وظلت طول الوقت رمزا للدفاع عن الشأن العام، بلا أية شبهة لصالح شخصي، فقد اعتبرت ان مواجهتها مع الإخوان كانت "مواجهة وطنية".

تهاني رمز وطنى جليل، أيقونة مصرية وعربية، أمرأة ينحني أمامها التاريخ ويشد على يدها، رَصْد تاريخها وانجازاتها ومواقفها، هي وكل زميلاتها وزملائها يعطي نورا وأمل للعديد من الأجيال القادمة، اتمنى أن نتصدى يوما لهكذا مهمة مقدسة، أن نزيح الغبار عن تهاني وكافة القامات الباهرة، في مرحلة يمكن أن نسميها بمرحلة "المواطن الخالد" بعد خروجنا بسلام من مرحلة "الزعيم الخالد"، فالقوة الحقيقة قوة الشعب، قوة كل واحد وواحدة من الناس؛ مش فقط قوة الحاكم، مهما كان حاكما عادلا، "إيد وحدها ما تصقفش"، ولعله قد جاء وقت نسمع فيه تصفيق باقي الأيادي، أيادي الزعما وأيادي الشعب، تهاني واحدة من الشعب، ونريد أن نسمع يوما تصفيقها، أو بالحري تصفيقنا لانجازاتها، انجازات إمرأة عظيمة مؤمنة بالمرأة، ومؤمنة بالأنسان، ومؤمنة بالوطن، وطن حر كريم يحكمه الدستور والقانون، تحياتنا لك يا تهاني نلتقي بعد الفاصل، وندعو لك برحلة سعيدة ومكانة مرموقة تستحقينها انت وكل رفاقك في الكفاح الوطني والإنساني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ