الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الاخذ ببعض القوانين الوضعية الأجنبية في بلادنا المسلمة حرام وكفر!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2022 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


هل الاخذ ببعض القوانين الوضعية الأجنبية في بلادنا المسلمة والعمل بها هو حرام وكفر وشرك!!؟؟
****************
سألني سائل هذا السؤال فقلت :
اذا كان هناك قانون فرنسي او حتى يهودي أو شيوعي لا يتعارض مع ((مبادي وقواعد واحكام الشريعة))، فما المانع من الاستفادة منه !؟؟ لا تنسى ان هناك جوانب كثيرة من العدل يمكن للبشر معرفتها بالفطرة او العقل ولهذا تجد لدى غير المسلمين في زماننا الكثير من جوانب العدل التي عرفوها بالفطرة والعقل والحس الاخلاقي السليم ، فليس كل ما لدى الاجانب وغير المسلمين (شر وظلم)، فعندهم جوانب كثيرة من العدل الاجتماعي والقضائي داخل مجتمعاتهم كما نلمسه هنا واقعًا محسوسًا، فالحق ان لديهم كمية من العدل السياسي والقانوني والاجتماعي والقضائي والاداري اكبر مما عندنا بكثير للأسف الشديد!!، فلا شك ان لديهم الكثير من جوانب الخير والعدل والاحسان التي لا يوجد مانع في ديننا من الاستفادة منها في تنظيم حياتنا وتحقيق اكبر قدر ممكن من العدل في مجتمعاتنا.... لهذا قال بعض اهل العلم (ان الله ينصر دولة العدل ولو كانت كافرة ولا ينصر دولة الظلم ولو كانت مسلمة) فالعدل ثلاث انواع :

(١) نوع يمكن معرفته بالفطرة والحس الاخلاقي الانساني السليم عند كل البشر.

(٢) نوع يمكن معرفته بالعقل الحكيم والوعي واعمال العقل في القضايا المختلفة لمعرفة ما هو العدل فيها وما هو الظلم؟ وهو مما لا يستطيع معرفته الا اهل العقل والعدل والفهم من الحكماء العدول ذوي العقول والالباب سواء كانوا من المسلمين او غير المسلمين.

(٣) ونوع لا يمكن معرفته الا بالوحي والنقل السليم عن النبي كما هو الحال في المواريث.

ولهذا وجدنا القرآن يدعونا الى العدل في كثير من الآيات دون ان يحدد لنا كل تفاصيل واحكام القضايا التي يختلف فيها البشر، فالله تعالى زوّد البشر بجهازين مهمين يمكن من خلالهما معرفة العدل في كثير من القضايا الحقوقية والعدلية والقضائية والجنائية والاجتماعية:

(١) الجهاز الاول هو الفطرة الاخلاقية لدى البشر او ما يمكن تسميته ب( الحس الاخلاقي السليم) عند البشر، فكل البشر بمجموعهم يحبون الصدق والامانة ويكرهون الكذب والخيانة، ويعرفون ان الملكية الخاصة حق مقدس لا يجوز للآخرين الاعتداء عليها....الخ ، فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها.

(٢) والجهاز الثاني هو العقل وهو جهاز عظيم أنعم الله به على البشر لصلاح امورهم الدنيوية والدينية، فهو اداة العلم والفهم والفقه والحفظ والتذكر والحكم والتمييز والحساب والتفكير والتقدير والتخيل..... الخ ..... فالعقل هو الاداة الاساسية لمعرفة العدل بل وايضا لفقه الشريعة والتمييز بين النقل السليم والنقل السقيم ... وما أنزل الله الكتاب والوحي الا لدعم العقل والوعي في هذه الوظيفة المهمة، اي معرفة العدل في القضايا التفصيلية وتطبيقه وتحقيقه في الارض بين الناس.....

هذه مسألة، واما مسألة القوانين الموجودة في الدول العربية الحالية فالثابت ان معظمها لا يتصادم مع احكام وقواعد ومقاصد الشريعة بل يتفق معها، وعلى سبيل المثال بعد الثورة في ليبيا تم تشكيل لجنة لمراجعة القوانين المطبقة في عهد القذافي، فوجدت اللجنة ان اكثر من 95% من هذه القوانين متوافقة مع الشرع الاسلامي!! .... فشرط صحة القوانين وكذلك السياسة او الأحكام السلطانية كما يسميها بعض الفقهاء ليس في ان تكون نصوص هذه القوانين ((مما نطق به الشرع حرفيًا)) او استنبطه شيخ دين او مرشد الاخوان المسلمين !!.. بل الشرط هو ان ((تتوافق هذه القوانين مع مبادئ وقواعد ومقاصد الشريعة ولا تتعارض مع نص قطعي الثبوت، قطعي الدلالة من الشرع))، هذا هو الشرط والميزان في السياسة والتقنين، فاذا كان هذا القانون او ذاك استوفى هذا الشرط، فهو (قانون شرعي) و(سياسة شرعية) حتى لو لم يرد فيه نص في الشرع بشكل حرفي!، بل حتى لو كان من وضع كافر ابن مشرك ابن ملحد!!، فالحكمة هي ضالة وغاية المؤمن، والعدالة هي ضالة وغاية الحاكم المسلم والدولة المسلمة فأين وجدناهما اخذناهما وانتفعنا بهما ...... اذا لم يفهم المسلمون هذه الحقائق الشرعية وظلوا يقولون: ((لا نأخذ الا بما نطق به الشرع او نطق به السلف!!))(*) فلن تقوم لهم قائمة وسيظلون في حالة جمود كجمود ابي الهول أو في حالة اجترار نقلي ببغائي للتراث الديني، بقضه وقضيضه، وغثه وسمينه، وسيظلون يحفظون ويجترون اقوال السلف لقرون اخرى مديدة بدون فائدة ولا نهضة ولا تمكين !! ، ثم يسألون في استغراب : " لماذا نحن متخلفون!؟ ولماذا تفوق علينا الغربيون؟ ومتى يأتي نصر الله أو يأتي المهدي المنتظر لينقذنا من هذا الذل المشين والعار المهين" !!!؟؟.
ابو نصر
(*) نقل ابن القيم في كتابه اعلام الموقعين عن ابن عقيل ما يلي: ((وقال ابن عقيل في "الفنون": جرى في جواز العمل في السلطنة بالسياسة الشرعية، أنه هو الحزم، ولا يخلو من القول به إمام. فقال شافعي: لا سياسة إلا ما وافق الشرع. فقال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلًا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا نزل به وحي. فإن أردت بقولك: "إلا ما وافق الشرع" أي لم يخالف ما نطق به الشرع: فصحيح. وإن أردت: لا سياسة إلا ما نطق به الشرع، فغلط، وتغليط للصحابة))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو