الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام والصحافة ودورها في اسقاط الحكومات (تركيا : انموذجاً)

حامد محمد طه السويداني

2022 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يقول الرئيس الأمريكي الأسبق (توماس جفرسون ) ((لو خيرت بين حكومة بلا اعلام او اعلام بلا حكومة لما ترددت في اختيار الثانية)) ويقصد الاعلام بلا حكومة أي بمعنى ان قوة الاعلام اقوى بكثير من قوة الحكومة.
وبالرغم من اختلافي ورفضي للسياسات التركية وخاصة مع الدول العربية الا انه لا بد من القول بان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يتعرض الى هجمة إعلامية قاسية من الداخل والخارج تحاول اسقاطه وإعادة تشكيل نظام سياسي تركي يتلاءم مع المرحلة الجديدة والسيناريوهات المستقبلية للدول العظمى، وهذه الهجمة هي بحق او بدون حق تستهدف تركيا التي حققت الكثير من الإنجازات والإصلاحات سواء في مجال الاقتصاد او على المستوى السياسي والاجتماعي.
ولنعد الى العام 2001 عندما التقى الرئيس الأمريكي (جور بوش ) باردوغان وكان قد أسس حزب العدالة والتنمية وان هذا اللقاء هو الأول في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية التي تستقبل رئس حزب حديث النشأة واتذكر وكنت اتابع وبدقة كيف كان الاعلام الأمريكي والاوربي يكيل المدح والاعجاب بحزب العدالة والتنمية وافكاره الجديدة وبصفة بالإسلام المعتدل او الحضاري والمتنور... الخ ونفسه الاعلام الأمريكي كان يشن حملة إعلامية ضد الحكومة التركية التي يرأسها رئيس الوزراء التركي بولندا أجور الشخصية اليسارية المعروفة بحيلة الى تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية وشنت حملة عليه استهدفت الليرة التركية والاقتصاد وكذلك تشويه اداءه السياسي مما أدى الى خسارته في الانتخابات وفوز حزب العدالة والتنمية المدعوم آنذاك من قبل الاعلام الدولي.
باعتقادي كان دعم حزب العدالة والتنمية ومساعدته في الوصول الى السلطة تزامن مع هجمات 11 سبتمبر 2001 وما سبق هذا التاريخ من انتشار ونمو الإسلام الراديكالي المعادي للولايات المتحدة وخاصة في الدول العربية (التيارات السلفية والتيارات الجهادية المتطرفة مثل حركة طالبات وتنظيمات القاعدة فيما بعد ...... الخ.
ومن هذا المنطلق استطاعت الولايات المتحدة ان تقدم نموذج للإسلام يتلاءم مع افكارها ولا يكون في حالة صدام مع حضارتها وقيمها فكان حزب العدالة والتنمية هو (تيار المرحلة الذي اثار اعجاب الشعوب العربية والإسلامية وحتى الدول الاوربية.
وقد سعى حزب العدالة والتنمية على تقديم نفسه بانه حزب ليبرالي محافظ يؤمن بالحركة الرأسمالية الدولية وهو منفتح على كافة أطياف الشعب وينفي ان يكون حزبا دينيا وفعلا نجح الحزب بالداخل التركي وطور الاقتصاد وانعكس ذلك على الحياة المعيشية للمواطن التركي مما لاقى دعما دوليا وخاصة في السنوات الثمانية الأولى من حكمه ولكن حزب العدالة والتنمية وقادته هم بالأصل ذي جذور اسلامية وأرادوا ان يستخدم اسلوب (التورية السياسية) مع الغرب ويسخروا الولايات المتحدة الامريكية من اجل بناء قدراتهم وتمسكهم بالسلطة من اجل اجراء تغيرات في الدولة التركية العلمانية وفعلا قاموا سلسلة من الاصلاحات والتعديلات الدستورية التي من شأنها تخفف من القيود المفروضة على حركة التيار الاسلامي في تركيا.
وأود الإشارة في هذا المقال ان الذي ساعد تركيا في ذلك هو حاجة الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوربي لخدمات تركيا في المنطقة مقابل غض النظر عن الانتهاكات لحقوق الانسان في تركيا وخاصة تجاه الاكراد الشعب الأصيل في المنطقة وبنفس الوقت روسيا بحاجة الى تركيا سياسيا وامنيا واقتصاديا مما جعل الروس يحاولون استمالة تركيا اليهم عن طريق الامتيازات والاغراءات اما الدول العربية فهم بحاجة الى تركيا باعتبارها حسب وجهة نظر العرب ان تركيا دولة مسلمة، هذه الأهمية لتركيا جعلت الساسة الاتراك منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 ولحد الان يتعاملون بأسلوب برغماتي متوحش لتحقيق المكاسب فهم مع العرب مسلمين ومع أمريكا واوربا علمانيين وليبراليين ورأسماليين ومع الروس أيضا كذلك حسب التوجهات.

والذي حصل باعتقادي ان تركيا شعرت بوجود ما يسمى (فائض القوة) واصلا هي في برامجها (العثمانية الجديدة) لديها رغبة توسيعية واطماع معروفة في أراضي الدول المحايدة فأصبحت تركيا تتصرف وكأنها دولة عظمى في أزمات المنطقة التي تديرها بشكل أساس كل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين ولكن تركيا ليست دولة عظمى كما يظن اردوغان وعليها ان تدرك حجمها الطبيعي فبمجرد ان رفع الغرب يده عن تركيا انخفضت الليرة بشكل مخيف وتراجع الاقتصاد التركي والاجراء الحكومي للحزب الحاكم فضلا عن إصابة اردوغان بمرض (جنون العظمة) وتحويل تركيا الى دولة استبدادية تحكم من قبل شخص واحد فقط هو (اردوغان) الذي جمع جميع السلطات بيده بل تجاوز على المختصين وقام بطرد العديد من الكفاءات الاقتصادية وبدأ هو بقرر مصير الاقتصاد التركي وظهرت احتجاجات ومحاولة انقلابية عام 2016 بسبب سياساته وتدخلاته في المنطقة العربية (ثورات الربيع العربي) وقام اردوغان بتوظيف الدين الإسلامي في خطاباته للسياسية لتأجيج المشاعر وهنا ادركت الولايات المتحدة بان الزعيم التركي لابد ان يزاح من السلطة بأسلوب ديمقراطي وقانوني فبدأ الاعلام بالعمل على نار هادئة الى ان وصل الحال بالمجتمع التركي الى ان يقول لاردوغان (ارحل ارحل) أي ان خسارته في الانتخابات القادمة شبه اكيدة وسيكون العام 2023 ليس كما يعتقد اردوغان بان ستظهر (تركيا العظيمة) لابد سوف تكون (تركيا الائتلافية) وهي حصول الأقليات على حقوقهم والمشاركة في الحكم ولم تعد القومية التركية تجدي نفعا سيغادرها الاتراك كما غادرها العرب بعد سقوط جمال عبد الناصر.
وأود القول وأتساءل لماذا أصبح اردوغان الان شخص غير مرغوب فيه داخليا وخارجيا الجواب هو الاعلام هو من يرفع ويخفض واعتقد بان الربيع التركي قادم لا محال ولكن ليس على الطريقة العربية فالأتراك شعب واعي سيقم بالتغير بالطرق السلمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا