الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر

فارس التميمي
كاتب

(Faris Al-timimi)

2022 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


التدين هو حالة من أشدّ حالات التعاطف مع الذات والتمسك بها والحرص عليها، إنه العاطفة الجارفة التي تبرر للنفس كل الأفعال،، أو بالأحرى إنها أنانية لا توازيها أنانية، ومن الخطأ الإعتقاد والتصور أنها لها صلة بإيمان بأي إله مزعوم أو دين معين....
عندما يتدين المرء وهو تابع، ولا يمتلك زمام تدينه ولا السيطرة على توجيه سلوكه التديني، فإنه يكون في أعلى درجات الصدق في عاطفته الدينية... ولكن عندما تدخل على خط حياته أمور أخرى وتستجد أشياء لم تكن له في الحسبان،، يحدث ماهو غير متوقع... وهو ما ينطبق على الجميع.... حيث تظهر صور مثيرة للتساؤل فيما لو أنها صور حقيقية أو مزورة أو وقتية أو مرتبطة بظرف معين... عندما تكون هذه الصور معاكسة للمفهوم السائد الذي كان معروفا عن المتدينين،، عندما نجد أنهم في وضع أو حال معين وكأنهم ينقلبون على أعقابهم فيبدأون بالظهور بملامح وسلوكيات مختلفة وغير متوقعة منهم....
إن المتدينين الذين كانوا يؤمنون بالدين وبحزب الدعوة، وبأن هذا الحزب ممثل للدين الصحيح برأيهم، وربما غيرهم ممن كانوا يؤمنون بأحزاب دينية أخرى، هؤلاء كلهم كانوا يعيشون أعلى حالات الإندماج مع ما يؤمنون به... ومن هنا كانت سهولة التضحيات التي قدمها هؤلاء في مواجهة من كانوا يقمعونهم من الأجهزة الأمنية لتلك السلطات... والأمثلة على هذا كثيرة، فتضحيات المنتمين لحزب الدعوة خلال سنوات مقارعة نظام صدام وأجهزة مخابراته القمعية والتي بلغت أشدها في مطلع العام 1980، كانت كثيرة وراح ضحيتها الكثيرون من الشباب الذين يبدو وكأنهم كانوا يتمثلون في ما يقومون به، ما قد قام به من قبلهم الذين ضحوا في سبيل الدعوة الدينية في بداياتها........
وعندما يتغير الوضع وتصبح المفاتيح في أيدي المؤمنين... تظهر (أوليات) لم تكن في السابق واضحة... وهي لا تنفي صدق الإيمان السابق ولا تنفي إستمراره عندما تنتج سلوكا جديدا مختلفا لدى المؤمن... لكنها فقط توضح الجانب الآخر في نفس الإنسان... وهو الجانب الذي لم يكن هنالك ما يستدعي ظهوره لعدم وجود المبرر لظهوره في ذلك الوقت... فعلى سبيل المثال... عندما كان المؤمنون بحزب الدعوة لا يتواجهون مع ما يمكن أن يغريهم بالإتجاه له من مغريات مثل: المال الوفير، والسلطة، ووفرة الجنس... لم يكن لمثل هذه (الدلالات والميزات) وجود في قاموس المؤمن الفكري... فلا يوجد فيهم من كان يتصور حتى في أحلامه أنه سيكون يوما قادرا على أن يختطف لنفسه الأرقام الفلكية من هذه الأموال، وهذا المدى من السلطة والجاه والقدرة على التحرك والتأثير في المحيط، وهذا الجنس الوفير... لم تكن كل هذه موجودة في فكر أي واحد منهم مهما كانت درجته الحزبية... فقد كانوا كلهم لا يأملون إلا في الغيب الذي يمكن أن يغير حالهم السيء إلى حال أفضل... وعندما تواجهوا لأول مرة مع مغريات الوضع الجديد، من الطبيعي أن يجد كل منهم أكثر من تبرير للتعامل مع هذه المغريات مثل ما يتعامل معها من هم غير المؤمنين بما يؤمن به... وعندها يلتقي الجميع على مائدة المغريات بتكشيرة عن أنياب (إنسانية) هي في الحقيقة أبشع ما في الإنسان،، ولا يعادل بشاعتها أكثر تكشيرات الحيوانات المفترسة ضراوة....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تستولي على المنطقة العازلة في الجولان وتهاجم أنظمة أ


.. الكرملين: بوتين هو من قرر منح الرئيس السوري بشار الأسد حق ال




.. سجون الأسد في سوريا.. كيف الوصول للأقبية السرية؟


.. ماذا عن عودة السوريين المقيمين في تركيا إلى ديارهم؟




.. سوريون مقيمون في لبنان يعودون لبلادهم.. ما هي المعابر المفتو