الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشعار بعد الثانية فجرًا

فوز حمزة

2022 / 1 / 12
الادب والفن


عملي كمدرسة ملأ عليّ وقتي وخفف من وطأة الوحدة التي عانيت منها بعد وفاة زوجي الأول ثم طلاقي من الثاني لأقرر بعدها عدم الارتباط ثانية، ما تبقى من العمر أثمن من أن أهدره في تجارب تسرق مني راحة البال وهدوء القلب.
خفت بريق ما يحيطني ليحل بدلاً عنه شتاء بارد ومساءات تملؤها العتمة أما الصباحات فلا شيء يميزها سوى قهوتي السادة التي ارتشفها وأنا أتأمل الضباب الذي يهبط على الأشياء من حولي فتبدو دون ملامح.
لكن الأيام لا تسير على وتيرة واحدة .
ثمة رنين في قلبي، روح استيقظت لتستقبل ضياءات الشمس ودفئها.
ذات ليلة بينما كنت أجلس قرب نافذتي أرقب هطول ذرات الثلج على الأشجار البائسة والأرصفة الحزينة، ارتعش لهب الشمعة.
ثمة إشعار عبر الماسنجر وردني بعد الثانية فجرًا.
كثيرًا ما تصلني رسائل من أصدقاء وأقرباء، لكن الرسالة هذه المرة من صديق فيسبوكي كنت قد وافقت على طلب صداقته قبل ساعات.
وسامته لفتت نظري أما الخطوط الناعمة التي أحاطت بعينيه النرجسيتين، أوحت بسنين عمره التي ربما جاوزت الخمسين بقليل.
بدأت بقراءة الرسالة، كلمات الغزل المهذب التي فيها استوقفتني ، أعدت قراءتها مرات عديدة، وبعد كل مرة ازداد شغفًا للتعرف على كاتبها.
أغلقت هاتفي لتغدو أفكاري كأوراق شجرة تلاعبت بها رياح الخريف.
لا أنكر أنني جميلة لكنني تجاوزت عمر الشباب فلم تعد المرايا تغريني للنظر إليها، لهذا عزمت على توبيخ الصديق، فما هو إلا عابث بالمشاعر يريد اللهو وتبديد الوقت معي.
حين تلقى ردي بالسلام صباحًا، بادرني: صباحكِ الشهد، كنت انتظركِ سيدتي.
كتبت له: تنتظرني!! لأي شيء ؟؟

قال: هل تؤمنين أن ثمة صدفة خير من ألف ميعاد ؟؟ إنها صدفة عثوري على صفحتك.
بعدها أرسل صورة جواله وقد وضع صورتي خلفية لها.
تلاحقت الرسائل ..
بدا مهتمًا بمعرفة تفاصيلي، كيف أمضي يومي، ماذا أحب أن أكل وأي لون أفضل، إحساس رائع حين تعرف إن هناك من يهتم لأمرك .
تلك كانت الشرارة الأولى التي أحرقتْ كل شيء.
قلت أحرقتْ؟!
بل أنارت ما كان معتمًا فيّ لأجد سؤالًا من وسط النور يلح عليّ في الإجابة:
هل لرجل أن يعيد لي شغفي بالعطور ثانية ؟!
حلقت إلى السماء الثامنة فبدت لي الأشياء متناهية في الصغر، نسيت العالم ورائي ليصبح هاتفي النقال هو عالمي.
بات غيابه يقلق الساعات.
الدائرة أعلى الشاشة، ضياؤها الأخضر يشعل الوجد فيّ، يسبب لي حالة إرباك لذيذة، حينها فهمت هذا الشعور الذي حولني إلى جندية في حالة استنفار قلقة.
أخذت الرسائل تلتهب بكلمات العشق ومعها بدأ قلبي ينبض من جديد.
كتب لي في إحداها : كأني أعرفكِ منذ عهود سحيقة، مذ ألقى الله كلمته على الأرض، فأزهرتْ، كأنكِ تراتيل في كنيسة الروح وصلاة في مسجد القلب.
بدأت أتنفس تلك الرسائل بكلماتها التي لم أعرف بوجودها من قبل في قواميس العشق فتنتابني معه فوضى المشاعر المشرقة والخيالات الجامحة.
دفء صوته منحني سببًا لأتماهى مع كل شيء، همت مع كلمات الغزل وأحيانًا يتخطى الأمر ليداعب أسرار أنوثتي التي نسيتها منذ زمن، يعزف على أوتار قلب علاه الصدأ، فأذا بيّ أسمع لحنًا يحملني لدنيا لا تغيب عنها الشمس.
مرتْ شهور ثلاثة ، معه عدت طفلة تمارس كل ما ترغب دون التفكير في العواقب.
وضعني على القمة بعد أن توجني ملكة، لكن لم يخطر على بالي أنني كنت أسير في طريق لا يصل بين نقطتين.
فجأة، بدأ يتهرب مني ويهمل رسائلي مبررًا أفعاله بأعذار واهية انتهت ببناء حائط عال بيني وبينه حينما حظرني من صفحته بعد أن أبدى انزعاجه من اتصالاتي التي لا تنقطع.
ربما هي لعبة قدر أحمق جعلني أتهاوى في وادي الوحدة من جديد.
بحثت عن معانٍ تصف ألمي، لم أجد.
ازداد حبي له وتعلقي به حتى أنني تشاجرت مع صديقة لي عندما نعتتني بالمغفلة ونعتته بالكذاب.
هل حقًا كان يكذب ؟؟
هل وقعت في براثن رجل لعبته الحروف يصطاد بها النساء كما وصفته صديقتي ؟!
ليست لدي إجابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-