الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الموت والوجه الناصع - عمر اسعد، ناصر ابو حميد، كريم يونس صور حياة

ايمن ناصر

2022 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


للوهلة الاولى قد يبدو ان لا رابط بين الاسماء، ولكن المتمعن عميقاً في سياق الاحداث سيجد ان الاسماء الثلاث ما هي إلا ضحايا لثقافة لها جذورها الراسخة في منظومة دولة الاحتلال في علاقتها مع ابناء شعبنا، عمر أسعد ثمانيني من قرية جلجليا شمال رام الله مات مكبل فجر اليوم بعد ان نُكل به من جنود الاحتلال، في حدث ليس عارض بل سلوك متكرر على امتداد ارض البلاد، وليس بعيدا من هناك ومن مخيم الامعري الاسير ناصر ابو حميد يصارع الموت في سجون الاحتلال بعد ان فتك بجسمه مرض السرطان الذي نبت في ارض الاهمال الصحي والقهر الذي تعرض له على مدار عشرات السنوات في سجون الاحتلال، ومن بقعة اخرى من ارض الوطن الاسير كريم يونس يدخل عامه الاربعون في السجون، ليكون بذلك من اقدم الاسرى في العالم الذين يمضون مدة بهذا المستوى، فاي مخالفة تستوجب ان تقيد حرية البشر لاربعة عقود في الوقت الذي ينعم اخرون من مواطنين ذات الدولة بحريتهم لاقترافهم ذات المخالفة، انه وببساطة الاختلاف العنصري بالتفكير اتجاه البشر.
سلوك الافراد والجماعات هو امتداد طبيعي لثقافتهم وبهذا المعنى علينا ان نرى هذه الاسماء وما لحق بها من معاناة ومصادرة للحياة، فثقافة الموت التي تسيطر على كل مكونات دولة الاحتلال لا يمكن ان تنتج سلوكاً غير السائد مع ابناء شعبنا في كل اماكن تواجدة .
لذلك علينا الاجتهاد من جديد في إعادة القراءة لمكونات معركة الاشتباك مع دولة الاحتلال، لنتعداه الى المدى الاوسع والاشمل الذي يجيب على كل الاسئلة المحيرة لبشاعة السلوك الممارس يومياً بحق الفلسطينيين، وإلا ما المنطق الذي يستطيع ان يفسر قتل عجوز مكبل او ترك انساناً يموت ألما بمرض، او تغييب كريم كل السنوات الطوال عن الحرية وتقييد تفاصيل يومه بهذه البشاعة، فمات له احبة وولد اخرون وتغيرت عوالم من حوله وهو ما زال عالقاً يراوح مكانه في أغلال القهر اليومي .
إن التفسير القادر على الاجابة على كل ذلك لن يكون إلا في طبيعة الثقافة المتبنى في دولة الاحتلال إتجاه كل العالم المحيط بهم، انها ثقافة الموت، التي لا ترى ان للحياة قيمة إلا اذا كانت ليهودي، ولا ترى في الكرامة حقاً لبشر إلا اذا كان من ابناء جلدتهم، وان الحرية حق حصري للاسرائيلين فقط وان انسانً كما كريم يونس وغيره من الالاف القابعين في سجون الاحتلال وبعضهم الكثير شارف على عقود ثلاث وأكثر ليس إلا ارقام لا قيمة لوجودهم وليس في حسبة البشر.
امام ذلك علينا ان نعيد بناء فعلنا استناداً للثقافة المسيطرة في دولة الاحتلال فالصراع ليس على الارض او خلافاً في الدين او غيره، أنه اوسع من كل ذلك واشمل انه التصادم ما بين ثقافة الموت وثقافة الحياة.
حرية البشر وحقهم في العلاج وكرامة الانسان وحقه في الحياة إن كان كبيراً او صغيراً كلها تفاصيل راسخة في ثقافة الحياة وواجب كل انسان ان ينحاز لها كنهج حياة، وما يعارض ذلك ما هو إلا التجلي الواضح لثقافة الموت، التي باتت تغلف سلوك دولة الاحتلال في تعاملهم مع كل تفاصيل شعبنا.
حينما نرى مستوطني التلال ، والقمع الممارس بحق سكان النقب، وتهديم البيوت وتهجير اهاليها، وترويع الاطفال اليومي في كل مكان، وإذلال الناس على الحواجز، ومنع الناس من الوصول الى اراضيهم وغيرها الكثير من التفاصيل التي لا تعد ولا تحصى ما علينا إلا ان نضعها في هذا الاطار الذي يُمكن له ان يسهل علينا فهم وتفسير كل ما يحدث من حولنا.
إن التحدي امامنا أن نكون الاوفياء لكل صور الحياة وان لا نستكين اما صور الموت التي يدفعوها الينا كل يوم مدعومة بجبروت القوة، وعلينا ان لا نألف ان يكبل كريم لاربعون عاماً وان يكون ناصر موجوعاً بعيداً عن حضن امه التي لا تجد من اولادها احداً فهم رهن الإحتجاز من اعوام.
ثقافة الحياة سيل من التفاصيل المبنية على وعي اهمية الحياة والانحياز لها، فأن تزرع شجرة جزء من ذلك وان تشارك ابناء بلدك جهد التعمير والبناء جزء من ذلك، ان تحترم الناس وتساعدهم، ان تجيد تربية ابناءك، ان تكون منفتحا على الاخر ومؤمناً بالحرية وكرامة الناس كنهج حياة .
إنتصار اي ثقافة يستوجب إعلاء الصوت مقروناً بالفعل اليومي كنهج حياة
وأمام الحياة والموت لا إنحياز إلا لثقافة الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا