الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربات مجردة (4)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 1 / 12
القضية الفلسطينية


لا نجافي الحقيقة أن الحركة الصهيونية تعتمد على إيديولوجية مستقاة من الديانة اليهودية ، أي أنها ترجمة إيديولولوجية علمانية ظرفية ، للدين موجّهة خصوصا و حصريا لأتباع الديانة اليهودية ، أملتها كما هو معروف تجربة الأخيرين الصعبة في أوروبا الشرقية و الوسطى، في خضم الصراعات التي استعرت من أجل ترسيخ الدولة بواسطة العصبية القومية .نجم عنه أن أوروبا ضاقت باليهود الأوروبيين إلى حد أن بعض الدول مثل المانيا وضعت سياسة "تطهير" المجتمع القومي منهم عن طريق عزلهم " الغيتو" ، أو تهجيرهم أو ابادتهم .

يحسن التذكير هنا أن معظم اليهود الأوروبيين متحدرون من شعوب الخازار( شعوب تركية ـ سلافية ) التي اعتنق حكامها اليهودية و اسسوا بين القرن السابع و القرن العاشر، مملكلة لهم في الفضاء المحيط بحوض نهر الفولغا ( كتب عن الخازار : المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند و الكاتب ارتير كوستلر ) . وأن الاضطهاد الذي تعرضوا له في أوروربا (العداء للسامية ) شجع الكثيرين منهم على الهجرة فكان نصيب فلسطين منها يزداد تدريجيا توازيا مع تصاعد التوتر بين الدول الأوروبية التي لم تتردد في استغلال "المسألة اليهودية " في المنازعة فيما بينها .كانت هجرة سلمية طوال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى و موافقة الإنكليز على إقامة وطن " قومي لليهود" ( و عد بلفور 1917)و احتلالهم لفلسطين وتعاونهم مع الحركة الصهيونية في إدارة سلطة الاحتلال وانضمام عناصرهذه الحركة إلى جيوشهم في الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945) .

من المعلوم ان تلك الحرب اسفرت فعليا عن تقسيم العالم إلى معسكرين و أن الحركة الصهيونية كانت مع الغالبين حيث ربطتها بهم علاقة عضوية تجسدت باسناد دور كبير لها في منطقة الشرق الأوسط ،فكان ظاهرا منذ بداية القرن الماضي ، توازيا مع " مرض" السلطنة العثمانية و تشجيع الحركة الإخوانية الوهابية في شبه جزيرة العرب بقصد خلق ظروف مؤاتية لظهور خليفتين أو ثلاثة في آن واحد ( تركيا ، الحجاز، مصر ) أن ما يجري في الواقع هو " رسم خريطة للشرق الأوسط "تضمن ديمومة بقائه في قبضة الدول الغربية .تحسن الإشارة في هذا السياق إلى أن جميع "دول الغالبين "،ساهمت في إقامة دولة أسرائيل ، وإن إختلفت نواياهم ، كما اختلفت مواقفهم في مواجهة الخطر الذي مثلته إلمانية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية .

الرأي عندي أن علينا في مقاربة مشروع المعسكر الغربي في الشرق الاوسط ان نأخد بالحسبان مسألة اليهود في هذه المنطقة الذين جرى إلحاقهم باليهود الأوروبيين بواسطة أساليب ووسائل يمكننا تخيلها في مجتمعات عربية متخلفة مستقرة ، فاقم المستعمرون أزماتها ، بالرغم من أنهم كطائفة دينيية إلى جانب الطوائف الدينية العديدة في هذه المنطقة ، بالإضافة إلى كونهم من سكانها الأصليين ، يجعلان مشاكلهم الوجودية مغايرة لما تعرض اليهود له في أوروبا .

من البديهي اننا نلامس هنا موضوعا معقدا يحتاج إيفاؤه حقه تفاصيل تتطلب تفكرا وتعمقا فيه ، ليس فقط من اجل إظهار الحقيقة و لكن للدلالة أيضا على أن الخروج من المأزق الخانق الذي دفع المستعمرون الناس إليه ، في الشرق الأوسط ، ربما يكون غير مستحيل و لكنه بالقطع غير بسيط . يحسن في الختام أن نذكر لعل الذكرى تنفع أن الإيديولوجية الدينية وهي غير النشاط التبشيري ، بررت الفتوحات الإسلامية و الحملات الصليبية.كماأن مشروع الكيان اليهودي راود نابليون في سنة 1799 ، اثناء حملته على بلاد الشام ،و أن الحكومة الفرنسية التي احتلت الجزائر في 1830 اصدرت في سنة 1870 مرسوما تمنح بموجبه الجنسية الفرنسية ليهود الجزائرحصريا ، و أن حكومة فيشي المتعاونة مع الحكومة النازية أبطلته في سنة 1940 ، و لم يعد العمل به قبل 1943.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا