الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقرة السلمان.. حكاية سجن وقصة منفى

يوسف المحسن
كاتب، روائي

(Yousif Almouhsin)

2022 / 1 / 13
أوراق كتبت في وعن السجن


نقرة السلمان، اسم طالما تكرر على السنة المتابعين والدارسين لتاريخ العراق المعاصر، السجن الاكثر شهرة، شيد بطلب من المندوب البريطاني كلوب باشا في عام الف وتسعمئة وسبعة وعشرين ليكون مركزا لحرس الحدود على اثر الهجمات الدموية التي كان تعرض لها البدو العراقيين، خاصة بعد مقتل ستمئة واربعة وتسعين منهم في العام الف وتسعمئة واثنين وعشرين ، على يد مهاجمين وهابيين وكما يقول الباحث عدنان سمير دهيرب .
في العام الف وتسعمئة وتسعة واربعين تم تحويل المركز الحدودي الى سجن او منفى، وتم ايداع اول مئتي سجين فيه وكان من بينهم شعراء وادباء واطباء وضباط جيش ولعل من اشهرهم مظفر النواب والسياسي سلام عادل والشاعران ناظم السماوي والفريد سمعان حيث نُظم اول اضراب تم قمعه ولم يكتب له النجاح في العام ١٩٤٩ .

ونقرة السلمان هي باستيل العراق ، وهو يشبه سجن الكتراز المحاط بالمياه في الولايات المتحدة الامريكية، لكنه محاط بالصحراء، ومن خلال التصوير الجوي يظهر مثل بقعة خارج الحياة وخارج الحضارة ، والعامل الاخر في شهرته ، هو انه استخدام كمكان لالهاء الناشطين السياسيين ونفيهم وبشكل خاص المعارضين للحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ، حيث يشير الى ذلك الاستاذ الدكتور المتخصص في التاريخ المعاصر متعب الريشاوي وهو تدريسي في جامعة المثنى الى ذلك مؤكدا ان الذين اودعوا في هذا المعتقل هم سجناء رأي وتعرضوا الى ما تعرضوا له من تعذيب وقسوة وترهيب نفسي وابادة وحرمان من المحاكمات العادلة .
ومن الواضح ان تاريخا من الألم والمأساة قد سجل على الجدران التي تحتفظ بصرخات العراقيين الذين تعرضوا للتعذيب والقتل والنفي ، الكثير من الأدباء والمفكرين والفنانين وجدوا في سجن نقرة السلمان منصة إبداعية يمكن الانطلاق منها بما أعطته من تفاصيل عن مكابدات الإنسان العراقي، فما حدث هناك طوال عقود مازال بعيدا عن قدرة الفهم والاستيعاب ، ويصفه الدكتور الريشاوي بسجل انتهاكات بشع . حيث اختير مكانه وسط صحراء لانهاية لها لذلك فالهروب منه يعد انتحارا لان العطش والضواري في انتظار الهاربين وهو ما تكرر مع العوائل الكوردية التي جُلبت بعد عمليات الانفال نهاية الثمانينيات من القرن الماضي .
في نقرة السلمان، البوابة الصحراوية التي تطل على بادية العراق الجنوبية، هنالك الف حكاية وحكاية ، حيث تتوالد اسرار الصحراء لتكون عصية إلا على من سكن هناك ، فالسلمان مكان ارتبط طوال سبعين عاما بالمنفيين السياسيين، حتى قيل بأنه الجامعة التي تخرج منها ، من احب العراق وعمل من اجل بناء دولته الحديثة. والدكتور الريشاوي قال بانه زار السجن في العام الفين وخمسة ووجد نقوش ورسومات على جدرانه وجمل كتبها مودعون هناك رسمت جانبا مما حصل في هذا المعتقل سيء الصيت .
وقضاء السلمان الذي يمتد على طول الشريط الحدودي الذي يصل محافظة المثنى بالمملكة العربية السعودية، كان مسرحا لأحداث كثيرة ومهمة في تاريخ العراق المعاصر، بدايات الاستيطان فيه قبل خمسمائة عام وعلى مبعدة مئة وستين كيلو متر من مدينة السماوة باتجاه أقصى الجنوب الغربي حيث يتوغل في عمق الصحراء على شكل منخفض كبير كان السبب الأول في إطلاق تسمية النقرة عليه، ومن يهرب يواجه مصيرا مجهولا .
ومع الايام بُنيت سجون ومعتقلات اخرى في ليه والشيخيات و(الچبد) وبصية وتكررت فيها ذات الاساليب وان اختلفت السنوات واختلف المودعون فيها ذلك لان قساوة الصحراء وامتدادها كانت عاملا مشجعا على ارتكاب الفضائع ، وهي وقائع وتاريخ وسيرة سجن تدفع للمطالبة بتحويله الى متحف يوثق جانبا من تاريخ العراق ،.فالسجن الذي قاربت مئويته على الوصول مازال بناء صامدا، والحكايات المنقوشة على جدرانه تمثل وثيقة تاريخية مهمة يمكن ان تنقل للاجيال القادمة صورة واضحة عن ما حصل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا


.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة




.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني