الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنبياء الجدد من القرن التاسع عشر إلى عصر العولمة

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2022 / 1 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كانت فكرة أن يكون الإنسان نبيا صعبة جدا فى مناطق الديانتين المسيحية والإسلام قبل القرن التاسع عشر حيث أنها ستقابل ليس بالسخرية فقط بل بالعداء والحرب والقتل كمشعوذ أو كمهرطق ، ولكن بعض المذاهب التى تعتبر أديانا منفصلة أو مذاهب كبيرة منفصلة كانت قد نجحت فى حالات قليلة جدا فى الإسلام كما فى ديانة الدروز وحتى النصيرية (العلوية) إذا اعتبرناها ديانة وليست مذهبا شيعيا (لسرية عقائدها)، ومن قبلها نجحت المارونية المسيحية فى الشام وحتى البروتستانتية التى اقتنصت الكثير من أتباع الديانة المسيحية الكاثوليكية منذ حوالى خمسة قرون وانتشرت فى الكثير من الدول الأوروبية وانفصلت عنها أيضا مذاهب كثيرة متعددة مثل الأنجليكانية وغيرها . وفى شرق العالم وخاصة فى شمال الهند حدث تزاوج بين الهندوسية والإسلام فخرجت ديانات متعددة استمر منها السيخ وكان إقليم البنجاب ضمن أقاليم التزاوج الدينى مثله مثل بلاد الشام وإيران فى الشرق الأوسط(تزاوج مذهبى إسلامى) أو ألمانيا وانجلترا فى أوروبا (تزاوج مذهبى مسيحى).
لقد شهد القرن التاسع عشر حالات غريبة من التنبؤ صمد منها الكثير بالفعل لتتحول تلك التنبؤات إلى أديان كاملة وبنفس قواعد الإديان الإبراهيمية وأهمها ثلاث ديانات أصبحت الآن عالمية لانتشارها فى العديد من البلدان وهى ديانة المرمون ( أصل مسيحى) ونبيها الأمريكى جوزيف سميث ، والأحمدية القاديانية ونبيها الهندى غلام احمد ميرزا والبهائية ونبيها الفارسى الميرزا حسين على موسى او بهاء الله ( من أصل إسلامى) ، بالإضافة إلى أن هناك انتشار ملحوظ لبعض المذاهب قليلة العدد مثل مذهب شهود يهوه ( مسيحى امريكى) بدأ يتسرب لبعض بلدان العالم والمذاهب المسيحية البوذية النامية. والديانات الثلاث الكبرى الجديدة ( المرمون والاحمدية والبهائية) ديانات مستمرة إلى اليوم ولكل منها اتباع بالملايين ينتشرون حول العالم برغم عمر تلك الديانات القصير نسبيا ، وقد اختلفت تلك الديانات من ناحية الاعتراف بها من قبل الديانة الأم فالأديان الثلاثة السابقة خرجت عن حيز الاعتراف من الديانة الأم لتنفصل بالفعل كما حدث مع ديانة المرمون التى لا تعتبر مسيحية الآن وكذلك الأحمدية والبهائية ( وأضيفت الدروز) اللتين خرجتا عن الإسلام كديانتين منفصلتين فجميعهم لهم كتب مقدسة جديدة حتى لو كانوا يعترفون بالكتب المقدسة الإسلامية والمسيحية السابقة بالنسبة لهم.
الشئ الغريب أن حركة انتشار الأديان الجديدة نشطت بشدة وتشعبت فى نشاطها لتتفرع منها مذاهب كثيرة منذ حوالى خمسين عاما مع التواصل العالمى واتساع حركة السياحة والسفر حول العالم ، وشمل النشاط أيضا أديانا قديمة اكتسب أراض جديدة مثل المسيحية التى اكتسبت اتباعا جدد فى شرق العالم والإسلام الذى اكتسب أيضا اتباعا جدد فى الكثير من دول العالم الغربى وأفريقيا وآسيا والبوذية التى اكتسبت أيضا أتباعا جدد فى العالم الغربى وما تزال تحاول الدخول إلى منطقة الشرق الأوسط إلا أن المذاهب الصوفية تسبقها بخطوة تمنع دخولها لتشابه المعتقدات.
الجديد بالفعل مع عصر العولمة وخاصة مع مطلع الألفية هو حدوث تزاوج بين المتنبئين وأدعياء النبوة الجدد ليظهر لنا كل فترة من يدعى علمه بالغيب ويقوم بالتنبؤ بانهيار العالم ثم لا يحدث ذلك فتندثر بدعته لتقوم بدعة جديدة تدعى تنبؤات جديدة تمتد لفترة زمنية تالية ويحدث لها ما حدث لسابقيها وبصورة تكاد تكون دورية خاصة فى الولايات المتحدة ، ولكنها تجاوزت الولايات المتحدة وامتدت الآن إلى العديد من دول العالم ومن بينها الشرق الأوسط مع أدعياء النبوة الجدد او المسحاء الجدد أو المهديين الجدد الذين يطلون علينا كل فترة حتى الآن ويطلق كل واحد منهم على نفسه أنه المسيح المنتظر أو النبى الجديد أو المهدى المنتظر. أما الأغرب أن مرحلة التنبؤات امتدت لتصل إلى بعض الزعماء الذين يظنون أنفسهم مدعومين من الله كما حدث مع جورج بوش الابن ودونالد ترامب ومن قبلهما أنور السادات والإمام الخومينى وبالطبع ستستمر تلك التنبؤات مع قادة وحكام قادمين يظنون دائما أنهم تولوا الحكم بأوامر إلهية وأنهم فلاسفة وحكماء وربما فى داخلهم بوادر نبوة مكنونة سواءً مسيحية أو إسلامية أو هندوسية . إن العولمة قد جلبت لنا على غير قصد منها الأنبياء والزعماء المنجمين الذين يدخلون الدين فى السياسة فى التنبؤ فى خلطة جديدة تناسب العولمة الثقافية التى تجتاح العالم وبصفة خاصة ما يخص الدين المسيحى والإسلامى والهندوسى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو