الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة كازاخستان وفشل مشروع (العالم التركي)

حامد محمد طه السويداني

2022 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


عندما أرى الشعب التركي يقف طابور من اجل الحصول على الخبز وكيف ان المواطنين الاتراك يعيشون أوضاعا صعبة ولا يستطيعون سد احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء وكيف ان الليرة التركية هبطت بشكل مخيف اثرت على الاقتصاد التركي الذي يعاني نتيجة سياسات اردوغان واحلامه التوسعية فضلا عن وباء كورونا وانخفاض التجارة والاقبال على السياحة في تركيا والتي كانت تدر عليها بحوالي (30) مليار دولار سنويا بحيث وصلت أوضاع تركيا الداخلية الى الغليان في مشهد يشبه أوضاع الشعوب السوفيتية في العام 1989-1990.
والرئيس التركي يخاطب شعبه ويعدهم بالصعود الى القمر تارة ويمنيهم بان تركيا بحلول عام 2023 ستمدد وتصبح دولة عظمى وتضم أراضي من الدول المجاورة وتهيمن على الدول العربية وكذلك شعوب اسيا الوسطى اما يسمى (بالعالم التركي) وهو المشروع الذي يحلم به واعتقد بان الكتاب الذي وضعه احمد داود اوغلو وزير الخارجية التركية الأسبق (العمق الاستتراتيجي : موقع تركيا في الساحة الدولية) اصبح مجرد حبر على ورق واساسا وضعه من وحي وخيال الاتراك الجدد وليس لديه أي سند واقعي.
بدا التحرك التركي باتجاه جمهوريات اسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق 1991 وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية لابعاد النفوذ الإيراني والروسي في هذه المنطقة الحيوية والغنية بالموارد حيث كانت تركيا اول دولة اعترفت بجمهورية كازاخستان في العام 1991 وقد شهدت العلاقات التجارية نموا كبيرا في الأعوام 1992-1999 لكنها تراجعت بسبب الازمات الاقتصادية والمالية التي مرت بها حكومة رئيس الوزراء التركي بولند اجويد لكنها عادت ونشطت في العام 2002 على اثر تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا وفي العام 2002 على اثر تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا وفي العام 2009 وخلال زيارة الرئيس الكازاخستاني (نور سلطان نظر باييف) الى تركيا تم توقيع عشرات العقود والاتفاقيات التجارية اما في العام 2013 فقد شهد القطاع التجاري ذروته حيث وصل الى 1,04 مليار دولار تصدير الى تركيا و 2,9 مليار دولار استيراد منها ليصل الرقم الى (4) مليار دولار فضلا عن انشاء المشاريع الكبرى في كازاخستان ولا يمكن تجاهل العامل الثقافي واللغوي الذي ساهم في تطوير العلاقة مع تركيا خصوصا مع تركيا خصوصا مع انشاء (الاكاديمية التركية في استانبول) عام 2010، وقمة الدول الناطقة بالتركية في العاصمة السابقة لكازاخستان (الماتا) وفي العام 2012 قام رئيس الوزراء التركي اردوغان بزيارة رسمية الى كازاخستان واستطاع في تسريع العمل في اطلاق مجلس العمل الموحد المشترك على اعلى المستويات.
وتشهد كازاخستان احتجاجات عنيفة على ارتفاع أسعار الغاز والطاقة تهدد مصر البلاد حيث سارع رئيسها (قاسم جومارت توكاييف) من منظمة الامن الجماعي وهي التحالف العسكري الذي تقوده روسيا ويضم دولا سوفيتية سابقة المساعدة في استعادة النظام العام وبعد اعمال الشعب التي شهدتها بلاده اذ طلبت المساعدة من منظمة الامن الجماعي ضد ما اسمته (الجماعات الإرهابية) حيث انشات هذه المنظمة عام 2002 بعد اشهر من تدخل التحالف الذي تقوده أمريكا في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وتضم هذه المنظمة التي تقودها روسيا كل من بيلاروس وأرمينيا وكازاخستان وقيرقيزستان وطاجيكستان وهذه الدول عقدت اتفاقا امنيا يعود الى تسعينات القرن الماضي بين جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
يتكون التكتل من قوة قوامها (20) الف شخص في العام 2009 وتعترف الأمم المتحدة بوحدة حفظ السلام التابعة له والمكونة من (3600) شخص وتعد نوعا من الثقل الروسي الموازي لمواجهة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد كتب المحلل السياسي (ايغور سوبوتين) مقالا حول اتهامات موجهة الى تركيا بسوء تعاطيها مع الاحداث والاحتجاجات في كازاخستان وخاصة اردوغان الذي تعرض لانتقاد على بطئ الاستجابة اللازمة في البلد القريب تاريخيا من تركيا وعدم كفاية خطوات الحكومة التركية مقارنة بالنشاط الدبلوماسي الروسي رغم تأكيد منظمة الدول التركية ورغبتها في دعم الشعب والحكومة في كازاخستان التي تشهد اضطرابات واحتجاجات عارمة، وأخيرا حصلت كازاخستان على الدعم العسكري المباشر من روسيا لمواجهة اعمال الشغب في البلاد.
اما الحكومة التركية فقد التزمت الصمت المقلق والمحير وانها غاضبة من الرئيس الكازاخستاني الذي رجح طلب الدعم العسكري من روسيا وليس من تركيا او منظمة العالم التركي وان خطط ومشاريع واحلام بناء التكتل التركي في اسيا الوسطى والذي دمج (136) مليون نسمة وحوالي (5) مليون كيلو متر مربع (1,5) تريلون دولار من الدخل القومي من اجل التعاون في خدمة العالم التركي اصبح في مهب الريح وفشل مشروع وحدة (العالم التركي) وقد تولدت قناعة للاتراك بان اكثر المتضررين فيما يحدث في كازاخستان هو تركيا وقد شكر الرئيس الكازاخستاني في خطاب متلفز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستجابته الفورية والسريعة جدا في ارسال قوة لاعادة الامن في البلاد وان هذا الخطاب موجه للامريكان في العلن وللاتراك في المضمون وهو إشارة الى نهاية مشروع العالم التركي ومن الجدير بالذكر ان الاتراك قاموا بهذا المشروع بتشجيع من الولايات المتحدة الامريكية لسد الباب امام النفوذ الروسي فتركيا دوما تكون حصان طروادة مع اللاعبين الكبار وفي النهاية الكبار يربحون والأتراك يخسرون.
ولقد قام الرئيس الروسي باستخدام اكثر من ورقة في ازمة كازاخستان باحترافية مذهلة وقد استهدفت مبادراته السياسية تركيا قبل أمريكا والغرب فهو استطاع الزام القيادة الكازاخستانية بالتنسيق معه حصرا واعطائه ما يريد في كازاخستان وقد ذكر بأهمية دور (منظمة الامن الجماعي) التي تضم جمهوريات تركية وهي رسالة لتركيا بانها لن تستطيع ابعاد هذه الدول عن الفلك الروسي واستطاع أيضا ادخال قوات ارمنية الى كازاخستان للقول بان التوازنات الحقيقية في كازاخستان واسيا الوسطى وجنوب القوقاز هو وحدة أي بوتين من يملك مفاتيح اللعبة فيها وكذلك حرك بوتين ورقة الأقلية الروسية في كازاخستان التمرد او الابتعاد عن روسيا باتجاه الغرب او تركيا، وتسلمت روسيا دفة القيادة في دول اسيا الوسطى من الجانب الكازخستاني الذي يساهم مع تركيا في تفعيل مشروع العالم التركي الذي سيكون تحت رحمة روسا كما قامت روسيا بمحاصرة التحرك التركي الاستتراتيجي في اسيا الوسطى وقطع الطريق امام الاتراك لمحاولتهم المشاركة مع روسيا في صناعة حل المشكلة الكازخستانية واستطاعت روسيا السيطرة على القرار الكازخستاني وتهدم وقوع كازاخستان بيد الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها. ووضع تركيا امام تسأؤل هو لماذا طلبت كازاخستان المساعدة من روسيا وتجاهلت تركيا؟ وفي نهاية المقال نلاحظ فشل تركيا الثاني في مشروع ما يسمى (العالم التركي ومن قبله مشروع (العثمانية الجديدة) مع العرب، ان تركيا تدرك تماما بان اقتصادها لا يسمح بهكذا أحلام وان هناك حقيقة لا تعيها تركيا الا وهو ان الحرب الباردة انهت وان الدول اليوم تسعى الى مصالحها وعلاقاتها الامنة من اجل توفير مستلزمات الحياة ولم تعد تفكر في بناء الامبراطوريات الكبرى لكن قادة تركيا هدفهم الوصول الى أماكن غنية بالنفط مثل العراق وسوريا وليبيا والتمدد في أماكن أخرى مثل اسيا الوسطى وان هذه السياسات التركية هي من أوصلت الشعب التركي هذا الحال علما بان رئيس حزب الحركة القومية المتحالف مع اردوغان (دولت بغجلي) حذر المعارضة التركية من الانخراط واستلهام احتجاجات كازاخستان وتحويلها الى تركيا وهذا يدل على ان الوضع الاقتصادي والسياسي المتأزم قابل للانفجار عاجلا ام اجلا. واذا ما بقي حزب العدالة والتنمية بهذه السياسات فاعتقد ان تركيا ستتفكك كما تفكك الاتحاد السوفيتي خاصة وان اردوغان علنا يصرح بانه سيعمل حريا أهلية اذا اقتضى الوضع وانه لا يسمح للمعارضة ان تسرق إنجازاته على حد وصف وهذا خطاب لم يقل به احد من الساسة الاتراك منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24