الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب .. من الحماية الفرنسية إلى الحماية الصهيونية :

خالد بوفريوا
صحفي

(Khalid Boufrayoua)

2022 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كان السلطان العلوي "عبد الحفيظ" هو الذي أدخل الحماية الفرنسية لنظامه الهش المتهالك آنذاك سنة 1912، فالملك محمد السادس و مستشاريه كانوا السباقين للهرولة نحو طلب ((حماية)) من تعتبره الشعوب العربية و الإسلامية، من أدنى الخريطة إلى أقصاها، عدوا وخواخا لا يحق لنا تبادل الود معه، بل الواجب محاربته عقائديا على طول الخط.
لقد أصبحت تل زعتر، على بعد 5000 كيلومتر، أقرب للرباط من الجزائر العاصمة و نواكشوط ومن طرابلس مرورا بالعيون و تونس العاصمة، بعدما أعلن البيت الأبيض في شخص رئيسه السابق، يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020، فصلا آخر من فصول أبرهام بعد كل من مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان، وما فتئت الأحداث تتراكم على غرار هذا الفصل المخزي (اعتراف عبر تغريدة، قنصلية، صفقة أسلحة، قبب حديدية، طائرات مسيرة "درون"، معطيات استخبارية، تكنولوجيا صناعة الأسلحة ...) حتى بات نظام بريتوريا العنصري الجديد يحل على مشارف الرقعة المغاربية الأكثر و الأشد ارتباطا بالحق الفلسطيني " و يا جبل ما يهزك ريح".
وعلى بعد أيام من مرور الذكرى الأولى من اتفاق الإنبطاح بين المغرب و الكيان الصهيوني، نعيد طرح السؤال و المعنى المشتق من السؤال :
ما فاتورة هذا الفصل من فصول أبرهام؟ وما تداعياته الأمنية و السياسية و القانونية في الجوار الإقليمي و الدولي ؟
بدأت ثمار "صفقة القرن" الترامبية الكوشنيرية تبدي أولى سمات النضج، الصفقة التي ترعرعت بين أحضان عائلتي روكفلر و روتشيلد و بعض الأجهزة و الحكومات العربية التي تسير بالريموت كونتول من واشنطن و مؤخرا من تل زعتر (تل أبيب)، فبعد القاهرة و عمان و أبوظبي و المنامة و الخرطوم جاء دور "حارس لجنة القدس"، يوم نصب ترامب للرباط خازوقا افتراضيا بأحقية "السيادة" على إقليم الصحراء الغربية؟! وكأن هذا الأخير إذا أقر أن الجولان المحتلة "إسرائلية" أصبحت بقوة القانون الدولي "إسرائلية"؟ منظومة القانون الدولي أعقد من هذا، ولا يمكن للدولة الواحدة أن تصنعه أو تلغيه.
ومنذ تلك التغريدة المسمومة (10 ديسمبر/ كانون الأول 2020)، حيث احتفلت بما أسمته وزارة الخارجية المغربية "إستئناف العلاقات"، تصر تل أبيب و واشنطن على اعتباره "تطبيعا" أسوة بالإمارات و البحرين و السودان والبقية -رغم التباين سيميائيا في البنى المفاهيمية المستخدمة-. فمنذ ذلك التاريخ و مسؤولو الكيان يحطون دنسهم علنية على مشارف تخوم من قال فيها أميرال كابرال ذات يوم : (إذا كان المسلمون يحجون إلى مكة و المسيحون يحجون إلى الفاتيكان، فالثوار يحجون للجزائر).
22 ديسمبر / كانون الأول 2020 : مستشار الرئيس الأمريكي السابق و عراب "صفقة القرن" يزور الرباط على رأس وفد من الكيان الصهيوني في أول رحلة جوية تربط تل الزعتر (تل أبيب) و الرباط.
06 يوليو / تموز 2021 : المدير العام لوزارة الخارجية للكيان العنصري "ألون أوشبيز" يزور المغرب بقيادة وفد و يلتقي وزير الخارجية المغربي "ناصر بوريطة".
11 أغسطس / أب 2021 : وزير خارجية الصهاينة "يائير لاييد" يحل في المغرب في أول زيارة لوزير خارجية منذ سنة 2003 .
المقاربة التاريخية تثبت أن للمغرب علاقات تاريخية أزلية مع الكيان لم تنقطع منذ 1961، ومن ينسى الدور المحوري الذي لعبه في اتفاقية "كامب ديفيد"، مكتب للموساد في الرباط، زيارات للمسؤولين الصهاينة من رابين إلى شمعون بيريز... سنة 1986، كان كل هذا و أكثر علنيا دون رداء. الحقيقة المطلقة أن المغرب كان جاهزا لتحسين شروط الإنبطاح، و الجديد هنا هو ربطه بقضية الصحراء الغربية التي لم تعد قضية صراع بين جبهة البوليساريوا كحركة تحرير و المغرب، بقدر ما أصبحت مسألة إقليمية تمتد أضلاعها لما بعد المستوى الدولي (أوروبا، أمريكا، الكيان العبري، الإمارات، الصين، روسيا). الحدث الأهم و الذي أوصل التطبيع المغربي إلى مستويات غير مسبوقة هو زيارة وزير الحرب الصهيوني " بيني غانتس" للرباط يومي 24/25 تشرين الثاني / نوفمبر 2021 مرفوقا بوفد عسكري و استخباراتي، وكانت هذه المرة الأولى التي يزور فيها جنود من جيش الصهاينة المغرب بالزي العسكري كما جاء على لسان صحيفة (Jerusalem Post) العبرية، و توقيع ما سمي "مذكرة تفاهم دفاعية" وهي التي لم تحدث لا مع مصر منذ إتفاق "السلام" عام 1979 ولا مع الأردن منذ إتفاق وادي عربة عام 1994. وبهذا الإتفاق تم وضع اللبنة الأولى لحرب إيرانية عراقية جديدة بين الرباط و الجزائر (المغرب في السنوات 10 الأخيرة صرف 34 مليار دولار على التسلح، و الجزائر 92 مليار دولار) وكأن اشتعال الشرق الأوسط يأتي زاحفا لشمال إفريقيا؟؟
الصهاينة لا يلعبون الكوتشينة مع أحد، إنما يتلصصون للإستيلاء على موارد البلد طوعا أو غصبا ثم يتغلغلون في مسامات الإقتصاد و السياسية و الإجتماع و الثقافة وهذا ما حرصوا عليه خلال زيارتهم الأخيرة بقيادة - قاتل الأطفال- للرباط حيث امتدت 48 ساعة، حرصوا فيها على انتزاع أكبر قدر من الإقتراب للمغرب الرسمي؛ اللقاء الذي امتطى اللثام عن الصحافة مع المدير العام لمكتب الدراسات و المستندات (جهاز المخابرات الخارجية) وكذلك لقاء المفتش العام للقوات المسلحة الملكية و قائد ما يسمى بالمنطقة الجنوبية (الصحراء الغربية) وغيرها من اللقاءات الجانبية.
تطور علاقة المغرب الرسمية مع كيان الصهاينة سيستخدمه للقضية التي يعتبرها المخزن المغربي "الأولى" على 03 مستويات :
1) توظيف اللوبي العبري لدعم أطروحات الرباط من داخل الكونغرس الأمريكي بشقيه.
2) تقوية وضع الرباط عسكريا و استخبارتيا في مواجهة جبهة البوليساريوا شرق الجدار العسكري المغربي في الصحراء الغربية، وكذا خلق مزيد من الإقناع بأن الواقع العملي و الفعلي هو أنني أن المتحكم في 80% من الإقليم و الواقع الفعلي يتحول إلى واقع قانوني كما جاء على لسان "بولتون".
3) تشكيل ردع ما لجارة الرباط الشرقية و التي تعتبرها تل أبيب دولة في أعلى مستوى العدائية كسوريا و إيران.
إن لم يجد الكيان الصهيوني حليفا في محيطه القريب فلن يجده في محيطه البعيد، و أمام هجرة التطبيع هذه لدول عربية مطوعة تجري وراء سراب أهوج لن يطول معه لا بلح الشام ولا عنب اليمن، ومن شعوب إندونيسيا إلى الرباط و نواكشوط تقول و هي صاحبة الكلمة الحاسمة في النهاية :
فلتستمر الولايات المتحدة في احتضان وليدها المفضل ومده بالمال و السلاح و حماية كل جرائمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المغرب هو الاصل
بلبل ( 2022 / 1 / 17 - 22:31 )
المغرب شوكة في حلق الخونة المغرب يسير بخطى ثابتة نحو التقدم اما عن الحماية فاليهود كانوا في المغرب قبل الاسلام ويوجد وزراء ومسؤولين يهود مغاربة في الحكومات الاسرائلية وما قامت به الجزائر لما طردت يوم عيد الاضحى350000 مغربي بعد تجريدهم من كل ما يملكون لم تفعله الصهيونية حتى بالفلسطينيين ويبقى المغرب هو الاصل

اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا