الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إجتماع الرياض بين أصدقاء السودان

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2022 / 1 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


أولاً. إنعقد إجتماع بتمثيل رفيع بين "أصدقاء السودان" خلال الأيام السابقة في العاصمة السعودية - الرياض، وعُقد إجتماع الأصدقاء لمناقشة المسببات والمآلات والتحديات بشأن الأوضاع السياسية والإقتصادية في السودان جراء التحولات التي شهدتها البلاد مؤخراً، والناتجة عن إجراءات ٢٥ اكتوبر من قبل المكون العسكري، وقد أفرز إتخاذها واقع مضطرب، وشديد الحساسية؛ آخذاً البلاد إلي الهاوية، وبل مرشح للمزيد من الإنفجار بشكل مأساوي مريع؛ خاصةً مع تصاعد حدة العنف وإنتهاك حقوق الإنسان مع إتساع الخصومة السياسية بين المكونيين "المدني والعسكري" فيما يزداد غضب الشارع الذي يقوده الشباب والنساء الذين يطالبون بالحرية والسلام والديمقراطية؛ فمع تلاطم هذه الأمواج ورياح الثورة التي تهب من كل جانب إجتمع "أصدقاء السودان" لبحث كيفية مواصلة دعم السودانيين لإستعادة مسار التحول الديمقراطي وإستكمال تنفيذ إتفاقية جوبا لسلام السودان وإستمرارهم في العبور نحو بناء دولة مستقرة تحقق الإصلاح الإقتصادي والعدالة الإجتماعية، وتنهض بشعبها في كافة المجالات، وهذه خطوة جيدة سوف تعضد موقف السودانيين وتشجعهم من أجل إيجاد وسيلة للحوار بوساطة وضمانات دولية.

ثانياً. قرأت البيان الختامي الذي صدر عن مجموعة "أصدقاء بلادي" من بينها فرنسا والمملكة العربية السعودية والسويد والنرويج والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات الأمريكية المتحدة إضافة للإتحاد الأوروبي، وأعتقد أن مخرجات الإجتماع مفيدة جداً ومُحفزة لإستجابة الأطراف السودانية خاصةً فيما يتعلق بمسألة دعم مبادرة بعثة الأمم المتحدة بقيادة السيد فولكر لفتح بوابة حوار بين السودانيين من أجل بحث حلول مناسبة للأزمة السياسية الراهنة يكون أساسها وعمودها الأول هم أصحاب المصلحة من السودانيات والسودانيين أنفسهم، والدعم الذي يجب توفيره الآن هو تقديم تصورات سياسية عملية من الجميع لكيفية تهيئة المناخ العام وتصفية الأجواء بإزالة كافة العقبات المحددة للحوار تمهيداً لبدأ العملية الحوارية المنتجة بغية إنهاء الفراغ الدستوري الذي أقعد البلاد، وإستئناف مشوار الفترة الإنتقالية بشكلها الجديد المتوافق عليه بما يمكن تأسيس مؤسسات الدولة المدنية بأليات ديمقراطية تشاركية يسودها السلام والإنسجام المنشود.

ثالثاً. إننا نمر بمرحلة شديدة الخطورة لم يشهدها السودان من قبل علي مدار التاريخ الحديث، وهذه التجربة معقدة إلي حد كبير، ومتشابكة بحجم حدة إشتباك مكوناتها، وتتداخل فيها قضايا الحقوق السياسية والمدنية مع قضايا السلام والمواطنة والحريات الخاصة والعامة، وتتقاطع مع قضايا معاش الناس ومعادلات تدهور التنمية في الريف والمدن وجدلية الأمن المرتبطة بإصلاح أجهزة الدولة ولا تخلوا من إصلاح المؤسسة العسكرية نفسها بما يضمن مهنيتها وقوميتها وعلاقتها بشعب السودان الريفي والمتمدن، وأيضاً هنالك عملية القضاء علي سلوك الإرهاب وإجتزاز آثار الحروب بإعتماد سياسات جديدة تضع الجميع بالتساوي أمام سلطة القانون، والمعضلة الكُبرى أن نتحدث عن الإقتصاد المُنهار وسط ركام دولة سادها الفساد الممنهج طوال سنوات حكم الدكتاتورية، وهذا الوضع المتردي يحتاج لخطط إقتصادية جديدة تدعمها المؤسسات العالمية بشاركة تعتمد منهج تبادل المصالح مع السودان، وقد جدد إجتماع "أصدقاء السودان" رغبة الشركاء الدوليين في التعاون مع السودان لتثبيت أعمدة هذه العملية لإقتصادية التشاركية لصالح الجميع.

رابعاً. كل ما أوردته خاتمة الإجتماع لا يمكن تحقيقه إلا بعد إستعادة الإستقرار في السودان عبر إجراء حوار الشفافية بين السودانيين بوساطة من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة وجميع الهيئات الدولية الصديقة للسودان والدول الراغبة في مساعدة الوسطاء والفُرقاء معاً لفتح حوار يمكن السودان من إجتياز هذه الأزمة الخطيرة التي لا تنفصل عن المحيط الإقليمي إذا نظرنا لأبعاده الإقتصادية والأمنية، وصراعات الإقليم متعددة الأسباب والأوجه، وهذه فرصة جيدة لإستعادة العلاقة مع كل العالم بعيداً عن التمحور، وقد وقف أصدقائنا بجانب بلادنا منذ إنطلاقة ثورة ديسمبر المجيدة ضد السلطة الإنقاذية ورئيسها المخلوع الذي أدمن خوض الحروب ضد مجتمعات الريف، وإفقار المدن بسلاح الفساد، وعلاقة بلادنا مع العالم يجب أن تكون بهذه القوة مما يجعلنا نساهم بفاعلية في بناء دولتنا وتحقيق السلام العالمي، ونستطيع اليوم إستثمار دعم "أصدقاء السودان" لإنتاج حلول تدفعنا إلي مربع جديد يضع السودان علي المسار الذي يريده الشعب، وأيضاً بامكاننا جعل المبادرات المحلية والدولية تنصب في مصلحة قضايا التحرر والتحول المدني الديمقراطي والسلام والمواطنة بلا تمييز إذا أحكمنا السيطرة علي ألأجندة الوطنية التي يحاول البعض أن يجيرها بخطاب متزمت يخون الآخر لتلبية رغبة نفسية لا تخدم المصالح العليا لشعبنا الجسور الذي صنع الثورة بكفاح شارك فيه الجميع، وما زال الكفاح مستمر، وسنعبر وننتصر.

20 يناير - 2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواقب كبيرة.. ست مواقع بحرية عبر العالم يهددها خطر الاختناق


.. تعيش فيه لبؤة وأشبالها.. ملعب غولف -صحراوي- بإطلالات خلابة و




.. بالتزامن مع زيارة هوكشتاين.. إسرائيل تهيّئ واشنطن للحرب وحزب


.. بعد حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. كيف سيتعامل نتنياهو مع ملف ال




.. خطر بدء حرب عالمية ثالثة.. بوتين في زيارة تاريخية إلى كوريا