الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وادي النيل

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2022 / 1 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يتناول هذا المقال طبيعة وتأثير عامل مهم في العلاقة بين الدولتين السودانية والمصرية هو العامل الإثنوثقافي السياسي، وتبين جزء من كينونة وجوده وتحريكه بصورة سالبة أو إحتمال تحريكه بصورة موجبة لمصلحة الغالبية الكادحة في البلدين. خاصة مع إختلاف بعض أقطاب الإنتفاضة السودانية حول طبيعة علاقات السودان مستقبلاً مع مصر: بعضهم يريدها كما هي وبعضهم يريد قوة للدولة السودانية ضد الحالة الذيلية لتعامل نخب العروبة السودانية مع مصر.


1- مصلحة الدولة المصرية في السودان:
حسب تفكير ما قبل حروب الجيل الرابع يمثل "العمق الاستراتيجي" المصلحة الكبرى لدولة مصر في السودان، وهذا العمق الإستراتيجي مربوط عند عروبة الدولة المصرية بإستمرار تحكم المجموعة العربية الاسلامية في السودان أياً كان شكل الحكم. ويحتاج هذا الفهم إلى تنمية تضيف إليه حتمية تغير طبيعة المجتمعات والتغيير الحديث في طبيعة الحروب


2- بحث العروبة السودانية عن دوام الحال:
يرتبط بمصر أو الثقافة المرتبطة بمصر كثير من زعماء وأفراد المجموعة الإثنوثقافية العربية أو المستعربة في بلاد السودان التي تشكل نسبة مئوية كبيرة من عدد سكانها، ولعل تعلق عرب السودان بمصر مرتبط بتفكير البقاء العنصري وتطلعهم إلى دوام الحال ضد خطر غرق مجموعتهم داخل السودان في فيضان تكاثر وتمدد الإثنيات غير العربية اللغة الأصيلة أو المهاجرة.


3- حساب القلق العروبي:
قد يصل تعداد الكتلة غير العربية في منطقة السودان الكبير من إثيوبيا إلى نيجيريا إلى 300 مليون نسمة، والكتلة العروبية داخل السودان لا تتجاوز الـ15 مليون نسمة عشرهم يمثلون عضم الدولة الإداري والتجاري والمهني والعسكري، والباقين القادرين على العمل مساعدين لهم بينما لا يتجاوز وجود باقي إثنيات دولة السودان وقومياتها في كل مستويات أجهزة الدولة وهيئات قيادتها آحاد المائة من كل إثنية قل عشرة في المئة والباقين القادرين على العمل في الهامش.

بهذا الفرق السياسي المعيشي بين قوميات أكثرها في الهامش وقومية مسيطرة على غالبية المناصب العلى في هيئات قيادة الدولة ومجتمعات الإدارة والتجارة والمهن والجيش يمكن فهم تقرب الرئاسات العربية أو المستعربة التي تشكل نخبة الدولة السودانية إلى مصر وقضايا العالم العربي أكثر من انتمائها إلى مذهب المودة مع تشاد أو إثيوبيا أو جنوب السودان أو إفريقيا الوسطى وتلك التي كانت جيران لجنوب السودان (قبل التقسيم) أي الكونغو ويوغندا وكينيا.

4- القلق النخبوي الإثني نتيجة من الجهل والخوف:
العلاقة النخبوية العنصرية لرئاسات مستعربي السودان مع دولة مصر والعلاقة العنصرية لنخبة رئاسة الدولة المصرية مع رئاسات المجموعة الإثنوثقافية العربية في السودان علاقة ترتبط بجهل وخوف نخبوي من النوع المركب:

(أ) جهل بفوائد الترتيب الإشتراكي للموارد والجهود والثمرات:
تسود نخب الدولتين الليبراليتين المضادتين للتنمية المتوازنة والديموقراطية الشعبية اللازمة لها حالة جهل بنفع الترتيب الإشتراكي في وقف مضاربات تماسيح السوق وتخفيض تأثيرها السلبي على معيشة غالبية الكادحين وعلى فعالية وتوازن التنمية وتأمين حقوق كل إثنية بدون حاجة إلى تحكم قسري ناعم باهظ الثمن أو تحكم خشن دموي التكلفة.

تكلفة جهل النخب فوائد التنمية المتوازنة ذات الترتيب الاشتراكي للجهود والموارد والثمرات تكلفة عالية من زمن ولحم ودم ومستقبل شعوب المنطقة، وتؤدي في آخرها إلى إنهيار دولة الإثنية المركزية مثلما إنهارت كل دول الإثنيات المركزية منذ آلاف السنين إلى الفترة الحاضرة.

(ب) خوف مرضي من الإبتعاد عن تحكم الإستعمار الحديث:
يرتبط القلق السياسي الإثنوثقافي بقلق على ضياع الإنفراد والتحكم الطبقي وعلى قيام الخواجات بتأمينه حيث لا تطرح أي فئة من النخب الليبرالية في الدولتين فكرة الإبتعاد عن الإقتصاد الليبرالي، بل أقصى ما تطمح إليه هو تغيير إسمه إلى "إقتصاد مختلط" كأنما في العالم يوجد إقتصاد صاف 100% ! في نفس الوقت فإن نفس توكد بلغة مخاتلة حرصها على (((الإنفتاح على آليات التعاون الدولي))) أي إنها تؤكد الإرتباط بآليات التبعية لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

المثير للسخرية أن التفاوت الداخلي الناتج من قيام النخب بتكريس النظام الليبرالي في الدولة يثير توترات ونزاعات شتى تهدد مصالح أو وجود نفس النخب داخل الدولتين وأيضاً يهدد الإستقرار الإقليمي والعالمي فأنانيات وفوضى مضاربات التجارة الليبرالية أو إحتكاراتها تخفض التماسك النسبي بين مكونات المجتمع وكذلك يخفض التماسك النسبي بين غالبية هذه المكونات والدولة، ما يحعلها أكثر ضعفاً ويجعل مجتمعاتها أكثر قابلية للإنسحاب أو للصراع أو أكثر قابلية للإنفجار.


5- جزء من طبيعة الخطر:
يتمثل الخطر الرئيس على الدولتين السودانية والمصرية في ما تكرسه الأنانية التجارية العليا بأقصى تطوراتها الرأسمالية من التفاوت سياسي معيشي بين الإثنيات يضاعف صراع أقطابها، صراعاً يتغذى بانفراد تماسيح المجموعة الإثنية الثقافية المسيطرة على مراكز شؤون الدولة بالتحكم في أهم موارد معيشة غالبية السكان إنفراداً يؤثر سلباً على حقوق ومصير غالبية الناس وبقية الإثنيات ويراكم كل أنواع التجمع ضد سلطة الدولة وأولها التجمع السياسي الإثنوثقافي المضاد.


6- . الطبيعة الرأسمالية لأزمة الدولتين:
(أ) في البلاد الليبرالية المتعددة الإثنيات تنتج حرية كبراء السوق أوضاعاً عنصرية مرتبطة بالطبيعة الطبقية للحكم تشكل درجة من التنافر أو التماسك النسبي بين المجتمع والدولة، أي وضعهما في العالم متأثرين بالنشاط الإمبريالي وطبيعة إستهلاكه للمجتمع واحتياجاته وخسائره الطبقية/الإثنية وتحديده بالتالي لدرجة فاعليتهما الوطنية في العالم مطوراً تخلفهما وتبعيتهما لقوى الاستغلال وإدمان تسول التمويل الخارجي.

(ب) بالتداخل أو التنافر الاثنوثقافي تتأثر ممارسة هيئات الدولة/النخب لأعمال السيادة الوطنية شدة أو لطفاً، وإضافة إلى العلاقة التحتية بين المجتمعين أو بعض نخبهم تتأثر أعمال الدولة بطبيعة الاثنيات الحاكمة في الدولتين، ومن ثم ترتبط أعمال التعاون المشترك أو التنافر بمصالح بعض فئات النخبة حسب طبيعتها الاثنوثقافية.


7 - بداية الحل:
في التاريخ الحديث للدولتين السودانية والمصرية ثبت فشل أسلوب التلتيق والعمل السياسي المحدود لحل الأزمات الداخلية أو المشتركة بأسلوب رزق اليوم باليوم أو على أساس الإنعزال عن إمكانات الدولة الأخرى، بل تؤشر إزمات الدولتين إلى ضرورة وأهمية التغيير الثوري العميق والشامل لأسس وأشكال النظام الليبرالي في الدولتين خاصة وفي عموم إفريقيا.

البداية الموضوعية للتغيير العميق الشامل ترتبط بتنشيط وتجميع أدوات الكفاح المشترك ضد التفكير الأناني الليبرالي بشكليه: الشكل الرجعي الذي يرد بأسلوب تواكلي أسباب الأزمات وتصريفها إلى القدر دون أخطاء البشر ! والشكل الحداثوي الذي يريد تحسين الأمور بإتباع ملة البنوك والشركات العظمى! مستجيراً من الرمضاء بالنار. التصدي لهذين الفكرين الليبراليين المعطوبين تصدياً شاملاً في مختلف المجالات الأكاديمية والسياسية والإعلامية بعمليات منظومة تحبط جرائم التزريب (زريبة) وجرائم التفتيت، بل تقاومها بجمعيات تعاونية وروابط وأنشطة ثقافية عابرة للحدود ملتزمة بمصالح الكادحين لكن مع أنشطة تكاملية أخرى مع وبين بقية مجتمعات ودول جيران السودان وكل نصف إفريقيا الشمالي من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي بهدف إتحاد كل هذه الدول إتحاداً يخدم مصالح غالبية كادحيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ