الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 47

علي دريوسي

2022 / 1 / 21
الادب والفن


تابعت تحضيرات وترتيبات الزفاف لوحدي.
صباح يوم الإثنين وصلت رهان وأسرتها، قبل يوم من موعد الزفاف، وفي المساء وصل جميع ضيوفي تقريباً قادمين من مدن مختلفة، رافقتهم إلى الفندق وبعد استلام غرفهم دعوتهم لتناول العشاء.
في الساعة الحادية عشر والنصف صباح يوم الثلاثاء دخلنا إلى مكتب السجل المدني.
عندما سأل الموظف المسؤول عن عقد القران خطيبتي التائهة عما إذا كانت تود أن تقبلني كزوج لها، شعرت بالحيرة تماماً، نظرت إلى الأعلى ثم إلى اليسار واليمين، إلى إن وقعت عيناها على عيني والدها وأدمعت.
سألها الموظف فيما إذا كانت تفهم سؤاله أم لا!
سمعته رهان وتجاهلته، عيناها اخترقتا عيني وسمعتها تقول: "أتعدني أن تحبني مدى الحياة؟"
استغرق الأمر منها أكثر من أربع دقائق على الأقل لتجيب على السؤال بكلمة "نعم"، وفقط بعد أن صرخت والدتها في وجهها موبخة بلادة عقلها.
رأى كل من في القاعة بالعين المجردة أنها تعاني من اضطراب نفسي شديد في الشخصية. فيما بعد اتضح هذا المشهد جلياً من خلال مراقبة تسجيل الفيديو.
مع ذلك، سارت الأمور على ما يرام، مباشرة بعد عقد القران رقصنا على أنغام موسيقى رائعة واحتفلنا بشكل جميل في ساحة مجلس المدينة، كنت قد تعاقدت مع فرقة موسيقية، واحتفى بنا المئات من الناس الذين كانوا يعبرون الساحة مصادفة.
في المساء، التقينا جميعاً في مطعم غابة المدينة، أكلنا ولعبنا وشربنا واستمتعنا كثيراً، وحدها رهان بدت غائبة بعقلها. فجأة ونحن في قمة اصطهاجنا أبلغتني أنها تنتوي في هذه الليلة أن تنام بين ذراعي والدها وداعاً. كنت حقاً في حيرة من أمري، شعرت بالخجل، ومع ذلك قلت: "افعلي ما شئت، لكن من فضلك لا تدعي الضيوف يلاحظون ذلك".
شعرت والدتها بانفعالها وسألتني ما الذي يجري؟
أبلغتها برغبة ابنتها.
كانت الأم خائفة وقالت لابنتها حرفياً: "أيتها العاهرة، من يتزوج يذهب إلى المنزل مع شريكه وليس مع والده".
كنا في المنزل حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحاً.
قلت لنفسي: "آخر همومي من تكون وكيف تكون رهان، فعلت ما فعلته حتى الآن لأنني أبحث عن رحم ينجب لي طفلاً لا عن زوجة، الطفل كان أول همومي، الطفل ومن بعده الطوفان، أريد أخاً لطفلي الثاني من زوجتي وحبيبتي الألمانية، طفلي الأول منها رحل معها في ذلك الحادث المريع".
وجدت نفسي أغني بصوت عال دون أن أنتبه: "أريد طفلاً وليأتي الطوفان من بعده".
في تلك الليلة طلبت رهان مني التحلي بالصبر وأضافت أنها قد تحتاج إلى أسبوع آخر.
ابتسمت كإنسان مثقف متحضر وعبرت لها عن تفهمي.
استيقظت الثامنة صباحاً، سألتها إذا كانت ترغب في الذهاب إلى الفندق لتناول فنجان قهوة مع ضيوفنا وشكرهم وتوديعهم، لكنها رفضت بحجة طقوس نظافتها الصباحية.
ذهبت إلى الفندق بمفردي وقلت لضيوفي وداعاً. دفعت تكاليف الإقامة ورجعت إلى شقتي.
فيما بعد ـ ونقلاً عن محاميتها السيدة نولت ـ حاول مصطفى إقناع حبيبته رهان بأنه من تكفل بتسديد مصاريف الإقامة في الفندق.
في حوالي الثانية ظهراً تناولنا نحن وأسرتها الغداء في أحد مطاعم المدينة. حوالي الخامسة مساءً عاد مصطفى وأسرته إلى برلين، وكان هذا آخر لقاء لي معه.
في صباح اليوم الثاني استيقظت رهان باكراً، ارتدت ملابسها وقالت: "استودعك الله يا سيدي أحمد".
وحين سألتها هازئاً: "إلى أين العزم يا حبيبتي!".
أجابتني بثقة قلّ نظيرها: "إلى دائرة المواطنين، من الآن فصاعداً يحق لي الحصول على مساعدة اجتماعية من الدولة الألمانية لأنني سيدة متزوجة من رجل ألماني، أليس كذلك؟". ثم أضافت: "وأريد أيضا الاستفسار عن الأوراق الضرورية للحصول على الجنسية الألمانية".
ولأنني إنسان حضاري فقد تمنيت لها يوماً جميلاً.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟