الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى ميلاد عبد الناصر

خليل اندراوس

2022 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية




ما أحوجنا إلى قائد عربي في ظل الشرذمة والتطبيع والهرولة في أحضان الصهيونية

وُلد جمال عبد الناصر في 15 يناير عام 1918، بحيٍّ شعبي في الإسكندرية لأسرة تنتمي إلى قرية بني مر بمحافظة أسيوط في صعيد مصر. وكان والده موظفًا في هيئة البريد، وقد تنقّل مع أسرته بين عدد من محافظات مصر بحكم عمل والده. وبدأ نشاطه السّياسي في سنٍّ مبكّرة مشاركًا في مظاهرات طلّابية مناهضة للاستعمار البريطاني، أصيب في إحداها برأسه، ما ترك ندبة على جبهته. وتأثر ناصر إلى حد كبير بالقومية المصرية والعربية التي اعتنقها مصطفى كامل والشاعر أحمد شوقي، وبسبب نشاطه الطلابي، حُرم من الالتحاق بالكلية الحربيّة في بادئ الأمر، فدرس في كلّية الحقوق لبضعة أشهر، ثمّ عاود المحاولة مرة أخرى وقُبل في الكلية الحربية وتخرّج فيها عام 1938 بعد مرور 17 شهرًا فقط نتيجة استعجال تخريج دفعات الضّباط في ذلك الوقت.

التحق جمال عبد الناصر فورَ تخرّجه بسلاح المشاة وخدمَ في مواقع مختلفة ما بين صعيد مصر والعلمين والسّودان، وتعرّف خلال هذه الفترة على زملائه الذين أسّس معهم تنظيم الضّباط الأحرار فيما بعد، كما كان مدرسًا في الكلية الحربية.

شاركَ عبد الناصر في حرب فلسطين ضد الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية عام 1948 في البداية كمتطوّع، ثم ضمن صفوف الجيش المصري. وفي كتاب "فلسفة الثورة" الذي صدر عام 1954 يقول عبد الناصر عن تطوّعه في صفوف الفدائيين في فلسطين قبل دخول مصر حرب عام 1948: "لما بدأت أزمة فلسطين كنت مقتنعًا في أعماقي بأن القتال في فلسطين ليس قتالاً في أرض غريبة، وهو ليس انسياقًا وراء عاطفة، وانما هو واجب يحتمه الدّفاع عن النفس".

وسيطرَة اسرائيل على منطقة النّقب وتطويق القوّات المصرية قرب بلدة الفالوجة شمال غزّة كانت من بين الأسباب المهمّة التي أدت إلى قيام تنظيم الضباط الأحرار بثورة يوليو/ تموز عام 1952، التي أنهت حكم أسرة محمد علي لمصر، في ظلّ فشل الدول العربيّة وخاصّة مصر في الدّفاع عن فلسطين وفي ظلّ ما أثير من فساد وخيانة، أحاطت بصفقات السّلاح الفاسد الذي تم شراؤه من المستعمِر البريطاني من قبل مسؤولين مصريين مقرّبين ويمثّلون نظام الحكم الملكي الفاسد في مصر، حكم الملك فاروق.

في صيف عام 1949 تشكّلت لجنة تنفيذية من الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر، وفي 23 يوليو/ تموز عام 1952 تحرّكت وحدات من الجيش المصري وأجبرت الملك فاروق على التنازل عن العرش ومغادرة البلاد، وهكذا انتصرت ثورة يوليو بقيادة الضّباط الأحرار.

كان الزعيم عبد الناصر قائدًا لحركات التحرّر من الاستعمار والهيمنة الامبريالية الصهيونية الرّجعية العربية، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم أجمع، وكان نموذجًا للقائد المخلص لوطنه وشعبه وأمّته، وكان حجر زاوية بل هرمًا من أهرامات مصر في السياسة العربية والعالمية.

وهنا لا بد من التأكيد بأن جمال عبد الناصر انحاز للفقراء وللطبقة العاملة بسياساته الاشتراكية داخل مصر، ومارس سياسات عدم الانحياز وهذا ما جعل كل الدول الامبريالية خاصة الولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل وأنظمة الاستبداد في العالم العربي أن تمارس التآمر على مصر الثورة، وهذا ما دفع اسرائيل وبالتنسيق مع الولايات المتحدة وبمعرفة وموافقة السعودية وملكها فيصل في ذلك الوقت بالقيام بحربها العدوانية الاستباقية ضد مصر وسوريا والأردن عام 1967.

قامت اسرائيل بشن حرب استباقية عدوانية ضد مصر وسوريا والأردن، من أجل تدمير قوة جمال عبد الناصر العسكرية بالتعاون والتوافق مع الولايات المتحدة والسعودية حيث قال الملك فيصل للأمريكان خلال زيارة الولايات المتحدة عام 1967، "قطعوا عبد الناصر إربا إربا" وعلم هو والأمريكان واسرائيل بأن الحرب ستدوم ستّة أيام وتنتهي بانتصار ساحق لإسرائيل وهزيمة كاسحة للدول العربية وخاصة مصر، وهذه الحرب العدوانية الإرهابية الاستباقية قامت بها اسرائيل بتنسيق مع بقية مركبات الثالوث الدنس، أدت إلى عدد هائل من الكوارث في منطقة الشرق الأوسط، ومضاعفاتها وافرازاتها العنصرية الشوفينية الصهيونية الكولونيالية الاستيطانية مستمرة حتى الآن، وتأتي بعض الدول العربية مثل البحرين والإمارات العربية لا بل الإمارات الأمريكية لتطبّع مع إسرائيل، ويأتي المدعو بندر بن سلطان ويهاجم الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال والاستيطان وعدم الاعتراف بحقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس ويعاني من رفض اسرائيل لعودة اللاجئين، هذه القضية الانسانية التي تعترف بها كل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة وترفضها اسرائيل، هذه قمة الخيانة عندما تقوم مركبات الثالوث الدنس بدعم المحتل والعنصري والشوفيني الصهيوني الظالم وتلوم وتحمل المسؤولية على المظلوم والمضطَهد الشعب الفلسطيني.

وقبل هذه الحرب العدوانية عام 1967، قيام اسرائيل وبريطانيا وفرنسا بعدوانهم الثلاثي عام 1956 في أعقاب تأميم قناة السويس، اذ دشن تأميم قناة السويس مرحلة جديدة في حكم جمال عبد الناصر، وكان تأميم القناة في حد ذاته عنوانًا للكرامة الوطنية فيما أدى النصر السياسي الذي خرج به الشعب المصري والرئيس البطل جمال عبد الناصر بعد انتهاء "العدوان الثلاثي" بضغوط دولية، وخاصة موقف الاتحاد السوفييتي الذي هدّد بضرب لندن وباريس ان لم تتوقف الحرب، أدى هذا كلّه إلى ترسيخ صورة جمال عبد الناصر كزعيم مناهض للتبعية ومناهض لهيمنة الامبريالية والصهيونية على منطقة الشرق الأوسط ومساند وداعم لحركات التحرر في المنطقة وداعم لحركات التحرر حول العالم.

ولعب عبد الناصر دورًا مركزيًا ومحوريًا في تأسيس حركة عدم الانحياز التي انعقد أول مؤتمر لها في بلغراد عام 1961، وكان هدفها الرئيسي الابتعاد عن سياسات الحرب الباردة التي خاضتها الامبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل، والاستقطاب السائد وقتها، ويعتبر جمال عبد الناصر من مؤسسي حركة عدم الانحياز الأوائل، مع الرئيس الهندي نهرو واليوغسلافي تيتو، والاندونيسي سوكارنو.

كما ساند جمال عبد الناصر حركات التحرر في القارة الافريقية انطلاقًا من إيمانه بكون افريقيا "دائرة محورية بالنسبة لمصر"، كما ساهم في الجهود الساعية إلى تكوين منظمة الوحدة الافريقية التي اتخذت من اديس أبابا مقرًا لها، وهنا لا بد أن نذكر دعم جمال عبد الناصر لثورة الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.

ويبقى جمال عبد الناصر أكبر المناضلين من أجل وحدة الأمة العربية ومن كبار دعاة فكرة القومية العربية، وتمكّن من إقامة الوحدة مع سوريا عام 1958، تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، ولكن عقد هذه الوحدة فشل بعد ثلاث سنوات من إقامتها.

عبد الناصر قاد ثورة يوليو من أجل كرامة الوطن المصري والعربي ومن أجل المواطن المصري، وحرية الانسان المضطهد في كل مكان، وإشعاع عبد الناصر كان وما زال يلهم كل وطني وقومي في عالمنا العربي، ويلهم الشعوب المضطهَدة حول العالم. وعبد الناصر هو المؤسس الحقيقي لمصر الحديثة، ووطنية عبد الناصر غير قابلة للنسيان.

عبد الناصر لم يستغل منصبًا ولا نفوذًا من أجل أفراد عائلته وأقاربه، فقد ولد جمال عبد الناصر بسيطًا، عاش بسيطًا ومات بسيطًا.

ستبقى مسيرة عبد الناصر وتجربته نبراسًا لكلّ القوى التقدمية والقومية في العالم العربي، والمشروع القومي الوحدوي الذي كافح من أجله عبد الناصر سيبقى مشروع الشعوب العربية التقدمية من أجل دحر مشروع الهرولة والتطبيع التي تقوم بها الدول الخليجية، ضد مصالح شعوبها وشعوب الأمة العربية، من أجل النيل من القضية الفلسطينية، ومحوها من الخارطة السياسية. لكن الفكر التقدمي الوحدوي العروبي الذي قاده عبد الناصر انغرس في وجدان الشعوب وهي قادرة مهما طال الزمن من نفض غبار الخيانة والهرولة، ونحو تحقيق العدل والحرية والسلام لكافة الدول وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس كما كان يسعى دائمًا القائد الخالد عبد الناصر، فقضية فلسطين لم تغب ولو للحظة واحدة من مشروعه التحرري من الاستعباد والهيمنة الامبريالية والصهيونية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جميل
هانى شاكر ( 2022 / 1 / 23 - 01:43 )

مقال جميل
______

هنيالك و عقبالنا يا عم خليل
علي راجل في زمن (( و الرجال قليل ))
خرب مصر و كل دولة م الفرات للنيل
بس رص الكلام و الكذب يطلع : مقال جميل

و عجبي




اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا