الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم قديم جديد .. وبعد

خالد محمد الزنتاني
كاتب

(Khaled M. Zentani)

2022 / 1 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


من عبقرية الفيلسوف الألماني (إيمانويل كانط) أنه كان أول من إختمرت لديه فكرة إنشاء منظمة الأمم المتحدة قبل تأسيسها بـ 150 عام عندما قام بطرحها في كتاب بعنوان "السلام الدائم" وكان هدف كانط تجميع دول العالم تحت مظلة واحدة على صورة برلمان دولي لمنع قيام الحروب وتسوية النزاعات بين الدول ويكون جسر للتواصل والحوار بين مختلف الشعوب وقد أوضح كانط أن تأسيس السلام يفرض تحول بلدان العالم بأسره إلى "جمهوريات ليبرالية" وإشترط أن يكون ميثاق المنظمة مبني على "دستور فدرالي" يوفر لجميع الأعضاء نفس مستوى الحريات بمعنى إشتراك هذه الدول في دساتير ديمقراطية متطابقة لأن الدول الديمقراطية هي أقل الدول ترشحا للتقاتل فيما بينها لأن شعوبها التي تشارك في سلطة القرار دائما ما تتحاشى تكلفة الحرب أكثر مما تتحاشها الدكتاتوريات المستبدة!

وبعد حوالي 120 عام عن رحيل كانط وكرد فعل على الحرب العالمية الاولى رأى قادة الدول العظمى أن الحاجة إلى تطبيق "الفكرة الكانطية" قد أصبح ضرورة ملحة وجاء إعلان ميثاق عصبة الأمم لتكون اول محاولة في التاريخ لتأسيس منظمة دولية تحمل كثير من الآمال والشعارات والأهداف الإنسانية النبيلة لكن نشوب الحرب العالمية الثانية كان المسمار الأخير في نعش المنظمة التي إنهارت وجاء مكانها منطمة جديدة تحت إسم الأمم المتحدة التي نعرفها بشكلها الحالي.

لكن نظرا لصعوبة تطبيق الشرط الذي وضعه كانط فإن فكرة توحيد دساتير الدول الأعضاء لم يكتب لها النجاح وظلت إلى الآن حلم صعب المنال خصوصا في ظل وجود أنظمة يسارية متسلطة لازالت تحافظ على نكهة إستبدادية ترفض تغيير مواقفها وترى الفكرة مؤامرة ضدها صاغتها الإمبريالية العالمية لإحتوائها والسيطرة عليها.


الصراع الدولي القائم هذه الأيام في كازاخستان وأوكرانيا بين الغرب والشرق في صيغة الحرب الباردة يفسر هذا التدافع وهو إنعكاس لهذا الصراع التاريخي المتجدد ويجسد ضغط مستمر لدول الغرب نحو عولمة الليبرالية الغربية كنهاية للتاريخ التي بشر بها فوكوياما مع إنسانه الأخير!

أما الشروع في الدفع بحلف الناتو للتوسع شرقا فهو إمتداد لتفعيل مباديء كانط التي تحدثنا عنها لكنه من جانب واحد فقط أملا أن يأتي يوم تنضوي فيه كل القوى العالمية تحت مظلة الحلف وتتحقق نبوءة كانط العبقرية وينعم العالم بالسلام ..

تبدو الفكرة الكانطية جميلة وتصب في مصلحة البشرية جمعاء فقد خرجت من عقل فيلسوف فذ أشتهر بالدراسة والبحث والصراع مع العقل الخالص في نقد المنطق برمته ولا ندري هل إذا حدث وإنتصرت هذه الفكرة وتمكنت من فرض رؤيتها على العالم ستنتهي الصراعات وأشكال الهيمنة السياسية والإقتصادية وتقسيم العالم تكتلات وأحلاف شرقاً وغرباً أم أنها فكرة طوباوية حالمة مثلها مثل بقية الأفكار والنظريات سرعان ما تصطدم بحركة التاريخ والسنن الكونية التي يمثل طمع الإنسان وأنانيته أهم ركائزها في إعادة التفاعل من جديد إلى مزيد من الحروب والإقتتال ويعود طموح تحقيق الذات الوطنية إلى عهدها القديم عنوانها سفك الدماء وتكديس الجماجم في محارق الكراهية والإنتقام وجنون العظمة!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة