الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهيب الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية

محمد علي الماوي

2022 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لهيب الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية يدفعان
إلى المزيد من الاحتجاج والنضال
1. في تأزم الوضع الاجتماعي:

( من ارشيف الشيوعيين الماويين-تونس- جريدة صوت المقاومة جويلية 2006)

(2006- 2022 زادت اوضاع الشعب تدهورا)
ما إن حلّ موسم الصيف حتى بادرت السلطة كعادتها في مثل هذه الفترة من كلّ سنة إلى الهجوم على قفة "المواطن" وجيبه من خلال الترفيع الجنوني في أسعار المواد الأساسية كالسكر والدقيق والعجين والغاز ثمّ أردفت ذلك بترفيع ثان في أواخر شهر جوان شمل أسعار المحروقات ومشتقاتها علما وأنّ زيادات مشطّة في الماء والكهرباء كانت قد حصلت في الربيع. كما تعمد وزارة التجارة منذ وقت طويل إلى أسلوب ملتوٍ آخر لإضعاف القدرة الشرائية للجماهيرعبر التخفيض في وزن بعض المواد الاستهلاكية كمعجون الطماطم والخبز وقوارير الغاز مما يعني عمليا المضاعفة في سعرها.وفي الوقت الذي كان أعوان الوظيفة العمومية والقطاع الخاص والدواوين ينتظرون فيه مع حلول شهر ماي الجزء الثاني من الزيادة الهزيلة في الأجور فوجئ الجميع ببقاء رواتبهم على حالها شهرين على التوالي وقد ينتظرون طويلا حتى يكون حجم الخصم أكبر.
وإذا ما أضفنا إلى السياسة الجبائية المجحفة في حق الشغالين الزيادات الأخرى في مقدار التأمين على العربات والدرجات النارية والتي بلغت هذه النسبة بين 30 و60 بالمائة، فإننا نكتشف بأنّ السلطة ماضية في سياسة التفقير والتجويع المنتهجة خصوصا بعد توقيعها على اتفاقية الشراكة مع أوروبا وأمريكا وانضمامها لمنظمة التجارة العالمية وما يمليه ذلك من حرب لصوصية ممنهجة على قوت الشعب الكادح. لقد تخطت نسب البطالة جراء التفويت وبيع المؤسسات العمومية العشرين بالمائة حسب مصادر منظمة العمل العربية الرسمية دون اعتبار أولائك الذين يشتغلون بصفة موسمية أو الذين لا يسجلون أصلا في مكاتب التشغيل على لوائح طالبي الشغل. إنّ الخوصصة وغلق المؤسسات "المفلسة" نتيجة الفساد وسوء التصرّف تقذف بالآلاف شهريا على سوق البطالة، لذلك نشطت شركات السمسرة باليد العاملة بتشجيع واضح من القوانين اللائنسانية الجائرة التي تبيح تشغيل اليد العاملة البخسة عن طريق المناولة وعقود الشغل الوقتية التي تجبر"الأجير" على عدم المطالبة بالحقوق المنصوص عليها دوليا والتي صادقت عليها السلطة شكليا كالمطالبة بالزيادة في الأجر أو الانخراط النقابي والتغطية الاجتماعية أو منحة الطرد التعسفي.
لقد أضحت سوق التشغيل في بلادنا في زمن الهجوم الوحشي لليبيرالية الجديدة سوق نخاسة جديدة يباع فيها الرجل والمرأة كما في زمن العبودية المتعجرفة في وقت لا تتوقف فيه أبواق العولمة والأنظمة العميلة عن ترديد معزوفة "القضاء على البطالة والمساواة وحقوق الانسان".
2. في ضرورة ردّ الفعل والمقاومة.
على عكس العشرية الأخيرة تميّزت هذه السنة بتنامي التذمّر المعلن لدى الأوساط الفقيرة والمعدمة من عجزها عن مجابهة تكاليف العيش ومن التدهور الخطير لقدرتها الشرائية وبلغ الأمر إلى حدّ شنّ إضرابات عديدة في قطاعات شتّى كالتعليم الأساسي والثانوي والصحة والكهرباء والمياه والصناديق الاجتماعية وأعوان العدلية والمالية ، هذا إضافة إلى مئات الإضرابات والاعتصامات التي يشنها بصورة مستمرّة ضحايا التفويت والطرد التعسفي في القطاع الخاص.
إن السياسة الاجتماعية والاقتصادية التي ينتهجها النظام بأمر من الإمبرياليين وعتاة العولمة لا يمكن أن تؤدّي إلا إلى المزيد من التفقير والبؤس والتهميش ولكنها تدفع أيضا إلى المزيد من الاحتجاج والسخط الشعبي الذي لن توقف تنامي أساليب الترهيب والقمع المختلفة ولا تواطؤ الجهاز البيروقراطي المتحكّم في قيادة المنظمة الشغيلة. فالمعلمون والأساتذة والإطار شبه الطبي وكلّ القطاعات التي ذكرناها آنفا نفذوا إضرابات ناجحة فاقت نسبتها كلّ التوقعات بل إن رجال التعليم مثلا عادوا للإضراب ثلاث مرّات في أقلّ من ستة أشهر هذه السنة. ورغم تآمر البيروقراطية بموافقتها أحيانا على بعض الإضرابات استعدادا للمؤتمر القادم ولاستمالة بعض القطاعات النافذة قصد توظيفها في توازناتها الداخلية وبإعلانها صراحة أحيانا أخرى وقوفها الواضح ضدّ إضرابات التعليم التي شنّت في شهر جوان والتعبير عن استعدادها لردع المخالفين، رغم كلّ ذلك فإنّ نسب الإضراب تحسّنت كما وكيفا حيث لم يكتف الشغالون بالتوقف عن العمل بل أنهم نزلوا إلى الشوارع في مسيرات حاشدة عبّرت لا عن تشبثهم بمطالبهم فحسب بل تميّزت كذلك بحسّ سياسي واضح ينخرط في المعارك الأخرى التي يخوضها المحامون والقضاة والرابطيون ( الحق النقابي واجب، حق التظاهر واجب ، أساتذة ومعلمين مع الرابطة والمحامين يسقط جلاّد الشعب، يسقط حزب الدستور). كما أن شعارات أخرى أضحت تركّز على وحدة النضال المشترك بين القطاعات لكسر حاجز العزلة الذي يفصل الشغالين عن بعضهم البعض وتدعو صراحة إلى توحيد الصفوف في إطار وحدة المعركة طبقيا ووطنيا( وحدة من فولاذ : المعلّم والأستاذ، اتحاد مستقل والقواعد هي الكل، وحدة وحدة يا عمال ضدّ القهر والاستغلال).
ورغم أن هذه الحركة الاضرابية الأخيرة مازالت لم تحقّق بعد المطالب التي يناضل في سبيلها الشغالون فإنها ساهمت بدرجات متفاوتة في كسر حاجز الخوف من قمع السلطة ودعّمت وحدة الإرادة والنضال لدى القطاعات المختلفة وساهمت في تعرية الطبيعة اللاوطنية واللاديمقراطية واللاشعبية لنظام يدعي أنه "يصون الحريات العامة والفردية". فكم من الشغالين أوقفوا ولفقت ضدّهم التهم الجاهزة أو أجهزت عليهم هراوات القمع في الساحات العامة والشوارع وكم طالت مجالس التأديب والطرد التعسفي عديد المناضلين. ولكن رغم القمع والتعسّف فإنّ إيجابية التحركات الأخيرة تكمن في أنها أحرجت السلطة وبعثت الأمل في أنّ المقاومة ليست فقط ممكنة ولكنها أيضا ضروريّة لا مناص من غرسها وتأصيلها في ثقافة الكادحين ليكتشفوا عبرها وحدة معركتهم ووحدة مصيرهم وأن إرادة النضال والتحرّر أقوى من جبروت الظلم والقمع.
3. دروس للإسخلاص:
 بالإمكان رصد التحوّل الإيجابي في مستوى أشكال النضال حيث بدأ عديد المناضلين يميلون إلى الاعتقاد بأنّ الإضراب في ظروف معينة يفقد أهميته بل أنّ السلطة تجد فيه الفرصة لخصم رواتب الأجراء وأنّ الإعتصامات والتجمع أمام مقرات العمل والتظاهر في الشارع أجدى بكثير نظرا لأنّ هذه الأشكال من النضال تنقل المعارك ضدّ السلطة والأعراف من الفضاءات المغلقة إلى الساحات المفتوحة وهو ما يخشاه النظام.
 إنّ أشكال النضال المفتوحة تتيح مشاركة غير الشغالين وغير المضربين فيها وتمكن الجماهير من افتكاك حقها في التعبير والتظاهر والتجمّع رغم أنف الرجعيّة.
 إنّ خوض النضالات المشتركة في نفس التوقيت بقدر ما يعزّز قوّة ووحدة المضربين والمتظاهرين فإنه يحدّ من قدرة السلطة على المجابهة ويفرض من جهة أخرى أساليب النضال الجديدة على البيروقراطية النقابية.
 أهمية بناء المعارضات النقابية المعادية للدسترة والخونجة والبيروقراطية والتي ترفع راية النقابة المناضلة في وجه النقابة المساهمة ونزعة الوفاق الطبقي.
 أن يعمل الثوريون على التحلّي بعقلية المبادرة والإبداع والانصهار والاستفادة من كلّ مناسبة لتحويل المطالب الجزئية إلى مطالب عامة ومن ثمّ الارتقاء بحسّ الجماهير إلى الوعي الطبقي والوطني.
 أهمية فضح الانتهازية في حقل الممارسة ومن خلال مهام محدّدة والعمل على الجني المدروس.

جويلية 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه