الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذا السبب ينتحر العراقيون !

سعد سمير

2022 / 1 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لن اتحدث في سلسلة مقالاتي هذه تحت عنوان ( لهذا السبب ينتحر العراقيون) عن موضوع اساسي وضروري جدا، الا وهو عدم قيام الحكومات العراقية المتعاقبة بأتباع النظم الحديثة في ادارة العراق، تلك النظم التي تقوم على أساس تأمين راتب شهري يغطي كلفة سكن ومعيشة وتعليم وصحة كل (فرد) في العائلة العراقية ابتداءا من يوم ولادته ولغاية حصوله على عمل يُغطي تلك التكاليف، تلك النظم الحديثة التي تموّل نفسها بنفسها بولادة مجتمع صحي منتج ومتطور جنبا الى جنب نظام ضريبي حديث وذي اسس تكافل اجتماعي نزيهة، رغم ان هذا الموضوع الكبير والمهم جدا هو الحجر الاساس في ايقاف عجلة التخلف والظلم والفساد التي يتعرض لها العراقيون والى الدرجة الى تقود الشباب منهم الى الانتحار او الى هجرة العراق بأي ثمن، فهذا الموضوع الكبير والمهم جدا كان وسيبقى ديّنا أسودا مُعلقا في رقاب كل المسوؤلين العراقيين دون استثناء لحين انجازه.
في كل مقال جديد سأتحدث عن حالة سلبية واحدة من مئات حالات الفساد والتخلف التي يتعرض لها العراقيون يوميا وبشكل يجبرهم على تمني هجرة العراق او الانتحار، آملا أن تروّج كل وسائل الاعلام في العراق ما سنكتب لغرض اجبار المسوؤلين العراقيين على العمل على اتباع الوسائل الصحيحة:
اليوم سنتحدث عن وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها ما هو معروف بـ (الفيسبوك) ، ولنقول ان الدول المتحضرة ورغم الانظمة العادلة المتطورة المطبقة داخل مجتمعاتها فان كل الدوائر الحكومية الغربية وكذا المسوؤلين الحكوميين لديهم صفحات في الفيسبوك للتواصل الاجتماعي مع ابناء شعوبهم تواصلا جديا يوميا دون ان تكون تلك الصفحات لاغراض دعائية او شكلية وانما تهدف تلك الصفحات الى التعرف على آراء ومعاناة افراد المجتمع لمزيد من التطور.
بعد زوال النظام الشمولي في العراق عام 2003 تم توجيه كل المسوؤلين العراقيين من قبل المجتمع الدولي بـ (واجب) أو (إلزامية) قيامهم بإنشاء صفحة تواصل اجتماعي مع العراقيين، الا ان أغلبية المسوؤلين العراقيين، ان لم يكن جميعهم ، قاموا بهذا الواجب الدولي شكليا، فصفحاتهم يديرها موظفون من (الحاشية المتملقة) التي لا تفهم ولا تهدف شيئا سوى بث البطولات الوهمية للمسوؤلين دون الاهتمام مطلقا بما يكتبه جمهور العراقيين.
العراقي الغارق في مئات من مشاكل التخلف الاداري والمالي والمعيشي والسكني والصحي لا يعرف كيف يُوصل صوته او مشكلته او رأيه، فالاتصال مع كل المسوؤلين في العراق شبه مقطوع!
الكثير من العراقيين يكتبون شكاويهم او معاناتهم او اقتراحاتهم الى عناوين البريد الاكتروني للدوائر الحكومية دون جدوى نظرا لان الذي يدير تلك العناوين البريدية الالكترونية هم غالبا من الحاشية المتخلفة والانتهازية المحيطة بالمسوؤل الحكومي العراقي!
العراقيون حين يكتبون شكاويهم ومعاناتهم واقتراحاتهم الى الموقع الالكتروني الحكومي (حكومة المواطن الالكترونية) يتم تحويل تلك الشكاوي او المعاناة او الاقتراحات روتينيا الى روؤساء الدوائر الحكومية التي غالبا ما تكون هي اساس الشكوى، وهكذا تاتي الاجابة الخانقة لتُبقي الامور على ما هي عليه وكأن شيئا لم يكن ، هذا اذا جاءت الاجابة فعلا!
العراقي غالبا ما يخاف ان يكتب اسمه الصريح في اي مقترح او شكوى او معاناة يقدمها الى اي من موؤسسات الدولة خوفا من ردة فعل انتقامية منه !
كذا، ملايين العراقيين في المهجر يعانون من سوء ادارة اغلبية السفارات والقنصليات العراقية ولا وسيلة للعراقيين في المهجر لايصال صوتهم ومعاناتهم للوصول الى وثائقهم وحقوقهم التي يتم تعقيدها يوما بعد آخر لاي مسوؤل حكومي عراقي!
العراقي بشكل عام، داخل وخارج العراق، غالبا ما يخاف ان يعلن مقترحه او شكاواه في وسائل الاعلام المختلفة تحاشيا لردة فعل افتعالية انتقامية!
معظم وسائل الاعلام في العراق لا تنشر شكاوي ومعاناة العراقي الذي لا يعطي تفاصيل اسمه الصريح وربما عنوان سكنه وعمله حتى لو ان الامر يخص المعاناة المستمرة للعراقيين من التعقيدات المفروضة على معاملات العراقيين في الدوائر الحيوية الدائمة الازدحامات، تلك الدوائر المعروفة بالرشى والفساد، حيث أن مجرد وجود الزحامات يدلنا على وجود رشى وفساد اداري يتزايد وينتعش بوجود تلك الزحامات.
المتنفس الوحيد الفعال للعراقي هو كتابة اقتراحاته او مشاكله او معاناته على الملأ في وسائل التواصل الاجتماعي مع المسوؤلين العراقيين، الا ان هذا (المتنفس) مغلق وبـ (اصرار) حكومي لا يعرف الخجل امام كل العراقيين نظرا لأن اغلبية المسوؤلين العراقيين وابتداءا من القمة حتى اصغر مدير عام لا علاقة لهم بما يكتبه العراقيون لهم يوميا على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالدوائر الحكومية ! وكان أغلب المسوؤلين العراقيين يقولون لكل العراقيين :
لا علاقة لنا بكم يا عراقيين ، اكتبوا حتى تشل اصابع ايديكم!
غالبا، لا احد من المسؤلين العراقيين يجيب على ما يكتبه لهم العراقيون في وسائل التواصل الاجتماعي الحكومي مع العراقيين!
قد يتساءل البعض عن الفائدة المرجوة من مطالبة المسوؤلين العراقيين بالرد على مقترحات وشكاوي ومعاناة العراقيين اذا كنا ندرك جيدا ان الغالية العظمى من المسوؤلين العراقيين ليسوا مؤهلين اصلا لمناصبهم، وان اغلبهم جاء لمنصبه من اجل الاغتناء من كرامة وحقوق ولحوم اجساد العراقيين، وهنا نجيب باننا ندرك هذه الحقيقة جيدا، مثلما ندرك ان الاهتمام بآراء وشكاوي العراقيين سيعني المساهمة بشكل فعال في تحديد سلبيات الفساد في العراق، الامر الذي سيعني قطع سبل الاغتناء اللامشروع للمسوؤلين العراقيين، وهذا ما لا يتمنونه اولئك المسوؤلون، ولكننا بنفس الوقت نقول :
إن ترك الامور على ما هي عليه الان يعني فسح المجال للحكومات العراقية لممارسة المزيد من الظلم والفساد والاهانة ضد كل العراقيين، وعليه فان المنطق يحتم اولا قيامنا باجبار المسوؤلين العراقيين بالرد على مطالب العراقيين على الملأ وحينها ستنكشف الكثير من الابعاد امام الجميع مما سيؤثر كثيرا في الواقع العراقي المظلم حاليا.
مقالي اليوم موجه تحديدا الى الاعلام العراقي بشتى انواعه والى كل العراقيين الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي للعمل الجماعي بصورة متواصلة وغير منقطعة على:
اولا: التركيز الاعلامي على ضرورة التزام كل مسوؤل عراقي بتخصيص ساعة من الوقت يوميا للرد الرسمي المباشر على ما يكتبه له العراقيون في وسيلة التواصل الاجتماعي الخاصة بدائرته الحكومية.
ثانيا: المراقبة اليومية المستمرة لنماذج متعددة من صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالدوائر الحكومية العراقية ابتداءا من البرلمان ورئاسة الوزراء وانتهاءا باصغر مديرية حكومية وكشف اسماء ومواقع المسوؤلين الذين يهملون او لا يجيبون على كتابات العراقيين.
ثالثا: مطالبة الحكومة العراقية باصدار تعليمات واضحة توجب على دوائر الدولة قبول استلام الشكاوي او الاقتراحات العامة دون مساءلة اسم القائم بهذا العمل.
نأمل ان تكون شبكة الاعلام العراقي بالترويج لمقالنا هذا ولسلسلة مقالتنا القادمة عن اسباب استمرار العراقيين بالرغبة المستميتة في هجرة العراق وفي الانتحار في حالات اخرى، مثلما نأمل ان يقوم مجلس الوزراء العراقي بتعميم مقالنا هذا ومقالاتنا القادمة الى المكاتب الاعلامية للوزارات والهيئات العراقية، مع التأكيد على القرار الحاسم او الفقرة القانونية التي لا تسمح بمعاقبة او تتبع كل عراقي صاحب مقترح او رأي حتى لو لم يكشف عن اسمه الصريح!
المواطنون العراقيون يستطيعون المشاركة في مجال هذا الموضوع ايضا وذلك بقيامهم بحملة تصوير ونشر اي مطالب عراقية يتم اهمالها في اي صفحة تواصل اجتماعي تابعة لدائرة حكومية عراقية ، مع استمرار تداول الهاشتاكات التالية او ما يماثلها:
اسمعوا العراقيين واجيبوهم!
واجب كل مسوؤل اجابة كل عراقي !
اهمالكم اجابة العراقي جريمة بحق العراق!
لا شرف للمسوؤل الذي لا يجيب على عراقي!
عدم إجابة العراقي إهانة لكل العراقيين!
كل مسوؤل عراقي لا يجيب المواطن يجب ان يحاكم !
لا تستحقون مناصبكم اذا لم تجيبوا على ما نكتبه لكم!
الغزي والعار لكل مسوؤل عراقي لا يجيب العراقيين!
اغلقوا صفحات التواصل الاجتماعي اذا كنتم لا تجيبون على العراقيين!
اتركوا مناصبكم اذا كنتم لا تجيبون على العراقيين!
الاسهام في حملة (اجبار) المسوؤلين العراقيين على اجابة المواطنين هو اقل واجب نقدمه وفاءا لشهداء العراق ولشهداء ثورة تشرين الباسلة.
سنراقب ردود الافعال الحكومية بدقة.
لنا مقالات مهمة مقبلة.
25-1-2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-