الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يستفيد رجال الأعمال من التغيرات الثقافية ؟

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2022 / 1 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تضم الثقافة بصورتها العامة كل المظاهر والسلوكيات المجتمعية فيما يتعلق بالعادات والتقاليد والعقائد والمأكل والمشرب والملبس والموضة والرياضة وكافة الفنون والآداب، ولم تكن العلاقة واضحة بين الثقافة والبيزنيس حتى مطلع التسعينيات عندما بدأ التداخل بين الثقافة والبيزنيس عبر العولمة. لقد أخذت أذرع العولمة تنشر الثقافة الغربية فى شتى بقاع الأرض معتمدة على التغيرات الثقافية التى يمكن أن تحدثها فى المجتمع ، وقد بدأت تتضح الصورة مع انتشار المطاعم العالمية ومطاعم الوجبات السريعة الأمريكية فى معظم عواصم العالم ثم تطرقت إلى المأكولات والمشروبات المعلبة الغربية التى غزت معظم أسواق العالم معتمدة على سرعة توصيلها فى الحاويات المبردة ، ثم امتدت وتشعبت إلى كل ما يمكن أن يراه الإنسان فى حياته اليومية من سيارات وملابس وأحذية واجهزة كهربية وغير ذلك. ومع هذا التشعب العالمى أصبحت الشركات الغربية ورجال الأعمال الغربيين يسيطرون على العالم بالفعل خلال التسعينيات من القرن الماضى معتمدين على تغيير ثقافة الشعوب تجاه المأكل والمشرب والملبس وما تحتاجه الأسرة ويحتاجه الفرد مما جعل الثروة تتركز فى يد رجال الأعمال الغربيين فى الدول السبع الكبرى وهم الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وانجلترا وفرنسا وكندا وإيطاليا تاركين معظم دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية فى بحر الاستهلاك والاعتماد على الغرب .
إلا أنه مع مطلع الألفية وانشغال الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية بحروب الإرهاب فى أفغانستان والعراق بدأت دول جنوب شرق آسيا تصعد صعودا غير عادى بعد أن بدأت صحوتها بداية التسعينيات متخذة نفس أدوات العولمة فى التأثير على دول العالم بطرح بضائع رخيصة فى معظم الأنشطة التجارية عدا المأكولات والمشروبات التى لم تستطع مجاراة الدول الغربية فيها وبالتالى اقتطعت الصين والهند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايلاند والبرازيل وجنوب إفريقيا وسنغافورة وتايوان وهونج كونج ثم فيتنام والإمارات وتركيا من الدول الغربية جزءا كبيرا من تورتة البيزنيس العالمى معتمدين أيضا على التغيرات الثقافية التى تحدث للمجتمعات وعلى اتساع حركة السياحة والسفر حول العالم والتى ساهمت بصورة كبيرة فى التغيرات الثقافية التى تحدث فى المجتمعات. وقد اعتمدت بعض الدول مثل الصين على طرق مستحدثة فى التسويق حيث أرسلت البعثات التبشيرية التجارية كنوع من التسويق البشرى (معظمهم من المحكوم عليهم بعقوبات بسيطة) إلى دول العالم فاستطلعت ثقافتهم وعرفت إذواقهم فى الملابس والبضائع بطرح منتجات مختلفة بسعر يكاد يكون مجانى لمعرفة اتجاهات السوق فى تلك الدول ، وخلال سنوات قليلة استطاعت تلبية احتياجات معظم الأسواق العالمية من البضائع بعد دراسة ثقافة كل سوق من أسواق دول العالم الثالث ، فهى التى تصنع الحجاب وسجادة الصلاة والجلباب للمسلمين وتصنع الصلبان والأيقونات المسيحية للمسيحيين وتصنع جميع الملابس الداخلية والخارجية للجميع كلٌ حسب ذوق مجتمعه ، إلى أن تطورت ووصلت إلى المكونات المادية فى الأجهزة والأدوات وقطع الغيار لكل العالم قبل أن تناطح الولايات المتحدة والغرب فى التكنولوجيا.
الفارق الرئيسى بين الغرب والصين هو أن عائد الثقافة التجارى عبر العولمة فى الغرب يذهب لرجال الأعمال أما فى الصين فهو يذهب للنظام الصينى ورجال الأعمال المدعومين منه مما جعل الصين تختصر الوقت فى الوصول إلى ثانى أكبر اقتصاد عالمى عام 2010 بعد إزاحة اليابان للمركز الثالث وألمانيا للمركز الرابع. والغريب بالفعل أن الصين استخدمت نفس أدوات العولمة الأمريكية فى تعظيم الثروات خاصة بعد عام 2008 مما أدهش العالم بل وأخاف الولايات المتحدة منذ عام 2013 بعد أن سيطرت الصين على الإبداع العالمى والابتكارات العالمية متخطية الولايات المتحدة ثم أصبحت نهاية عام 2019 هى فى كفة والعالم كله فى كافة أخرى من كمية الابتكارات والاختراعات غير المسبوقة ، أما العائق أمام الصين فكانت الثقافة أيضا وبصفة خاصة اللغة الانجليزية التى تتمد بصورة مستمرة عبر العالم فتعطى ميزة للولايات المتحدة والدول الغربية فى الوصول السهل إلى ثقافات العالم وبالتالى محاولة تغييرها لصالح رجال الأعمال والشركات العالمية ، هذا بالإضافة إلى أن التطورات فى عالم الإعلام والميديا كانت متأخرة جدا بالنسبة للغرب الذى يوجه الثقافة العالمية ناحية عاداته وتقاليده.
إن الشركات العالمية ورجال الأعمال أصبحوا جميعا هم من يديرون ثقافة العالم بتصدير الثقافة المطلوبة إلى أى منطقة فى العالم والتربح منها من خلال كل ما نستعمله فى حياتنا بصورة يومية سواءً فى الماكل والمشرب والملبس وفى الأجهزة والأدوات بل وحتى فى التكنولوجيا التى تساق إلينا بصورة يومية بتحديثاتها المذهلة التى تذهب أرباحها إلى شركات عالمية مثل آبل وسامسونج وهواوى وفيسبوك وجوجل وتيك توك وأليبابا وغيرهم. وقد أثروا كثيرا فى العالم باتجاهه إلى البراجماتية النفعية التى تجعل كل شئ يقاس بمنفعته حتى لو كان ذلك أمر يخص التعليم والصحة والبحث العلمى والمجتمع والفنون والآداب والنشر وربما بدأت بعض المجتمعات تقيس كل شئ حتى العواطف والإنسانيات بمقياس المنفعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟