الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاناة مصرية في عالم الإستثمارات

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2022 / 1 / 26
الادارة و الاقتصاد


لازلنا في مصر نعاني من ضعف شديد في القدرة على جذب استثمارات أجنبية حقيقية بعيدآ عن أموال استثمارات البورصة وأدوات الدين المعروفة بالأموال الساخنة واستثمارات التنقيب عن الغاز والبترول ، نحو استثمارات أجنبية صناعية وتجارية وزراعية وغيرها أكبر وأقوى واكثر استدامة وقدرة على توليد فرص عمل توطين للتكنولوجيا ويمكن مرد ذلك إلى محددات أساسية وهي :

١ ضعف الأجور والمرتبات سواء في القطاع الخاص أو العام أو الحكومي غيما عدا فئة ضئيلة تتمركز على قمة هرم أي مؤسسة وعدم اهتمام الحكومة وايلائها الرعاية والتركيز الكافيين لمعالجة هذه المشكلة وترك العمال والموظفين لقمة سائغة في أنياب غالبية أصحاب المال والأعمال الذين يلقون لموظفيهم وعمالهم فتاتآ ونذورآ يسيرة فيما بسمى أجور ومرتبات لا تكفل أبدآ حياة كريمة وقادرة على التطور والتحسين لمستويات المعيشة النوعية وتنشيط الحركة الإقتصادية ودفعها لمستويات أعلى من النشاط والتطور وزيادة الدخل القومي كنتيجة لذلك خاصة وأن القطاع الخاص المصري يساهم بنحو 70% من الانتاج المحلي الإجمالي .

وبالطبع فمع ضعف الأجور والمرتبات والتي مردها الأساسي الاستسلام لحالة الجشع والاستغلال التي يعيشها ويمارسها أغلب أصحاب المال الأعمال في مصر على مختلف مستوياتهم في ظل غياب الاهتمام الحكومي الرسمي بهذا الملف حتى على صعيد رفع حقيقي يتناسب مع مستويات التضخم لمرتبات وأجور موظفي الحكومة والقطاع العام أيضآ ، بالإضافة طبعآ للهزال لكارثي الذي تعاني منه المعاشات في مصر .

٢ ارتفاع مستويات التضخم الحاد في مصر ومرجعها الأساسي أمران ؛

أولاهما ضعف العملة نتيجة سياسات حكومية فاشلة استمرأت حل تعويم العملة فأغرقت الجنيه المصري مرارآ وتكرارآ دون أدنى محاولة للتفكير وفقآ لظروف الواقع واستنباط أفكار خارج صندوق الحلول الأكاديمية أو تلك المعبأة في عقليات صندوق النقد الدولي .

وثانيهما انتشار حالات ومعدلات الجشع والاستغلال والاحتكار بين السواد الأعظم من أصحاب المال والأعمال في اطار بيئة يغلب عليها فهم حكومي أكاديمي عقيم حول آليات العمل في السق الحرة وعدم تدخل الحكومة في مسألة الأسعار ، وهو الأمر الذي لا يمكن تفهمه خاصة في بيئة تعاني فقر الانتاج وشيوع الاحتكار والتفاهمات السعرية بين غالبية المنتجين والسماسرة .

٣ غياب الأيدي العاملة الماهرة المدربة نتيجة استمرار عدم الاهتمام بالتعليم الفني وعدم العمل على تغيير النظرة لمجتمعية السلبية له لصالح نظام تعليمي لم يفلح هو الآخر إلا في تخريج أجيال لا تصلح أغلبها الا كالعمل ككتبة وأرشيفيين ، مما يشكل عائق أمام الشركات الأجنبية ذات التكنولوجيا والمنتجات المتطورة ، والباحثة كذلك عن انشاء مراكز بحثية لتطوير السلع والمنتجات .

٤ نعاني في مصر من نظام جمركي عقيم متسبب ليس فقط من حرمان البيئة الإستثمارية في مصر من تواجد شركات أجنبية أو حتى محلية سواء تجارية أو صناعية نتيجة لارتفاع معدلات الضريبة الجمركية على السلع النهائية أو حتى الوسيطة ، بل يمتد سوء هذا النظام الجمركي لحرمان المواطن نفسه من التمتع بالقدرة على الاختيار المتعدد من مختلف السلع واحصاره في مجموعة قليلة ومحددة من الخيارات ، وهو الأمر الذي يضيع على البلاد نفسها فرصة الاستفادة من ايرادات ضريبية ورسوم أكثر حال وجود انفتاح وتنوع سلعي أكبر كالسيارات مثلآ ، مما سيجبر الوكلاء والموزعين المحليين على ضخ استثمارات أكثر تتناسب مع اتساع دائرة المعروض والتنوع السلعي ، وسيخفض الأسعار نسبيآ ويشجع المواطن على الشراء مما سيساهم بدوره بانعاش الحالة الاقتصادية ويجبر الشركات المحلية على تحسين وتطوير منتجاتها وبأسعار معقولة ومقبولة .

٥على الرغم من المجهودات المبذذولة في هذا الصدد واصدار قانون الاستثمار ، فلازلنا بحاجة الى مزيد من العمل على علاج غابات اللوائح والقرارات المتضاربة لمختلف الهىئات الحكومية ، وتحقيق أدوات التطبيق وتفعيل المحفزات والنظم الكفيلة بتطبيق قانون الاستثمار الجديد الصادر عام ٢٠١٧ وتعديلاته اللاحقة ومواجهة تعنتات بيروقراطية معيقة متأصلة في ممارسة العمل الإداري الحكومي فعلى سبيل المثال لا الحصر يدفع المستثمر في مصر الضرائب المطلوبة على 29 مرة خلال السنة وهو ما يستغرق حوالي 392 ساعة سنوياً مقارنة بمتوسط 18 مرة في الشرق الأوسط تستغرق 208 ساعة وحوالي 11 مرة خلال السنة تستغرق 163 ساعة فقط خلال السنة في الدول ذات الدخل المرتفع.

وكل ذلك بالطبع يضعف بشكل حقيقي من جاذبية السوق المصري أمام الشركات الأجنبية للاستثمار في مصر لضعف فرص التصريف والاستهلاك القوي والمستدام ذلك الطلب والاستهلاك ذا النوعية النامية في متطلباته والقادر على الإنفاق بشكل قوي ومستمر خارج نطاق تلبية الإحتياجات الأساسية فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024


.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن




.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع