الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين دعاة التطبيع مع إسرائيل؟!!

أحمد عثمان

2022 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


(١)
المتأمل للساحة السياسية السودانية، يلحظ أن هناك غيابا تاما لدعاة التطبيع مع دولة الاحتلال الصهيونية، الذين نشطوا نشاطا واسعا ايام التطبيع الذي فرض على شعبنا عبر الابتزاز من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق ترامب. حينها طفق المطبعين يحدثوننا عن عدم وجود أي عداء بيننا وبين كيان الإحتلال، وعن الدولة الوديعة الديمقراطية التي لم يسبق أن اعتدت علينا، وعن موقفنا الآيدلوجي من هذه الدولة النموذجية المفترى عليها، وعن فائدة التطبيع مع هذه الدولة المتقدمة تكنلوجيا وخصوصا في مجال الزراعة. والان وخلال فترة وجيزة من التطبيع وخصوصا في هذه الأيام، أصيب هؤلاء المطبعين بهاء الصمت وأدركهم صمت القبور، وحق لهم ذلك لأن موقف دولتهم النموذجية مما يحدث في السودان مخزي ولا يمكن الدفاع عنه ناهيك عن تسويقه. وفي عجالة سنرصد بعض مخازي هذا الموقف.
(٢)
دعمت دولة إسرائيل انقلاب عصابة اللجنة الأمنية بوضوح، حين استقبلت ممثليه من العسكريين في تل ابيب، وحين تتابعت وفودها لزيارته في زيارات بعضها معلن والاخر سري. و هي لم تكتف بعدم اعلان موقف سياسي مرائي داعم للتحول الديمقراطي دون إدانة حتى للانقلاب، بل استنكفت القيام بمثل هذا الاستهبال السياسي الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية و بعض وكلائها في المنطقة، و برزت كداعم معلن للانقلاب العسكري و للجنة الأمنية لنظام الإنقاذ، الذي جسرت معه دولة الاحتلال منذ فترة طويلة أعقبت اختراقها له و العمل بأريحية بين منسوبيه من تجار الدين، حيث اتضح ذلك من الغارات الدقيقة التي كانت تنفذها إسرائيل ضد قوافل الأسلحة المرسلة لحماس في الشرق، بل و ضد مصانع السلاح داخل العاصمة الخرطوم نفسها.
وإسرائيل كدولة احتلال، لا ترى في الاحتلال وقهر الشعوب ونهب ثرواتها مشكلة، لم تجد ما يمنعها من دعم انقلاب عصابة تقهر شعبها، طالما أن ذلك يحقق مصالحها، وهذا أمر منطقي في سوق نخاسة السياسة الإمبريالية. لكن المدهش هو صمت دعاة التطبيع السودانيين، الذين لم نسمع لهم صوتا واحدا يحدثنا عن هذه الدولة الديمقراطية داعمة الانقلاب العسكري، ومؤيدة قهر الشعب السوداني، كأول هدايا التطبيع معها.

(٣)
قدمت إسرائيل دعما عينيا للانقلاب ولم تكتف بالدعم السياسي فقط، وتم تاكيد ذلك من عدد من الباحثين، الذين أكدوا بأن المياه الملونة الغريبة التي تستخدمها قوات عصابة الإنقلاب العسكري في السودان، هي مواد تنتجها مصانع إسرائيلية، وسبق أن استخدمتها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني المقاوم، أثناء انتفاضاته المتعددة، وهي مياه تساعد في رصد المتظاهرين لأن ازالتها صعبة، بالإضافة لما تسببه من ضغط عليهم لسوئها وغموض ما تحتويه من مواد كيميائية. فوق ذلك وبالإضافة اليه، قدمت إسرائيل للانقلاب الدعم التكنولوجي المطلوب للرصد والمتابعة. وهذا ما أكده الصحفي الاستقصائي النابه عبد الرحمن الأمين حين أوضح كيفية استخدام التقنية التي تحدد الأوجه وترصد الناشطين، وهو أمر يفسر كيفية انتقاء الشهداء لقتلهم، ويبين أن الاحتلال الإسرائيلي شريك اصيل في قتل شهدائنا. ويضاف إلى ما تقدم التصريح الاخير المنسوب لنائب رئيس العصابة، والذي أكد فيه بأن إسرائيل قد امدتهم ومازالت تمدهم بوسائل قمع وفض المظاهرات، أي أنها شريك اصيل في قمع شعبنا وقتله، كعربون للتطبيع الذي بشرنا به دعاة التطبيع. وبكل أسف لم نسمع واحدا منهم يدين هذا السلوك العدواني البشع. ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ثبت بأنها تقدم مثل هذا النوع من الدعم حتى هذه اللحظة.
(٤)
منذ بداية عملية التطبيع الابتزازية، وباستثناء لقاء رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بقائد عصابة الإنقلاب برهان في عنتبي، جميع الوفود المتبادلة بين البلدين هي وفود عسكرية امنية، في دعم واضح المكون العسكري الانقلابي من قبل الكيان المحتل، وتفريط أوضح في السيادة الوطنية من قبل العصابة الحاكمة في السودان. فالواقعة الافتتاحية التي رشح بأن رئيس العصابة قد أكل فيها مع زعيم دولة الاحتلال - ربما بغرض التأكد من أن الأخير بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويتزوج النساء، أو ليصبح بينهما ملح وملاح- أعقبها زيارة لوفود عسكرية سودانية مكونة من ممثلي القوات المسلحة والجنجويد، ووفود عسكرية أمنية إسرائيلية ركزت على زيارة التصنيع الحربي، وتم تمليكها اسرار الصناعات العسكرية السودانية بكل تاكيد، وتعزيز معلوماتها عن التعاون السابق بين الإنقاذ ولجنتها الأمنية مع دولة إيران في هذا النوع من الصناعات. ولم نسمع بكل أسف اعتراضــــــــا واحدا من دعـــــــــــاة التطــــــبيع عــــــلى هذا

الانتهاك المزعج من دولة لم تجز اي هيئة تشريعية شرعية اتفاق التطبيع معها حتى هذه اللحظة. ولسنا في حاجة للحديث عن الأثر السلبي لمثل هذا عمن التطبيع الأمني والعسكري وسوء مردوده على بلادنا، فجميع العسكريين والأمنيين السودانيين يجمعون على بشاعة ما سيترتب عن هذا التعاون على أمن بلادنا القومي.
(٥)
التعاون في إطار مدني الوحيد الذي رشح عن الزيارة العسكرية الأمنية الأخيرة، هو الحديث عن دعم منشأة زراعية مملوكة لقيادة الجنجويد في غرب ام درمان بمساحة مائتي فدان. وهو إن صح، يؤكد الطبيعة العدوانية لدولة الإحتلال، التي قررت دعم استثمارات الأسرة الحاكمة الجديدة في السودان (آل دقلو)، باعتبار أن أسرة زعيم العصابة غير داعمة لاحتلاله الداخلي للبلاد وأصدر الكثير من منسوبيها بيانات معارضة للانقلاب. ودعم قيادة الجنجويد زراعيا من قبل وفد أمنى عسكري اسرائيلي فوق أنه عجيب، فإنه يؤكد سعي الاحتلال لتثبيت اقدام الاستعمار الداخلي، وتقنين تمدده في القطاع الزراعي الحيوي، بعد أن تمكن من نهب الذهب بمساعدة مرتزقة فاغنر الروسية، وذهب عريضا في بيع المرتزقة للمشاركة في حرب اليمن. وهذا يوضح لماذا لن يستفيد الشعب السوداني من التعاون في المجالات المدنية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. فهذه الدولة بطبيعتها العدوانية كمركز متقدم للاستعمار الحديث في المنطقة، لن تدعم سوى جلادي الشعوب سواء أكان ذلك في المجال التكنولوجي أو الزراعي. والواضح هو أنها ستدعم الانقلابات العسكرية، لأن السياسة الاستعمارية الجديدة القديمة، هي دعم هذه الانقلابات. فموجة الانقلابات العسكرية الأخيرة في افريقيا في غينيا ومالي والسودان وبوركينا فاسو، ورد الفعل الضعيف من قبل المجتمع الدولي عليها، يؤكدان بأن الاستعمار الحديث قد استيقن من استحالة فرض إرادته واستمرار نهبه لشعوب القارة دون تشجيع ودعم الانقلابات العسكرية، التي تسمح بصعود جنرالات ضعفاء تجاه الخارج ومتجبرين على شعوبهم، ليلعبوا دور الكمبرادور وينزحوا ثروات هذه الشعوب لمصلحة الاستعمار مقابل بقائهم في السلطة.
ومؤدى ما تقدم أعلاه، هو ثبوت أن دولة الاحتلال الإسرائيلي التطبيع معها ضد مصالح الشعب السوداني، وأن سلوك هذه الدولة عدواني داعم للانقلابات العسكرية ولأعداء الشعب السوداني قتلة شهدائه وناهبي موارده الاقتصادية. وهو عبارة عن وقائع صرفه طازجة وبادية


للعيان، حتى لا يحدثنا دعاة التطبيع عن آيدلوجيا أو عن مواقف متحجرة. فهل نسمع دفاعا ولو خجولا عن دولة الاحتلال الاستعمارية والتطبيع معها؟
على شعبنا الوعي بأصدقائه وأعدائه، لتحديد مستقبل علاقاته الخارجية دون تردد في زمان قريب يعقب النصر.
وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!!
٢٦/١/٢٠٢٢م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!