الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 50

علي دريوسي

2022 / 1 / 26
الادب والفن


بعد حوالي ساعة اتصلت بي رهان من القطار وبكت لأنها نسيت وثائقها ومستنداتها الخاصة في البيت أو لعلها فقدتها في مكان ما. أقلقني الأمر وتوجهت على الفور إلى محطة القطار وبحثت هناك في كل مكان عن حقيبتها، بعد حوالي نصف ساعة من البحث تذكرت إمرأة تعمل في مخبز المحطة أن شخص قد وجدها وأحب تسليمها في مكتب المفقودات، أخبرت رهان حالاً كي تهدأ ووعدتها بأن أرسل لها الحقيبة في الصباح بالبريد المضمون.

في المساء كتبت لي: "وصلت إلى برلين، تذكر كلامي يا سيدي أحمد".

وفي الساعة الثانية والنصف صباحاً كتبت لي إيميلاً أوضحت فيه أنها لا تزال مغرمة جداً بي وأنها ليست طامعة بمالي وجنسيتي، وإذا ما كان هذا الشيء هو ما يقلقني فهي مستعدة بدافع الحب لتوقيع اتفاق قانوني لتنظيم هذه النقاط، بمثابة تدبير احترازي وضمانة لكلا الطرفين.

بعد ذلك وخلال عدة أيام أرسلت لي عبر هاتفها عشرات الرسائل القصيرة الغريبة والتي بالطبع لم أرد عليها مطلقاً، كان محتواها واحداً يشبه هذا النمط: "في هذه الحياة وكذلك بعد الموت ستحاول عزيزتك رهان سداد ذنوبك أمام القاضي تعالى، ولا يهم إذا كنت تحبها أم لا، فهي تحبك ولذا تنصحك أن تتبع نور الحياة ولا تضيع".

ولكي أقطع الشك باليقين أرسلت لها هذ الإيميل:
عزيزتي رهان،
أطلب منك بأدب جم التوقف عن إرسال رسائلك النصية واستثمار طاقتك في عمل لائق ومفيد، هذه هي المرة الأخيرة التي أكتب لك شيئاً، يحب أن تستيقظي من نومة أهل الكهف هذه، انفصلت عنك إلى أبد الآبدين، أعتقد أن رسالة الانفصال الرسميّ القانوني قد وصلتك من محاميتي حتماً، نحن الآن منفصلون عن بعض بالسكن وطاولة الطعام والسرير، يهدف هذا الانفصال إلى خلق أساس قانوني لطلاق لاحق، أريد أن أكون وحدي، لا أحبك، أشعر بعدم الارتياح تجاهك كزوجة، لم نكن سعداء مطلقاً، لم نتفاهم، حاولت بمحبة أن يكون لي علاقة حميمة معك دون فائدة، جعلت حياتي جحيماً لا يُطاق من خلال الخلاف المستمر غير المبرر وعدم الرضا وقداسة جسدك، بذلت قصارى جهدي من أجل مساعدتك وحمايتك، مولت حياتنا بسخاء، كل محاولاتي لإنقاذ زواجنا باءت بالفشل، سأتركك للأبد، لن أحاول رؤيتك ثانيةً ما حييت، لا ينبغي أن نلوم أنفسنا، هذا قدرنا علينا أن نقبل به دون نقاشات عقيمة، أتمنى أن ننفصل بطريقة ودية وسلمية مثل الأشخاص البالغين المحترمين، بدون محامين ومشاكل أو أضرار متبادلة. آمل أن أتمكن من التوصل إلى اتفاق معكم في هذا الشأن، سأكون مستعداً لأن أدفع لك أي شيء يتطلبه القانون مني، أنا لست عدوك ولن أكونه أبداً، أحترمك كإنسان وأحترم أداءك في الحياة، أنت قوية جداً لدرجة أنك قادرة على الاستمرار والنهوض دون مساعدة أحد.
مع أطيب التمنيات من أحمد

حاول أهلها في الشوط الأول التدخل للمصالحة بيننا دون جدوى، وفي الشوط الثاني شنوا ضدي حملات تخوين وتهديد واتهام، كلفتني الكثير من الوقت وحرق الأعصاب.
واستمر الحال على هذا الموال ...

بعد حوالي سبعين يوماً مرت على انفصالنا، تحديداً في اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك، انتحرت أو لربما قُتلت رهان في الشقة التي استأجرها لها الأب مصطفى، ماتت وهي تتعبد ربها في حوض الاستحمام.

قال مصطفى وهو يبكيها بسخاء ـ كما نقلت الجريدة البرلينية: "في تلك الساعة المشؤومة كنت في شقتها، جئت لإحضارها إلينا بسيارتي، كانت ابنتي وحبيبتي الطاهرة تصلي صلاة أول أيام العيد في مغطس الحمّام حين اختنقت من بخار الماء الساخن وغرقت".
تقرير الطب الشرعي أثبت بعد عدة أيام أنها لم تنتحر بل قُتلت على يدي الذئب الخائن مصطفى.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟