الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-وداوني بالتي كانت هي الداءُ-

وهيب أيوب

2022 / 1 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كُّلما ازداد مستوى الانحطاط والتخلّف والتقهقر في المجتمعات العربية الإسلامية، تنطّع الشيوخ؛ حرّاس الشرف والشئمة والعفّة والطهارة والأخلاق الإسلامية المحافِظة النبيلة! ليقولوا لنا أن سبب كل هذا الانهيار والتراجع؛ هو في الابتعاد عن الله والإيمان والدين وسيرة النبيّ والسلف الصالح!
إن ما يعتبره هؤلاء الدُعاة وشيوخ التخلّف والرجعية؛ السبب، الذين ما زالوا يعيشون في منتصف القرن السابع، لا يُدركون أن ما يتحدّثون عنه في مسائل الشرف والعفّة والطهارة، ونظرتهم المُحقِّرة للمرأة وعلاقتها بالرجل؛ هو كل السبب، ُسبّب الكارثة الكبرى وكل هذا الكبت والقهر الجنسي الذي يجلدون به المجتمعات بخُطبهم الخرندعية يومياً في المساجد.
مُجتمعات تعيش حالة من العُصاب الجماعي والتناقض وانفصام الشخصية " الشيزوفرينيا"، فهُم في العلن ينادون بتلك الأخلاق التي تطحن عقولهم ونفوسهم، يُقابلها رغبة جامحة مهووسة في الأنثى والجنس، تنتاب العقل الباطن، الذي لا يستطيع مقاومة تلك الشهوة والرغبة الفطرية الغريزية الطبيعية في الإنسان.
وهنا يظهر هذا التناقض الرهيب، الذي يشلّ التفكير ويُشغل العقل عن باقي الشؤون الهامّة في الحياة ويمنعه من أي إبداع حقيقي فيها.
ولهذا سنرى؛ أنه في تلك المجتمعات الذي يطحنها الكبت الجنسي ويُحطّم نفوسها، جرّاء القيَم المفروضة عليهم من قِبل رجال الدين التي يلقّنونهم إياها على مدار الساعة، والمُفارق لرغباتهم الفطرية الغريزية الحقيقية الطبيعية، سنرى تلك المفارقات المُدهشة في سلوكيات هؤلاء القوم، فتلك المجتمعات رغم ادّعائها العفّة والطهارة والأخلاق الإسلامية الحميدة في العلن، هي أكثر المجتمعات التي تنتشر فيها ظاهرة التحرّش الجنسي بالنساء، فنسبة التحرّش في دول العربان 90% ، في مصر مثلاً 98%، على الرغم من اللباس المحتشم والحجاب والنقاب في الدول الأكثر تزمّتاً، فهي الأعلى نسبةً بالتحرّش، وفي السعودية يتمّ الاعتداء جنسياً على طفل من بين كل أربعة أطفال، فهذا الكبت المروّع للنفس البشرية، لا يعرف حدود أخلاقية إنسانية، كما أن كل مظاهر الشذوذ الجنسي والمثلية الذي يدينون بها الغرب ، تُمارس في تلك المجتمعات المقهورة بالسرّ، ويخاف أصحابها من الظهور العلني كما الغرب!
يُضاف إلى كل ذلك فإن ما يُدعى بـ "جرائم الشرف" أي قتل الفتيات والنساء على خلفية جنسية، تلك الظاهرة تحصد سنوياً آلاف مؤلّفة من النساء والفتيات في دول بني يعرب والمسلمين
يقول الشاعر النوّاس؛ وداوني بالتي كانت هي الداءُ، أي أن يا رعاكم الله والدين؛ الأزمة تكمن في هذي الأخلاق التي تتّبعونها وليس العكس، وما لم تُحلّ تلك المُعضلة الكأداء، وما لم تتغيّر هذي النظرة المُحتقرة للمرأة، وذلك المفهوم المتخلّف لمسألة الجنس، فلن يحدث أي تقدّم ولن تخرج تلك المجتمعات من كوارثها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية، وستبقى عقولها مرتهنة بين فخذي امرأة!
يوضح مؤسّس علم النفس الحديث سيغموند فرويد، الذي اعتمد مسألة الجنس كمحور أساسي ومركزي في نظريته
ما يلي:
( أنّ الجنس هو السبب خلف كل ما يُصاب به الإنسان من اضطرابات نفسية، وذلك راجعٌ حسب نظره إلى أنّ النفس حينما تكون في بداية تطورها: أي حينما يكون الإنسان صغيراً، فإنّها تكون كالمادة الخام، سهلةٌ وسلسة، وأيّ شيء طرأ عليها في ذلك الوقت سيكون له نصيب في تنشئتها. وكلّما كانت المؤثرات سلبية، كانت النتيجة سلبية، بحيث إن هذا الشخص لن يكون صالحاً لنفسه ولا للمجتمع، وهو المريض!).
إذاً كيف لمجتمعات مريضة أن تنهض وتتقدّم، دون أن تتخلّص من تلك القيّم والمفاهيم التي مضى عليها 1400 عام، والتي دحضتها العلوم والاكتشافات الحديثة وعلم النفس والاجتماع والسلوك...
أقول؛ أنه لن تُفلح أي ثورة على الأنظمة السياسية الديكتاتورية، ولن يكون هناك لا ديموقراطية ولا حريّة ولا تنمية ولا صناعة، ولا تجارة إلا الإتجار بالدين والسياسة والوطنية والشعارات الكاذبة الخادعة، ما لم تقم ثورة عميقة حقيقية على كل تلك القيَم المهترئة البالية غير الإنسانية واللا أخلاقية، وعلى أولئك الدُعاة وشيوخ الدين النصّابين الأوباش، الممسكين بها ويقومون بتلقينها وترويجها يومياً للأجيال....
أنقذوا مستقبل أولادكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا