الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب في اسرائيل بين الفاشية والديمقراطية

مالك قبطي

2022 / 1 / 28
القضية الفلسطينية


يساهم الصراعِ العربي الإسرائيلي في تقطب المجتمع وتصاعد التوتر بين اليهود والعرب ليصل إلى أوجه، وبشكل خاص خلال السنوات الأخيرة، بحيث أصبح يمزق نسيج الحياة في الدولة. أشارت لجنة أور والتي عملت على تقصي الحقائق حول الأسباب العميقة التي أدت إلى اندلاع أحداث أكتوبر٢٠٠٠، إلى فشل السياسة التي اتبعتها حكومات إسرائيل المتعاقبة إزاء المواطنين العرب في إسرائيل. لا تزال القيادة ومؤسسات السلطة بدون أهداف واستراتيجية واضحة في هذا المضمار، كما أنها تفتقر إلى قنوات التشاور والحوار الكافية مع ممثّلي الجماهير العربية.

وعلى هذا الأساس تم إرجاء معالجة القضايا الداخلية بين الأغلبية والأقليةّ الأصلانية إلى حين التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني على صيغة دولتين لشعبين إذا بقي هذا ممكنًا. السبب هو الصراع الخارجي الداخلي المتواصل، والذي يمسّ بكافة أبناء الأقلية الأصلانية.

طموح أفراد مجموعات معينة من مجموعة الأغلبية في تعزيز النسيج الديموقراطي، والاستقرار، التكافل المدني والاجتماعي، وتحسين مستوى حياة ورفاهية جميع المواطنين في الدولة، يعبر عن الإيمان بإمكانية تحقيق هذه الغايات والأهداف الضرورية في إطار دولة إسرائيل، كدولة قومية يوجد فيها مواطَنة شمولية ومشتركة لجميع مواطنيها. وهذا هو المطلوب من أجل ازدهار كلا الفئتين – الأغلبية اليهودية والأقلية الأصلانية العربية معًا وعندما لا يتحقق لذلك معظمهم يهاجرون.

في ظل المواجهة الإقليمية الحاصلة، ابتعدت الدولة عن الرؤى التي زعمها مؤسسوها فيما يتعلق بالمساواة في التعامل مع مواطنيها العرب، باعتبارهم أقلّية من حقها الحصول على حقوق شخصية وجماعية. أسهمت الظروف التي صاحبت إقامة دولة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني ونكبته وتهجيره، ومنذ أوائل عهدها إلى مجابهة تحديات وجودية في إبراز الطبيعة القومية-الدينية اليهودية للدولة على حساب تنمية الوعي للمواطنة والتكافل الاجتماعي بين جميع مواطني الدولة. ساهم ذلك في تصاعد التوتر بين اليهود والعرب ليصل إلى أوجه، وبشكل خاص خلال السنوات الأخيرة بحيث أصبح يمزق نسيج الحياة في الدولة.

تعتبر الكنيست التي يختارها المواطنون والتي تمثل جميع المواطنين في الدولة صاحبة السيادة العليا حسب القانون، ومن هذه الناحية فإن إسرائيل يفترض أن تكون دولة جميع مواطنيها، والسيادة بين أيديهم يمارسونها من خلال الانتخابات واختيار ممثّليهم في الكنيست. مع ذلك، بقيت المواطنة بالنسبة للعرب في إسرائيل مواطنة رسمية بالأساس، لأنهم عانوا وما زالوا يعانون من التمييز العنصري في مجالات مختلفة ولم يحصلوا عمليًا َعلى المواطنة المتساوية.

وعلى الرغم من سن قانون دولة اسرائيل "دولة يهودية" والزعم السلطوي أنه لا يؤدي إلى استبعاد المواطنين العرب في الدولة والتمييز ضدهم، ومع الأسف هذا ما يحصل يوميا، والمطلوب تبني سياسة واضحة وصريحة لا تسمح باستغلال الطبيعة اليهودية للدولة كذريعة للتمييز على أساس قومي أو ديني والتعامل الفاشي تجاه مواطنيها العرب.

نوه البروفيسور زئيف شترنهل حول الخطر المحدق بالمجتمع الإسرائيلي، نتيجة تفشي الفاشية. وذكر مؤشرات على التصاعد الكبير للفاشية الإسرائيلية، موضحًا أن "الحرب ضد الديمقراطية، وما تتمسك به الأنظمة الفاشية من وجود البرلمان، لكن مع إفراغه من محتواه مع مرور الزمن"، إن "الحرب ضد الديمقراطية" التي شدد شترنهل عليها، معناها إعلاء شأن المجتمع ومصلحة الخلاص الاجتماعي كقيمة مركزية، على حساب مصلحة الفرد والمساواة بين عموم المشاركين في النشاط الاجتماعي". وإنّ "إسرائيل لم تعد منذ زمن بعيد تقيم مساواة حقيقية بين أولئك الذين تتشكل منهم الجماعة الاجتماعية فيها؛ يهودا، وعربا (يحملون الجنسية الإسرائيلية)، فلسطينيين في المناطق المحتلة، لاجئين، طالبي لجوء، وغيرهم"، و"الرغبة في التحكم، تطورت إلى صراع دموي ضد كل من يُعد، عن حق أو عن غير حق، عدو الأمة؛ وهذا مفهوم مرن، ذو معان قابلة لتفسيرات مختلفة؛ تلقى في إسرائيل تعابير سياسية ونفسية تبرر أفعال ظلم ومس بالأبرياء".

هذا الكلام ليس من عندنا، وإنما خلاصة لآراء نخبة من السياسيين والمحللين الإسرائيليين أنفسهم، ممن بدأوا يطرحون أسئلة مصيرية حول مستقبل إسرائيل والأخطار التي باتت تتهدّده من داخل القلعة الصهيونية نفسها. إذ لم يعد خافيًا على أحد أن المجتمع الإسرائيلي بلغ في السنوات العشر الأخيرة ذروة اليمين والتطرف والعنصرية والفاشية، وتحول إلى مجتمع للجريمة وعصابات المافيا، فيما الفساد المستشري ينخر جسده من القمة إلى القاعدة. كما أن عتاة التطرف الصهيوني الذين يتربعون على عرش السلطة، باتوا مقتنعين بأنهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تكون "دولة ديمقراطية" يتساوى فيها الجميع، وإما "دولة يهودية" كما جاء في "قانون القومية" الذي أقره الكنيست بكل ما يعنيه ذلك من تحولها إلى دولة فاشية أو حتى نازية وفق محللين إسرائيليين.

هذا القانون بحد ذاته، يحكم على أي تسوية محتملة للصراع مع الفلسطينيين مسبقًا بالفشل، كما أنه يحول فلسطينيي 48 من أصحاب الحق في بلادهم الأصلية إلى أقلية لا تملك أية حقوق، وستظل خاضعة للقمع والاضطهاد والمقايضة والتهجير، بينما تتعالى أصوات اليمين المتطرف للمزيد من مصادرة الأرض والتهجير وإقامة المستوطنات بالقوة على أراضي الفلسطينيين المحتلة عام1967 وملاحقة عرب النقب والتضييق عليهم ومصادرة أراضيهم، أي إلى فرض السيطرة الكاملة على الوطن الفلسطيني.

وهناك من يعتقد أن الاحتلال يسير بخطوات متسارعة تتجاوز الفاشية. ورأى أحد قادة «المعسكر الصهيوني» المعارض السابق ورئيس الدولة الحالي يتسحاق هرتسوغ أن إسرائيل تتجه نحو الفاشية، وأن "مصيرها كدولة ديمقراطية على المحك".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير