الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة للحياة

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2022 / 1 / 29
الادب والفن


هواجس السيد نون
٢٥ - يقظة السيد نون
.. وأسرع السيد نون وأخذ الممر الطويل الذي أشار له المدير بأخذه وهو يفكر في نفس الوقت كيف سيستطيع التعرف على موظف الإستعلامات الصادق حتى يستطيع أن يسأله : أين هي بوابة الجنة، أو أين هي بوابة الجحيم. وفكر في البداية بما أنه فعلا ليس لديه رغبة حقيقية في قضاء الأبدية مع بشر لم يكن يحتملهم في حياته المؤقتة او حياته الدنيا كما يسمونها، فلماذا لا يجعل الصدفة وحدها تقوده وتقرر مصيره. ولكنه في نفس الوقت لم يكن يحب الحر والصهد ولا يرغب في أن يكون مشويا إلى الأبد. كان ما يزال يفكر مترددا عندما وجد نفسه في نهاية الممر في مواجهة ضوء ساطع يكاد يمنعه من الرؤية بعد عتمة الممر الطويل، وفي ما يشبه صحراء مسطحة تمتد على مرمى البصر، تتكون من الرمال والأحجار مضاءة بشمس محرقة.
وترائى له من بعيد في وسط هذا الفراغ السرمدي ما أعتقد انه لا بد أن يكون البوابتين المعنيتين. وسار طويلا قبل أن يصل إلى هذا الهدف الذي يبعث في نفسه قلقا لا يوصف لعلمه بأنه لا يعرف كيف يتصرف عند وصوله ولا يعرف ما الذي يريده ولم يجد حلا للغز أبوالهول. في هذا الفراغ القاحل، لاحظ مع ذلك العديد من البشر، رجال ونساء وأطفال وحيوانات يهيمون في جماعات متفرقة بدون هدف واضح، وكأنهم ينتظرون شيئا ما، حلا سماويا أو معجزة تنقذهم من هذا العجز الأنطولوجي اللامحتمل. ووصل في نهاية الأمر إلى البوابتين الكبيرتين، وأمامهما كان يجلس موظفي الإستعلامات كل على كرسيه خلف مكتبه وكأنهما تمثالين من الشمع. كانا شبيهين لدرجة تبعث على القلق، كأن أحدهما إنعكاس أو نسخة للآخر، والذي يبعث على الرعب أنهما يقرآن نفس الكتاب، نفس الصفحة، هذا إذا كانا يقرآن حقا، وحركاتهما القليلة والبطيئة تبدو متزامنة ويبدوان كصورة منعكسة في مرآة. وبحركة عفوية اقترب من أحدهما ليرى ما يقرأه، ولكن نظرا لعدم حمله لنظاراته الطبية فإنه لم يستطع أن يرى سوى خربشة نملية مغبشة، ثم ذهب لإلى الحارس الآخر وأقترب منه وانحنى على الكتاب الذي يقرأه، ولم يتمالك نفسه من القول : ماذا تقرأ؟ وهنا تخلخلت الأرض من تحت قدميه وغابت الأشياء وعم ضباب كثيف غامق، ورأى الحارسين ينهضان بتثاقل ويبتعدان ثم يختفيان في الضباب، وأدرك أنه بسؤاله الغبي فقد كل أمل في المعرفة التي ينشدها. ثم سمع صوتا مألوفا قادم من بعيد : الحمد لله، الحمد لله لقد عدت إلى وعيك، كنت متأكدة من ذلك، الحمد لله. ثم فتح عينيه، وكانت زوجته جالسة على كرسي خشبي بجانب سريره وفي يدها كتاب مفتوح. ولم يتمالك نفسه من سؤالها : ماذا تقرئين ؟ فأجابت وهي تنظر لغلاف الكتاب : إنني أقرأ كتابا مملا لشاعر إيطالي، في إنتظار أن تستيقظ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان


.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال




.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG