الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفدرالية في اليمن.. الانتقال من دولة الغلبة إلى دولة الشراكة

عيبان محمد السامعي

2022 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


(ورقة عمل قُدّمت لندوة: الفدرالية بين بناء الثقة السياسية والأمن والسلام التي أقامتها مؤسسة أنصار تنمية وحماية المجتمع بالشراكة مع منظمة وصل للسلام وبالتعاون مع منظمة فريدريش ايبرت الألمانية ـ مدينة تعز 27 نوفمبر 2021)

مقدمة:
في أحدث استطلاع للرأي العام شمل عينة عشوائية مكونة من (1225) شخصاً من عموم المحافظات اليمنية، أظهرت النتائج عن تأييد (76%) من المُستطلَع آراءهم للنظام الفيدرالي وتوزيع السلطة بين الأقاليم وعدم تركّزها في العاصمة، ووفقاً لنتائج الاستبيان الذي أجرته "منصتي 30" بالشراكة مع اليونيسكو وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام (PBF) ونشرت نتائجه في 15 سبتمبر 2021، فقد رفض (20%) النظام الفيدرالي، فيما 4% قالوا إن الأمر لا يعنيهم. [1]
لم تأتِ هذه النتائج اعتباطاً، بل عبّرت عن واقع حال غالبية اليمنيين المُتطلِعين بلهف كبير إلى دولة الشراكة، الدولة الفدرالية التي تحقق لهم المشاركة الفاعلة في صنع القرار، وتضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة، بعد عقود طويلة من تحكُّم دولة الغَلَبَة على حياتهم ومصائرهم، تلك التي تقوم على تركيز السلطة بيد نخبة حاكمة مُتغلِّبة بقوة السلاح والعنف.

تُسلّط هذه الورقة الأضواء على موضوع الفدرالية والمبادرات الوطنية إزاءها، وقد شيّدنا معمارها على أربعة أعمدة:
الأول: مدخل نظري يتناول مفهوم الفدرالية والمفاهيم القريبة منه كالدولة البسيطة والكونفدرالية، كما يلقي بعض الأضواء على تطور فكرة الفدرالية في اليمن وجذورها في سياق تاريخي يمتد منذ ما قبل الميلاد حتى الوقت الراهن.
الثاني: يقدم مبررات ودواعي تطبيق النظام الفيدرالي في اليمن من خلال توضيح أفضليات هذا الخيار عن غيره من الخيارات المطروحة، لاسيما في ظل ما تعيشه البلاد من أوضاع الحرب المدمرة، وتنامي المشاريع الطائفية والجهوية، وتصارع الأجندة الخارجية على أرض اليمن، الأمر الذي ضاعف من مخاطر تفكك الدولة وتشظي المجتمع.
الثالث: يستعرض مضامين النظام الفدرالي في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومسودة دستور اليمن الاتحادي.
الرابع: يقدم عرضاً موجزاً لرؤى المكونات اليمنية إزاء الخيار الفيدرالي.
وتختتم الورقة بجملة من النتائج والتوصيات.
المحور الأول: مدخل نظري:
أولاً: مفهوم الفدرالية والمفاهيم المرتبطة به:
الفدرالية (Federation):
لغةً: مشتقة من الكلمة اللاتينية (Foedus)، ومعناها: اتفاق بين طرفين أو أكثر أو ميثاق أو تحالف أو عقد. وفي مجال القانون الدولي: الاتفاق المبرم بين دولتين أو أكثر أو قيام اتحاد بين أقاليم أو ولايات أو مقاطعات فإن هذا الاتفاق يسمى: اتحاداً فيدرالياً.
وأقرب ترجمة لكلمة الفدرالية هي "الاتحاد".[2]
وفي الاصطلاح، تعني الفدرالية: شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مُقسَّمة دستورياً بين حكومة فدرالية أو اتحادية ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويعتمد كلا المستويين المذكورين من الحكومة على بعض، ويتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخصّ الأقاليم والولايات فهي تعدّ وحدات دستورية لكلٍّ منها نظامها الأساسي الذي يحدِّد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصاً عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.[3]
والفيدرالي (Federal) يعني اتحادي أو مؤلف من اتحاد وحدات سياسية تتنازل عن سيادتها الفردية للسلطة المركزية ولكنها تحتفظ بسلطات حكومية محدودة، كما تعني الفدرالية عملية توزيع السلطة بين حكومة مركزية وعدد من الوحدات الإقليمية من خلال اعتماد الصلاحيات المتفق عليها بالدستور.[4]

كيف تنشأ الدولة الاتحادية (الفدرالية)؟
بإحدى طريقتين: [5]
الأولى: طريقة الانضمام:
أي الانضمام الاختياري بين عدة دول مستقلة، أو بين ولايات، أو أقاليم إلى بعضها؛ بحث تتنازل كل منها عن سلطاتها الخارجية وبعض سلطاتها الداخلية، ثم تتوحد ثانية لتشكل الدولة الاتحادية (الفدرالية) على أساس الدستور الفيدرالي الذي يقيم اتحاداً نابعاً من رضاها وإرادتها في العيش المشترك.
أغلب وأعرق الدول الفدرالية نشأت وفقاً لهذه الطريقة، مثل: ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا ودولة الإمارات العربية المتحدة.
الطريقة الثانية: طريقة التفكك أو إعادة الترتيب:
أي تفكك أو إعادة ترتيب دولة بسيطة (موحدة) بحيث تصير دولة اتحادية مكونة من عدة ولايات أو أقاليم أو مقاطعات. من أمثلة الدول التي نشأت وفقاً لهذه الطريقة: البرازيل، العراق، الهند، المكسيك، الأرجنتين.


الكونفدرالية (Confederation):
هي اتحاد بين الدول، بحيث تحتفظ كل دولة بسيادتها الكاملة، وتكتفي بالموافقة على إنشاء كيانات مشتركة وأساليب مشتركة فقط، من أجل الحفاظ على السلام.
وتحتفظ كل دولة عضو في الاتحاد ببعض السيطرة المستقلة على كلٍّ من الشؤون الداخلية الخارجية.[6]
أمثلة على الاتحاد الكونفدرالي: مجلس التعاون الخليجي، الاتحاد الأوروبي.


ثانياً: نشأة الدولة الفدرالية وتطورها:
تعد الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة فدرالية معاصرة على مستوى العالم، حيث نشأت عام 1787م.[7] ومنذ ذلك التاريخ أخذ النظام الفيدرالي يكتسب أهمية في النظم السياسية.
وباتتْ "الفكرة الفدرالية اليوم أكثر شعبية على المستوى الدولي من أي وقت مضى في التاريخ"[8]. فهناك حوالي 25 دولة فدرالية في العالم تضم أكثر من 40% من مجموع سكان العالم[9] وتتوزع في القارات الخمس، وهذه الدول الفدرالية هي:
1- الولايات المتحدة الأمريكية
2- كندا
3- المكسيك
4- روسيا الاتحادية
5- ألمانيا
6- النمسا
7- سويسرا
8- بلجيكا
9- اسبانيا
10- البوسنة والهرسك
11- استراليا
12- ماليزيا
13- الهند
14- باكستان
15- الإمارات العربية المتحدة
16- السودان
17- العراق
18- البرازيل
19- الأرجنتين
20- فنزويلا
21- جنوب أفريقيا
22- نيجيريا
23- أثيوبيا
24- جزر القُمر
25- الكونغو الديمقراطية

أهمية النظام الفيدرالي:
ويكتسبُ النظام الفيدرالي (أو الاتحادي) أهمية كبيرة لما يتمتع به من مرونة واستجابة أكبر لحاجات المواطن ــ الفرد، وقدرته على استيعاب الخصائص المميزة للمجتمعات المحلية، وإشراكها في الحياة العامة، وربطها بالعالم في ظل تأثير الثورة التكنولوجية الاتصالية، وشمول هذا التأثير أرجاء العالم.[10]
والدولةُ الفدرالية (الاتحادية) ليست قالباً جاهزاً، يتم استدعاؤه وتطبيقه بصورة ميكانيكية، بل هي صيغة تتشكّل وفقاً لمقتضيات واقع كل بلد. فلا توجد تجربة فدرالية في العالم نسخة كربونية عن تجربة أخرى، بل إن لكل تجربة خصوصيتها وميزاتها النابعة من ظروفها الخاصة.

نستنتج مما سبق، الآتي:
1- النظام الفيدراليّ ــ من حيث أصل الفكرة ــ إنّما هو تنظيم إداري للدولة اخترعته البشرية، مثله مثل التنظيمات الإدارية الدولتية الأخرى المُخترعة بشرياً.
2- ينشأ النظام الفيدرالي في أي بلد استجابةً لأسباب وعوامل موضوعية: سياسية أو اقتصادية أو ثقافية... إلخ. وغالباً ما تلجأ إليه الدول التي تعاني من مشكلات على صعيد الاندماج الوطني وتفاوت التنمية بين المناطق والجهات.
3- النظام الفيدرالي نمط من أنماط الوحدة، يهدف إلى توزيع السلطة والثروة بين وحدات إدارية وفقاً لدستور وقوانين واضحة ومحددة. وليس كما يظن البعض خطأً بأنه تقسيم للدولة، فالدولة الفدرالية تظلّ دولةً موحدة، بشعبٍ واحد، وبجنسيةٍ واحدة، وبشخصيةٍ دولية واحدة.
4- تتحقق عملية الوحدة أو الاتحاد الفيدراليّ بإحدى صيغتين:
الأولى: تتم بين عدة دول مستقلة اتفقت ــ طوعياً ــ على أن تتوّحد لاعتبارات سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك.
الصيغة الثانية: أن تقرر دولة ما إعادة صياغة نمط وحدتها بالانتقال من الدولة البسيطة إلى الدولة الفدرالية؛ إما لمعالجة مشاكل قائمة أو رغبة في تحقيق مزيد من التطور والنماء.
5- النظام الفيدرالي ليس قالباً ثابتاً جامداً، يناسب دول معينة ولا يناسب دول أخرى، كما يتوّهم البعض، بل نظام يتشكّل وفقاً لخصائص كل دولة وأوضاع كل مجتمع. فهناك دول فدرالية كبيرة من حيث المساحة وعدد السكان، مثل: أمريكا، وروسيا وغيرهما. وفي المقابل هناك دول فدرالية صغيرة من حيث المساحة وعدد السكان، مثل: سويسرا، والإمارات العربية المتحدة.
كما أن هناك دول فدرالية تتميز بالتعدد والتنوع المجتمعي، وتضمّ أجناساً وأعراقاً وإثنيات متعددة، مثل: الهند، وماليزيا. وفي المقابل هناك دول فدرالية لا توجد فيها أجناس وأعراق وإثنيات متعددة، مثل: ألمانيا.

ثالثاً: سيرورة تطور الفدرالية في اليمن:
هل الفدرالية فكرة مستوردة أم فكرة يمنية أصيلة؟
يُوجِّه البعض نقداً للخيار الفيدرالي بالقول إن الفدرالية فكرة مستوردة ولا تناسب واقع اليمن، وأن تطبيقها سيفتح الباب أمام مشاريع التمزيق والتفكك، ويغفل هؤلاء حقائق التاريخ التي تؤكد على أن اليمن قد عرفت شكلاً معيناً من النظام الفيدرالي (الاتحادي) منذ زمن بعيد، وبالتحديد في العصر القديم، كما عرفته في فترات متقطعة خلال العصر الوسيط والعصر الحديث والمعاصر، ويمكن توضيح هذا الأمر على النحو الآتي:

الفدرالية في اليمن القديم:
تأسستْ الدولة اليمنية القديمة من اتحاد قبائلي، وفق مفهوم القبيلة المستقرة الزراعية وليس القبيلة البدوية المتنقلة.[11]
ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن القبيلة في اليمن تحمل خصوصية تنفرد بها، وهي أنها لا تقوم على قربى الدم فقط بقدر ما تقوم ــ أيضاً ــ على المصالح الدنيوية المشتركة لأبنائها.
انعكس كل هذا في شكل نظام الحكم السياسي والتنظيم الإداري للدولة في اليمن منذ القِدم، ولا يزال تأثيره قائماً حتى الوقت الحاضر.
فقد ساد نظام الحكم الملكي في الدول اليمنية القديمة، وعلى الرغم من ذلك، كانت سلطة الملك مُقيَّدة. فقد شاركه في إدارة شؤون الحكم مجلس يسمى (المزاود) ويتكوّن من الكُبراء (الأقيال) وزعماء القبائل وكبار المُلَّاك. وكان هؤلاء يشاركون الملك السلطة، لاسيما في القضايا السيادية وإصدار التشريعات والقوانين الخاصة بالتملّك والضرائب وغيرها.[12]
وهو وضع خاص تميّزت به معظم الدول اليمنية القديمة دوناً عن بقية الدول المعاصرة لها.
يقول د. جواد علي: "لم يكن الملوك في العربية الجنوبية أو في العربية الغربية [أي اليمن] ملوكاً مطلقين لهم سلطان مطلق وحق إلهي في إدارة الدولة على نحو ما يريدون، ولكن كانوا ملوكاً يستشيرون الأقيال والأذواء وسادات القبائل والناس وكبار رجال الدين فيما يريدون عمله، واتخاذ قرار بشأنه. وهو نظام تقدمي فيه شيء من الرأي والمشورة وحكم الشعب (الديمقراطية) بالقياس إلى حكم الملوك المطلقين الذين حكموا آشور وبابل ومصر وإيران." [13]
إذن اتسم نظام الحكم بوجود "سلطة تشريعية شوروية وإن كانت تصدر التشريعات باسم الملك الذي يأخذ زمام المبادرة فيها ويتولى غاية تطبيقها ومعاقبة مخالفيها. فالملك لا ينفرد باتخاذ القرارات".[14]
ويأتي النص القرآني ليؤكد ذلك: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ) [سورة النمل/32]
هذا بالنسبة لإدارة السلطة، فماذا عن التنظيم الإداري للدولة؟؟
يذهب د. محمد عبدالقادر بافقيه إلى أن الممالك اليمنية القديمة كانت تقوم على أساس اتحادي، حيث ساد "نظام القَيالة"، وهو نظام حكم محلي يقوم على أساس اتحادي أو شبه اتحادي يتمتع فيه الأمراء المحليون باستقلال ذاتي.[15]
وكان يُطلق على هؤلاء الأمراء ــ في الغالب ــ لقب الأقيال (المفرد: القَيْل). ويتولى القيل تدبير شؤون المخلاف الذي يتكون من عدة محافد.
ويدير المحفد كبير المحفد، ويُلّقب ب (ذو) متبوعاً باسم المكان، فيقال مثلاً: ذو غمدان: أي صاحب غمدان، وذو معين: أي صاحب معين، وتُعرّف هذه الطبقة بالأذواء.[16]
وعرفت الدولة في اليمن القديم فصلاً واضحاً بين اختصاصات السلطة المركزية، واختصاصات الوحدات الإدارية الأدنى. فقد كان لرؤساء الوحدات الإدارية الأدنى: المخاليف والمحافد اختصاصات ومهام ضمن الإطار الجغرافي المحدد. فقد توّلوا مهام الإشراف المباشر على إقامة المرافق الاقتصادية العامة المتمثلة في آلاف السدود والطرقات والقلاع والحصون والأسواق والمخازن وغيرها، ويقتصر دور الدولة المركزية على الاشراف والدعم والتخطيط الفني.[17] فضلاً عن وجود تشريعات خاصة بالمخاليف.[18]
أما المستوى الأعلى فقد كان يختص بالمهام السيادية، إذ يتولى الملك "المهام الرئيسية الكبرى التي تتعلق بتماسك المملكة وحماية مصالحها السياسية والاقتصادية الخارجية."[19]
يتضح مما تقدم بأنّ نمط التقسيم الإداري للدولة وأسلوب توزيع السلطة في اليمن القديم يشبه إلى حد كبير النظام الفيدرالي المعاصر. من حيث اشتمال التقسيم الإداري للدولة اليمنية القديمة ثلاثة مستويات إدارية:
1- المستوى المركزي: ويتربع على رأسه الملك، الذي يمارس صلاحيات ومهام سيادية، تماماً مثل صلاحيات ومهام الرئيس في الدولة الفدرالية.
2- المستوى الوسيط: المخلاف، ويحكمه القيل، وهو يماثل الاقليم الذي يحكمه حاكم الاقليم. ويتولى مهام سياسية واقتصادية في إطاره الجغرافي المحدد.
3- المستوى الأدنى: المحفد، ويحكمه (ذو...)، وهو يشبه الولاية أو المقاطعة ــ ـبلغة اليوم ـــ التي يحكمها والي أو محافظ الولاية. ويتولى مهام سياسية واقتصادية في الإطار الجغرافي للولاية.

إنّ هذا الأسلوب في إدارة الدولة وشؤون الحكم لم يأتِ من فراغ، إنما كان نتاج الأحوال الطبيعية للبلاد وتضاريسها التي لم تكن لتسمح في ظروف ذلك العصر بقيام حكم مركزي مباشر حتى مع وجود قوة ذات وزن كبير كقوة سبأ مثلاً خلال قرون عدة. فقد أدت تلك الأحوال الطبيعية إلى قيام تجمعات متفرقة تسمى في النقوش الحميرية (شعوب) يحكم معظمها إن لم يكن كل واحد منها في المراحل المبكرة حاكم محلي.[20]

فدرالية العصر الوسيط وصولاً إلى العصر الحديث والمعاصر:
تشير المصادر التاريخية إلى أنه وبُعيد انتشار الإسلام في اليمن قُسمّتْ إلى ثلاثة مخاليف، هي: مخلاف الجند ومركزه مدينة الجند، ومخلاف صنعاء ومركزه مدينة صنعاء، ومخلاف حضرموت ومركزه حضرموت.[21]
وقد عيَّن الرسول الأعظم محمد (ص) ولاةً على تلك المخاليف، حيث عيّن باذان والياً على مخلاف صنعاء، وزياد بن لبيد البياضي والياً على مخلاف حضرموت، والصحابي الجليل معاذ بن جبل والياً على إقليم الجند بالإضافة إلى تعيينه والياً عاماً على اليمن.
واستمر هذا التقسيم طوال الخلافة الراشدة، قبل أن يتحوّل الحكم إلى ملك وراثي ارستقراطي عضوض بقيام الدولة الأموية، حيث دخلت اليمن في نفق مظلم وحالة ركود حضاري، ونشأت دويلات وإمارات صغيرة خاضت حروباً بينية لردحٍ طويلٍ من الزمن. ومن أبرز تلك الدول:
الدولة الإباضية (128 – 131هــ) وعاصمتها حضرموت، ودولة بني يعفر (213 – 233 هـ) وعاصمتها صنعاء، ودولة علي بن الفضل الإسماعيلي (270- 303 هــ) وعاصمتها مذيخرة، ودولة بني زياد (204 – 403 هـ) وعاصمتها زبيد، ودولة بني نجاح (403 – 554 هـ) وعاصمتها زبيد، والدولة الصليحية (439 – 569 هــ) وعاصمتيها: صنعاء ثم جبلة، والدولة الرسولية (626 – 858 هـ) وعاصمتها تعز، الدولة الطاهرية (916 – 945 هــ) وعاصمتيها: رادع ثم عدن، والدولة الزيدية (284 هـ – 1962م) وعاصمتيها: صعدة ثم صنعاء.
ظلّت اليمن ــ غالباً ــ خارجة عن السيطرة الفعلية للدول الإسلامية المتعاقبة طوال قرون من الزمن، إذ بقيت تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي نظراً لبعدها الجغرافي عن عواصم تلك الدول.
في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي خضعت اليمن للسيطرة العثمانية. ولم يستقر الوضع للعثمانيين طويلاً، فقد قُوبلوا بمقاومة عنيدة من اليمنيين اضطرتهم لمغادرة اليمن عام 1635م. ثم عادوا إليها مرة أخرى عام 1872م، وكانت سيطرتهم هذه المرة تقتصر على المحافظات الشمالية، لأن المحافظات الجنوبية كانت قد خضعت للسيطرة البريطانية.
لقد أعاد العثمانيون تقسيم المناطق التي يسيطرون عليها إلى وحدات إدارية تبدأ باللواء، ويحكمه حاكم اللواء مثل: لواء صنعاء، ولواء تعز، ولواء الحديدة، ولواء عسير (الذي كان في ذلك الوقت جزءاً من الأراضي اليمنية). ثم يندرج ضمن كل لواء عدد من الأقضية، وسميّ حاكم القضاء "قائم مقام"، وبدوره انقسم كل قضاء إلى عدد من النواحي.
وظلت هذه الوحدات الإدارية تتمتع بصلاحيات واسعة، إلى أن أُبرِم اتفاق "صلح دّعَّان" عام 1911م بين أحمد عزت باشا مندوب السلطان العثماني وبين الإمام يحيى حميد الدين، وبموجبه خرج العثمانيون بصورة نهائية من اليمن.
بعدئذٍ آلت "اليمن الشمالي" إلى أسرة حميد الدين التي حكمتها بالحديد والنار، وبالمركزية الشديدة، وبالسياسة الجبائية التي تنوّعت أشكالها بين "خطاط"، و"تنافيذ"، و"بواقي"، وفرضت عزلة على اليمن، ونشرت الجهل والخرافة في أوساط المجتمع.
استمر هذا الوضع حتى بزوغ فجر ثورة 26 سبتمبر 1962م، لتتخلص اليمن من ظلام الكهنوتية الإمامية، وتؤسس أول جمهورية في منطقة الجزيرة العربية، حملت اسم "الجمهورية العربية اليمنية".
أما في الجنوب اليمني، فقد خضعت لسيطرة الاستعمار البريطاني منذ 1839، وقد قام فيها اتحاد فيدرالي إبان تحت مسمى "اتحاد الجنوب العربي" عام 1962 وضم ما كان يُعرف بـ: "محميات عدن الشرقية" و"محميات عدن الغربية".
وبُعيد تحقيق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م من الاستعمار البريطاني أعيد بناء الدولة في الجنوب على أساس مركزي حملت اسم "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية".
اتخذت الجمهوريتان الوليدتان اتجاهين سياسيين وتنمويين متناقضين، فـ (ج.ع.ي) اختارت النهج الرأسمالي، بينما اختارت (ج.ي.د.ش) الطريق الاشتراكي، وقد بقيتا كذلك حتى تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990.
قامتْ الوحدة الاندماجية بين الدولتين السالِفتين بصورة مُستعجلة وغير مدروسة، ولم يُراعَ فيها التباينات والاختلافات في طبيعة وتوجّهات كلا النظامين، وهو ما ألقى بظلال قاتمة على عملية إدارة دولة الوحدة.
بدأت نُذر الأزمة تطلّ بقرونها بين طرفيّ الائتلاف الحاكم، وتصاعدت أكثر إثر قيام المؤتمر الشعبي العام ورئيس الجمهورية آنذاك ــ علي عبدالله صالح ــ بإعاقة تطبيق دستور1991م الذي أقر اللامركزية الإدارية والمالية في إطار الدولة البسيطة، وإخضاع المجالس المحليّة للانتخاب بكامل هيئاتها، ويشمل ذلك انتخاب المحافظين ومدراء المديريات، ومنح هذه المجالس صلاحيات إدارة الشأن المحلي كسلطة مستقلّة، فردّ الطرف الآخر في الائتلاف ــ الحزب الاشتراكي اليمني ــ بتبني تعديل الدستور باتجاه تعميق لامركزية الحكم وتقديم رؤية لاعتماد الفدرالية كحل للأزمة.[22]
وفي حقيقة الأمر فإنّ تبنّي الاشتراكي لهذا الخيار، كان ردة فعل لسياسة الضم والإلحاق التي مُورست ضده وضد الجنوب منذ أول يوم من أيام دولة الوحدة. فقد اعتبرت "نخب الشمال" تحقيق الوحدة بمثابة "عودة الفرع (أي الجنوب) إلى الأصل (الشمال)"!، وليست وحدة قائمة بين دولتين مُعترفٌ بهما دولياً، ولهما شخصيتان دوليتان!
على أساس هذا التصور تصرّفت "نخب الشمال"، وعمدت إلى تعميق الصراع والذهاب بالأمور إلى المواجهة؛ بهدف إخراج الحزب الاشتراكي اليمني من المعادلة والانفراد بالسلطة. وفي سياق ذلك نُفذّت عمليات اغتيالات ذهب ضحيتها ما يزيد عن (150) قيادي اشتراكي في الفترة ما بين عامي (1991 - 1993م).
إثر ذلك تدخلت بعض الدول الإقليمية في محاولة منها لإيجاد حل للأزمة، وقد أسفرت هذه المساعي عن "توقيع ما سميّ "وثيقة العهد والاتفاق" ووقّعته كل الأحزاب السياسية.
بموجب الاتفاق المذكور، حُسِم الخلاف بإقرار نظام حكم يقوم على اللامركزية الإدارية والمالية، ومُنِحت المجالس المحليّة المنتخبة صلاحيات واسعة، وتوسّعت المشاركة في اتخاذ القرار التنموي، كما عزّز الاتفاق السلطة التشريعية باستحداث "مجلس شورى منتخب"، وهو غرفة برلمانية ثانية، وحَدّدت الوثيقةُ المهامَّ والصلاحيّات العامّة لمجالس الحكم المحليّ التنمويّة والخدميّة والإداريّة والماليّة."[23]
وقبل أن يجفّ حبر التوقيع على الوثيقة، كان المؤتمر الشعبي وحلفائه من أطراف سياسية ومشائخ قبلية ودينية يعدّون العدّة للانقضاض على الطرف الآخر، وأعلنوا عليه الحرب، مستخدمين شعارات سياسية مضللة وفتاوى دينية آثمة تتهم الجنوبيين بالانفصال والاشتراكيين بالإلحاد.
لقد أحدثتْ تلك الحرب الغاشمة جروحاً غائرة في جسد الوحدة الوطنية لا تزال مفتوحة إلى اليوم. فقد قضتْ الحرب على الوحدة الطوعية واستبدلتها بـ"الوحدة المُعمّدة بالدّم"، واستبيح الجنوب في 7/7/1994م، وعومل كأرض فيد وغنيمة، جرى اقتسامها بين "الغزاة الوحدويين" و"المجاهدين".
أخذت سلطة 7/7 وتحت وهم "النصر" تتنمّر على المجتمع، وتُخرِج ما في جعبتِها من مطامع الاستحواذ. فشرعتْ بإجراء تعديلات واسعة على دستور دولة الوحدة، شددت بموجبها القبضة على السلطة والثروة. إذ تم إلغاء المجلس الرئاسي، واُختزلت السلطة بالحاكم الفرد، وأُفرِغ الحكم المحلي من مضمونه لصالح هيمنة المركز (عاصمة الدولة).

ما تقدم كان لمحة موجزة عن جذور فكرة الفدرالية في اليمن وسيرورتها التاريخية. ولم يكن هدفنا من وراء ذلك إضفاء طابع الخلود والأزلية على الفدرالية؛ بل كان الهدف تفنيد المزاعم التي تقول بأن فكرة الفدرالية فكرة دخيلة وغريبة عن اليمن.



المحور الثاني: لماذا تحتاج اليمن إلى الفدرالية؟
تستدعي الإجابة على هذا السؤال تسليط الضوء على مسألتين أساسيتين:
الأولى: تجربة الدولة البسيطة ونتائجها على اليمن.
الثانية: مزايا الدولة الفدرالية ومدى قدرتها في حل المشكلات الراهنة في اليمن؟

تجربة الدولة البسيطة في اليمن:
أثبتت التجربة الملموسة أنّ الحكم المحليّ في ظروف بلدٍ كاليمن قد فشل فشلاً ذريعاً.
فقد عجزت "اللامركزية الإدارية" عجزاً بيّناً عن منع تغوُّل السلطة المركزية عليها؛ لأنها تفتقد للآليات المؤسسية والتشريعية الكفيلة بذلك، وفاقد الشيء لا يعطيه!
لقد آلَ الحكم المحلي المنصوص عليه في الدستور السابق إلى تمركُّز شديد للسلطة والثروة بيد النخبة الحاكمة، وقد أدى ذلك إلى نتائج اجتماعية واقتصادية وسياسية بالغة السوء، نبيّنها على النحو الآتي:
على المستوى الاجتماعي:
1- ولّد احتكار السلطة والثروة احتقاناً اجتماعياً، اتخذ مساراً تصاعدياً مع مرور الوقت، وبدأت رقعة الاحتجاجات الشعبية تتسع كل يوم حتى بلغت ذروتها باندلاع شرارة الحَرَاك الجنوبي السلمي في 7/7/2007م، وتفجُّر الثورة الشعبية السلمية عشية 11 فبراير 2011م.
2- تعاملت السلطة الاحتكارية مع الشعب كمُلحق بها، لا باعتباره كياناً مستقلاً عنها، يمتلك هوية ولديه مطالب وتطلعات.
وقامت بتكريس العلاقات الرعوية في المجتمع، شيخ مقابل رعية، وحاكم مقابل جماهير تابعة.
3- استحوذ المركز على المشروعات التنموية ــ على رثاثتها ــ، وحُرمت المحافظات الأخرى منها، وهو ما ولّد ردة فعل اجتماعية، تمثلت في انتشار الدعوات الجهوية والنزعات المناطقية في طول البلاد وعرضها. وعليه، بدأ المجتمع اليمني يفقد ــ بالتدريج ــ شروط التماسك الاجتماعي والاندماج الوطني، في حين بدأ الانقسام والتشظي يتعزز بصورة أكبر.
4- انبعثت مشاريع ماضوية كنا نعتقد أن الزمن قد طواها وإلى الأبد، مثل: "مشروع الجنوب العربي" الذي تتبناه بعض فصائل الحَرَاك في الجنوب، و"المشروع الطائفي السلالي" الذي يقوده تحالف الانقلاب في الشمال، والدعوات المناطقية التي تتنامى في المناطق الوسطى وفي المناطق الغربية وفي المناطق الشرقية.
5- شهدت اليمن طوال الـ25 عاماً الماضية أزمات وحروب متناسلة ومتسلسلة، فكانت تخرج من أزمةٍ إلى أزمة، ومن حربٍ إلى حرب.
لم تكن هذه الحالة محض صدفة، بل سياسة ممنهجة لجأت إليها الطبقة المسيطرة للتنصّل عن القيام بالتزاماتها الدستورية والتنموية تجاه المجتمع.
على المستوى الاقتصادي:
1- تراجعت مؤشرات النمو الاقتصادي بشكل مستمر، في مقابل ارتفاع تصاعدي مخيف لنسب الفقر والبطالة، وتضخّم أسعار السلع والخدمات.
2- باتت الدولة تعاني من العجز الشامل: عجز في الميزانية العامة (Government Budget) وهو عجز يتكرر كل سنة، وعجز في ميزان المدفوعات(Balance of Payments)، وعجز عن خلق فرص عمل جديدة للعاطلين.
3- ارتهنت الدولة وبشكل كليّ لمؤسسات الإقراض الإمبريالية: صندوق النقد والبنك الدوليين (IMF & WB)، وبموجب ذلك أُلزمت بتنفيذ ما سُميّ "برنامج الاصلاح الاقتصادي والتكيّف الهيكلي"(Economic Reform and Structural Adjustement Program). الذي كان له مآلات كارثية على الاقتصاد الوطني، فقد دُمِّر القطاع العام بفعل الخصخصة (privatization)، وانتُهجت سياسات التجويع والإفقار (أو سياسة الجُرْعَة كما هي متداولة شعبياً) وذلك برفع الدعم الحكومي عن السلع الغذائية والمشتقات النفطية وتعويم قيمة العملة الوطنية، وقد أفضى كل ذلك إلى تآكل الطبقة الوسطى وتزايد أعداد الفقراء.
فضلاً عن ذلك، انجرفت اليمن في سياسة "الإقراض والمديونية" و"الاستثمار الأجنبي غير المنضبط"، وبالتالي أصبح الاقتصاد الوطني تحت رحمة المتروبولات العالمية، وفقدت اليمن استقلالية قرارها الوطني، وأصبحت دولة تابعة كلياً، فالتبعية الاقتصادية مُقدمة للتبعية السياسية.
4- استفحال الفساد بصورة مهولة، وصار مُمأسساً ومقنناً، في ظل تحكُّم سلطة غنائمية، تزاوج بين ممارسة المسؤولية الحكومية وممارسة النشاط التجاري والاستثماري. وتشكّلت شبكة مصالح انتفاعية زبائنية، شملت: مسؤولين حكوميين، وقادة عسكريين، ومشائخ قبائل، ورجال دين، ورجال أعمال، وسياسيين موالين، سعوا إلى مراكمة الثروة والذهاب بها إلى خارج البلاد لبناء مشاريع استثمارية وشركات عقارية خاصة.
5- ساهم هذا الوضع في تعميق الفوارق الطبقية في المجتمع اليمني، فصارت أقلية بسيطة تعيش في ثراء فاحش، وأغلبية كاسحة تعاني من فقر وعوز.
على المستوى السياسي:
1- عانت الحياة السياسية في اليمن من حالة تجريف وتضييق للمجال العام، وجرى تدجين المجتمع المدني، وتقييد الحريات العامة وانتهاك حقوق الإنسان، وقوبلَ حَرَاك الشارع بقمعٍ مفرط، وتعمّقت سيطرة الأجهزة الأمنية على الحياة المدنية، وانتشر العسس والمخبرين في كلّ شارع وزقاق لإحصاء أنفاس الناس.
2- اُختزلت السلطة في شخص الحاكم وعائلته، وأُفرغت الديمقراطية من مضمونها الحقيقي، وأُلغيَ مبدأ التداول السلمي للسلطة "بتصفير العداد" مراتٍ عديدة، وانتهاءً بقلعه تماماً. وأُضفيَ على شخص الحاكم طابع القداسة فهو الرجل الضرورة الذي يرتبط مصير اليمن به.
3- وأبعد من ذلك، بَدتْ اليمن تتجه إلى أن تصبح دولة جملوكية وراثية، بقيام أجهزة السلطة الترويج لمشروع التوريث.
4- كل هذا وغيره، وضع اليمن في فوهة بركان، فكان أن انفجر البركان ولا تزال حممه تتطاير في كل اتجاه..!

رأينا فيما سبق ذكره، كيف فشلت تجربة الدولة البسيطة في اليمن، وأنها لم تنتج سوى تركّز أكبر في السلطة واحتكار أعمق للثروة.
وقد اتخذتْ عملية مركزة السلطة والثروة في اليمن شكلاً معقداً يمكن وصفها بـ"مركزية عنقودية انشطارية". قُسمِّت البلاد بموجبها إلى: مركز (عاصمة الدولة) وأطراف تابعة (بقية محافظات البلاد)، حيث المركز يستأثر بالسلطة والثروة ويحرم الأطراف منهما.
وفي كل قسم من هذين القسمين الرئيسيين، وجدنا تقسيمات فرعية انشطارية: فالعاصمة تنشطر إلى مناطق نفوذ "مركز" ومناطق تخوم "أطراف"، ففي الأولى تتركز مؤسسات الدولة والأحياء الراقية ومنازل كبار قيادات الدولة والسفارات، مثل: منطقة حدة، ومنطقة السبعين، ومنطقة الحصبة، ومنطقة التحرير، فيما بقية المناطق تعيش على الهامش، وتزدحم فيها العشوائيات، وينتشر فيها الفقر والجريمة.
وعلى ذات المنوال تنشطر مناطق الأطراف (المحافظات) إلى قسمين: مراكز الأطراف وتتمثل بعواصم المحافظات، وتخوم الأطراف وتتمثل بالبلدات والأرياف. حيث تستحوذ عواصم المحافظات على القرار المحلي والمشاريع ويتكدس فيها السكان، في حين تُهمَّش البلدات والمناطق الريفية وتبقى تابعة لعاصمة المحافظة.
وقد أفضى هذا الوضع إلى ترييف المدن بفعل هجرة أبناء الريف إلى المدينة بحثاً عن فرص أفضل للحياة، وتكدّس هؤلاء في الأحياء الشعبية التي تفتقر إلى الخدمات وينتشر فيها الفقر والجريمة.
ولم تقف المركزية عند هذا المستوى، بل أضحتْ حالة بنيوية شاملة، تجلّت في صور مختلفة في السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة وكافة مناحي الحياة.
فجماعة السلطة "مركز" والمجتمع "طرف"، والحزب الحاكم "مركز" الحياة السياسية وأحزاب المعارضة "أطراف"، والطبقة الطفيلية الكمبرادورية "مركز" الحياة الاقتصادية وبقية المنخرطين في النشاط الاقتصادي من عمال وعاملين وملاك صغار "أطراف"، ومسؤول مؤسسة حكومية "مركز" المؤسسة والعاملين فيها "أطراف"، وشيخ القبيلة "مركز" وبقية أبناء القبيلة "أطراف"، وزعيم الحزب "مركز" وبقية أعضاء الحزب "أطراف"، والرجل "مركز" والمرأة "طرف"، والأب "مركز" العائلة وبقية أفراد العائلة "أطراف"... وهكذا.
يضاف إلى كل ما سبق، التحديات الجسيمة التي أفرزها انقلاب 21 سبتمبر 2014م ونشوب حرب أهلية وتدخل اقليمي في مارس 2015م.
لقد أحدث هذا المسار تصدُّعاً كبيراً في جسم الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، وتعزز الخطاب المناطقي وتكرست الدعاوى الطائفية بصورة غير مسبوقة. فقد بات الخطاب التقسيمي الهوياتي: شمال وجنوب، زيدية وشافعية، يمن أعلى ويمن أسفل، روافض ونواصب، قحطانية وهاشمية، هو الخطاب السائد.
أمام هذا الوضع المتفاقم الذي يهدد سلامة الكيان الوطني، ليس بإمكان العقل السياسي اليمني إلا أن يبحث عن حل حقيقي جاد، ولن يكون هذا الأمر مواتياً إلا بتغيير شكل الدولة البسيطة إلى الدولة الفدرالية.
إنّ الخيار الفيدرالي علاج وقائي ضروري لتفادي تشظي اليمن إلى دويلات. وهو الحل الواقعي الموضوعي المطروح في مقابل المشاريع التطرفية الأخرى التي تتمثل بـ: التمسك بالدولة البسيطة، والمشروع الطائفي، ومشروع فك الارتباط.

الحاجة المُلِحة للنظام الفيدرالي ومدى قدرته على حل المشكلات الراهنة في اليمن:
خيار الدولة الفدرالية يمثل المدخل الموضوعي لحل القضية الجنوبية ومعالجة النتائج الكارثية لحرب 1994م. ويمثل آلية ناجعة لمواجهة المشروع الطائفي الذي يدّعي بالحق الإلهي في الحكم وحصره في ولاية البطنين، كما يمثل مصداً وطنياً أمام تنامي الدعوات الجهوية في أرجاء مختلفة من البلاد.
لا يقتصر مزايا الخيار الفيدرالي على الاعتبارات السياسية المباشرة فقط، بل ينطوي على مزايا أخرى عديدة، ومنها:
1- يعيدُ الخيار الفيدرالي تشكيل السيكولوجيا الاجتماعية، فتعزِّز من قيم المواطنة، وتعمِّق الانتماء الوطني؛ إذ يتأسس على مصالح مشتركة ملموسة ومحسوسة، وعلى التكامل والتعاون والتكافؤ بين الأقاليم والمجتمعات المحلية. بينما في الدولة البسيطة يظل الانتماء مُفرَغاً، إذ يُغلّف بأيديولوجيا فوقية ورطانة سلطوية تلِّقن الناس دروساً في الوطنية، فتصيبهم بحالة اغتراب "في/ داخل" الوطن في مقابل حالة الغُربة "عن/ خارج" الوطن. وقد قدم الشاعر عبدالله البردوني وصفاً بليغاً لهذا الوضع، إذ قال:
يمانيــونَ فـي المنفــــى ومنفيّــــــون فـي اليــمـــــنِ
2- تناسب الدولة الفدرالية واقع اليمن وحقائق التنوع السياسي والاجتماعي والثقافي والايكولوجي. فالمجتمعات المحلية تمتلك خصوصيات ثقافية من ناحية اللهجات والعادات والتقاليد وأنماط العيش والملابس والبنى الاعتقادية والمذهبية.
وبيئة اليمن بيئة متنوعة، ففيها مناطق مرتفعة ومناطق منبسطة، ومناطق جبلية ومناطق ساحلية ومناطق سهلية، وهذا ينعكس في اختلاف الطبائع والأمزجة وتباين العادات والتقاليد من منطقة إلى أخرى.
إن الدولة الفدرالية هي البوتقة التي بإمكانها أن تستوعب جدلية التعدد في الوحدة، والتنوع في إطار الشمول، والخصوصيات المحلية في إطار الهوية الوطنية الجامعة.
3- ينسجم خيار الدولة الفدرالية مع معطيات التاريخ، بل ويمثّل عاملاً في النهوض الحضاري، فكما رأينا سابقاً إن أزهى الفترات التي عاشتها اليمن طوال تاريخها كان يسودها نظام كثير الشبه بالنظام الفيدرالي المعاصر.
4- إن آلية توزيع السلطة في الدولة الفدرالية تتم بين عدة مستويات: الولايات، والأقاليم، والمستوى الاتحادي، وفي كل مستوى من هذه المستويات توجد مؤسسات تشريعية وتنفيذية يتم انتخابها من الشعب. وهذه آلية كفيلة بتفكيك عصبوية السلطة واحتكارها. وضمان بعدم قدرة حزب ما أن ينفرد بالسلطة أو يتحكّم بها مستقبلاً.
5- الديمقراطية التوافقية التشاركية هي أساس النظام السياسي في الدولة الفدرالية لا الديمقراطية البسيطة (ديمقراطية الأغلبية).
ونموذج الديمقراطية التوافقية التشاركية هو أرقى نموذج ديمقراطي توصّل إليه الإنسان المعاصر نظراً لما يتيح من وسائل التفاعل الخلاق بين المجتمع والدولة، ويصون حقوق الإنسان والحريات العامة.
6- تمنع الدولة الفدرالية بآلياتها التشريعية والمؤسسية من احتكار الثروة بيد أقلية أوليغارشية، وتعيد توزيعها بصورة عادلة بين الولايات والأقاليم والمستوى الاتحادي. وتخلق فرص متكافئة أمام المناطق وأقاليم البلاد للنهوض الذاتي والتنافس الحميد بينها. وتعمل على كسر البيروقراطية وإتاحة نظام إداري مرن يستوعب حاجات الناس المتجددة.
7- يوجد في الدولة الفدرالية مؤسسات وآليات ضامنة لبقاء الكيان الوطني موحداً، ومن تلك: الدستور الاتحادي، الحكومة الاتحادية، مجلس الشعب الاتحادي بغرفتيه، الجمعية الوطنية، المحكمة الدستورية الاتحادية، ومجلس القضاء الأعلى الاتحادي، الجيش، الجنسية الواحدة، العملة الموحدة، ...إلخ.
8- نؤكد على أن الحديث عن مزايا الفدرالية لا يعني إضفاء الأسطرة عليها أو تصويرها كـ "يوتوبيا" خلاصية نتخلص من خلالها من كل الأسقام.
كلا، فنحن نرى الفدرالية؛ آلية ضمن آليات أخرى عديدة تحتاجها اليمن لمعالجة أزماتها، لكنها آلية محورية بالطبع.
إن أهمية الفدرالية تتمثل في أنها المفتاح الموضوعي لحل القضية الجنوبية بصفة خاصة والقضية الوطنية على وجه العموم. ولضمان نجاح عملية تطبيق الفدرالية لابد أن يُمهّد لها ويرافقها جملة من الاجراءات والسياسات والتوجهات.



المحور الثالث:
الفدرالية في وثيقة مخرجات الحوار الوطني ومسودة دستور اليمن الاتحادي:
جاء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل (18 مارس 2013 ــ 25 يناير 2014) تعبيراً عن حاجة وطنية مُلِحة، لاسيما بعد اندلاع ثورة 11 فبراير السلمية ووصول الأوضاع في البلاد إلى حافة الانفجار، فكان لابد لليمنيين أن يتداعوا إلى حوار شامل لا يستثني أحد ليقرروا فيها مصيرهم، ويرسموا ملامح دولتهم المنشودة، دولة المواطنة المتساوية التي تضمن الشراكة الفعلية في السلطة والثروة لجميع اليمنيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والجهوية والمذهبية.
إنّ مؤتمر الحوار الوطني قد أسس لحالة سياسية اجتماعية تاريخية وطنية جديدة، فهو قد ساهم إلى حدٍّ ما في تحرير المجال السياسي من أدوات الاستقواء وأشكال الهيمنة لصالح مبدأ التوافق السياسي بين أفكار ومشاريع سياسية، فالأطراف السياسية والمكونات الاجتماعية رغم تناقض مصالحها جاءت إلى الحوار برؤى سياسية وقضايا اجتماعية مختلفة نابعة من حاجات الواقع الاجتماعي السياسي اليمني وليس من خارجه هذا أولاً، وثانياً جاء الحوار بقوى اجتماعية جديدة (الشباب، المرأة، منظمات المجتمع المدني) إلى المشهد السياسي وأصبحت جزءاً فاعلاً فيه لأول مرة في تاريخ اليمن المعاصر.

لقد خرج مؤتمر الحوار الوطني بوثيقة عصرية حداثية أُسميت "وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل"، وتضمنت معالجات واقعية وشاملة لمختلف القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية شكل الدولة وأسس بنائها وفق الخيار الفيدرالي، وقد تضمنت الوثيقة مبادئ عامة عديدة أكدت على تبنّي هذا الخيار، أبرزها: [24]
التأكيد على أن خيار الدولة الفدرالية هو خيار توافقي وأمثل لمعالجة القضية الجنوبية وتحقيق التنمية المتوازنة والشراكة الوطنية وضمان التعددية والديمقراطية التمثيلية، وأن تناط بكل مستوى من مستويات الحكم الفيدرالي، السلطات والمهام والمسؤوليات بشكل حصري أو تشاركي، وأن يحدد الدستور توزيع السلطات والمسؤوليات بوضوح بين مختلف مستويات الحكم الفيدرالي، وأن يكون لكل إقليم دور قيادي في مجال تنميته الاقتصادية الإقليمية، وأن يتمتع كل مستوى من مستويات الحكم، المركز والإقليم والولاية، بسلطة تنفيذية وتشريعية وإدارية ومالية مستقلة يحددها الدستور، وأن يحدد قانون اتحادي، يُصاغ بالتشاور مع الأقاليم والولايات، معايير ومعادلة لتوزيع عائدات الموارد الطبيعية، بما فيها النفط والغاز، بطريقة شفافة وعادلة لجميع أبناء الشعب اليمني، مع مراعاة حاجات الولايات والأقاليم المنتجة بشكل خاص وتخصيص نسبة من العائدات للحكومة الاتحادية، وغيرها من المبادئ العامة.
ولكي تتضح معالم الدولة الفدرالية بصورة أكثر وضوحاً، ينبغي التطرق لمضامين مسودة الدستور الاتحادي.


مضامين الخيار الفيدرالي في مسودة دستور اليمن الاتحادي: [25]
جاءت مسودة الدستور الاتحادي التي أنجزتها لجنة صياغة الدستور خلال الفترة (مارس 2014 حتى يناير 2015) تترجم المبادئ التي تضمنتها وثيقة مخرجات الحوار الوطني بشأن الدولة الاتحادية، ويمكن أن نستعرض أبرز ملامحها على النحو التالي:
الأسس السياسية العامة: وردت المواد التالية:
مادة (1): جمهورية اليمن الاتحادية دولة اتحادية، مدنية، ديمقراطية، عربية إسلامية، مستقلة ذات سيادة، تقوم على الإرادة الشعبية والمواطنة المتساوية، وسيادة القانون، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها، واليمن جزء من الأمتين العربية والإسلامية.
مادة (6): الشعب حر في تقرير مكانته السياسية، وحر في السعي السلمي إلى تحقيق نموه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من خلال مؤسسات الحكم في كل مستوى، وفق أحكام هذا الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها اليمن.


مستويات الحكم الفيدرالي:
حددت مسودة الدستور الاتحادي بنية الدولة الفدرالية وفق أربع مستويات تراتبية كلٌ منها يفضي إلى الآخر. وهذه المستويات هي:

مع وضع اعتبار خاص لمدينتي صنعاء وعدن.
ويتضمن كل مستوى من هذه المستويات شكلاً محدداً لتوزيع السلطات، نوضحها بالشكل الآتي:



‌أ. السلطة التشريعية:
تتكون السلطة التشريعية من ثلاثة مكونات أساسية هي:
1- مجلس النواب:
يتكون من 260 عضواً يتم انتخابهم بالاقتراع العام الحر السري المباشر المتساوي وفقاً لنظام القائمة النسبية المغلقة. ويتولى الاختصاصات الآتية:
- اقتراح ومناقشة مشاريع القوانين الاتحادية والإقرار الأولي لها.
- مناقشة وإقرار الموازنة العامة الاتحادية.
- مناقشة وإقرار الحسابات الختامية للدولة.
- اقتراح التعديلات الدستورية.
- الموافقة على القروض.
- الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
- الرقابة على أداء السلطة التنفيذية الاتحادية والهيئات المستقلة بالكيفية المبنية في الدستور.
- أي اختصاصات أخرى بموجب أحكام هذا الدستور أو قانون اتحادي.

2- مجلس الاتحاد:
يتكون من 84 عضواً، 12 عضو لكل إقليم و6 أعضاء لمدينة صنعاء و6 أعضاء لمدينة عدن يتم انتخابهم بالاقتراع العام الحر السري المباشر وفقاً لنظام القائمة النسبية على مستوى الإقليم.
ويتولى الاختصاصات الآتية:
- مناقشة مشاريع القوانين المقرة من مجلس النواب والموافقة عليها.
- الموافقة على تعيين كبار القيادات المدنية والعسكرية ومنهم: الوزراء، محافظ البنك المركزي، النائب العام، رئيس وأعضاء الهيئات المستقلة، رئيس هيئة الأركان العامة ونوابه ومساعدوه، رئيس جهاز المخابرات العامة، وقادة أفرع القوات المسلحة، وسفراء اليمن لدى الدول الأخرى، ومندوبيها الدائمين لدى المنظمات الدولية والإقليمية.
- اقتراح التعديلات الدستورية.
- الموافقة على حجم القوات المسلحة.
- أي اختصاصات أخرى بموجب أحكام الدستور أو قانون اتحادي.

3- الجمعية الوطنية:
وتتكون من الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والاتحاد، وتختص بالاختصاصات الآتية:
- الموافقة على إعلان الحرب والصلح وحالة الطوارئ.
- الموافقة على إرسال قوات مسلحة خارج البلاد.
- أي اختصاصات أخرى بموجب أحكام الدستور أو قانون اتحادي.

‌ب. السلطة التنفيذية:
1- رئاسة الجمهورية:
وفقاً لمسودة الدستور الاتحادي؛ تتكون مؤسسة الرئاسة من رئيس ونائب يتم انتخابهما معاً في قائمة واحدة، على ألا يكونا من إقليم واحد.
ويتولى رئيس الجمهورية اختصاصات متعددة منها: تمثيل الدولة في الداخل والخارج، ورسم وتوجيه السياسة العامة للدولة، وتعيين وإعفاء وعزل الوزراء الاتحاديين، وإعلان حالة الطوارئ... إلخ.
2- الحكومة الاتحادية:
وقد وضعت مسودة الدستور شروط في تولي منصب الوزير من أهمها ألا يكون عضواً في مجلس النواب أو مجلس الاتحاد.
‌ج. السلطة القضائية:
المجلس الأعلى للقضاء ويتكون من الآتي:
- عضو من المحكمة الدستورية.
- عضو من المحكمة العليا الاتحادية.
- عضو من المحكمة الإدارية العليا.
- عضو ممثل عن النيابة العامة.
- عضو من المحكمة العليا في كل إقليم.
- عضوان من المحاميين المقبولين للترافع أمام محكمة عليا.
- عضوان من أساتذة القانون في الجامعات الحكومية لا تقل درجتهما عن أستاذ مشارك.
ويختص المجلس الأعلى للقضاء بما يلي:
1- وضع الخطط والسياسات العامة لإصلاح وتطوير أداء السلطة القضائية.
2- إبداء الرأي في التشريعات الخاصة بشؤون السلطة القضائية.
3- تعيين رئيس ونواب هيئة التفتيش القضائي.
وغيرها.



المستوى الثاني: سلطات الإقليم:

‌أ. السلطة التشريعية:
تنص المادة (230) من مسودة الدستور على أن مجلس نواب الإقليم هو السلطة التشريعية في الإقليم، ويتكون من عدد من الأعضاء لا يزيد عن 80 عضواً ينتخبون بالاقتراع العام الحر السري المباشر والمتساوي، وفقاً لنظام القائمة النسبية، وبما يضمن التمثيل العادل للولايات. ويمارس الاختصاصات التالية:
1- إقرار مشروع دستور الإقليم أو تعديله.
2- اقتراح ومناقشة وإقرار مشاريع القوانين الإقليمية.
3- اقتراح الموازنة العامة للإقليم ومناقشة وإقرار الحساب الختامي للإقليم.
4- الموافقة على اتفاقيات التعاون والاستثمار التي يعقدها الإقليم في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية شريطة أن تكون منسجمة مع السياسة الخارجية الاتحادية.
5- مناقشة وإقرار خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للإقليم.
6- رقابة على السلطة التنفيذية في الإقليم.
7- الموافقة على تعيين القيادات العليا في المؤسسات المدنية والهيئات المستقلة والشرطة في الإقليم.

‌ب. السلطة التنفيذية:
تتألف من حاكم الإقليم وحكومة الإقليم، ويختص حاكم الإقليم بالاختصاصات التالية:
- تعيين كبار موظفي الإقليم من المدنيين والشرطة.
- اصدار القوانين والقرارات واللوائح.
- ابرام الاتفاقيات والمصادقة على اتفاقيات التعاون والاستثمار.
أما حكومة الإقليم فتمارس الاختصاصات التالية:
- وضع السياسة العامة للإقليم وتنفيذها.
- اقتراح مشاريع القوانين واللوائح.
- تقديم خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى مجلس نواب الإقليم.
- تقديم الحساب السنوي الختامي إلى مجلس نواب الإقليم.


المستوى الثالث: سلطات الولاية:



‌أ. السلطة التشريعية (مجلس الولاية):
يتكون من ممثلين عن مجالس المديريات في الولايات بحد أدنى ممثل عن كل مديرية، ويمارس دور رقابي وإشرافي على أداء المجلس التنفيذي للولاية.
‌ب. السلطة التنفيذية (الوالي ومجلس تنفيذي):
- الوالي هو المسئول التنفيذي الأول في الولاية، وينتخب من مجلس الولاية، ويتولى تنفيذ الدستور والقوانين والسياسة العامة للدولة في نطاق الولاية، والتوجيه والإشراف على الأجهزة التنفيذية فيها.
- المجلس التنفيذي للولاية يتألف من الوالي رئيساً، وعضوية مدراء الأجهزة التنفيذية، ويتولى المجلس إعداد مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومشروع موازنتها، والحسابات الختامية لها، وتنسيق أداء الأجهزة التنفيذية، والإشراف على نشاطاتها، ويكون الوالي وأعضاء المجلس التنفيذي مسئولين ومحاسبين أمام مجلس الولاية.




المستوى الرابع: سلطات المديرية:

السلطة التشريعية:
تتألف من مجلس منتخب بالاقتراع العام الحر المباشر، وفقاً لنظام القائمة النسبية، وتتولى التشريع اللائحي، والرقابة على أداء الأجهزة التنفيذية في نطاقها.
السلطة التنفيذية (المدير ومجلس تنفيذي):
يتم انتخاب المدير بالاقتراع السري من قبل مجلس المديرية.
يتألف المجلس التنفيذي للمديرية من مدير المديرية رئيساً، وعضوية مديري الأجهزة التنفيذية بالمديرية.
وضع خاص لمدينتي صنعاء وعدن:
جعلت مسودة الدستور لمدينتي صنعاء وعدن وضعاً خاصاً، فقررت أن تكون مدينة صنعاء عاصمة جمهورية اليمن الاتحادية وأن تكون غير خاضعة لسلطة أي إقليم، ويكون لها سلطات تشريعية تقوم بالاختصاصات المسندة للأقاليم والولايات والمديريات المحددة في الدستور.
بينما أعطيت لمدينة عدن الصلاحيات والمسئوليات المسندة الإقليم والولاية والمديرية، بما في ذلك صلاحيات سن القوانين ذات الصلة بالنظام الاقتصادي والمالي الخاصة والمصادقة على الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، ولكن في إطار الإقليم.

توزيع الاختصاصات بين مستويات الحكم الاتحادي:
تضمنت مسودة الدستور الاتحادي اختصاصات حصرية وأخرى مشتركة بين مختلف مستويات الحكم، فقد حددت الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية وهي:
- الشئون الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
- شئون الدفاع: مثل إنشاء القوات المسلحة وامتلاك واستيراد الأسلحة وإعلان الحرب وإنشاء وإدارة جهاز المخابرات الوطني والشرطة الاتحادية.
- شئون الجنسية والتجنيس وقضايا الإقامة للأجانب وحق اللجوء السياسي.
- رقابة السلطة التشريعية على المالية العامة للدولة الفدرالية.
- البريد والاتصالات والسكك الحديدية الفدرالية والنقل والملاحة الجوية.
- التجارة الخارجية والسياسة العامة الاقتصادية وشئون الجمارك.
- المواصفات والمكاييل والأوزان والمقاييس.
- إنشاء البنك المركزي الاتحادي وإصدار العملة.
- سياسات الاقتراض من الخارج والتوقيع عليها.
- السياسات الوطنية المتعلقة بالتعليم والصحة والإعلام والثقافة والتراث الوطني والآثار وحماية البيئة والمياه.
بينما تختص سلطات الإقليم بالاختصاصات الحصرية التالية: عقد الاتفاقيات التجارية والاستثمارية، ورسم السياسات التعليمية والصحية والبيئية والتنموية والخدمية والأمنية في إطار الإقليم.
وتشترك السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم بالاختصاصات التالية: الخدمة المدنية والسياسة السكانية وشؤون المرأة والشباب والرياضة والبحث العلمي والرعاية والضمان الاجتماعي ومواجهة الكوارث.
أما سلطات الولاية فتختص حصراً بتخطيط المدن والتنمية الحضرية والإسكان والشرطة المحلية وتنظيم الأسواق وتنظيم المرور والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها.
وفيما يخص الاختصاصات التشريعية المشتركة فتقتصر دور سلطات الاتحاد على وضع المعايير والسياسات العامة لضمان مستوى الخدمات، وتمارس سلطة الإقليم كامل الصلاحيات عند عدم وجود قانون اتحادي.
وأقرت مسودة الدستور أن تكون الاختصاصات غير المسندة إلى أي مستوى من مستويات الحكم موكلة لسلطات الإقليم وبهذا النص تتعزز سلطات الإقليم بشكل أكبر، وهو ما ينسجم مع الهدف من وجود النظام الفيدرالي.

توزيع الموارد والثروات:
جاء نص المادة (17) من مسودة الدستور الاتحادي على النحو الآتي:
"الثروات الطبيعية بكافة أنواعها ومصادر الطاقة الموجودة في باطن الأرض أو فوقها أو في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة أو الجرف القاري ملك للشعب، وتكفل الدولة الحفاظ عليها وحسن إدارتها واستغلالها واستثمارها لتحقيق المصالح العامة وتوزيع عائداتها بين مستويات الحكم بصورة عادلة ومنصفة وفقاً لهذا الدستور، مع مراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها."
من الواضح أن هذا النص جاء عاماً ولم تفضّل مسودة الدستور الدخول في تفاصيل توزيع الموارد وتقسيمها بين الأقاليم نظراً لحساسيتها، وأحالتها إلى قانون توزيع الموارد الطبيعية والإيرادات الوطنية، بحيث يستند القانون إلى معايير العدالة والإنصاف في توزيع الموارد بين المستوى الاتحادي والأقاليم.
مع أن دساتير العديد من الدول الفدرالية تحرص على وضع قواعد تخصيص الثروات الطبيعية، وتحدد أيضاً طرق تحصيل الموارد المالية وتوزيعها بين الحكومة الاتحادية والأقاليم والولايات.




إشكالية الأقاليم:
تنص المادة (391): تتكون جمهورية اليمن الاتحادية من ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب وهي إقليم حضرموت، إقليم سبأ، إقليم عدن، إقليم الجند، إقليم آزال، إقليم تهامة على النحو الآتي:
1- إقليم حضرموت ويتكون من ولايات المهرة، حضرموت، شبوة، سقطرى.
2- إقليم سبأ ويتكون من ولايات الجوف، مأرب، البيضاء.
3- إقليم عدن ويتكون من ولايات عدن، أبين، لحج، الضالع.
4- إقليم الجند ويتكون من ولايات تعز، إب.
5- إقليم آزال ويتكون من ولايات صعدة، عمران، صنعاء، ذمار.
6- إقليم تهامة ويتكون من ولايات الحديدة، ريمة، المحويت، حجة.
واقع الحال إن هذا التقسيم السداسي قد وُوجه باعتراضات لعدة أطراف سياسة وشعبية، لاسيما أنه لم يستند إلى معايير موضوعية ولم يأتِ نابعاً عن دراسة حقيقية وفقاً لمقررات وثيقة مخرجات الحوار الوطني، التي نصت على الآتي:
"يشكّل رئيس الجمهورية، رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لجنة برئاسته بتفويض من مؤتمر الحوار الوطني لتحديد عدد الأقاليم، ويكون قرارها نافذاً.
تدرس اللجنة خيار ستة أقاليم ــ أربعة في الشمال واثنان في الجنوب ــ وخيار إقليمين، وأيّ خيار ما بين هذين الخيارين يحقق التوافق."
هذا النص رغم أنه يمثل خرق لقواعد مؤتمر الحوار الوطني، لأنه سلّم أخطر وأهم قضية وهي تحديد الأقاليم والتي شكّلت مثار خلاف كبير بين القوى المتحاورة إلى رئيس الجمهورية وبتفويض غير محدد، هو أشبه بتوقيع شيك على بياض!
تم توظيف هذا التفويض وجرى تشكيل لجنة شكلية بتاريخ 27 يناير 2014، كانت نتيجتها معروفة مُسبقاً، حيث لم تقف اللجنة على الخيارين: ستة أقاليم أو اقليمين أو أي خيار بين هذين الخيارين يحقق التوافق، بل جرى المصادقة على خيار الستة الأقاليم واستبعاد الخيارات الأخرى، الأمر الذي أدى إلى وقوع أزمة كبيرة كان لها تداعيات كارثية.
فمشروع الستة الأقاليم الذي تقدّم به حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، لم يقم على أي حيثيات واقعية ومبررات علمية، بل جاء استجابة لمصالح القوى النافذة، وخلق إشكاليات كبيرة منها:
1- التفاوت الحاد بين الأقاليم، حيث لم يتم مراعاة التوازن بين الحجم السكاني والمساحة الجغرافية والموارد الطبيعية، فهناك أقاليم غنية بالموارد النفطية والغازية وتحتاز على مساحة جغرافية كبيرة ولكنها تضم حجماً سكانياً ضئيلاً فعلى سبيل المثال: إقليم حضرموت الذي تشكّل مساحته 40 إلى 50% من إجمالي مساحة اليمن ويكتنز على موارد نفطية وغازية هائلة، يتواجد فيه 6% من إجمالي السكان فقط، وإقليم سبأ الذي يضم مساحة جغرافية تصل إلى 30% ويحتوي على ثروات نفطية وغازية كبيرة، يتواجد فيه 7% فقط من إجمالي من السكان.
في مقابل ذلك توجد أقاليم فقيرة بالموارد ومساحتها الجغرافية أقل وفيها تركّز سكاني كبير مثل إقليم الجند الذي يضم حوالي 30% من السكان في مساحة لا تتجاوز 10% وشحيحة بالموارد الطبيعية، وكذلك الحال نفسه في إقليم آزال الذي يضم حوالي 25% من السكان في مساحة جغرافية لا تتعدى 15 إلى 20% من اجمالي الجغرافيا اليمنية ويتميز بالطبيعة التضاريسية القاسية والجفاف وشحة الموارد.
2- حرمان بعض الأقاليم من المنافذ البحرية مثل اقليم سبأ وإقليم آزال.
3- كما أن تقسيم الجنوب إلى اقليمين شرقي وغربي قد أعاد إلى الأذهان سياسة الاستعمار البريطاني في السيطرة على الجنوب من خلال تقسيمه إلى محميات شرقية ومحميات غربية. كما عززت من مخاوف اليمنيين في إمكانية انفصال حضرموت الغنية بالنفط والغاز عن بقية اليمن، إذ لطالما كانت هناك مشاعر لدى الحضارمة بتميّز هويتهم الخاصة عن الهوية اليمنية، يأتي هذا في ظل وجود رغبة إقليمية لفصل حضرموت وضمّها إلى مجلس التعاون الخليجي.
4- عدم مراعاة التنوع الثقافي والمذهبي والاجتماعي، إذ جرى عزل إقليم آزال الذي يتسم بالطابع القبلي عن بقية الأقاليم، مما خلق تخوّفات لدى سكان هذا الإقليم، وظّفته الحركة الحوثية وحليفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح بشكل جيد، واستندا إليه في تبريرهما تفجير حرب دامية لا تزال تُدمّي البلاد والشعب حتى يومنا.



المحور الرابع: الفدرالية في رؤى المكونات اليمنية:
قُدّمت في مؤتمر الحوار الوطني العديد من الرؤى التي تعبّر عن مواقف مختلف المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار إزاء الخيار الفدرالي، ونظراً لتعدُّد هذه الرؤى وتشعُّب تفاصيلها ولكي لا تأخذ مساحة كبيرة على حساب مضامين الورقة فضّلنا تلخيصها وفق الشكل التالي:

أنصار الله "الحوثيون" ========= دولة فدرالية من عدة أقاليم.
التجمع الوحدوي اليمني========= دولة فدرالية من إقليمين، إقليم شمالي وإقليم جنوبي بحسب حدود ما قبل الوحدة 1990
التجمع اليمني للإصلاح========= دولة فدرالية من 6 أقاليم، إقليم حضرموت، وإقليم عدن، وإقليم الجند، وإقليم تهامة، وإقليم آزال، وإقليم سبأ.
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري========= الخيار الأول: حكم محلي كامل الصلاحيات.
الخيار الثاني: الفدرالية (3 إلى 5 أقاليم).
الحراك الجنوبي السلمي========= دولة فدرالية من إقليمين، إقليم شمالي وإقليم جنوبي، مع ضمان حق تقرير المصير للجنوبيين بعد فترة انتقالية.
الحزب الاشتراكي اليمني========= دولة فدرالية من اقليمين، إقليم شمالي وإقليم جنوبي.
حزب البعث القومي العربي========= حكم محلي كامل الصلاحيات
حزب الحق========= دولة فدرالية من اقليمين، إقليم شمالي وإقليم جنوبي.
حزب الرشاد========= حكم محلي كامل الصلاحيات
حزب العدالة والبناء========= دولة فدرالية من عدة أقاليم
المؤتمر الشعبي العام========= دولة فدرالية من 6 أقاليم، إقليم حضرموت، وإقليم عدن، وإقليم الجند، وإقليم تهامة، وإقليم آزال، وإقليم سبأ.


بالإضافة إلى وجود مكونات أخرى غير مُهيكلة مثل: الشباب والمرأة والمجتمع المدني، وقد تباينت آراء هذه المكونات بين خيار الفدرالية من اقليمين، وثلاثة أقاليم، وخمسة أقاليم.
وهناك بعض المكونات الأخرى لم تشارك في مؤتمر الحوار الوطني وفيما يلي نلقي بعض الأضواء حول رؤاها إزاء النظام الفدرالي:


أولاً: رؤية مؤتمر شعب الجنوب:
تلخصت الرؤية التي تقدم بها مؤتمر شعب الجنوب أو "مكون الحراك السلمي الجنوبي" إلى مؤتمر الحوار الوطني بـ: دولة فدرالية من اقليمين (شمال وجنوب) لفترة مؤقتة مدتها عامان، يعقبها حق تقرير المصير لشعب الجنوب.
وفي هذا الصدد وضعت الرؤية عدداً من الخطوات الإجرائية المحققة لهذا الهدف وعلى النحو الآتي:
يصدر رئيس الجمهورية بقرار إعلان دستوري يتضمن خارطة طريق تتوافق عليها كل المكونات السياسية الفاعلة حول تحديد مدة المرحلة التأسيسية بعامين ، بحيث يتضمن الإعلان الدستوري على ولاية جديدة لرئيس الجمهورية الحالي المنتخب عبد ربه هادي لمدة المرحلة التأسيسية ويتولى بموجبه المهام التالية: الإشراف والرعاية لسلطات الدولة والقيادة العليا للقوات المسلحة، وإصدار قرار تشكيل الحكومة ، وتعيين كبار موظفي الدولة والإشراف على السياسة الخارجية التي تقرها الحكومة، وإصدار الإعلانات الدستورية المكملة والتشريعات التي يقرها المجلس التأسيسي، وتمثيل الدولة أمام الدول الأخرى، وإعلان حالة الطوارئ كونها مرحلة استثنائية.
يتحول مؤتمر الحوار الوطني إلى مجلس تأسيسي انتقالي ويتم حل محل مجلسي النواب والشورى الحاليين، ويتولى المجلس التأسيسي الانتقالي ما يلي:
- إقرار مشروع الدستور المعد من طرف لجنة صياغة الدستور، ورفعه إلى رئيس الجمهورية لإصدار قرار بالدعوة إلى الاستفتاء العام عليه.
- الموافقة على الإعلانات الدستورية المكملة التي يقترحها رئيس الجمهورية قبل إصدارها.
- منح الثقة للحكومة والرقابة عليها.
- إقرار التشريعات اللازمة لتنفيذ الدستور الجديد مثل: قانون الأقاليم الاتحادية، قانون الانتخابات، قانون العدالة الانتقالية، قانون القوات المسلحة، قانون الهيئات المستقلة.
- إقرار الموازنات السنوية والحسابات الختامية خلال المرحلة التأسيسية.
ينص الإعلان الدستوري على تشكيل حكومة كفاءات مناصفة بين الجنوب والشمال، وحكومة مصغرة للجنوب وأخرى للشمال على أن تراعي فيها حصة المرأة (30%) وحصة الشباب (20%).
تتولى هذه الحكومات المشكّلة بقرار رئيس الجمهورية مهمة تصريف أعمال المرحلة التأسيسية وإنجاز عملية الانتقال الكامل إلى الدولة الجديدة (تشكيل لجنة صياغة الدستور، تنفيذ النقاط 20 + 11، استكمال هيكلة الجيش والأمن وإعادة بنائهما على أساس المناصفة بين الجنوب والشمال، إحلال الأمن والاستقرار، إعادة إعمار الجنوب وتهيئة المحافظات ونقل السلطات والصلاحيات بالكامل اليها وفقا لمبادئ الدولة الاتحادية...).
يصدر الرئيس قراراً جمهورياً بتعيين محافظين جدد للمحافظات خلال 20 يوماً من انتهاء الحوار الوطني بنظام الترشيح المباشر من اعيان المحافظات للمرة الأولى على ان يحصل كل محافظ على 10000 ترشيح على الأقل.
يتم تحديد نظام انتخاب المحافظين في خلال الفترة التأسيسية.
يصدر الرئيس قراراً جمهورياً بتشكيل لجنة ترفع خلال 25 يوماً تقريراً تفصيلياً يتم بموجبه وخلال 30 يوماً بعد صدور التقرير نقل صلاحيات التعيين في الوظائف العامة الى محافظي المحافظات.
يصدر الرئيس قراراً جمهورياً بتشكيل لجنة ترفع خلال 60 يوماً هيكلية جديدة لإدارة الدولة بمساعدة الجهات المانحة بغرض إحلال هذه الهيكلية في المحافظات خلال الفترة التأسيسية.
يقوم رئيس الجمهورية بإنشاء لجنة تشرف عليها المجموعة الأوروبية لإعداد هيكلية حديثة لوزارة المالية تضمن اعلى معايير الشفافية وتقوم بإصدار خطة تفصيلية لنقل صلاحيات وزارة المالية إلى المحافظات بشكل يؤسس لاستقلالية المحافظات في إدارة شؤونها المالية بعناصر محلية.
يصدر الرئيس قرارً جمهوريا يفصل فيه قوات الشرطة عن وزارة الدفاع بشكل واضح وتخضع جميع سلطات الشرطة لسلطات المدن او المحافظة ويتم إحلال هذه القوات بديلاً عن قوات الأمن الخاص (الأمن المركزي سابقاً) وتشكل من أبناء المحافظة العاملة فيها وتدرب محلياً في كل محافظة ويستعان بكل الخبرات الدولية لهذا الغرض. وغيرها من النصوص.

ثانياً: مخرجات مؤتمر القاهرة:
وهذه الرؤية تتفق مع مخرجات مؤتمر القاهرة الذي عقد في يونيو 2012، ومن أبرز الشخصيات التي شاركت فيه: علي ناصر محمد رئيس اليمن الجنوبي الأسبق، حيدر أبو بكر العطاس أول رئيس الوزراء لليمن الموحد عقب تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، وقيادات جنوبية أخرى صالح عبيد أحمد ومحمد علي أحمد ومصطفى العيدروس وغيرهم.
وأبرز ما تضمنته مخرجات مؤتمر القاهرة الآتي:
الدعوة لعقد مؤتمر بين الشمال والجنوب على أن يمثل الشمال والجنوب في الحوار بصورة ندية ومتساوية، وأن يعقد المؤتمر في مقر جامعة الدول العربية او مجلس التعاون الخليجي او في احد مقرات الأمم المتحدة وتحت رعاية وضمانة إقليمية ودولية.
ويكون الهدف من المؤتمر هو وضع خارطة طريق لحق تقرير المصير للجنوبيين بعد فترة مؤقتة يتم فيها تهيئة المناخات لذلك ومنها اجراءات استعادة الثقة وبناءها التي تتمثل في الآتي:
1- يصدر بيان سياسي موثق دولياً من قبل الحكومة وكافة القوى السياسية التي شاركت وباركت اجتياح الجنوب في 1994م، يعبر عن الاعتذار لشعب الجنوب عن حرب 1994م، وعن كل ما تعرض له من أذى، واعتراف وقبول صريح بحقه في تقرير مصيره، عبر الوسائل الديمقراطية، وبطريقة حرة وشفافة، وبما يصون وشائج الإخاء والمحبة والتعاون والتكامل ويضمن انسياب مصالح الشعب شمالاً وجنوباً ويعزز أمنه واستقراره ونماءه كحق شرعي تكفله كافة المواثيق الدولية وبنود القانون الدولي.
2- إدانة حرب صيف 1994م والبدء بتشكيل لجان حيادية متخصصة لإزالة أثار الحرب بكافة أشكالها.
3- إلغاء الفتوى سيئة الصيت التي صدرت بحق الجنوبيين في حرب صيف 1994م وما تلاها من فتاوى وكذا الأحكام الصادرة بحق قيادات جنوبية بالإضافة الأحكام التي صدرت بحق المناضلين الجنوبيين في الحراك السلمي الجنوبي والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ورعاية اسر الشهداء ومعالجة الجرحى وتعويضهم.
4- سحب القوات العسكرية من المدن.
5- إطلاق حرية الصحافة وفي مقدمتها صحيفة الأيام، مع الإفراج عن سجينها المحكوم عليه ظلماً، وتعويضها تعويضاً كاملاً بما يمكنها من إعادة الإصدار.

ثالثاً: رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي:
يعد المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن عنه في 11 مايو 2017 الفصيل الجنوبي الأكثر نفوذاً في المحافظات الجنوبية، ولاسيما في محافظات: عدن ولحج والضالع وسقطرى، وبدرجة أقل في أبين وشبوة وحضرموت والمهرة.
تتلخص رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي لحل القضية الجنوبية بتحقيق فك الارتباط بين الشمال والجنوب، والعودة إلى حدود ما قبل 22 مايو 1990، على أن تكون الدولتين الشمالية والجنوبية مستقلتين فيدراليتين، ويرى المجلس الانتقالي أن تحقيق هذا الهدف يأتي تأكيداً على فشل محاولة التوحيد والتمسك بقرارات الأمم المتحدة وخصوصا قراري مجلس الأمن رقمي 924، و 931 في العام 1994م.
وهذا الموقف يتفق مع موقف شخصيات ومكونات جنوبية أخرى ومن أبرزها: علي سالم البيض رئيس اليمن الجنوبي الأسبق ونائب رئيس الجمهورية اليمنية عقب الوحدة.
ويأخذ البعض على هذا الاتجاه عدم واقعيته، فالظروف المحلية والخارجية لا تساعد على تحقيق هذا المطلب، فضلاً على أن هذا المطلب لا يحظى بقبول عام لدى الجنوبيين أنفسهم، وبالتالي عدم وجود ضمانات حقيقية تضمن بقاء الجنوب كياناً سياسياً موحداً، فهناك انقسامات تتنامى بين المكونات الجنوبية، ويتم تغذيتها من قبل أطراف محلية وإقليمية ودولية وفق مصالح وأجندة متضاربة يدفع البلد فاتورتها الباهظة.

رابعاً: مؤتمر حضرموت الجامع:
عقد مؤتمر حضرموت الجامع في ابريل 2017، وقد شارك فيه 3001 شخص وخرج بـ40 بنداً تتضمن مطالب أبناء إقليم حضرموت، ويمكن تلخيصها على النحو الآتي:
1- تكون حضرموت إقليمًا مستقلاً بذاته وفق جغرافيتها المعروفة.
2- يكون لإقليم حضرموت التمثيل في أي استحقاق قادم، وفقًا للمعايير الآتية: – معيار المساحة -معيار عدد السكان – معيار الإسهام في الميزانية الاتحادية – معيار البعد التاريخي والثقافي والاجتماعي
3- أن يكون لحضرموت تمثيل في الحكومات الاتحادية، والهيئات والقطاعات والمجالس الاتحادية، والمجلس البرلماني وبما يتوافق مع مساحتها الجغرافية وتعدادها السكاني، وإسهامها في الميزانية الاتحادية.
4- يمنح برلمان حضرموت الحق في تصديق وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات والعقود في مجال الأسماك والاستكشافات النفطية والمعدنية والغاز وعقود الاستثمار داخل الإقليم.




الاستنتاجات والتوصيات:
1- الفدرالية نظام إداري ــ سياسي وصيغة من صيغ الوحدة، تكمن ميزتها في أنّها تحدّ من احتكار السلطة والثروة في يد أقلية، وتعيد توزيعهما بشكل عادل بين كافة المواطنين.
2- الفدرالية نظام لجأت إليه الكثير من دول العالم بما فيها دول إسلامية لحل المشكلات التي تهدد وحدتها الوطنية، ومن أجل تحقيق مستوى متقدم من التطور الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.
3- النظام الفيدرالي ليس وصفة جاهزة، ولا توجد تجربة فدرالية في العالم هي نسخة كربونية عن تجربة أخرى، بل لكل مجتمع تجربته الخاصة به، وعلينا في اليمن أن نسعى لوضع بصمة خاصة بنا وبما يلبي احتياجاتنا ويتناسب مع واقعنا، وبما يحدث قطيعة تاريخية مع الاستبداد وحكم الغلبة والمركزية، ويحقق معالجات واقعية للمشكلات الوطنية القائمة مثل القضية الجنوبية وقضية الشراكة الوطنية في السلطة والثروة.
4- الفدرالية ليست فكرة غريبة عن اليمن، على العكس من ذلك، فالمتتبع لتاريخ نشوء الدول والممالك اليمنية في عصر ما قبل الإسلام سيلحظ أن النظام الاتحادي مثّل الأساس الذي نشأت عليه تلك الدول. فقد كانت السلطة موزّعة بين الملك ومجلس يسمى (المزاود) [شبيه بمجلس النواب في عصرنا] ويتكوّن من الأقيال وزعماء القبائل وكبار المُلَّاك. كما عرفت اليمن في مرحلة تاريخية لاحقة النظام الفيدرالي بصيغ مختلفة ووفقاً للسياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في كل مرحلة.
5- عمدت بعض الأطراف الفاقدة لمصالحها من التغيير إلى شيطنة النظام الفيدرالي وتعبئة الناس ضده، بل يمكن القول إنه خلال السنوات الماضية لم تتعرّض فكرة للتضليل والتشويه مثلما تعرّضت فكرة الفدرالية!
فقد لجأ فريق ما إلى تصوير الفدرالية للناس وكأنّها مروق عن الدين، أو مؤامرة كونية تهدف إلى تقسيم البلاد. واشتغلت ماكينة التحريض في وسائل الإعلام وفي منابر المساجد وفي الأماكن العامة ضد كلّ من يتبنّى خيار الفدرالية.
وهناك فريق آخر يقف على الطرف النقيض، لجأ إلى استثارة عواطف الناس ــ لا سيما في الجنوب ــ ضد الفدرالية، وتصويرها وكأنّها محاولة للالتفاف على مطالب الجماهير في فك الارتباط والاستقلال!
6- الفدرالية في لُحمتها وسداها ليست تقسيماً للبلاد، ولا هي متناقضة مع الدين، ولا هي أيضاً حيلة لاحتواء المطالب المشروعة للجماهير.
الفدرالية هي نظام إداري ـــ سياسي وصيغة من صيغ الوحدة، تعيد ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتضع كافة المكونات الاجتماعية ومن مختلف المناطق على قدم المساواة والتكافؤ الندي، فلا يوجد في الدولة الفدرالية "مركز" و"أطراف تابعة"، كما هو الحال في الدولة البسيطة.
7- إنّ الخيار الفيدرالي علاج وقائي ضروري لتفادي تشظي اليمن إلى دويلات. وهو الحل الواقعي الموضوعي المطروح في مقابل المشاريع التطرفية الأخرى التي تتمثل بـ: التمسك بالدولة البسيطة، والمشروع الطائفي، ومشروع فك الارتباط.
فخيار التمسك بالدولة البسيطة لم يعد خياراً مقنعاً لقطاعات شعبية واسعة نظراً لما جَنَته تجربة الدولة البسيطة من وبال على اليمن، والحرب الأخيرة قد وسّعت دائرة الناقمين على الدولة البسيطة.
أما خيار فك الارتباط فهو قفزة في المجهول، وغير مأمونة عواقبُهُ على صعيد وحدة الجنوب؛ إذ أنه لا يلقى إجماعاً شاملاً من الجنوبيين أنفسهم، فهناك طيف واسع من أبناء المحافظات الشرقية يتوجسون منه خيفةً.
8- إن وثيقة مخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور الاتحادي قد رسمتا الأسس الدستورية والتشريعية للدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية التي يتطلع إليها اليمنيون، وقد مثّلت هاتان الوثيقتان مكسباً تاريخياً ووطنياً ينبغي مراكمة النضال الاجتماعي من أجل تنفيذ مضامينهما، ومواجهة كل المساعي الرامية للالتفاف عليهما من أيّ طرفٍ كان.
9- كان الاتجاه العام في مؤتمر الحوار الوطني هو تبني الخيار الفيدرالي كحل توافقي للمشكلات الوطنية، بيد أن المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني قد تباينت رؤاها حول بعض التفاصيل وعلى رأسها عدد الأقاليم.
10- برز اتجاهان رئيسيان في إشكالية الأقاليم، الاتجاه الأول: تبنى دولة فدرالية من اقليمين (إقليم في الشمال وإقليم في الجنوب)، والاتجاه الثاني: تبنى خيار دولة فدرالية مكونة من 6 أقاليم هي: إقليم حضرموت، وإقليم سبأ، وإقليم آزال، وإقليم تهامة، وإقليم الجند، وإقليم عدن.
11- يأخذ المعارضون لخيار الـ6 الأقاليم أنه لم يبنَ على أسس علمية كافية، بل على العكس من ذلك، إذ إنه سيقسم البلاد إلى أقاليم غنية بالموارد وقليلة السكان في مقابل أقاليم فقيرة بالموارد وفيها تركز سكاني هائل، مما يلقي بظلال قاتمة على مستقبل الوحدة الوطنية ويحد من نجاح النظام الفيدرالي في تحقيق أهدافه التنموية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية المنشودة.
12- على أهمية الفكرة الفدرالية وضرورة تطبيقها في اليمن للخروج من أزماتها المتفاقمة، إلا أنّ ذلك لا ينبغي أن يدفعنا إلى اعتبار الفدرالية وكأنها عصا سحرية بمجرد الأخذ بها ستنتهي كل مشكلاتنا وأزماتنا، بل ينبغي القول بأن الفدرالية تمثل خيار محوري ضمن جملة من الإجراءات والسياسات التي تحتاجها اليمن، ومن تلك: مواجهة العصبيات المناطقية والطائفية من خلال بناء خطاب وطني جامع يؤكد على الهوية الوطنية الجامعة والمصير المشترك لجميع اليمنيين، والتأكيد على قيم المواطنة والتعايش والديمقراطية والحوكمة الرشيدة.
أخيراً يمكن القول:
تقف اليمن اليوم أمام مفترق طرق. وباتت المخاطر التي تهدد بقاءها ككيان وطني موحد أكثر من أيّ وقتٍ مضى، في ظل صراع المصالح وحرب الوكالة التي تخوضها قوى محلية واقليمية على الأرض اليمنية منذ سبع سنوات، سحقت الملايين من اليمنيين معيشياً واقتصادياً ونفسياً واجتماعياً، وأحدثت دماراً هائلاً في البنى التحتية، وأضرّت بالنسيج الاجتماعي أفدح الضرر.
الأمر الذي يفرض على كل الوطنيين في داخل البلاد وخارجها أن يتداعوا، وأن يسارعوا إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه كخطوة أولى لبعث الحياة في جسد هذا البلد.
إنّ تفادي تشظي اليمن إلى دويلات والإبقاء عليه ككيان موحد هي المهمة التاريخية التي تنتصب أمام الجميع حالياً.
ولن يتحقق ذلك إلا بإنهاء الحرب والعودة إلى العملية السياسية التوافقية، والشروع في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، وبناء الدولة الفدرالية الديمقراطية المدنية، دولة المواطنة والشراكة والعدل الاجتماعي.





الهوامش والإحالات:
1- راجع: نتائج استبيان موقع منصتي 30 حول توزيع السلطة في اليمن، متوفر على الرابط:
https://manasati30.com/political-affairs/16552/
2- أمين محمد المقطري، شكل الدولة الأنسب لتعزيز الحكم الديمقراطي في اليمن، ضمن كتاب: الحوار الوطني في اليمن – رؤية قانونية، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، ص204.
3- رفيق سليمان وصافية زفنكي، الفدرالية ومشكلاتها التطبيقية في العالم المعاصر.. الإمارات العربية المتحدة والعراق/ إقليم كردستان، برلين ــ ألمانيا، المركز الديمقراطي العربي، 2021، صص22-23.
4- د. رضا الشمري، إمكانيات تطبيق النظام الفيدرالي في العراق، بغداد، مجلة القادسية، مج8، العدد4، 2009م، ص130.
5- أمين محمد المقطري، مرجع سابق، ص206.
6- رفيق سليمان وصافية زفنكي، مرجع سابق، صص 23-24.
7- د. رضا الشمري، مرجع سابق، ص131.
8- رونالد ل. واتس، الأنظمة الفدرالية، أوتاوا، منتدى الاتحادات الفدرالية، 2006م، ص8.
9- المرجع نفسه، ص5.
10- المرجع نفسه، ص6.
11- ينظر: د. يوسف محمد عبدالله، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، بيروت، دار الفكر المعاصر، ط2، 1990، ص54.
12- د. جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، ج5، بيروت، دار العلم للملايين، ط2، 1986، ص215.
13- المرجع نفسه، ص213.
14- د. يوسف محمد عبدالله، مرجع سابق، ص 54.
15- بتصرف: د. محمد عبدالقادر بافقيه، في العربية السعيدة دراسات تاريخية قصيرة، صنعاء، مركز الدراسات والبحوث اليمني، 1993، ص80.
16- سعيد عوض باوزير، معالم تاريخ الجزيرة العربية، عدن، مؤسسة الصبان، 1966، ص36.
17- بتصرف: د. حمود العودي، المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي ـــ دراسة عن المجتمع اليمني، (د.ن)، ط2، 1989م، ص66.
18- د. جواد علي، مرجع سابق، ص215.
19- محمد عبدالقادر بافقيه، مرجع سابق، ص94.
20- بتصرف: المرجع نفسه، ص75 – 76.
21- الموسوعة اليمنية، مج 4، بيروت، مؤسسة العفيف ومركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 2003، ص2566.
22- بتصرف: د. محمد المخلافي، الخيار الفيدرالي في اليمن: طريق إلى سلام دائم؟، مبادرة الإصلاح العربي، 17 مايو 2018م، متوفر على الرابط التالي:
https://www.arab-reform.net/wp-content/uploads/pdf/Arab_Reform_Initiative_ar_1284.pdf?ver=3df280967795f995476b2c9477037642
23- نفسه.
24- راجع: وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن، يناير 2014.
25- راجع: مسودة اليمن الاتحادي، يناير 2015.



المراجع والمصادر:
• الوثائق:
1- مسودة اليمن الاتحادي، يناير 2015.
2- وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن، يناير 2014.

• الكتب:
1- أمين محمد المقطري، شكل الدولة الأنسب لتعزيز الحكم الديمقراطي في اليمن، ضمن كتاب: الحوار الوطني في اليمن – رؤية قانونية، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان.
2- جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، ج5، بيروت، دار العلم للملايين، ط2، 1986.
3- حمود العودي، المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي ـــ دراسة عن المجتمع اليمني، (د.ن)، ط2، 1989م.
4- رفيق سليمان وصافية زفنكي، الفدرالية ومشكلاتها التطبيقية في العالم المعاصر.. الإمارات العربية المتحدة والعراق/ إقليم كردستان، برلين ــ ألمانيا، المركز الديمقراطي العربي، 2021.
5- رونالد ل. واتس، الأنظمة الفدرالية، أوتاوا، منتدى الاتحادات الفدرالية، 2006م.
6- سعيد عوض باوزير، معالم تاريخ الجزيرة العربية، عدن، مؤسسة الصبان، 1966.
7- محمد عبدالقادر بافقيه، في العربية السعيدة دراسات تاريخية قصيرة، صنعاء، مركز الدراسات والبحوث اليمني، 1993.
8- الموسوعة اليمنية، مج 4، بيروت، مؤسسة العفيف ومركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 2003.
9- يوسف محمد عبدالله، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، بيروت، دار الفكر المعاصر، ط2، 1990.

• الدوريات:
1- رضا الشمري، إمكانيات تطبيق النظام الفيدرالي في العراق، بغداد، مجلة القادسية، مج8، العدد4، 2009م، ص130.
• المقالات والمواد الالكترونية المنشورة على الانترنت:
1- محمد المخلافي، الخيار الفيدرالي في اليمن: طريق إلى سلام دائم؟، مبادرة الإصلاح العربي، 17 مايو 2018.
https://www.arab-reform.net/wp-content/uploads/pdf/Arab_Reform_Initiative_ar_1284.pdf?ver=3df280967795f995476b2c9477037642

2- نتائج استبيان موقع منصتي 30 حول توزيع السلطة في اليمن، متوفر على الرابط:
https://manasati30.com/political-affairs/16552/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات