الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب في الغرب

محمد حسن البشاري
(Mohamed Beshari)

2022 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لفت إنتباهي خبر في موقع البي بي سي عربي بتاريخ 29/01/2022 يفيد بتبرع السيد/ عاصم علام مالك نادي هال سيتي Hull City السابق بمبلغ 3 ملايين جنيه أسترليني لبناء مركز أبحاث وعلاج لمرضى السكري والذي تم افتتاحه مؤخرا بعد أن كلف 7.5 مليون جنيه أسترليني فتسآلت بيني وبين نفسي كيف يتبرع مصري لبريطانيا وبلده الأصلي في أمس الحاجة لكل باوند وبنس وراجعت ملفه في ويكيبيديا الذي وجدته في النسخة العربية ملفا قصيرا جدا لا يشبع ولا يغني من جوع إلا أنه في الهامش يوجد رابط لفيديو مكتوب عليه بأنه تعرض للتعذيب في سجون عبد الناصر ولذلك فهو قد هرب من الحكم الديكتاتوري العسكري في مصر في نهاية الستينات وعلى الرغم من أنني لست من هواة مشاهدة الفيديوات على النت الا أنني نقرت على الرابط الا ان الفيديو كان غير موجود وفي النسخة الإنجليزية وجدت أنه قد تبرع في 2016 بمبلغ 7 مليون جنيه أسترليني الى مبنى طبي في جامعة هال Hull و 8 مليون في 2019 الى جامعة هال الطبية بالإضافة الى تبرعاته الى حزب العمال البريطاني وبطبيعة الحال شراؤه لفريق هال ورعايته لبطولات السكواش البريطانية منذ 2011 والتي تم نقلها الى مدينته المفضلة هال منذ 2013 وغير ذلك من تبرعات ولم أجد له تبرعا واحدا لبلده الأم مصر وحدث مثل ذلك من محمد الفايد مالك متجر هارودز الشهير الذي اشترته منه قطر بمبلغ 1.5 مليار باوند في 2010 والذي أقسم أن لايعود الى مصر بعد تأميم ممتلكاته في بداية الستينات ولغيره ممن لا تحضرني أسمائهم فلماذا نجد هذا السلوك متداولا كثيرا لدى الأثرياء العرب الذي قد نجد له عذرا (غير مبرر) مقابل الأثرياء العرب الذين لم يغادروا أوطانهم أصلا وخاصة أثرياء الخليج الذين نسمع عن تبرعاتهم في الغرب من حين الى آخر ومن المفارقات أن تجد الغرب دولا وأفرادا وجمعيات يتبرعون الى الشعوب العربية البائسة ولتشخيص هذا السلوك يحتاج الى دراسة معمقة من الخبراء في المجالات الطبية والنفسية والاجتماعية الا أنني أستطيع أن أدلو بشئ منه هنا بالقول أن من أشد ما يقع في نفوس البشر الذين يضعهم حظهم العاثر للعيش تحت حكم ديكتاتوري (وخاصة الاستبداد الشرقي منه) هو ذلك الانكسار النفسي وتشويه روحهم الوطنية فهذا المصري لا يشعر بأي إنتماء الى مصر على الرغم من أنه عاش شبابه فيها ولم يغادرها الا في عمر29 عاما وعلى الرغم من فترة سجنه التي يبدو بأنها لم تكن طويلة الا أنها جرحته جرحا لم يندمل ويبدو أنه طلق مصر والعرب بالثلاث وهذه ذكرتني بقصتين لشخصين ليبيين من البسطاء أحدهما كان يعمل في أحد حقول النفط التابعة لشركة إسو في نهاية السبعينات أو بداية الثمانينات تحصل على دورة تدريبية في أمريكا فألتقى مع امراءة مسنة ترغب في الزواج فتزوجها وصار مديرا للمقهى/البار الذي كانت تملكه ولما زاره أحد زملأه وأصدقاءه المقربين السابقين في الشركة والذي كان يرغب في الهجرة الى أمريكا رحب به في منزله عدة أيام الى أن استأذن منه في الخروج من البيت فسأله الى اين فقال له أنه يريد اجراء مكالمة هاتفية الى أهله في ليبيا فرد عليه بأن يأخذ حقيبته معه ، أما الآخر ففي لندن أستضاف عددا من الليبيين المقيمين فيها وكانوا من مدينته بنغازي فأخذوا في الحديث عنها وعن أسواقها وشوارعها بحنين وشوق جارف لها فأخرج جواز سفره وأشعل فيه النار أمامهم قائلا لهم هذه ليبيا وبنغازي اللي صدعتوني بها وكلا الشخصين لم يتعرضا للسجن والتنكيل فما بالك لمن تعرض لهما بل أن الثاني كان متزوجا وله بنتا واحدة على الأقل هي التي جعلته يرجع الى بنغازي في شيخوخته عندما تقدم أحدهم لخطبتها فأشترطت عليه أن يكون والدها (وكيلها) حاضرا.
ومن المفارقات أيضا أن لا نجد مثل هذه التبرعات لدينا ممن كونوا ثروات سواء ممن أستفادوا في النظام السابق أو من فبراير وبطبيعة الحال فإن الأخيرين غلبوا الأولين بمراحل كثيرة لم تخطر على بال الشيطان نفسه فراكموا الثروات بجميع العملات في الداخل والخارج نقدا وعينا بالقانون وبغيره ولم تحدثهم أنفسهم ولو مرة واحدة بأن ينفقوا شيئا على هذا البلد المنكوب بأن يشيدوا مبنى تهدم من أثر الحروب مثلا أو أن يساهموا في توفير السيولة بدل التربح من الأزمة ، بل نجد أن الكثير ممن فتح باب التبرع لصيانة ما تهدم يقومون إما بسرقة التبرعات أو بإنفاقها في بنود يفترض بأنها ليست من الأولويات ليزيدوا من معاناة المتبرعين المعوزين أصلا الذين تبرعوا من لحمهم ودمهم تعاطفا لبناء ولو الجزء اليسير مما تهدم.
وتحضرني هنا الرسائل التي أستلمناها من شركة المدار للتبرع بمبلغ 5 دينار للجمعية الليبية لدعم جامعة بنغازي في عام 2018 فتبرع الكثيرين بهذا المبلغ وبأكبر منه كل حسب قدرته لورود الرسالة أكثر من مرة وحتى تاريخه لا يزال أبناؤنا وخاصة في كلية الهندسة يدرسون في قاعات تتسرب من أسقفها المياه أغلبها بدون أبواب ولا نوافذ في هذا البرد القارص في حين أنه يتم انفاق الكثير من الأموال لصيانة مبنى الإدارة العامة والتشجير والبستنة في المدخل لتسر الناظرين من الموظفين وليذهب ابناؤنا الى الجحيم.

تنويه:
تم التطرق الى العلاقة الجدلية بين العرب والغرب (الشرق والغرب) في العديد من المقالات السابقة منها التالي:
• لندنستان إضغط هنا
• التقوقع الفكري لدى العرب إضغط هنا
• غويتيسولو يفضح العرب إضغط هنا
• سلمان العبيدي ... مجرم أم ضحية إضغط هنا
• الشرق والغرب https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=628557








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية