الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تنتقم روسيا – البوتينية –

صلاح بدرالدين

2022 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يعيد المراقبون السبب الرئيسي من ضمن اساب اخرىى ، للسقوط المدوي لنظام الدولة الاشتراكية العظمى – الاتحاد السوفييتي –، وأنظمة دول شرق أوروبا التي كانت تدور في فلكها ، بداية تسعينات القرن المنصرم ، الى الجانب السياسي في انعدام الديموقراطية ، واستشراء الفساد البيروقراطي ، وانتهاك حقوق الانسان ، ومصادرة إرادة الشعوب غير الروسية ، وقد اختلفت ردود الأفعال من جانب نخب تلك البلدان التي كانت شاهد عيان على انهيار المؤسسات ، وانتشار الفوضى ، واعمال الشغب المصحوبة بالاعتداء على الأملاك ، والأموال العامة ، ومن ضمنها مواد تدخل في عداد مكونات الأسلحة الفتاكة ، التي راجت تجارتها لتصل الى معظم دول العالم ، وتتسرب الى ايدي القوى الراعية للارهاب في الشرق الأوسط .
في معظم دول أوروبا الشرقية ، حاولت النخب الشعبية ، ومنظمات المجتمع المدني الاستفادة من التجربة السابقة الفاشلة ، وإعادة بناء بلدانها من جديد ، بتعزيز الديموقراطية ، وتنشيط المنافسة المدنية السلمية ، واللجوء الى تحكيم صندوق الاقتراع ، مع تراجع ملحوظ لاحزابها الحاكمة في العهد السابق ، باستثناء روسيا الاتحادية التي اتخذت منحى مختلفا ، حيث تصدر المسؤولون السابقون الصفوف الامامية ، بإعادة انتاج النظام السابق بشكل جديد ، عبر تحالف رؤوس الأجهزة الأمنية وخصوصا جهاز – ك ج ب – ومدراء الصناعات الحربية وجنرالاتها ، واباطرة المافيا العابرة للقوميات في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ، وبرعاية ومباركة الكنيسة الارثوذوكسية المعروفة بنزعتها القومية الروسية صاحبة النفوذ الاجتماعي الاوسع .
انطلق التحالف الجديد من العصبية القومية الروسية أساسا ، الممزوجة بنوازع الانتقام بكل السبل المتوفرة ، تحت شعارات إعادة دور الاتحاد السوفييتي السابق واحيائه من جديد ليس باسم ( الأممية ، والاشتراكية وحكم العمال والفلاحين ، والشعوب السوفيتية ) بل في ظل الطغمة الحاكمة في موسكو ، وباسم الدولة الروسية ، وقد وجدت اطراف التحالف القومي الجديد مصلحتها المشتركة من اجل استعادة النفوذ على كل الجمهوريات التي كانت جزء من الفضاء السوفيتي ، وتوسيع السوق الاقتصادية المهيمنة ، ومن ثم منافسة الأسواق العالمية ، والتحول الى قطب دولي مقرر ، بعد تعزيز القدرات العسكرية ، وتطوير الأسلحة الاستراتيجية .
هناك امر في غاية الأهمية ويتناساه الكثيرون ، وهو ان هذه الأطراف المتحالفة الان في ظل سلطة الطغمة البوتينية هي التي تسببت في نخر النظام السوفييتي من الداخل ، ومن ثم سقوطه بسهولة .
من مرتكزات استراتيجية التحالف الروسي الحاكم
أولا – عمدت الطغمة الحاكمة على انشاء علاقات التعاون مع الأنظمة الدكتاتورية في العالم ، المتورطة في صراعات دامية مع شعوبها ، مثل فنزويلا ، وسوريا ، والقائمة تطول ، ونحن السورييون اكثر شعب عانى من الاعتداءات الروسية العسكرية ، ومن دعم نظام الاستبداد ، واحتلال البلاد منذ عام ٢٠١٥ ، يكفي ان الروس وباعتراف رئيسهم جربوا اكثر من ٣٥٠ نوع من السلاح على أجساد السوريين ، وفي تدمير البنى التحتية لمناطقهم .
ثانيا – تستخدم الطغمة الحاكمة أقسى ، واشد الوسائل الردعية ضد معارضيها بمافي ذلك السموم القاتلة ، والمواد المحظورة دوليا ، وملاحقتهم في الخارج أيضا وفي الداخل تضيق الخناق على اية معارضة ، وتطبق بحقها اقسى العقوبات .
ثالثا – على الصعيد الدولي تتخذ الطغمة الحاكمة مواقف بعيدة عن طبيعة العلاقات الدبلوماسية المتزنة ، بل تنطلق من مواقف انتقامية مرسومة مسبقا ( مثل فيتوياتها بمجلس الامن لحماية النظام السوري ) ، من شانها تهديد السلام العالمي ، واثارة الفتن في الكثير من البلدان ، والمناطق ، وهي بذلك تعتبر الأكثر سوء من خصومها الموضوعيين مثل الولايات المتحدة الامريكية ، وبعض البلدان الأوروبية .
رابعا – بسبب ميكيافيلية الطغمة الحاكمة ، واستخدام الطرق الملتوية من جانب ممثلي – القيصر – ( ومااكثرهم ) ، وممارسة التضليل ، ولانعدام المؤسسات الديموقراطية المنتخبة ، وقيام الدوما الروسية بدور التابع لحزب الرئيس ، فقدت روسيا احترام العالم ، لافتقارها الى المصداقية حتى في تعاملاتها التجارية ، ناهيك عن العمل الدبلوماسي ، والعلاقات الدولية .
تهديد الدول الخارجة عن الطوق الروسي ،وتقسيمها
أخطر ماقامت به الطغمة الحاكمة الروسية هو العدوان العسكري على دول محيطة بها والتي انتهجت طريق الديموقراطية ، بعد تحررها من الحكم الشمولي ، وبعد الإخفاق في تطويعها ، عملت على تقسيمها ، واقتطاع أجزاء منها ، مستغلة في ذلك تواجد نسبة من السكان فيها من أصول روسية ، نحو عقدين أو أكثر قسمت أراضي دولتين هما – جورجيا – و – أوكرانيا - ، واقامت خمسة كيانات جديدة ،ففي الأولى وبعد حربها مع جورجيا ( ١٩٩٢ ) اقتطعت منطقتي – ابخازيا – و – اوستينيا الجنوبية – واعلنتهما جمهوريتين لم تعترف بهما سوى – سوريا ، وفنزويلا – ونيكاراغوا .
وفي – أوكرانيا – اقتطعت روسيا ثلاثة مناطق ، حولتهما الى كيانات مستقلة ، منذ عام ٢٠١٤ ، عن طريق القوة العسكرية ، والتهديد ، الأولى : جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي الملحقة بموسكو ، وذلك بالضد من إرادة شعبها – التتاري – كسكان اصليين فحتى اسم ( القرم ) يعني باللغة التترية قلعة ، وأصحاب الأرض منذ مئات السنين ، والثانية : جمهورية – دونيتسك - ، والثالثة : جمهورية - لوغانسك - ، واقتطعت المناطق الثلاث من الدولة الام – أوكرانيا – والتي لم تعرف بها اية دولة بالعالم ، وقد أدت هذه الاعمال المنافية للقانون الدولي ، والمناقضة لارادة الشعوب المعنية الى الفتنة العنصرية ، وتزكية العداء القومي بين الاوكرانيين ، والتتار ، والجورجيين من جهة والروس من الجهة الاخرى ، والغريب ان روسيا التي تسمى شكليا بالاتحادية ، تنتهك حقوق العشرات من القوميات ، والاثنيات ، وتحاربها بالحديد والنار ، ولكن الامر يختلف عندما تخضع قضايا الشعوب لمصالح الطغمة الحاكمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً