الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالم النظام الاجتماعي المعاصر / 19

رياض عبد الحميد الطائي
كاتب

(Riyad A. Al-taii)

2022 / 2 / 2
دراسات وابحاث قانونية


الفصل الخامس ( في شؤون القضاء وأمن المجتمع )
أولا ) حول مفاهيم ( العدل ، الأمن ، الحرية )
في مقالنا هذا نبحث عن اجابات للتساؤلات ( لماذا هناك بشر ملتزمون بالقانون وهناك بشر خارجون عن القانون ؟ ما هي دوافع السلوك البشري ؟ كيف السبيل الى مجتمع صالح ؟ ما هي اسباب شيوع مظاهر الظلم والفساد في مجتمعات الدول النامية ؟ ) من خلال البحث في هذه التساؤلات نعرض رؤيتنا حول النظام القضائي وأمن المجتمع ، وطبيعة مهام النظام القضائي في المجتمع , وشروط اقامة نظام أمني فعال ليتحقق في ظله مجتمع آمن , مع عرض مقترحنا حول اسلوب عمل او آلية عمل المحاكم وفقا لبرنامجنا الاصلاحي
ـ من المعلوم ان الهدف من القضاء هو تحقيق العدالة من خلال الحكم في المنازعات والدعاوى الجنائية او دعاوى الاعتداء على الممتلكات العامة اوالخاصة ، ومحاكمة ذوي السلوك المنحرف ، او الخارجين عن القانون ، واصدار الاحكام بحق المذنبين وفقا للقوانين المعتمدة في البلد والتي يفترض انها قائمة على أسس الحق والعدل
ـ رؤيتنا حول النظام القضائي تقوم على فكرة اعادة النظر بفلسفة القضاء بناءا على تفسير دوافع سلوك الفرد والسلوك الجمعي ، واثر الثقافة العامة على السلوك الفردي ، كما يتضمن رؤيتنا حول أمن المجتمع والسلم الاجتماعي ، وتفسير دوافع السلوك المنحرف تفسيرا علميا منطقيا ، آخذين بنظر الاعتبار ظروف البيئة المحيطة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ، واحلال مبدأ العلاج والتقويم للسلوك المنحرف بدلا من اساليب العقاب التقليدية ، او اساليب الاصلاح الحالية عديمة الجدوى ، مع مراعاة ان يخضع اصحاب السلوك المنحرف للعلاج النفسي والبدني ، الكيميائي والفيزيائي بهدف الاصلاح والتقويم والتأهيل
ـ مبدأ عمل القضاء هو انه يقوم على العدل والحق ، ولا قضاء مع الباطل ، ولا قضاء بغياب الحقيقة ، ولكي نبين رؤيتنا حول النظام القضائي يجب ان نعرف في البدء ما هو مفهوم العدل ؟ ،وما هي نظرية الحق المعتمدة في رؤيتنا ؟ وكيف السبيل الى بلوغ الحقيقة قبل اصدار الحكم ؟ نقدم في البدء تعريفنا لنظرية الحق التي نعتمدها في رؤيتنا للنظام القضائي فنقول هي ( مجموعة القواعد والثوابت المبدأية التي تؤدي من حيث الجوهر والمظهر الى تكريس مفهوم الحق في المجتمع وبالتالي اشاعة حالة الشعور بالرضا والاطمئنان والاستقرار النفسي لدى افراد المجتمع ) ، واضح ان نظرية الحق تستمد مبادئها من مفهوم الحق ذاته ، ووفقا لرؤيتنا فاننا نعرف مفهوم الحق بأنه ( صفة السلوك الذي يسلكه الانسان بافعاله واقواله ليعكس التزامه واحترامه لاصول ومواضع المُلكية بنوعيها المادي والمعنوي ، من غير تغيير او تحريف لها عن مواضعها الحقيقية ، وبغض النظر عن تحقق المنفعة او عدم تحققها للفاعل او للمفعول به ) من التعريف هناك ترابط جدلي بين مفهوم الحق ومفهوم الملكية ونقصد بها الممتلكات المادية والمعنوية ، ومن المفاهيم الاخرى المرتبطة بمفهوم الحق ( العدل ، الصدق ، الحقيقة ، الشفافية ، الانصاف ، الامانة ، الوفاء ، المساواة ) ، مفهوم الحقيقة مستمد من مفهوم الحق ، ان السبيل الى الحقيقة في عمل القضاء يكون من خلال الالتزام بالقواعد العلمية والمنطقية في تتبع اسباب ودوافع السلوك المنحرف عن جادة الحق والخروج عن القانون ، وفي اصدار الاحكام العادلة بحق اصحاب السلوك المنحرف
ـ هناك علاقة بين مفهوم العدل ومفهوم الأمن ، كما ان هناك علاقة بين مفهوم الحرية ومفهوم الأمن ، فالعدل والانصاف في النظام الاجتماعي يسهم اسهاما كبيرا في تقليل النزاعات واشاعة حالة الرضا والامان ، اذ لا أمان بغياب العدالة ، كما انه لا حرية بغياب الامن ، الخروقات الامنية التي تحدث في المجتمع تنعكس سلبا على أمن المواطنين وحريتهم ، بتدهور الحالة الامنية تتقلص مساحة الحرية ، وكلما تزداد الحالة الامنية سوءا كلما تضيق اكثر مساحة حرية المواطن
ـ الحرية حاجة ضرورية ، لكن الحرية مسؤولية ، من يسيء استخدام الحرية فهو ليس جديرا بها , اساءة استخدام الحرية يؤدي الى فوضى وفلتان في المجتمع وتتدهور الحالة الامنية ، ومن هذا المنطلق ولكي لا تتحول الحرية الى فوضى فانه يجوز ان تقيد حرية أي انسان عندما يسلك سلوكا يلحق الضرر بالمصالح العامة أويسبب الضرر بحقوق الاخرين ظلما وعدوانا , تقييد الحرية يعتبر وسيلة عقابية رادعة ولكن بشرط ان لا تقيد الحرية لفترة زمنية طويلة لان حرمان الانسان من الحقوق الاساسية وبالتحديد الحرية والكرامة لمدة طويلة فان ذلك يترك آثارا عميقة عليه وعلى عائلته وذويه تصعب ازالتها , عندما يصبح أمن المجتمع في خطر تضطر الدولة الى تقليص الحريات العامة حماية للمجتمع ، أمن المجتمع له الاسبقية على حرية افراد المجتمع , بوقوع الضرر والخطر يتوجب تعطيل حرية البشر, فالضرر يعطل الضرورة , الحكومة تتحمل المسؤولية الاولى في توفير الامن ولكن عليها ان لا تجعل من هذه المسؤولية مبررا دائميا لحرمان افراد المجتمع من الحريات العامة ، من الظلم ان نجعل الاشخاص الاسوياء يتحملون نتائج وتبعات سوء سلوك الاشخاص المنحرفين الذين يسيئون استخدام الحرية
ـ ان اساءة استخدام الحرية هو احد اسباب المشاكل الامنية ولكن ليس هوالسبب الوحيد ولا هو السبب الرئيسي فهناك اسباب أخرى على قدر من الاهمية تتعلق بالنظام الاجتماعي ، فمجتمعات البلدان النامية بشكل عام مليئة بالمشاكل الاجتماعية ، والمشاكل الاجتماعية اذا لم تعالج فانها تنعكس سلبيا على الاوضاع الامنية
ـ من الطبيعي ان الخارجين عن القانون يكون المكان المناسب لهم هو السجن لان حريتهم تمثل خطر على أمن المجتمع ، ولكن يجب التعامل معهم على انهم مرضى يحتاجون الى العلاج وليس اعداء يجب الانتقام منهم ، مبدأ العلاج يستوجب البحث والتحري عن الدوافع وراء الخروج عن القانون ، نرى بان حوادث الخروج عن القانون تحدث عادة اما لاسباب موضوعية تتعلق بوجود ظلم اجتماعي يؤدي الى التمرد والعصيان والخروج عن القانون ، وفي هذه الحالة يجب معالجة اسباب الظلم الاجتماعي وازالة آثاره ، فالظلم قد يدفع الانسان المظلوم الى التمرد والخروج عن القانون تحت ضغط الحالة النفسية السيئة ، هذا مع العلم بان ليس كل من يخرج عن القانون يعاني من الظلم الاجتماعي ، او يكون الخروج عن القانون لاسباب ذاتية تتعلق بالحالة الصحية او بسلامة القوى العقلية للشخص المنحرف ، فهناك افراد مصابون بامراض نفسية او عقلية ويحملون نزعات عدوانية شريرة فيسلكون مسالك الجريمة والخروج عن القانون ، ويجب ان لا ننسى دور المؤثرات العقلية ( المخدرات ) في تخريب القوى العقلية لمتعاطيها مما يدفعهم لسلوك مسالك الاجرام
ـ مظاهر السلوك البشري تكون عادة اما على شكل أفعال او أقوال ، وتكون اما ذات تأثيرات ايجابية او تكون سلبية ، والاقوال عادة تعكس افكار او معتقدات قائلها ، من المعلوم في علم سلوك الانسان ان هناك انماط سلوكية مكتسبة وهناك انماط سلوكية موروثة ، وان الانماط السلوكية المكتسبة يتم اكتسابها من خلال تأثيرات البيئة الاجتماعية المحيطة بالانسان ( العائلة والمجتمع ) ، اما الانماط الموروثة فهي التي يرثها الانسان من والديه وفقا لقوانين الوراثة ، هذان النمطان هما اللذان يشكلان معا ملامح شخصية الانسان وسلوكه ان كانت ايجابية أم سلبية ، والفرد عادة يخضع لهذه الانماط بطريقة لا إرادية ، وحيث ان كل بيئة اجتماعية تخضع لنظام اجتماعي يحكم العلاقات بين البشر المقيمين في هذه البيئة ويشكل انماط افعالهم و ردود افعالهم ، بالتالي فان النظام الاجتماعي يعكس نمط قوانين البيئة الاجتماعية ونمط الثقافة العامة السائدة ، ووفقا لهذا المفهوم فان انتشار مظاهر الظلم الاجتماعي في اي مجتمع انما هو دليل على فساد البيئة الاجتماعية وبالتالي عدم صلاحية النظام الاجتماعي
ـ تتلخص مهام السلطة القضائية في تحقيق العدالة في المجتمع وفي الفصل في المنازعات استنادا الى القوانين المعتمدة في البلد ، ولكي تؤدي السلطة القضائية مهامها بنجاح في ترسيخ العدالة في المجتمع وبنزاهة وحيادية ودون تمييز يجب ان تتمتع بالحماية والاستقلالية ، وعدم السماح لاي جهة من خارج السلطة القضائية بالتدخل في شؤون القضاء ، السلطة القضائية هي احدى سلطات الدولة الى جانب السلطة التشريعية والتنفيذية ، وتكون كل سلطة مستقلة عن الاخرى وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات ، وكل سلطة تتمتع بالاستقلالية اداريا وماليا ، تخضع جميع السلطات لسلطة معنوية عليا هي سلطة الدستور .
ـ تضطلع المؤسسات القضائية بدور كبير في النظام الامني لاي مجتمع من خلال تحقيق العدالة وانصاف المظلومين ورفع الغبن عن المغبونين , واننا نعتقد ان مجتمعات الدول النامية تعاني من مشاكل اجتماعية كبيرة ومن ضمنها النظام الامني ، وانها بحاجة ماسة لاجراء اصلاحات واقعية وعملية وفعّالة في انظمتها القضائية لتحقيق المتطلبات الانسانية قي العدل والامن والحرية
يتبع الجزء / 20








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط