الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة الغائبة في لحظة زهير المخ الدستورية

وداد فاخر

2003 / 5 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


MAY . 18 . 2003
 / فيينا
اختصر الصديق العزيز الدكتور زهير المخ في مقاله المنشور في جريدة الشرق الأوسط بتأريخ 17 / 5 / 2003 ، وبعنوان ( عودة عراقية إلى اللحظة الدستورية ) ، زمنا ورجالا وأحداثا جساما ً، وأمسك بلحظته الدستورية التي عبر عنها شاعر العراق الرصافي بجرأته المعهودة :
                   ملكٌ ودستورٌ ومجلس’ أمَةٍ        كلٌ عن المعنى الصحيح ِ محرَف’
فقد كانت هناك هيكلة برلمانية اقتصرت على النخبة الحاكمة ، وعدد ضئيل من التابعين لها ، وجلهم كما كان يطلق عليهم العراقيون " أبو موافج " من شيوخ العشائر الأميين . بينما ظل تداول السلطة مقتصرا على 35 – 40 شخص من الضباط الشريفيين الذين قدموا مع الملك فيصل الأول 1921- 1933 ، ومكثوا يتعاقبون على رئاسة الوزارات العراقية طوال 40 عاما ، عدا إستثناءات معدودة على الأصابع لأشخاص طعمت السلطة نفسها بهم .
متجاهلا طوق ( الصرائف ) الذي كان يطوق العاصمة بغداد ، وينتشر في المدن الأخرى ، مثل البصرة والعمارة والناصرية وبقية مدن الجنوب المعدمة ، وآلاف مؤلفة من الفقراء والمعدمين من فقراء المدن والريف ونسبة هائلة من الأميين وعدد لا بأس به من الأمراض المتوطنة ، محوطين بنظام دستوري شكلي يقف على قمته شيوخ عشائر وإقطاعيين وبرجوازية وطنية ترمي بفتات طعامها للعمال الذين كانوا لا يستطيعون الحصول على أودهم وما يكفي لإطعام عوائلهم .
لكن ما يثير الألم أكثر أن يصدر من كاتب وباحث عراقي ما يشكك في وطن يمتد تأريخه لآلاف السنين عندما يقول ( إن الكيان العراقي نفسه مدين ل " الاستعمار" البريطاني الذي لعب دورا مركزيا في قيامه ) ، متناسيا بلاد ما بين النهرين التي أنبتت أول حبة قمح ، وكانت مهد الحضارة البشرية .
واسم عراق الذي كان لصيقا بهذه التربة ولم يكن منة من مستعمر بريطاني ، حيث ورد اسمه في الشعر الجاهلي باسم " عراق " وهاك ما أنشده أحد شعراء الجاهلية وهو جابر بن حني التغلبي :
               وفي كل أسواق العراق أتاوة ً      وفي كل ما باع أمرؤ مكس درهم
أما تسمية العراق القديمة التي جاء من اسمها العراق فهو " أراكي " أي بلاد الشمس .
وما فعله البريطانيون كدولة انتداب هو فقط ، تثبيت حدود العراق – التي اقتطعت منها أجزاء كبيرة سابقا ولاحقا في زمن حكم البعث – بموجب اتفاقيات دولية وضعت في الدرجة الأولى فيها مصلحة الدول الكبرى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى . كمقررات لجنة الحدود الشرقية لسنة1937 التي استندت على  البروتوكول الموقع في إسطنبول في العام 1913،
أو المعاهدة الثلاثية بين العراق وبريطانية وتركيا في 5 حزيران 1926 والتي حدد فيها خط الحدود بين العراق وتركيا ، وكذلك الحدود العراقية السورية والأردنية والسعودية والكويتية .
لكن لا ينسى للبريطانيين فضلهم في الدفاع عن تلك الحدود من أطماع جيران العراق آنذاك وخاصة تركيا وإيران والوهابيين في السعودية ، حيث أوقفت تهديدات المندوب السامي البريطاني عبد العزيز بن سعود عن مواصلة أطماعه في العراق ، عندما قال له " إذا لم توقف هجماتك وأطماعك سنرجعك مثلما كنت أولا – أي لاجئا في حمى شيوخ الكويت – " .
وعاد  الدكتور المخ ليقفز على حقائق التأريخ من جديد ، ويهين حدثا لا زال رغم كل ما فعله البعث من تزوير للتأريخ عالقا في نفوس الجيل الذي عايشه ، ليتحدث عن ثورة 14 تموز 1958 ، قائلا  ( ومنذ سقوط " اللبرالية الدستورية " في العام 1958 تحت حوافر العسكر ).
ثم يواصل في خلط عجيب للمفردات السياسية دون تمييز ظاهر لفترات سياسية مختلفة ، ليصبها في قالب آيديولوجي واحد عندما يقول بأنه ( قد أصبح للحاكم " شرعية " آيديولوجية تختبئ تارة وراء مجموعة من العسكر وأخرى وراء حزب ) . أي إن ما حصل في عهد الجمهورية الأولى من تغيير سياسي – اجتماعي ، ومادي وثقافي يماثل في رأي الكاتب ما حصل من تراجع للمكاسب الشعبية السابقة في عهدي العارفين ( عبد السلام وعبد الرحمن عارف ) ، ومثله في سلطة العفالقة التي وصفها هو في صورته القلمية في جريدة الشرق الأوسط  ، بتأريخ 10 / 4 / 2003 وبعنوان " رجال الرئيس / عدي صدام حسين " قائلا : (عندما ينظر المرء إلى صورة النظام العراقي في مثلثه الأضيق " الرئيس وولديه " لا يلبث أن يتداعى إلى ذهنه فيلم " العراب " الشهير للمخرج فرانسيس كوبولا . فإذا كان صدام حسين يجسد شخصية دون كرليوني ، فإن عدي البالغ من العمر 38 عاما هو بحق الابن الأكبر العنيف والطائش سانتينو ) . أي إن لا وجود لدولة بالمعنى الحقيقي للدولة في زمن البعث  وفي فترة حكم صدام حسين بالذات ، بل كل ما في الأمر إن هناك عصابة من المافيا كانت مهيمنة على زمام الأمور في العراق .
لذا فقد ظهر الخلط واضحا في العبارة الأخيرة التي تجمع في الشرعية الحاكم الذي يؤيده العسكر كما أسلف الكاتب ، والحاكم الذي يختبئ وراء حزب فاشي كحزب البعث ، وبالتالي انتفى الهدف الأساسي من القول بالرجوع إلى اللحظة الدستورية التي يفضلها الكاتب ، لكنني متيقن تماما بأن هناك شعبا سيبني من جديد قوانين وتقاليد دستورية حقيقية تختلف كلية عن أماني وأحلام الماضي البعيد.

ملاحظة للقراء :
من الأفضل أن يكون الرد على المقالة في نفس الجريدة التي نشر فيها ، لكن واقع الإعلام العربي يقول غير ذلك . فهناك نخب فئوية يحق لها أن تكتب وتعبر عن رأيها من صحفيي وكتاب خمس نجوم ، وهناك الجماهير أو الشعب أو الرعاع كما يطلق البعض عليهم الذين لا يحق لهم أن يلجوا أبواب تلكم الصوامع المسمات ب " صحف عربية " فكل له مملكته ، ولكل دولة هيمنتها وسياستها
وللقارئ العزيز تقدير ذلك ، والله أعلم .

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما