الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديك الأحمر

محمد إبراهيم محروس

2022 / 2 / 5
الادب والفن


فكت مريم ضفيرتها تركت شعرها ينسال في نعومة هادئة على كتفيها.. داعبت فروة رأسها بيدها. تحس بالصداع منذ الصباح..
الألم يزداد وكأن هناك حملا ثقيلا فوق رأسها.. تأوهت.. خرجت تأوهاتها ضعيفة خافتة.. فهي لا تريد أن تزعج أمها العجوز.. لقد تركت فراخها في الحوش يحرسهم الديك الأحمر الوحيد..
غادرت مكانها أمام المرآة واتجهت حافية القدمين إلى الحمام.. فتحت الماء وتركت لجسدها حرية الحركة في أن يتفلفص من تحت الماء البارد الذي ينساب على جسدها في قسوة وكأنه يعذبها.. الصداع يشتد وجسدها يرتجف تحت لسعات الماء البارد.. تملصت من تحت الماء وسحبت فوطة لفت بها جسدها.. خرجت من الحمام منتعشة بعض الشيء وصياح الديك في الحوش يأتي عاليا مزعجا.. لم يأت حازم بعد.. انتظرته طويلا انتظرته منذ شهور.. تتململ في فراشها كل ليلة.. تكتم شهوة الحرمان، تضع الفوطة بين أسنانها تكز عليها.. تخرس صرخاتها المتأوهة.. تتعب من كثرة الألم فتنام.. الصداع بدأ ينتابها بشدة هذه الأيام.. التفكير يؤرقها يتركها نهبا للقلق.. أهل القرية يتكلمون.. جسدها البض وشبابها وجمالها النادر بينهم كل هذا يدعوهم دائما للتكلم.. من الذي يروي الشجرة الآن، الإشاعات تتضخم وتتزايد والألسنة تلدغ في حقد.. لقد اتهموا زوجها في البداية بالجنون.. عندما أطلق لحيته سموه الشيخ.. ثم عندما حلقها أطلقوا عليه الشيخ المجنون.. معظم شباب القرية يحسدونه على حبها له.. يرفضون بشدة أن يكون كل هذا الجمال له وحده.
بلغوا عنه أنه يحرض أهل القرية على التمرد في وجه العمدة.. لفقت القضية جيدا، رموه في السجن.. حرموه من حضنها الدافئ.. الشجرة تشتاق للأثمار.. جسدها يلتهب من الحرمان.. الصداع هذه المرة مؤلم بشدة بجنون.. تركت فراشها تسللت على أطراف أصابعها.. تركت باب الساحة مفتوحا ذهبت إلى الوسعاية.. جمعت حولها كتاكيتها الصغار.. الديك الأحمر ينظر إليها شذرا وهي تجمع الدجاج لتطرحهم في العشة.. زاد صياح الديك.. زاد ضغط أعصابها والفراخ تنقر قدمها.. تبعد أطراف أصابعها عن المناقير الحادة..
تنظر في حقد إلى الدجاج.. وصياح الديك يرن في أذنيها ويزيدها غضبا.. تتناول سكينة من فوق العشة تمسك الديك بعد عدة محاولات فاشلة.. تلف يديها حوله بعنف.. ثم تجز عنقه في حدة وتتركه يرفرف تحت قدميها بينما يزداد نقر الفراخ لأصابعها.. والدماء تلوث ثيابها ويديها.. والصداع يتلاشى ببطء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل