الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الصراع على أوكرانيا !

توما حميد
كاتب وناشط سياسي

2022 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


رغم الدعاية الإعلامية للغرب حول الصراع الاوكراني وكل الحديث عن الدفاع عن الديمقراطية وحرية الدول في الاختيار، الا ان الوقائع توضح بشكل لا لبس فيه بان هذه الدعاية هي كاذبة وهي تلفت الانتباه عن الأسباب الحقيقية لهذا الصراع.
في خضم المفاوضات بين الاتحاد السوفيتي والغرب طلبت روسيا من أمريكا عدم توسيع الناتو شرقا والامتناع عن النشاط العسكري في دول الكتلة الشرقية السابقة والامتناع عن نشر صواريخ قريبة من حدود روسا، مقابل التخلي عن حلف وارشو ووحدة المانيا. وهناك ادلة موثوقة بان وزير الخارجية الأمريكي، جيمس بيكر وعد في عام 1989 بانه " لن يكون هناك تمديد للناتو بوصة واحدة الى الشرق". ولكن منذ ذلك الحين توسع الناتو لمسافة 1000 كيلوميتر الى الشرق في اوروبا الوسطى والشرقية وضم البلدان التي كانت في السابق جزءا من حلف وارسو مثل التشيك وهنغاريا وبولندا وبعدها بلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا والبانيا وكرواتيا و حتى بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة مثل استونيا ولاتفيا ولتوانيا. كما وعد الناتو بان تصبح أوكرانيا وجورجيا عضوين عندما تتوفر شروط العضوية عند هذين البلدين. كما تقوم قرغيزستان بإيواء قاعدة عسكرية أمريكية وتم نصب حكومة موالية للغرب في جورجيا ويتم تدبير "ثورات ملونة" في الدول التي تقع في منطقة نفوذ روسيا مثل بيلاروسيا وكازخستان.
لقد خضعت روسيا لهذا الضغط لأنها كانت ضعيفة في مواجهة أمريكا والغرب وخاصة في العقد والنصف الذي تلي سقوط الاتحاد السوفيتي. ولكن الان لقد بدا الوضع العالمي يتغير، فرغم بقاء أمريكا أكبر القوى الامبريالية، ولكن مجموعة عوامل تسببت في انحدار نفوذها وضعفها النسبي وخاصة منذ ازمة 2008. فالتدخل في العراق وأفغانستان قد كلفها أموالا هائلة وخرجت بعد عشرين سنة دون ان تحقق شيء. وليس هناك أي شهية للحرب داخل أمريكا. كما ان مجتمع امريكا منقسم على نفسه بشكل خطير قد تؤدي أي مغامرة أخرى خاصة ضد دولة مثل روسيا الى تفاقم هذه المشكلة بعكس خطط الطبقة الحاكمة. ان الخسائر التي مني بها الجيش الأمريكي على شكل قتلى، ولكن اهم من ذلك على شكل اصابات واعاقات سوآءا الجسدية او النفسية والمعاملة والرعاية السيئة التي توفر للمحاربين القدامة قد اثرت على جاذبية الجيش الامريكي الى درجة بات من الصعب حتى ضمان العدد المطلوب من المجندين في وقت السلم.
وهناك دائما خطر الانقسام داخل معسكر الغرب نفسه. فأوروبا لا تريد الحرب اذ عاشت عكس امريكا حربين مدمرتين على اراضيها في السابق. لقد كانت هناك بوادر انقسام اثناء غزو العراق عندما عارضت فرنسا وألمانيا المشاركة في الحرب، بعكس دول اوروبا الوسطى والشرقية، مما حدا بدونالد رامسفيلد ان يتحدث عن "اوروبا الجديدة" كحليف لأمريكا بدلا من " أوروبا القديمة". ولكن اليوم بدأ التململ في كل انحاء اوروبا، اذ ترفض المانيا ارسال السلاح الى أوكرانيا, وقالت كرواتيا بانها ستسحب قواتها من الحلف حال نشوء حرب بين روسيا والناتو وتقول بلغاريا بانها لا تقبل بتواجد الجيش الأمريكي على اراضيها. يعرف الاوربيون بان الصراع العسكري مع روسيا سيتم على أراضيهم مما يعني عدد لا يحصى من الضحايا ودمار هائل. من جهة أخرى تريد أمريكا التركيز على اسيا ومنطقة المحيط الهادي، أي مواجهة الصين بدلا من اوروبا والشرق الأوسط.
في المقابل لقد اثبتت احداث معينة عجز أمريكا للرد على روسيا بشكل مؤثر مثل الحرب الجورجية عام 2008، وضم القرم في 2014 واحداث سوريا، وبيلاروسيا وكازخستان وحتى الصراع مع إيران. ان هذا الضعف هو اوضح في المناطق القريبة من روسيا حيث لها جيش ضخم ومدرب بشكل جيد ويتمتع بقوة نارية هائلة. ليس لجيش حلف الناتو القدرة على مواجهة الجيش الروسي في المناطق القريبة من روسيا في صراع تقلدي. فأي صراع عسكري تقليدي مع روسيا سوف يحتاج الى مئات الالاف من الجنود وهو امر يتعذر على الناتو القيام به، هذا عدا ان أي مواجهة قد تخرج بسهولة من السيطرة لتنتهي الى حرب عالمية تنهي الحياة على الكوكب.
حتى من الناحية الاقتصادية، فان الوضع يسير لصالح روسيا الى حد ما في الوقت الراهن. فرغم هشاشة الاقتصاد الروسي واعتماده على تصدير الوقود الاحفوري، الا ان التقارب الاقتصادي الكبير مع الصين وحاجة أوروبا الى الوقود الروسي وارتفاع أسعار النفط مؤخرا هي كلها أمور تصب لصالح روسيا. ان العقوبات الاقتصادية لم تثني روسيا عن تعقب مصالحها. كما ليس للغرب شيء يعرضه في أوكرانيا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لقد شهدت أوكرانيا في الحقيقة ثلاثة عقود من الفقر المتنامي وعدم المساواة والانقسامات والقمع وصعود الفرق اليمينية الفاشية. لقد أصبحت مثال صارخ على ضحالة الوعود البرجوازية بالازدهار والديمقراطية والسلام بعد انتصار الغرب على قطب رأسمالية الدولة. في الحقيقة ليس للغرب أي شيء يعرضه من الناحية الاقتصادية في أي مكان خارج حدوده، مثل افريقيا وامريكا اللاتينية واسيا، حيث تصرف المليارات على " نشر الديمقراطية" و "بناء المجتمع المدني" في حين تقوم الصين حليفة روسيا في الصراع مع الغرب بإقامة الاف المشاريع خارج حدودها تستند على بناء البنية التحتية التي تساهم في النمو الاقتصادي. ومن الناحية العسكرية والسياسية، تبدو روسيا اليوم حليف محل ثقة أكثر من الغرب. فاخر تدخلات الغرب في العراق وأفغانستان وليبيا انتهت بكارثة، في حين تمكنت روسيا عكس كل التوقعات من منع سقوط نظام الأسد، كما تمكنت من التدخل في بيلاروسيا ومنع " ثورة ملونة"، كما تمكنت في غضون 24 ساعة من ارسال الاف الجنود ضمن منظمة "معاهدة الامن الجماعي" الى كازخستان التي شهدت مؤخرا احتجاجات عنيفة ضد نظام قاسم توكاييف الرجعي والتي استغلت من قبل الغرب من خلال منظمات المجتمع المدني والجماعات الإسلامية مثل النصرة لقلب النظام. وساهمت هذه القوات في فرض النظام وقامت بمغادرة البلاد في غضون أسبوع. ولهذا إذا كنت نظام في وضع ازمة، فتتمنى ان تكون حليف روسيا وليس الغرب.
في ضوء هذه الخلفية تطلب روسيا وقف امتداد الناتو شرقا وهذا يعني التعهد بعدم قبول جورجيا وأوكرانيا في الحلف. رغم ان الغرب يصور هذا الطلب بانه غير معقول ولن يتم التفاوض عليه ومن حق أي دولة ان تقرر كيف تضمن امنها، الا انه في الواقع هو طلب واقعي. ان انضمام أوكرانيا الى الحلف يجعل من صواريخ الناتو على بعد دقائق من موسكو مما سيحد من قدرة أنظمة الدفاع الروسية التصدي لها، كما ان وجود الأنظمة المضادة للصواريخ في أوكرانيا قد يعطي تصور بإمكانية تحيد الترسانة الروسية ووجود امكانية لشن ضربة استباقية. ويمكن معرفة مقدار الرياء عند الغرب بالقيام بتمرين ذهني وتخمين ما الذي ستقوم به أمريكا إذا قامت روسيا او الصين بوضع قواتها في كندا او المكسيك مثلا!
امريكا تعرف ان روسيا على حق، ولكن تمنع أمور اخرى وتوازنات القوى داخل أمريكا والجو السياسي السائد الإدارة الامريكية أيا كانت من ابداء أي مرونة تجاه روسيا والأكثر من ذلك، الإدارة الامريكية بحاجة الى ازمة خارجية. ولكن في النهاية ان حل هذا الصراع لن يتم الا مثلما تم حل ازمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 عندما وافق الاتحاد السوفيتي على إزالة صواريخه من كوبا مقابل إزالة أمريكا لصواريخها من تركيا أي يجب ان يلتزم الغرب بعدم استخدام أراضي أوكرانيا عسكريا.
من المعروف ان أوكرانيا كانت من الدول المؤسسة للاتحاد السوفيتي في كانون الأول 1922. وقد كانت ثاني اهم دولة في الاتحاد السوفيتي بعد روسيا وكان لها إمكانات صناعية وزراعية كبيرة.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أعلنت أوكرانيا استقلالها في عام 1991. في وقتها قلة كان يتوقع ان ينحو وضع الأوكرانيين نحو الأسوأ. ولكن في الواقع لم تحرم السكان من بعض المنجزات التي حققها الاتحاد السوفيتي لهم مثل ضمان الوظيفة والتعليم والرعاية الصحية المجانية، بل شهد البلد حرب أهلية وانقسام ووصل الوضع الى حد من السوء بحيث اضطر الملايين على الهجرة بحثا عن المعيشة وتنخر المجتمع امراض اجتماعية مثل الادمان على المخدرات والكحول والياس وعدم وضوح المصير وصعود قوى فاشية.
وقد شارك كل الرؤساء الذين وصلوا الى الحكم في أوكرانيا منذ الاستقلال بما فيهم ليونيد كوتشما وفيكتور بشتيشنكو وفيكتور يانوكوفيتش والكساندر تورتشينوف وبيترو يوشينكو وفولوديمير زيلينسكي في هذا الانحدار المدوي في مستوى معيشة ورفاهية الانسان في أوكرانيا. اذ شهدت السنوات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي تراجع المستوى المعيشي للطبقة العاملة الأوكرانية بمستويات قل نظيرها في التاريخ.
قامت الحكومات المتعاقبة في اوكرانيا بتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي التي تركزت على الخصخصة وخفض الانفاق الاجتماعي مثل الرعاية الصحية والتعليم ورواتب التقاعد والتسريح الجماعي للعمال وتجميد الأجور ورفع الدعم عن غاز التدفئة التي ترافقت مع اهمال البنية التحتية وفساد مستشري في كل مفاصل الدولة. وقد اشتدت الظروف المعيشية سوءا منذ احداث التي بدأت في نهاية 2013 التي دعمها الغرب والتي أدت الى الإطاحة بحكومة يانوكوفيتش الذي انتخب في 2010. قرر الغرب واتباعه في أوكرانيا الإطاحة به عندما قام في نوفمبر 2013 برفض صفقة اقتصادية كان الغرب يعرضها على أوكرانيا (اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوربي) التي اشترط بان يرافقها برنامج تقشف واختيار علاقات أوثق من الاتحاد الروسي والاوراسي والتوقيع على اتفاقية بقيمة 15 مليار دولار مع روسيا وان تكون أوكرانيا محايدة بين روسيا والغرب. بدأت حركة من الاعتراضات الجماهيرية وخاصة في وسط وغرب البلاد ضد هذا القرار وخاصة كان هناك وهم بان التقارب مع الغرب كان سيؤدي الى تحسين وضع المواطن الاوكراني. واستغل الغرب هذه الاحتجاجات التي سميت ب"الميدان الأوربي" في بناء حركة في غاية الرجعية اصبحت فيها قوى اليمين المتطرف والنازية الجديدة جزء من الأجهزة القمعية التي كانت تغتال المتظاهرين وضباط الشرطة انتهت بالإطاحة بالحكومة في 22 فبراير 2014 فيما سميت ب"ثورة الكرامة". ولعبت الولايات المتحدة دورا مهما في تلك الاحداث وصل الحد بجون ماكين بألقاء الخطابات في مسيرات في كييف. واعترفت امريكا بصرف المليارات في صياغة الاحداث في أوكرانيا.
لقد كانت الإطاحة بحكومة يانوكوفيتش بمقاييس الغرب نفسه انقلاب أدى الى وصول حكومة يمينية رجعية موالية للغرب الى الحكم. لقد رافق التقهقر الاقتصادي بعد 2014 بالذات صعود المد اليميني وتقيد حرية التعبير والترويج للأيدولوجية القومية وايدولوجيات اليمين المتطرف واطلاق يد العصابات النازية المدعومة علانية من الغرب وقمع النقابات والمنظمات التقديمة وخاصة في شرق أوكرانيا ومنع اللغة الروسية كلغة رسمية.
وقامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم التي تعود تاريخيا الى روسيا بعد "استفتاء" يقال ان غالبية السكان أعربت عن الرغبة للانضمام الى روسيا وبدأت الحرب في دونباس التي راح ضحيتها 14 الف مدني اغلبهم على يد حكومة كيف وانتهت بحصول منطقتي، دونيتسك ولوهانسك ، على الاستقلال عن أوكرانيا.
تعتبر اوكرانيا مهمة من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية بالنسبة لروسيا. اذ تود روسيا ابعاد الناتو عن حدودها والاستفادة من الاقتصاد الاوكراني وخاصة ان أوكرانيا تمتلك أراضي زراعية خصبة ومعظم تجارتها هي مع روسيا. ولكن ماهي مصلحة الناتو من الصراع في أوكرانيا؟ ليس لأغلب أعضاء الناتو أي علاقات اقتصادية او مصالح من أي نوع في اوكرانيا. ان ما جعل من أوكرانيا قضية للناتو هي أمريكا. فالناتو هو في الحقيقية واجهة فقط والصراع هو صراع أمريكا وبريطانيا. بعكس الدعاية الامريكية ان ما جعل من اوكرانيا ساحة للصراع وأصبحت الجماهير في هذا البلد ضحية للمواجهة بين قطبين رأسماليين رجعيين هو ليس "الديمقراطية" و " حقوق الانسان" و"الوقوف في وجه الاعتداء الروسي". فمثلما تحالفت أمريكا مع جبهة النصرة والجماعات الإسلامية الأخرى في سوريا، تقوم المخابرات الامريكية والبريطانية علانية بتدريب قوات غير نظامية من اقصى اليمين ومن النازيين الجدد الى جانب القوات الخاصة الأوكرانية. فعندما رفضت القوات النظامية الأوكرانية من المشاركة في قمع المواطنين في الشرق الاوكراني، ازداد اعتماد الحكومة اليمينية في كييف التي تعهدت بتنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي والعمل على ادخال أوكرانيا الى الاتحاد الأوربي والناتو على النازيين الجدد والفاشيين وحتى على العصابات الاجرامية. وتقوم عناصر اقصى اليمين بما فيها تلك التي هي جزء من أجهزة الدولة بمهاجمة مسيرات الأول من أيار واجتماعات النقابات العمالية والتنظيمات اليسارية. أي ان مسالة أمريكا هي ليست " الديمقراطية" والحريات السياسية والمدنية والفردية.

ان قضية أمريكا هي في مكان اخر. فمن جهة ان إدارة بايدن هي في وضع سيئ للغاية. فخطة هذه الإدارة في معالجة ازمة كورونا بائت بالفشل، اذ مات لحد الان اكثر من 900 الف امريكي واحصاء الأموات مستمر. كما ان خطة بايدن "بناء أمريكا بشكل أفضل" قد باتت نكتة بعد التنازلات التي فرضت عليه، ويسوء الوضع الاقتصادي للمواطن الأمريكي وخاصة في ظل التضخم الذي يبلغ 7% ويفوق بكثير الزيادة في الأجور. كل هذه الأمور إضافة الى قضايا أخرى تجعل بايدن وادارته يبديان ضعيفين وتقلص فرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية والانتخابات الرئاسية المقبلة. ومن اجل لفت الأنظار والظهور بمظهر الرئيس القوي، يلجا الى خلق ازمة مع " البعبع" أي روسيا. وينطبق هذا على بوريس جونسن. بشكل عام ترى أمريكا ان مكانتها في تقهقر وهي تلجا الى عرض القوة العسكرية لعكس هذا الانحدار. من جهة أخرى هناك أسئلة جدية حول مستقبل الناتو وحتى تماسك الغرب كقطب وخاصة مع نمو العلاقات الاقتصادية بين الدول الاوربية والصين. لذا تقوم أمريكا بخلق صراع في اوروبا نفسها بحيث تجبر اوروبا على الالتفاف حول أمريكا. وبإمكان روسيا من لعب دور "العدو" لأسباب كثيرة. من ناحية أخرى لدى أمريكا الكثير من النفط والغاز للتصدير وتحاول اجبار أوروبا على شراء النفط والغاز الأمريكي في حين ان من مصلحة أوروبا شراء الوقود من روسيا لان في الوقت الحاضر 25% من النفط و41% من الغاز الذي تستخدمه اوروبا يأتي من روسيا. فالبنية التحتية موجودة. لقد اثبتت روسيا انها مصدر موثوق به لهذه البضاعة كما ان الغاز والنفط الروسي هو أرخص. ان توسيع خط " تورث ستريم 2" سوف يزيد من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي. وهذا سوف يعزز من مكانة روسيا وهو امر تقوم امريكا بكل شيء من اجل افشاله. لقد وصل الامر الى التهديد بتدمير هذا الخط بوسائل عسكرية. تريد أمريكا خلق صراعات تمنع أي تقارب بين روسيا واوروبا وخاصة المانيا التي قامت بالكثير من الاستثمارات في روسيا وتقوم بتصدير الكثير من البضائع اليها إضافة الى شراء الوقود الروسي.
على هذا الأساسي، لقد ازداد تدخل الناتو في أوكرانيا بشكل كبير في الآونة الأخيرة وازداد الدعم لحكومة كييف وبدأت تتصاعد الأصوات التي تطالب بدخول أوكرانيا الى الناتو. وقد قامت روسيا بالمقابل بحشد عدد كبير من القوات على الحدود الأوكرانية التي تصل الى 65 ألف عسكري ومعدات ل 35 الف عسكري إضافي حيث يمكن نقلهم الى الحدود في وقت قصير. ويقوم الغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا بالترويج لمسالة ان اجتياح روسيا لأوكرانيا قد يحدث في أي وقت، في حين تنفي روسيا بشكل متكرر هذه الادعاءات. أيا كانت الخطط فليس من المرجح ان تقوم روسيا بغزو شامل لأوكرانيا لأنهم سيواجهون صعوبات هائلة في اخضاع سكان هذا البلد. ولكن رغم هذا ان الوضع خطير ولأيمكن استبعاد خطر الحرب بشكل كلي. لقد وعدت روسيا بالرد إذا رفض الغرب "خطها الأحمر" وهو وقف توسع الناتو شرقا. ولكن من الصعب التنبؤ بردها فقد يأتي على شكل عمل عسكري محدود في اكرانيا مثل ضم منطقة دونباس او نشر صواريخ متوسطة المدى في بيلاروسيا او حتى في دول في أمريكا اللاتينية. في كل الأحوال، الأبواب مفتوحة على سيناريوهات مظلمة ويجب عدم الاستهانة بالخطر الذي يواجه البشرية وخاصة اننا لم نجد لحد الان حركة كبيرة معادية للحرب.
يجب فضح هذا الصراع كونه صراع بين قطبين رأسماليين رجعيين ليس له أي ربط بمصالح الطبقة العاملة وسكان أي بلد سوآءا أوكرانيا او روسيا او في الغرب. يجب فضح أمريكا بشكل خاص لأنها هي السبب وراء خلق هذا الصراع بشكل اساسي. يجب فضح الطغمة الحاكمة في أوكرانيا والحكومة الحالية الرجعية التي تضم عناصر من اقصى اليمين ودورها في فرض ظروف وحشية على الطبقة العاملة والقمع الدموي الذي تقوم به ضد مخالفيها وضد سكان شرق أوكرانيا من خلال استخدام أجهزة قمع مثل " قوات مكافحة الإرهاب" الفاشية. يجب العمل على توحيد الطبقة العاملة الأوكرانية في مواجهة كل الطبقة الحاكمة المنقسمة بين معسكرين اهدهم له مصالح مع الاوليغارشية الروسية واخر مع الغرب ومؤسساته مثل صندوق النقد الدولي. يجب دعم الحركة العمالية والمنظمات التقديمة التي تناضل من اجل وحدة صفوف الطبقة العاملة وضد تقسيم سكان أوكرانيا على أساس عرقي او جغرافي او أي هوية مصطنعة أخرى. يجب الوقوق بوجه كل القوى والسياسات التي تعمل على تفاقم العداوات والكراهية القومية والشوفينية والميول الفاشية بما فيها القومية الروسية وكل الاعمال الارهابية التي سوف تهيأ الأرضية للتطهير العرقي والمذابح مثل ما حدث في يوغسلافيا السابقة. يجب ان يصبح واضحا بان ليس في مصلحة الطبقة العاملة الامريكية او البريطانية او أي دولة أخرى في الدخول في حرب مدمرة في أوكرانيا. ان أفضل وسيلة لمواجهة الحرب هو تعميق الصراع الطبقي في كل الدول التي تغذي هذا الصراع وبناء حركة اممية معادية للحرب تفضح أسباب السعي المحموم نحو الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استفتاء حر في اوكرانيا يمكن ان يحسم الموضوع
منير كريم ( 2022 / 2 / 5 - 19:50 )
تحية للاستاذ توما حميد المحترم
المقال مماليء لروسيا , سؤالي ماهي المكاسب التي ستتحقق لو انتصرت روسيا وضمت اوكرانيا بالغزو العسكري ؟
الشعب الاوكراني هو من يقرر مصيره بان يكون ضمن روسيا او مستقلا وعضوا في الناتو
اليس كذلك ؟
شكرا لك


2 - رد على منير كريم
توما حميد ( 2022 / 2 / 6 - 07:33 )
عزيزي منير. انا لست من المؤيدين للنظام في روسا. ان من يحكم في روسيا هي عصاية والنظام اسوأ من اي نظام غربي باضعاف. انا اعتبر نفسي محظوظ لانني لا اعيش في ظل هكذا نظام. اذا خيرت بين العيش في امريكا وبين العيش في روسيا طبعا سوف اختار امركيا. ولكن هذا ليس موضوعي. موضوعي هو السياسات الخارجية الامريكة. في هذه القضية، امريكا هي المعتدية. وهي التي تصعد الاجواء نحو الحرب. للشعب الاوكراني الحق في اختيار اي تحالف اقتصادي وسياسي. ولكن الدخول في الناتو هو ليس من مصلحة الشعب الاوكراني والبشرية جمعاء. بهذه المقاييس لماذا لم يكن من حق كوبا ان تتعاون مع الاتحاد السوفيتي وتضح الاسلحة السوفيتية على اراضيها، علما انا كانت تحت تهديد الغزو في اي لحظة؟. اليس هذا الكيل بمكيالين؟؟


3 - لص ومجرم خطير
بوتن ( 2022 / 2 / 6 - 13:40 )
سلمت اوكرانيا اسلحتها دون مقابل’ولو كان لديها عشر قنابل من 500 التي اعطتها للروس لما تجرء الوغد المجرم بوتن ليحتل القرم وشرق ابلاد -هو يطبق المثل المصري ضربني وبكى وسبقني واشتكي


4 - السلطة الكوبية لاتمثل الشعب الكوبي حتى تضع صواريخ
منير كريم ( 2022 / 2 / 6 - 15:39 )
شكرا على ردك استاذ توما حميد
تعقيبي ان السلطة الكوبية لم يخترها الشعب الكوبي حتى تستطيع ان تضع صواريخ روسيا في كوبا ضد امريكا والشعب الكوبي لم يستشر يوما بالتحالف مع روسيا او بالعداء لامريكا
نحن نتكلم عن معيار ديمقراطي واحد شامل هو حق الشعوب في تقرير المصير ويتجسد هذا الحق بواسطة الديمقراطية
ولوكانت ديمقراطية في روسيا لما وجد بوتن
شكرا لك


5 - رد الى منير
توماحميد ( 2022 / 2 / 7 - 03:08 )
عندما اصبح العالم على حافة حرب نووية في 1962 لم يكن لان كاسترو لم يكن منتخبا بل لان امريكا وجدت في تلك الصواريخ تهديد لامنها. كاسترو في 1962 كان اكثر شعبية باضعاف من الحكومة الاوكرانية . لقح ازيح يانوكفيتش من الحكم في انقلاب من الغرب. امريكا نفسها تعترف بصرف اكثر من 5 مليارات في - نشر الديمقراطية- في اوكرانيا. السي أي اي مشغول في تدريب النازيين الجدد. عضو في المجلس الشيوخ يلقي خطابات في مظاهرات يحاول بكل الاشكال الضغط من اجل نصب حكومة عميلة للغرب. عن اي حكومة منتخبة نتحدث؟؟ روسيا ليست اشرف منهم فهي تتدخل في اوكرانيا بالف طريقة وطريقة ولكن نحن على شفير حرب الان بسبب امريكا التي هي امبراطورية في طور الافول مما يجعلها خطرة جدا.

اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله