الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة االتاسعة والثلاثون
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
2022 / 2 / 6
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
صغ بيان الغاية من عملك
لصقل تعلمك ، اكتب عن كتاباتك
فى العام 1996 نشرت صحيفة سانت بطرسبرج سلسلتى " ثلاث كلمات بسيطة .
" وهى عن قصة سيدة توفى زوجها بعد معاناة مع مرض نقص المناعة المكتسبة " الإيدز " . نُشرت السلسة على امتداد 29 يوما متصلة وحازت اهتماما غير مسبوق من القراء والصحافة فى كل مكان .
تكبيد القارىء شهرا من الفصول ، كان طلبا كبيرا . لكن السر يكمن هنا : لم يزد أى فصل على 850 كلمة ، لتتمكن من متابعة السرد لمدة خمس دقائق فى اليوم .
سلسلة طويلة بفصول قصيرة .
يحول الكتاب الجيدون القصص الى ورش عمل ، الى لحظات تعلم كثيفة يطورون بها حرفتهم .
ولقد تعلمت الكثير كتابة التقارير والسرد من " ثلاث كلمات بسيطة " أكثرمما تعلمته من أى تجربة كتابية فى حياتى .
ومازلت أتعلم منها . لكنى لم أعرف كم تعلمت إلا عندما عثرت على استراتيجية حولتها الى أداة ، أن أكتب بيان الغاية لكل قصة .
سواء رغبنا فى ذلك ام لم نرغب ، يتفحص القراء والنقاد أعمال الكاتب ليلتمسوا غايته – أو الهدف – أو الهدف من وراء ما يكتبه – وغالبا ما يقاوم الكتاب هذا الفعل ، كما فعل " مارك توين " حين وضع هذه الملاحظة على أكثر رواياته شهرة :
" أولئك الذين يحاولون إيجاد دافع وراء هذه الرواية ستتم ملاحقتهم ، أولئك الذين يحاولون إيجاد دافع وراء هذه الرواية ستتم ملاحقتهم ، أولئك الذين يبحثون عن فضيلة قيها سيتم نفيهم ، وأولئك الذبن يبحثون عن حبكة سيردون بالرصاص " .
لكن ، حين يصمت الكاتب ، يملاء الناقد الفراغ ، والناقد فى هذه الحالة هو " برنارد دى فوتو " :
لقد صارت رواية " هكلبرى فن " ملكية كونية . غنها كتاب أعمق من " توم سوير " بعمق مارك توين ، وأمريكا والانسانية .
بعد تعثرها قليلا تجد غايتها ، تصبح بحثا عن مجتمع منطقة المسيسيبى بأكملها .
بتحقيقها هذه الغاية ، حافطت عبقرية الرواية على حكم مارك توين على البشرية جمعاء .
سيتذكر الجميع أنه ما من أحد تحدث بازدراء عن الأمريكيين واليهم قبل أن يرفع هك صوته " .
يطمح كثير من الكتاب الى خطوة تالية خفية – لقصة أو نص ما .
تبقى هذه الطموحات غير مشبعة لدى البعض ، فتصبح غير حميدة ثم تنتقل ( مثل أورام سرطانية ) . وكتابة الغاية من عملك يحول امالك الغامضة الى لغة . بالكتابة عن كتابتك تتعلم ما انت فى حاجة الى أن تتعلمه .
خططت غايتى من رواية " ثلاث كلمات بسيطة " على صفحتين من ورق بحجم المراسلات القانونية .
وقد غطت هذه هذه المخطوطة كلا من شكل ومحتوى القصة ، وما هو الموضوع الذى أرغب فى الكتابة عنه ، وكيف أرغب فى كتابته .
وقد باتت غايتى على النحو التالى :
" أريد أن أروى قصة إنسانية ، ليست عن الايدز فحسب ، بل عن القضايا ا
لإنسانية العميقة الخاصة بالحياة والحب والموت والأسى والأمل والرأفة والعائلة والمجتمع " وتضمن بيان الغاية الاهداف التالية :
أريد تصوير بطلة قصتى كشخصية كاملة الانسانية ، وليس كقديسة كرتونية ما .
اريد كتابة هذه القصة ليتفاعل القراء ويتعاطفون معها ومع عائلتها . إذ من السهل النظر الى المصابين بالايدز بأنهم " الاخرون " المنبوزين الاثمون المعذبون .
أريد المساهمة فى إلقاء الضوء على الإيدز وتوعية العامة بخصائصه الرئيسية .
أريد تطوير الحوار عن الثقافة الجنسية وأثر ذلك فى الصحة العامة .
وأريد تصوير زوج بطلتى بطريقة محترمة ، لتفادى المعادلة الشائعة : مثلية جنسية – إيدز – موت .
أريد أن أفعل ذلك على شكل – 29 فصلا قصيرا – يمنح الناس الفرصة ليعرفوا ويتعلموا وليهتموا وليأملوا . وفيما يتعلق ببنية النص :
أريد أن أحى أسلوب الرواية المتسلسلة فى الصحف ، باستخدام أقصر فصول ممكنة .
أريد أن أوافق بين قيم الكتابتين القصيرة والطويلة فى الصحف الأمريكية .
أريد أن أكتب كل فصل :
بجودة مستقلة
بنهاية مشوقة
وايحاء بنقطة بدء جديدة .
ليس من الممكن أن أبالغ فى التأكيد ‘لى أهمية هذا التمرين .
فلقد قدم لى رؤية واضحة عبر الافق وأنا أكتب قصتى . بيان الغاية هذا ، المؤلف من 250 كلمة استغرقت كتابتها نحو عشر دقائق .
ساعد على خلق خمسة وعشرين ألفا من السلاسل اللفظية لقد وفر لى اللغة التى كنت بحاجة اليها لأشارك امالى مع الكتاب الاخرين والمحررين والقراء .وهو قابل للفحص والتوسع والمراجعة – وقد حدث كل ذلك – خلال عملية الكتابة .
إذا كنت فى حاجة إلى مزيد من التشجيع لكتابة " بيان غايتك " دعنى أؤكد لك أن هناك كثيرا من المؤلفين يكتبون مثل هذه البيانات ، التى غالبا ما تظهر فى مؤلفاتهم على هيئة تقديم أو مدخل .
مثالك على ذلك ما كتبه " مارك بودن كاستنتاج " بعد سلسلته الصحافية " سقوط النسر الأسود " ، التى أصبحت كتابا وفيلما عن التوغل الأمريكى فى الصومال .
" عندما بدأت العمل على هذا المشروع فى 1996 ، كنت بصدد كتابة تقرير درامى عن المعركة .
لقد أذهلنى ضرواة القتال وفكرة استسلام 99 جنديا أمريكيا وحصارهم فى مدينة أفريقية ليقاتلوا للبقاء أحياء .
كانت مهمتى التقاط تجربة المعركة بالكلمات من خلال أعين وعواطف الجنود المشاركين فيها .
والدمج فى كتابتى بين المنظور العسكرى من جهة لمأزقهم وحاجتهم الإنسانية العاجلة من جهة أخرى " .
أما بنية النص فى " سقوط النسر الأسود " فيقول عنها بودن : " أردت الدمج فيه بين تأثير الرواية التاريخية وعاطفة السيرة الذاتية ، لأكتب قصة تقرأ كعمل أدبى لكنها حقيقية " .
ويستطيع بيان الغاية أن يضع موضع التركيز القصص الفردية أو نصوصا بازغة . على سبيل المثال :
أريد أن أكتب ميزانية حكومية لمدينة بطريقة واضحة ومشوقة تجذب القراء الذين يتجاهلون هذا النوع من التغطيات .
أريد أن أن أكتب قصة عن جندى حرب شارك فى الحرب العالمية الثانية ، إنما من وجهة نظره وبصوته هو .
أريد استخدام قصص الجرائم فى الصحف لتوليد أفكار قصص قصيرة .
أريد كتابة قصص محايدة تستقطب الشعب الأمريكى .
مازلت ورشة العمل التى أسميتها " ثلاث كلمات بسيطة " مستمرة وأنا استمع لاراء القراء والصحافيين حولها لسنوات لاحقة .
ومن هذه المسافة ، أرى الان أشياء كنت سأفعلها بطريقة مختلفة .
كنت سأقلل عن عدد الفصول وأجعل منهجية الكتابة والتقرير أكثر شفافية ، وأصنع خطا سرديا أكثر استقامة عبر إلغاء فلاش – باك واحد .
بكتابة بيان الغاية ذاك ، لم أبدأ تعلمى فحسب ، بل وفتحت طريق يستطيع الجميع مسايرتى فيه .
والى الأداة الاربعون فى مقال قادم
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. قصف إسرائيلي متواصل على غزة وحصيلة القتلى الفلسطينيين تتجاوز
.. إسبانيا: في فوينلابرادا.. شرطة -رائدة- تنسج علاقات ثقة مع ال
.. من تبريز.. بدأت مراسم تشييع الرئيس الإيراني رئيسي ورفاقه
.. أزمة دبلوماسية -تتعمق- بين إسبانيا والأرجنتين
.. ليفربول يؤكد تعيين الهولندي آرني سلوت مدربا جديدا له