الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واشنطن وازدواجية التعامل حتى مع حلفائها

إبراهيم ابراش

2022 / 2 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


تنهج واشنطن ،والغرب عموماً، ازدواجية في التعامل حتى بين حلفائها المفترضين، فبينما تحشد واشنطن والغرب الجيوش لمواجهة غزو روسي محتمل لأوكرانيا تقف واشنطن موقف المتفرج على الهجمات التي تتعرض لها حليفتها دول الخليج وخصوصاً السعودية والإمارات من طرف الحوثي، أو يكتفون بالتنديد بهذه الهجمات أو الوعد بالمساعدة !!! فما سر هذه الازدواجية في التعامل؟ وماذا يكمن وراء هذه الصمت أو التراخي في الدفاع عن الرياض وأبو ظبي؟..
منذ عقود ونحن نسمع أن دول الخليج العربي حليف وصديق استراتيجي للغرب وخصوصاً للولايات المتحدة الأمريكية وتحت مزاعم هذا التحالف وهذه الصداقة سمحت دول الخليج للغرب بالسيطرة شبه الكاملة على خيراتها من المواد الخام وخصوصاً النفط والغاز كما تستثمر غالبية مدخراتها المالية في الاقتصاد الغربي، وتحت عنوان الحليف والصديق ربطت هذه الدولة أمنها ومستقبلها بالغرب حيث صفقات السلاح بمئات المليارات من الدولارات والسماح بإقامة قواعد عسكرية غربية وخصوصاً أمريكية على أراضيها وتوقيع عديد الاتفاقات الأمنية، وفي السنوات الأخيرة وخصوصاً في عهد الرئيس الأمريكي ترامب مارست واشنطن أكبر عملية ابتزاز لدول الخليج ودفعت دول الخليج هذه الأموال صاغرة بأمل أن يؤدي ذلك لحماية أمنها من المخاطر الأمنية وخصوصاً من إيران.
بالرغم من ذلك تتعرض العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتهديدات أمنية خطيرة من طرف الحوثي المدعوم من إيران حيث الصواريخ والطائرات المسيرة تضرب مواقع استراتيجية في البلدين، بالإضافة إلى وقوف الغرب موقف المتفرج على السعودية والإمارات وهي تغرق في حرب استنزاف في اليمن ممتدة منذ سنوات، ومع ذلك لم يحرك الغرب ساكناً وترك حلفائه يواجهون هذه المخاطر لوحدهم وهي مخاطر حقيقية وخصوصاً بالنسبة للإمارات التي سخَّرت جل إمكانياتها للتنمية وجلب المستثمرين والكفاءات الأجنبية وهي أمور تحتاج لاستقرار وأمن تام وإلا سينهار كل شيء .
هذا الموقف الغربي تجاه حلفائه العرب والمسلمين لم يقتصر على الحلفاء الخليجيين بل ينطبق الأمر على حلفاء آخرين، فقد تركت واشنطن حلفاءها في أفغانستان يسقطون في قبضة جماعة طالبان التي صنفتها الأمم المتحدة كجماعة إرهابية، وتركت العراق ومن جلبتهم لحكمه إبان احتلاله 2003 وما بعده يغرقون في الفوضى والخراب وتَغوّل الجماعات الإرهابية و الميليشيات التابعة لإيران، وإبان ما يسمى الربيع العربي شجعت واشنطن والغرب على نشر الفوضى بل ودعموا كل الجماعات التي تقاتل لإسقاط الدولة الوطنية ونشر الفتنة والطائفية حتى وإن كانت جماعات إرهابية أو دينية متطرفة، كما تركت دول الجوار – إسرائيل وتركيا وإيران- تستبيح الأراضي العربية، وتركت الرئيس المصري مبارك والرئيس التونسي بن علي يسقطان وهما محسوبان بشكل أو آخر على الغرب.
موقف الغرب هذا ليس حباً منه للسلام، أو التزاماً بمبدأ عدم التدخل في الحروب والنزاعات الخارجية وليس دفاعاً منه عن الديمقراطية وحق الشعوب في الثورة ، فالغرب وخصوصاً أمريكا من أكثر دول العالم انتهاكاً للشرعية والقانون الدولي وأكثرها إثارة للفتنة وتدخلاً في شؤون دول العالم.
سِجِل تدخل الغرب وخصوصاً واشنطن عسكرياً دفاعاً عن مصالحه وحلفائه عديدة سواء خلال الحرب الباردة أو بعدها، مثلا تدخلت واشنطن في كوريا ،1951 وفي ايران 1954 لإسقاط حكومة مصدق، وفي كوبا 1961، وفي حرب فيتنام 1964، و في إندونيسيا 1965، وفي تشيلي عام 1973 لدعم الدكتاتور بينوتشه ضد سلفادور أليندي المنتخب ديمقراطياً ، 1980 في نيكارجوا، وفي نيسان 1986 قصفت طائرات أمريكية مدينتي طرابلس وبنغازي في ليبيا، كما غزت أفغانستان والعراق 2003، وتدخل حلف الأطلسي عسكرياً في يوغسلافيا سابقاً ، كما أرسل قاذفات لاغتيال معمر القذافي عام 2011، وأرسل الغرب قواته إلى سوريا لنشر الفوضى والحرب الأهلية وليس دفاعاً عن القوى الديمقراطية كما يزعمون، كما أن فرنسا ترسل جيوشها إلى مالي وتشاد والنيجر ودول أفريقية أخرى دفاعاً عن مصالحها حتى وإن كانت أنظمة هذه الدول غير ديمقراطية، واخيرا التحشيد العسكري لحماية أوكرانيا من غزو روسي محتمل هذا بالإضافة إلى العمليات الاستخباراتية السرية والعقوبات الاقتصادية .
هذه الازدواجية في التعامل مع (الحلفاء) لا تخلو من عنصرية وخصوصاً في حالة المقارنة بين تعامل الغرب وخصوصاً واشنطن مع إسرائيل وتعامله مع حلفائه العرب.
إسرائيل مارست وتمارس الاحتلال وهناك عديد القرارات الأممية التي تعترف بذلك وتطالبها بإنهاء احتلالها للأراضي العربية وخصوصاً المحتلة في حرب 1967 كما تمارس العنصرية ضد الفلسطينيين بشهادة منظمات حقوقية دولية آخرها منظمة العفو الدولية قبل أيام كما تمارس التطهير العرقي وجرائم حرب كما اعترف يهود بذلك وهم المؤرخون الجدد، كما فتحت محكمة الجنايات ملف الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين، كما أنها تواصل عدوانها على الفلسطينيين وعلى دول الجوار كما هو الشأن في سوريا ولبنان، وإسرائيل تحاصر قطاع غزة وتقتل المقاومين الذين يدافعون عن أرضهم في كل ربوع فلسطين كما تقتل المدنيين لنفس السبب.
الغرب وخصوصاً واشنطن يعرفون ذلك ويشاهدون ذلك ولا يتحركون حتى بإدانة لهذا الكيان الاستعماري العنصري بل يحميانه في الأمم المتحدة من أية إدانة له، بينما هذا الغرب الذي يزعم أنه يدافع عن حقوق الإنسان والسلام ويدافع عن حلفائه ينتقد ويستنكر انتهاكات حقوق الإنسان لمجرد مقتل أو اعتقال مواطن في دولة من الدول العربية التي تعتبر صديقة أو حليفة له كمصر أو السعوديةّ!!!
أما لماذا لا يتدخل الغرب لحماية حلفائه وأصدقائه العرب، فبالإضافة إلى القاعدة أو الفلسفة التي تحكم سياسات الغرب والتي تقول:: (لا توجد صداقات دائمة أو عداوات دائمة بل مصالح دائمة) وصديق الغرب هو من يحقق مصالحه الاستراتيجية بأقل الخسائر الممكنة، فأن واشنطن والغرب عمومًا يتدخلون للدفاع عن مصالحهم وليس عن حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية، كما يتدخلون دفاعاً عن حلفاء موثوق بهم من وجهة نظرهم، ويبدو أن العرب لا يمكن الوثوق بهم من وجهة نظر الغرب وخصوصاً أمريكا.
حتى نفهم حقيقة سياسات أمريكا تجاه الشرق الأوسط وخصوصاً العالم العربي يجب أن نعود للأهداف الاستراتيجية الثابتة لواشنطن وهي تتمثل في ضمان أمن إسرائيل وتفوقها عسكرياً على كل الدول العربية، وضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وما يهدد أو يمكنه أن يهدد هذين الهدفين هو وحدة الأمة العربية أو أي حالة عربية متحررة من الهيمنة الغربية وتعادي إسرائيل، ومن هنا فإن واشنطن وبعض حلفائها الغربيين يرون في إضعاف العرب حتى حلفائهم المفترضين مصلحة لهم ولإسرائيل، ومن هنا نفهم دعمهم للفوضى الناتجة عما يسمى الربيع العربي بل ودعم كل الجماعات التي تشارك في هذه الفوضى حتى وإن كانت جماعات متطرفة وإرهابية أيضا الصمت على التدخل العسكري التركي والإيراني والإسرائيلي في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
فبالرغم من الخطاب المعادي للغرب الذي نسمعه أحياناً من إيران وتركيا وجماعات إسلاموية فإن هذه الأطراف لا تشكل تهديداً حقيقياً للغرب وإسرائيل ونقاط الالتقاء والتفاهم الاستراتيجي بعيد المدى بينهم أكثر من نقاط الخلاف، فلكل طرف من هذه الأطراف مشروعه الخاص وجميعها مشاريع معادية للمشروع القومي الوحدوي العربي وحتى للدول العربية القائمة منفردة.
وأخيرا فإن واشنطن غير قلقة مما تتعرض له السعودية والإمارات لأن دوام الحرب في اليمن وتورط دول الخليج ينسجم مع استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تبنتها واشنطن منذ 2006 ، كما يسمح لها عقد مزيد من صفقات الأسلحة، وإبقائها تحت الضغط والتهديد الوجودي سيدفع دول الخليج لمزيد من العلاقة مع إسرائيل وهو ما يجري بالفعل .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البشاكير
ابراهيم الثلجي ( 2022 / 2 / 7 - 14:06 )
اخ ابراهيم قبل ما يجلس التابع العربي على الكرسي من جغرافيا سايكس بيكو ومحميات وزارة المستعمرات الانجليزية اول حاجة يدخل في النادي ويتصور
تعلمت حاجة فريدة ان ما كان يصعب علينا فهمه بالعلوم الانسانية ومنها السياسية فان نموذجه عندما يساق على فلسطين تتضح الصورة وكان فلسطين عينة نموذجية
فلما قرر هنري كامبل بنرمان تشكيل العالم من جديد قطع فلسطين بالمقص من على الخارطة وفصل بين اسيا وافريقيا وقال هكذا نمنع انهيار مصالح الاستعمار ونقضي على فرصة عودة الخلافة الاسلامية وقضمت فلسطين واديرت ذاتيا بوكلاء الاردن من جهة ومصر من الجهة الاخرى ولم يبقى الاستعمار ليس ضعفا وانما كانت السياسة الامريكية البطل الجديد للعدوان على البشرية
بقناع كاذب عن الديمقراطية والحرية
اسرائيل شريك وليس حليف وقد ضموا حتى العهد القديم مع الانجيل لركوب ظهر العالم برواية دينية انجليكانية شغلتها تبرير عدوانية واجرام الاستعمار والصهيونية
كل من يطالب بعودة جغرافيا الاتصال هذه باسم الشرعية تغيب عنه الشراكة العضوية بين الصهيونية والراسمالية من ايام محاكم التفتيش الاجرامية
والاخرين ما سكين بشاكير وليسوا حلفاء وان سموهم كذلك


2 - ابراهيم الثلجي
بدران ( 2022 / 2 / 7 - 21:07 )

هذا ما نتوقعه من الاسلامين وهى البصق على اليد التي امتدت للمساعدة. اذا كان عندك كرامة اعتذر. مصري صميم


3 - مصر
بدران ( 2022 / 2 / 8 - 09:58 )
بقي مصر اللى لمت اهلك المشردين تتهمها بالعمالة والخيانة! فعلأ انت اسلامي


4 - مرحب اخي بدران
عمران محمد ( 2022 / 2 / 8 - 12:29 )
مرحب اخي بدران
الثلجي هو سلفي تافه لا يمثل ولا يعبر عن رأي الفلسطيني المطحون فى غزة. هذا الشئ القابع خلف شاشة الكومبيوتر ليتهم مصر والاردن بالعمالة مع الاستعمار (بوكلاء الاردن من جهة ومصر من الجهة الاخرى) ما هو إلا جرثومة سلفية لأشعال الفتنة ضد اهله المنتشرين فى مصر والاردن.


5 - كلوب وفاروق تبع مين
ابراهيم الثلجي ( 2022 / 2 / 9 - 21:15 )
للسيدين عمران محمد وبدران
سؤال من كان يقود تلك الجيوش عند سقوط فلسطين
ومنكم لوحدكم تعرفوا الاجابة
في الاردن قائد الجيش العربي كان كلوب باشا الانجليزي
وفي مصر كان فاروق الذي انقلب عليه الجيش نتاج الهزيمة وتامره مع الانجليز
وشو دخل سلفي بفهم وحفظ الحقائق يعني غير السلفيين ما بيفهموش وميعرفوش تاريخ
وطالما اتيتم لموقع تقدمي عليكم التمييز بين انتقاد نظام ووقومية ونظافة شعب
وما في داعي نكمل مسرحية السادات وعار كامب ديفيد الذي قاطعت كل الانظمة العربية الرجعية قبل التقدمية مصر جراء ذلك
وكفاية لهنا لان موضوعنا مختلف عن الهرج بتاعكم فالاطفال اليوم تعرف التاريخ الاسود ولا تنساه فيوم كتبت الوثيقة الجنرال اللنبي قاد الجيوش لاحتلال القدس وكان معه 100 الف جندي مصري تحت امرته تحت راية بريطانيا العظمى اللي مستعمرة مصر
وعبد الناصر قلب حكم فاروق نتيجة خيانته وتسليمه فلسطين بتسليح جيشه فشك مبرد وطالب الجيش بالانسحاب ليحل محله اليهود فهذه اقوال عبد الناصر
وكلوب طرده او عزله الملك حسين لطلب الشعب عزله
كلوب وفاروق تبع مين يا شاطرين



6 - وكلة القدس نفسها A
عمران محمد ( 2022 / 2 / 10 - 10:45 )
باع أفراد من أسرة الشنطي وهم أحمد وابراهيم عام 1925 اراضيهم الواقعة بين غابة عزون وتل ابيب التي تقدر مساحتها بعشرات الألوف من الدونمات. كما باع آل هاشم في العام نفسه بيارتهم. (فلسطين 22/5/1925 ع 778/21 ص1 )

أفراد من اسرة بيدس 4 الاف دونم من اراضي قرية الشيخ مونس( 4/12/1933 ع 424 ص4 )

وقد تنازل 500 شخص عن حقوقهم نتيجة للمساعي الضخمة التي مارسها سماسرة السوء أمثال ابراهيم ابو كحيل، ومصطفى الريان وصالح الدرويش والعبد ذوره وبمعرفة الوجيه عبدالقادر بيدس. وقد سلمت بناء على هذا البيع مناطق تل الثورية واخوان الريان والحارصية ومقتل العبد. ( الجامعة الإسلامية 7/12/ 1933 ع 427 ص. 7. 19/12/ 1933 ع 437. ص 5. 27/12/ 1933 ع 447. ص 4 )
باع الشيخ شاكر ابى كشك من شيوخ قبائل يافا ( عشيرة ابو كشك) ببيع 1600 دونم قرب تل ابيب، وباع الأرض التي اقيمت عليها المجدل، بني براك. اضافة الى مستوطنات اخرى. وتضيف جريد فلسطين قولها ” علماً بأن الشيخ كان معروفا كوطني شريف وسجن بسبب وطنيته” وتتسائل الجريدة ذاتها ” ولا ندري كيف تمكن الوسطاء من ايقاعه في حبائل الصهيونيين.” ( جريدة فلسطين 23/ 12/ 1925 ع 1168


7 - خسارة ارواح جنود مصر
سيد مدبولي ( 2022 / 2 / 10 - 15:53 )
الى المدعو الثلجي
لا تكف عن التدليس كما عرفناك انت وامثالك. خسارة ارواح جنود مصر ودم شبابها للدفاع عن جاحد مثلك.

اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو